جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 253)

إلى الحسّ ، وقد قام الدليل في باب العدالة ، وهو كذلك عند العقلاء أيضاً ; لأ نّه يعامل معها عندهم معاملة الأُمور المحسوسة ، كما يظهر بمراجعتهم .

وتؤيّد الموثقّة في الدلالة على اعتبار البيّنة رواية عبدالله بن سليمان ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) في الجبن قال : كلّ شيء لك حلال حتّى يجيئك شاهدان يشهدان أنّ فيه ميتة(1) .

وقد انقدح ممّا ذكرنا أ نّه لا مجال للإشكال في اعتبار البيّنة وحجّيتها في الموضوعات الخارجيّة ، التي يترتّب عليها حكم شرعيّ ، ومنها الاجتهاد والأعلميّة .

ثمّ إنّه ربما يقال : بأنّ الاجتهاد والأعلميّة كما أنّهما يثبتان بقيام البيّنة وشهادة العدلين ، كذلك يثبتان بخبر الواحد العادل ، بل لا حاجة إلى عدالة المخبر ، بل تكفي الوثاقة في ذلك ، كالخبر الواحد القائم على حكم من الأحكام الشرعيّة .

وما قيل في وجه الاعتبار أمران :

الأوّل : استمرار السيرة العقلائيّة وجريانها على الاعتماد عليه في الموضوعات الخارجيّة ، ولم يتحقّق عنها ردع في الشريعة ، فلا محيص عن الالتزام بالحجّية كما في الأحكام العمليّة الفرعيّة . أمّا جريان السيرة على ذلك فممّا لاريب فيه . وأمّا عدم الردع ، فلأنّ ما يتخيّل أن يكون رادعاً هو موثّقة مسعدة بن صدقة المتقدّمة ، نظراً إلى أنّ ذيلها وهو قوله(عليه السلام) : «والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك ، أو تقوم به البيّنة» يدلّ على حصر المثبت بالاستبانة وقيام البيّنة ، فلو كان

  • (1) الكافي : 6 / 339 ح2 ، وعنه وسائل الشيعة : 25 / 118 ، كتاب الأطعمة والأشربة ، أبواب الأطعمة المباحة ب61 ح2 .

(الصفحة 254)

خبر الواحد أيضاً مثبتاً لما كان وجه للحصر ، ولكان اللازم ذكره مع البيّنة كما هو ظاهر .

وأجيب عنه أوّلا : بمنع كون الموثّقة بصدد الحصر ; لوضوح عدم اختصاص المثبت بالأمرين المذكورين في الرواية ; لأنّ الاستصحاب والإقرار وحكم الحاكم وأشباهها أيضاً مثبتات للتحريم في مواردها ، فلو كانت بصدد الحصر يستلزم ذلك تخصيص الأكثر المستهجن .

وثانياً : بأنّ البيّنة في الموثقّة بمعنى الحجّة وما به البيان ، ولابدّ من تشخيص الصغرى من الخارج ، ولا دلالة لها على أنّ ما به البيان ماذا ، فإذا أقمنا الدليل على اعتبار الخبر في الموضوعات الخارجيّة ، استكشفنا بذلك أ نّه أيضاً ـ كالبيّنة المصطلحة ـ مصداق للكبرى ومن أفراد الحجّة .

وثالثاً : بأنّ عدم ذكر الخبر الواحد في قبال العلم والبيّنة ، إنّما هو من جهة خصوصيّة في موردها ، وهي : أنّ الحلّية في مفروضها كانت مستندة إلى قاعدة اليد في مسألة الثوب ، ومن الواضح عدم اعتبار خبر الواحد مع وجود اليد ، فكأنّه(عليه السلام)كان بصدد بيان ما يعتبر في جميع الموارد على وجه الإطلاق (1).

ويرد على هذا الجواب ـ مضافاً إلى ما ذكرنا في بيان المراد من الموثّقة من عدم كون المراد بالبيّنة فيها إلاّ البيّنة المصطلحة ـ : أنّ رادعيّة الموثّقة لا تتوقّف على دلالة ذيلها على الحصر ; فإنّ نفس دلالتها على اعتبار البيّنة مرجعها إلى عدم اعتبار خبر الواحد العادل فضلا عن الثقة ; فإنّ البيّنة إنّما تغاير مع خبر الثقة في أمرين :

  • (1) التنقيح في شرح العروة الوثقى، الاجتهاد والتقليد: 211 ـ 212 .

(الصفحة 255)

أحدهما : التعدّد ، والآخر : العدالة ، ومع اشتمالها على هذه المزيّة والإضافة من جهة الكمّية والكيفيّة ، لو كان خبر الواحد الثقة مثل البيّنة معتبراً في الموضوعات الخارجيّة ، لكان ذكر البيّنة والحكم عليها بالاعتبار ـ خصوصاً في مقام إلقاء القاعدة الكلّية وإفادة حكم كلّي ـ لغواً لا يترتّب عليه إلاّ إيهام الخلاف .

فذكر البيّنة في هذا المقام من أقوى الشواهد على دخالتها في الحكم بالاعتبار ، وعدم كون ما ينقص عنها من إحدى الجهتين مشتركاً معها في الحجّية ، خصوصاً مع ملاحظة أنّ شهادة الشخصين لا تقع في الخارج نوعاً إلاّ تدريجاً ، بمعنى وقوع إحدى الشهادتين متأخّرة عن الاُخرى . وعليه : فلو كانت الشهادة الأُولى كافية في مقام ترتيب الأثر وثبوت الحكم لكانت الشهادة الثانية لغواً ، ومن قبيل تحصيل الحاصل .

وبالجملة : لو لم يكن خبر الواحد الثقة متسانخاً مع البيّنة أصلا ، لم يكن اعتبار البيّنة في الموثّقة دالاًّ على عدم اعتباره ، من جهة عدم إفادتها للحصر بوجه . وأمّا مع وجود التسانخ وثبوت الاختلاف من جهة الكمّية والكيفيّة فقط ، لا مناص عن الالتزام بأنّ اعتبارها يدلّ على مدخليّة الكيفيّة والكمّية في الحكم به ، وهو يدلّ على عدم اعتبار الناقص من إحدى الجهتين أو كلتيهما ، كما لا يخفى .

وعليه : فرادعيّة الموثّقة لا تتوقّف على دلالتها على الحصر بوجه ، بل نفس دلالتها على حجّية البيّنة تصلح رادعة عن السيرة العقلائيّة ، ومانعة عن إعمالها في الشريعة المطهّرة .

وأمّا الجواب الثالث : فيرد عليه : أنّ استناد الحلّية في مسألة الثوب إلى قاعدة اليد ، التي لا يكون خبر الواحد معتبراً معها ، لا يصلح للإغماض عن ذكر خبر الواحد في مقام إفادة القاعدة الكلّية وإلقاء الضابطة العامّة ، خصوصاً مع ملاحظة

(الصفحة 256)

ما تقدّم من الوجه الأوّل من وجوه الإشكال على الرواية ، من عدم استناد الحلّية في شيء من الأمثلة إلى نفس القاعدة الكلّية ، التي هي محطّ نظر الرواية والغرض الأصلي لها ، كما لا يخفى .

وقد انقدح ممّا ذكرنا كفاية الموثّقة في مقام الردع عن السيرة . وعليه : فالموارد التي قام الدليل فيها على حجّية خبر الواحد الثقة ، لا يمكن أن يتعدّى منها إلى غيرها من الموضوعات الخارجيّة وتلك الموارد ، مثل الإخبار بدخول الوقت ، والإخبار بعزل الوكيل ، وإخبار البائع باستبراء الأمَة ، أو بوزن المبيع الموزون وأشباهها .

الثاني : ما في المستمسك من ثبوت الاجتهاد بخبر الثقة ; لعموم ما دلّ على حجّيته في الأحكام الكلّية ، إذ المراد منه ما يؤدّي إلى الحكم الكلّي ; سواء كان بمدلوله المطابقيّ أم الالتزاميّ ، والمقام من الثاني ; فإنّ مدلول الخبر المطابقي هو وجود الاجتهاد ، وهو من هذه الجهة يكون إخباراً عن الموضوع ، لكن مدلوله الالتزامي هو ثبوت الحكم الواقعيّ الكلّي الذي يؤدّي إليه نظر المجتهد ، ثمّ قال :

فإن قلت : أدلّة حجّية خبر الثقة مختصّة بالإخبار عن حسّ ولا تشمل الإخبار عن حدس ، ولذا لم تكن تلك الأدلّة دالّة على حجّية فتوى المجتهد ، مع أنّها إخبار عن الحكم الكلّي ، إلاّ أنّ مستنده الحدس .

قلت : الإخبار عن الاجتهاد من قبيل الإخبار عن الحسّ . نعم ، المدلول الالتزامي وهو الحكم الكلّي إنّما كان بتوسّط الحدس ، لكن هذا المقدار لا يقدح في الحجّية ; لأنّ الحسّ إنّما يعتبر في المدلول المطابقي ، لا في الملازمة التي يتوقّف عليها ثبوت المدلول الالتزامي ، وإلاّ فإخبار زرارة مثلاً عن قول الإمام(عليه السلام) ، الذي هو إخبار عن موضوع ، يكون أيضاً إخباراً عن الحكم الكلّي ويكون حجّة على

(الصفحة 257)

المجتهد ، وربما يكون بتوسّط حدس المجتهد الذي هو حجّة عليه أيضاً .

وبالجملة : الإخبار عن الاجتهاد كالإخبار عن قول الإمام(عليه السلام) ، ودلالتهما على الحكم الكلّي بالالتزام إنّما يكون بتوسّط الحدس . غاية الأمر أنّ الحدس في الثاني من المجتهد وحجّة عليه ، والحدس في الأوّل من المجتهد وحجّة على العامّي المقلِّد له ، وعلى هذا المبنى يكفي توثيق رجال السند بخبر الثقة ، وكذا في إثبات المعنى بإخبار اللغوي الثقة(1) .

ويرد عليه ـ مضافاً إلى أنّ أدلّة حجّية خبر الواحد لا دلالة لها على حجّية الخبر في خصوص الأحكام الكلّية ، حتّى تصل النوبة إلى البحث عن أنّ إخبار الثقة بالاجتهاد هل يكون مشمولا لعمومها أم لا؟ فإنّ عمدتها هي السيرة العقلائيّة الجارية على العمل بخبر الثقة ، ومن الواضح كما عرفت أ نّه لا فرق في جريان السيرة بين ما إذا كان المخبر به حكماً أو موضوعاً ، بل مورد آية النبأ(2) هو الإخبار بالموضوع الخارجي ; وهو ارتداد بني المصطلق . وعليه : فلا بدّ من البحث في ثبوت المانع عن شمول الأدلّة لخبر الثقة في الموضوعات الخارجيّة ، لا في وجود المقتضي للاعتبار وعدمه ، وقد عرفت ثبوت المانع ; وهي موثّقة مسعدة بن صدقة الدالّة على الردعوعدم الاكتفاءبالواحد بدلا عن الاثنين ، والوثاقة بدلا عن العدالة.

وإلى أنّ ما أفاده على تقدير تماميّته إنّما يتمّ في مثل الاجتهاد ممّا يكون مفاده الإخبار عن الحكم الكلّي الإلهي ، لا في مطلق الموضوعات الخارجيّة التي لا يترتّب عليها نوعاً إلاّ الأحكام الجزئيّة ـ :

  • (1) مستمسك العروة الوثقى : 1 / 38 ـ 39 .
  • (2) سورة الحجرات : 49 / 6 .