جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 194)

الحياة في المفتي ابتداءً وعدمه ، وقبل الخوض في ذكر أدلّة الطرفين ، وبيان ما استدلّ به أصحاب المذهبين ، وتحقيق ما هو الحقّ في البين ، نقول :

لا خفاء في أنّ مقتضى الأصل ـ على تقدير الشك ووصول النوبة إليه ـ عدم حجّية فتوى الميّت بحسب الابتداء ; لأنّ مرجع الشك في الاشتراط إلى الشك في أصل الحجّية بالإضافة إليه ، ومقتضى الأصل الأوّلي في كلّ أمارة مشكوكة الحجّية عدم ترتّب شيء من آثار الحجّية عليها .

ولذا اشتهر أنّ الشكّ في الحجّية مساوق للقطع بعدمها ، فما يحتاج إلى الدليل إنّما هو القول بعدم اشتراط الحياة وسعة دائرة الحجّية المجعولة ، وشمولها لفتوى المجتهد الميّت أيضاً ، ومع ذلك فالمناسب بيان أدلّة كلا الطرفين ، فنقول :

أمّا ما استدلّ به على الاشتراط وعدم جواز تقليد الميّت فوجوه :

الأوّل : دعوى الإجماع على ذلك عن جملة من أعاظم الفقهاء وأكابر العلماء رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، ولا بأس بنقل جملة من الكلمات المشتملة على هذه الدعوى . قال المحقّق الثاني في محكيّ شرح الألفيّة : لا يجوز الأخذ عن الميّت مع وجود المجتهد الحيّ ، بلا خلاف بين علماء الإماميّة(1) .

وقال الشهيد الثاني في محكيّ المسالك : قد صرّح الأصحاب في هذا الباب ـ من كتبهم المختصرة والمطوّلة ـ وفي غيره ، باشتراط حياة المجتهد في جواز العمل بقوله ، ولم يتحقّق إلى الآن في ذلك خلاف ممّن يعتدّ بقوله من أصحابنا ، وإن كان للعامّة في ذلك خلاف مشهور(2) .

  • (1) شرح الألفيّة ، المطبوع مع حياة المحقّق الكركي وآثاره: 7 / 253 .
  • (2) مسالك الأفهام : 3 / 109 .

(الصفحة 195)

وقال أيضاً في محكيّ الرسالة ـ المعمولة في المسألة ـ : ونحن بعد التتبّع الصادق لما وصل إلينا من كلامهم، ماعلمنا بأحد من أصحابنا ـ ممّن يعتبر قوله ، ويعوّل على فتواه ـ خالف في ذلك، فعلى مدّعي الجواز بيان القائل به ، على وجه لا يلزم منه خرق الإجماع.

ثمّ قال : ولا قائل بجواز تقليد الميّت من أصحابنا السابقين وعلمائنا الصالحين ; فإنّهم ذكروا في كتبهم الأُصوليّة والفقهيّة قاطعين بما ذكرناه(1) .

وقال صاحب المعالم في محكيّها : العمل بفتاوي الموتى مخالف لما يظهر من اتّفاق علمائنا على المنع من الرجوع إلى فتوى الميّت ، مع وجود المجتهد الحيّ(2) .

وعن الوحيد البهبهاني في فوائده : أنّ الفقهاء أجمعوا على أنّ الفقيه لو مات لايكون قوله حجّة(3) . وقال في موضع آخر : وربما جعل ذلك من المعلوم من مذهب الشيعة(4) .

وعن ابن أبي جمهور الأحسائي : لابدّ في جواز العمل بقول المجتهد من بقائه ، فلو مات بطل العمل بقوله ووجب الرجوع إلى غيره ، إذ الميّت لا قول له(5) ، وعلى هذا انعقد الإجماع من الإماميّة ، وبه نطقت مصنّفاتهم الأُصوليّة ، لا أعلم فيه مخالفاً منهم .

وقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ مخالفة المحقّق القمّي(رحمه الله) إنّما هي مبتنية على مسلكه ، ومتفرّعة على مبناه من الانسداد الذي لا نقول به ، وكذا مخالفة الأخباريّين مبتنية

  • (1) رسائل الشهيد الثاني : 1 / 44 .
  • (2) معالم الدين : 248 .
  • (3 ، 4) الفوائد الحائريّة للبهبهاني : 260 و 397 و 500 .
  • (5) الأقطاب الفقهيّة : 163 .

(الصفحة 196)

على إنكارهم للتقليد الاصطلاحي ، وعلى تقدير خلاف ذلك لا يضرّ بدعوى الإجماع ، واستكشاف رأي المعصوم(عليه السلام) من طريق الحدس ، كما هو مبنى المتأخّرين في باب الإجماع .

وقد أُورد على هذا الدليل بأنّ الإجماع المدّعى على تقدير تحقّقه ليس إجماعاً تعبّديّاً موجباً لاستكشاف قول المعصوم(عليه السلام) به ; لاحتمال أن يكون مستند المجمعين أصالة الاشتغال ، أو ظهور الأدلّة في اشتراط الحياة فيمن يجوز تقليده ، أو غير ذلك ، ومع هذا الاحتمال ينسدّ باب الحدس واستكشاف رأي المعصوم(عليه السلام) ، الذي هو الملاك في الحجّية عندنا ; ضرورة عدم ثبوت وصف الحجّية للإجماع بما هو إجماع(1) ، كما قد حقّق في محلّه .

والجواب عن هذا الإيراد : أ نّه وإن كان احتمال الاستناد إلى الدليل ، أو الأصل مانعاً عن ثبوت وصف الحجّية للإجماع ، إلاّ أ نّه لا مجال لهذا الاحتمال في المقام ، خصوصاً بعد استقرار رأي المخالفين ، واستمرار عملهم على تقليد الميّت ، والرجوع إلى أشخاص معيّنين من الأموات ، ففي الحقيقة يكون هذا من خصائص الشيعة وامتيازات الإماميّة .

والعجب من هذا المورد : أ نّه كيف يناقش في تحقّق الإجماع واستكشاف رأي المعصوم(عليه السلام) ، مع تصريحه فيما يأتي من كلامه(2) ; بأنّ ضرورة مذهب الشيعة تقتضي عدم الأخذ بفتوى المجتهد الميّت ولو فيما إذا كان أعلم ; فإنّه كيف تجتمع دعوى الضرورة والبداهة مع المناقشة في دعوى الإجماع .

  • (1) التنقيحفي شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 104 .
  • (2) في ص199 .

(الصفحة 197)

الثاني : اختصاص الأدلّة الدالّة على حجّية فتوى المجتهد ، وجواز الرجوع إليه والأخذ بها ، بخصوص المجتهد المتّصف بوصف الحياة ، وعدم شمولها لغير الواجد لهذا الوصف .

أمّا قوله تعالى في آية النفر : {لِّيَتَفَقَّهُوا فِى الدِّينِ وَ لِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ}(1) فلظهوره في أنّ الإنذار ـ الذي يتعقّبه الحذر ـ إنّما هو الإنذار الحاصل من المنذر الحيّ ; لعدم معنى لإنذار الميّت ، كما أ نّه لا معنى لاتّصافه بالفقاهة فعلا ، ويُؤيّده تعليق وجوب الإنذار على الرجوع الظاهر في الحياة .

وكذا قوله تعالى : {فَسْـَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}(2) ظاهر فيمن يكون متّصفاً بهذا الوصف فعلا ، خصوصاً بعد إيجاب السؤال ; فإنّه وإن لم يكن للسؤال مدخليّة في حجّية قول أهل الذكر ونظره ، إلاّ أنّ المفروض في الآية إمكان الرجوع إليه والسؤال عنه ، وهذا الوصف لا يتحقّق في الميّت بوجه .

وكذا الروايات الدالّة على حجّية فتوى المجتهد ، أعمّ ممّا يدلّ عليها بنحو العموم ، كقوله(عليه السلام) ـ فيما حكي عن تفسير العسكري(عليه السلام) ـ : فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه ، حافظاً لدينه إلخ(3) . في الإرجاع إلى أشخاص معيّنين ; فإنّ ظهورها في الواجد للأوصاف المذكورة فيها فعلا ، خصوصاً الطائفة الثانية منها واضح لا ينبغي الارتياب فيه .

وكذا السيرة العقلائية ـ التي هي العمدة في أدلّة حجّية فتوى الفقيه كما

  • (1) سورة التوبة : 9 / 122 .
  • (2) سورة الأنبياء : 21 / 7 .
  • (3) تقدّم في ص83 .

(الصفحة 198)

عرفت (1) ـ لا تشمل فتوى المجتهد الميّت .

توضيحه : ما أفاده سيّدنا العلاّمة الاُستاذ الماتن ـ دام ظلّه ـ في رسالته في الاجتهاد والتقليد ، ومحصّله : أ نّه لا إشكال في عدم التفاوت في ارتكاز العقلاء ، وحكم العقل بين فتوى الحيّ والميّت ; ضرورة طريقيّة كلّ منهما إلى الواقع من غير فرق بينهما .

لكن مجرّد ارتكازهم وحكمهم العقلي بذلك لا يكفي في جواز العمل ، بل لابدّ من إثبات بنائهم على العمل على طبق فتوى الميّت كالحيّ ، وتعارفه لديهم حتّى يكون عدم ردع الشارع كاشفاً عن إمضائه ، وإلاّ فلو فرض عدم جريان العمل على طبق فتوى الميّت ـ وإن لم يكن يتفاوت في عالم ارتكازهم مع الحيّ أصلا ـ لا يكون للردع مورد حتّى يكشف عدمه عن إمضاء الشارع .

والحاصل : أنّ جواز الاتّكال على الأمارات العقلائيّة موقوف على إمضاء الشارع لفظاً ، أو استكشافه من طريق عدم الردع ، وليس في المقام ما يدلّ عليه لفظاً ، واستكشاف ذلك من طريق عدم الردع موقوف على جري العقلاء عملا على طبق ارتكازهم ، ومع عدمه لا معنى لردع الشارع ، ولا يكون سكوته كاشفاً عن رضاه .

ومن الواضح عدم تعارف الأخذ عن الميّت في الصدر الأوّل ; لعدم كون تدوين الكتب الفتوائيّة متعارفاً حتّى يقال : إنّهم كانوا يراجعون الكتب ; فإنّ الكتب الموجودة في تلك الأزمنة كانت منحصرة بكتب الأحاديث ، ثمّ بعد أزمنة متطاولة صار بناؤهم على تدوين كتب نحو متون الأخبار ، ككتب الصدوقين ، ومن في

  • (1) في ص68 ـ 70 ، 117 ـ 119 .