جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 18)

في تقدّم الاجتهاد على التقليد وعدمه

هل رتبة التقليد متأخّرة عن الاجتهاد ، أو أنّ رتبته متقدّمة عليه ، أو أنّهما في رتبة واحدة ولا تقدّم لإحدى الرتبتين على الأُخرى؟

والتحقيق أنّ الكلام يقع تارة: فيما هو مقتضى حكم العقل ، وأُخرى : فيما هو مقتضى الأدلّة الشرعية .

أمّا من جهة حكم العقل فالظاهر أ نّه لا مجال للإشكال في تساوي الحالتين وعدم ثبوت مزيّة في البين وعدم اختلاف الرتبتين ; ضرورة أنّ العقل لا يحكم إلاّ بلزوم تحصيل العلم لأجل العمل أو الرجوع إلى العالم الخبير لأجله أيضاً ، من دون ترجيح لأحدهما على الآخر .

وأمّا من جهة الأدلّة الشرعيّة ، فتفصيل الكلام فيها يتوقّف على ملاحظة هذين الموضوعين ومعناهما ، وملاحظة الآثار والأحكام المترتّبة عليهما .

فنقول : أمّا التقليد ، فسيجيء البحث عن حقيقته عند تعرّض سيّدنا العلاّمة الاُستاذ الماتن له(1) .

وأمّا الاجتهاد ، فالمحكي عن الحاجبي(2) والعلاّمة(3) في تعريفه أ نّه استفراغ الوسع في تحصيل الظنّ بالحكم الشرعي ، وعن غيرهما(4) أ نّه ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي الفرعي عن الأصل فعلا ، أو قوّة قريبة من الفعل .

  • (1) في ص59 ـ 67 .
  • (2) مختصر المنتهى : 2 / 289 ، شرح مختصر الاُصول : 460 ، على ما في هامش كفاية الاُصول : 528 .
  • (3) مبادئ الوصول إلى علم الاُصول : 240 .
  • (4) زبدة الاُصول ، المنهج الرابع في الاجتهاد والتقليد : 159 .

(الصفحة 19)

ويرد على التعريف الأوّل وجوه من الإيراد ، عمدتها : أنّ مجرّد الظنّ بالحكم الشرعي من أيّ طريق حصل ومن أيّ سبب تحقّق لم يقم على اعتباره دليل ، بل قام الدليل على عدمه في بعض الموارد ، كالظنّ الحاصل من القياس والاستحسان ، مضافاً إلى أنّ الأمارة المعتبرة الشرعية ربما لا تفيد الظنّ الشخصي ; لعدم مدخليّته في اعتباره ; لكون الملاك فيه هو إفادته للظنّ نوعاً .

وما أفاده المحقّق الخراساني(قدس سره) (1) وتبعه بعض الأعلام في شرح العروة ـ على ما في تقريرات بحثه ـ من أ نّه لو اُبدل الظنّ بالحكم بالحجّة على الحكم الشرعي لسلم من الإشكال(2) ، فيه : أ نّه وإن كان يسلم من بعض الإشكالات ، إلاّ أنّ بعضها باق على حاله ; ضرورة أنّ المقلِّد لو استفرغ وسعه في تحصيل فتوى مجتهده ـ التي هي حجّة على الحكم الشرعي ـ يصدق عليه أ نّه استفرغ الوسع في تحصيل الحجّة على الحكم مع أ نّه لا يكون مجتهداً .

فالأولى الإعراض عن هذا التعريف الذي صار سبباً لطعن الأخباريين على الأُصوليين منّا ، واعتراضهم عليهم بأنّهم يعتمدون في الاجتهاد على مجرّد الظنّ بالحكم من أيّ سبب حصل(3) ; سواء قام الدليل على اعتباره أو على عدم اعتباره ، أو لم يقم دليل على شيء من الأمرين ، وإلاّ فالاجتهاد بمعناه الحقيقي ـ الذي يرجع إلى القدرة على أخذ الحكم من المدارك المعتبرة ، والأدلّة القابلة للاستناد من الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ـ لامجال للإشكال فيه ولا محيص عن الالتزام به .

  • (1) كفاية الاُصول : 529 .
  • (2) دروس في فقه الشيعة: 1/22.
  • (3) حكى عنهم المحقّق الخراساني في كفاية الاُصول: 529، والسيّد الخوئي في دروس في فقه الشيعة: 1/21.

(الصفحة 20)

ومن هذه الجهة يمكن أن يقال : إنّ النزاع بينهما لا يتجاوز عن النزاع اللفظي ولايكون نزاعاً معنوياً ; لأ نّه لا محيص عن الالتزام بالاجتهاد بمعناه الذي يقول به المجتهدون ، كما مرّ .

نعم ، قد اُورد على هذا المعنى بأنّ تفسير الاجتهاد بالملكة الكذائية ينطبق على صاحبها الذي لم يستنبط شيئاً من الأحكام الشرعيّة ، ولم يتحقّق منه استنباط عملا أيضاً ; لعدم الملازمة بين ثبوت الملكة والاستنباط الفعلي بوجه ، مع أنّه لم يرد هذا العنوان في شيء من الأدلّة موضوعاً لحكم من الأحكام وأثر من الآثار ، بل العناوين المأخوذة فيها ترجع إلى الفقيه ، والعارف بالحلال والحرام ، والناظر فيهما ، والراوي لأحاديثهم ، وشبه ذلك من العناوين التي لا تنطبق على الشخص بمجرّد وجود الملكة فيها ، من دون استنباط لظهورها في الفعلية منها ، كما لا يخفى(1) .

هذاما يتعلّق بموضوع الاجتهاد ومعناه. وأمّاحكمه، فتارة : يلاحظ بالإضافة إلى عمل المجتهدنفسه، وأنّ تحصيل الملكة بلحاظ الأعمال الشخصية المبتلى بها لصاحبها حكمه ماذا؟ وأُخرى : بلحاظ رجوع الغير العامّي إليه ، وأنّ تحصيلها من جهة تقليد العوام عنه حكمه ماذا؟ وعلى الأوّل تارة : يلاحظ من جهة العقل وأنّ اللزوم العقلي متحقّق أم لا؟ وأُخرى:من جهة الشرعومقتضى الأدلّة الشرعية الواردة في هذه الجهة.

فنقول : أمّا العقل ، فقد عرفت أ نّه يحكم ـ لأجل الفرار عن تبعة مخالفة تكاليف المولى المنجّزة بسبب العلم الإجمالي بثبوتها ـ بلزوم تحصيل المؤمِّن من العقاب . غاية الأمر أنّ طرق تحقّق هذا المعنى مختلفة كثرة وقلّة حسب اختلاف الموارد والحالات والأشخاص ، فإذا انسدّ باب بعض تلك الطرق يبقى سائر الأبواب ، ومع انسداد الجميع إلاّ الواحد يتعيّن ذلك الطريق الواحد .

  • (1) بحوث في الاُصول، الاجتهاد والتقليد: 3 ـ 4 ، دروس في فقه الشيعة: 1/22.

(الصفحة 21)

فإذا كان هناك من الأحياء من يكون صالحاً للرجوع إليه وتقليده لا مجال لتعيّن الاجتهادولزوم تحصيل الملكة عليه ، ومع عدمه ـ والفرض أ نّه لا يجوز تقليد الميّت ابتداءً ; لقيام الإجماع(1) عليه كما سيجيء البحث والتكلّم فيه(2) إن شاء الله تعالى ـ يتعيّن عليه الاجتهاد إذا لم يتمكّن من الاحتياط وإحراز الواقع من هذا الطريق ، كما أ نّه مع عدم التمكّن من الاحتياط يتخيّر بين الاجتهاد والتقليد ; لعدم ثبوت حكم العقل بلزوم التعلّم ، بل غرضه التعرّض لامتثال التكاليف المعلومة بالإجمال ورعاية موافقتها ; سواء كان المكلّف عالماً بها تفصيلا أو جاهلا مراجعاً إلى العالم .

فانقدح من ذلك أنّ تعيّن الاجتهاد ولزومه عقلا إنّما هو فيما إذا انسدّ عليه باب التقليد والاحتياط ، ومن الواضح أنّ اللزوم في هذا المورد ليس لزوماً نفسياً ، بل طريقي مرجعه إلى تنجّز التكاليف المعلومة واستحقاق العقوبة على مخالفتها ، هذا ما هو مقتضى حكم العقل .

وأمّا اللزوم الشرعي ، فيدلّ على أصله ما دلّ على وجوب التعلّم من الأخبار التي سيجيء نقلها والتكلّم فيها إن شاء الله تعالى ، وعلى كونه طريقياً لا نفسيّاً ولا مقدميّاً التأمّل في تلك الأخبار واستظهار الطريقية منها ، وعلى عدم كونه عينياً وضوح استلزام تعيّن الاجتهاد وتحصيل ملكة الاستنباط على كلّ مكلّف للعسر والحرجواختلال النظام ، سيّما في هذه الأعصار التي كثرت مقدّمات الاجتهاد ، وكذا الموانع عن تحقّقها،مضافاًإلى أدلّة التقليد الدالّة على جواز رجوع العامّي إلى المجتهد ،

  • (1) جامع المقاصد: 3/491 ، شرح الألفية، المطبوع ضمن حياة المحقّق الكركي وآثاره: 7 / 253 ، مسالك الأفهام: 3 / 109; رسائل الشهيد الثاني: 1 / 44; مستمسك العروة الوثقى: 1 / 22 ، وانظر رسالة في الاجتهاد والتقليد للشيخ الأنصاري، ضمن مجموعة رسائل: 58 ، ومطارح الأنظار: 2 / 559 ـ 560 .
  • (2) في ص194 ـ 211 .

(الصفحة 22)

والمستلزمة لعدموجوب تحصيل الملكة على كلّ أحد . هذا بالإضافة إلى عمل نفسه .

وأمّا بالإضافة إلى رجوع غير العامّي إليه ، فاللزوم العقلي منتف قطعاً ; لعدم حكمه بذلك أصلا بعد ما كان الملاك في حكمه هو تخلّص المكلّف بنفسه من تبعة مخالفة تكاليف المولى ، وليس هنا ملاك آخر مقتض للزوم العقلي .

وأمّا اللزوم الشرعي ، فقد يقال بثبوته على وجه النفسي الكفائي التعييني ، نظراً إلى لزوم حفظ الدين وإبقائه والتحرّز عن اضمحلاله واندراسه ; ضرورة أنّ وجوب ذلك غير قابل للإنكار ، ومن المعلوم ـ بعد عدم جواز تقليد الميّت ابتداءً ، وعدم جواز رجوع العامي إلى الأموات ـ أ نّ الاجتهاد وتحصيل ملكة الاستنباط لأجل الوصول إلى القوانين الدينيّة والأحكام الشرعيّة من الطرق الموجبة لبقاء الدين والتحفّظ عن اضمحلاله وانهدامه ، بداهة أ نّه مع عدم وجود من يرجع إليه العامي ـ والمفروض عدم جواز الرجوع إلى الأموات ـ ينسدّ باب الاطّلاع على الأحكام الشرعية وتطبيق العمل عليها ، فاللازم لأجل هذا الغرض المهمّ أن يتصدّى بعض من المكلّفين للوصول إلى هذا المقام والبلوغ إلى هذه المرتبة(1) .

ومقتضى ماذكر عدم كفاية مجرّدالوصولوتحصيل الملكة، بل اللازم بعده استنباط الفعلي واستخراج الأحكام من مداركها وتبليغها إلى المكلّفين ليعملوا على طبقها .

هذا، ولكنّ الدليل المذكورلايجدي لإثبات الوجوب النفسي; لأنّ الواجب النفسي حينئذ هوالتحفّظ على الدينوإبقائه، والاجتهادمقدّمة له ، فلا مجال لدعوى النفسية من هذا الطريق بوجه. نعم ، لو استند في ذلك إلى آية النفر المعروفة لكان لذلك وجه.

ويؤيّده ما ورد في تفسيرها من بعض الروايات ، كرواية عبد المؤمن الأنصاري قال : قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : إنّ قوماً يروون أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال : اختلاف أُمّتي

  • (1) دروس في فقه الشيعة: 1 / 26 ـ 29.