جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 59)

[معنى التقليد]

   مسألة 2 : التقليد هو العمل مستنداً إلى فتوى فقيه معيّن; وهو الموضوع للمسألتين الآتيتين. نعم، ما يكون مصحّحاً للعمل هو صدوره عن حجّة ـ كفتوى الفقيه ـ وإن لم يصدق عليه عنوان التقليد، وسيأتي أنّ مجرّد انطباقه عليه مصحّح له 1

1 ـ في هذه المسألة جهات من البحث :

الجهة الأُولى : في معنى التقليد بحسب اللغة .

الظاهر أنّ معناه جعل القلادة في الجِيد(1) والعنق ـ أي عنق الغير ـ ويتعدّى إلى مفعولين، وفيه استعمالات مجازية، مثل حديث الخلافة: قلّدها رسول الله(صلى الله عليه وآله) عليّاً(عليه السلام)(2)، وفي تطبيق هذا المعنى اللغوي على المعنى الاصطلاحي خلاف ينشأ من الاختلاف في المعنى الاصطلاحي، وسيأتي توضيحه بعد بيان ذلك المعنى إن شاء الله تعالى .

الجهة الثانية : في تفسير التقليد وبيان معناه الاصطلاحي .

فنقول : قد اختلف ظاهر كلماتهم في تعريفه ، والمتحصّل من مجموعها أربعة :

أحدها : ما حكي عن العلاّمة(قدس سره) في النهاية من أ نّه هو العمل بقول الغير من غير حجّة معلومة(3) ، وإليه يرجع تفسيره إلى العمل عن استناد ، أو الاستناد إلى الغير

  • (1) الجِيد : العنق ، وقيل : مقلَّده ، لسان العرب مادّة «جيد» .
  • (2) الكافي : 1 / 199 ح1 .
  • (3) وحكى عنه في الفصول الغروية : 411 .

(الصفحة 60)

في العمل .

ثانيها: ما حكي عن جامع المقاصد من أنّه عبارة عن قبول قول الغير من غير حجّة(1).

ثالثها: ماحكي عن العضدي من أ نّه الأخذ بقول الغير من غير حجّة(2) . واختاره المحقّق الخراساني(قدس سره) في الكفاية ، حيث قال : إنّه أخذ قول الغير ورأيه للعمل به في الفرعيّات ، أو للالتزام به في الاعتقاديات تعبّداً بلا مطالبة دليل على رأيه(3) .

رابعها : التفسير بالالتزام بالعمل بقول مجتهد معيّن، كما اختاره صاحب العروة(4)ونسب إلى ظاهر الفصول(5) .

إذا عرفت ذلك يقع الكلام في أمرين :

الأمر الأوّل : أ نّه هل الاختلاف الذي عرفته في معنى التقليد اختلاف حقيقي في معناه ومفهومه ، أو أ نّه اختلاف بحسب العبارة والنزاع في الحقيقة لفظي؟

ربما يقال بالثاني ، نظراً إلى أنّ عدم تعرّضهم للخلاف في ذلك مع تعرّضهم لكثير من الجهات غير المهمّة يدلّ على عدم تحقّق الاختلاف واقعاً ، وأنّ مراد الجميع واحد(6) ، ويؤيّده ما عن القوانين(7) من نسبة التعريف بالعمل بقول الغير من غير

  • (1) جامع المقاصد: 2/69، وفيه: «أنّ التقليد هو قبول قول الغير المستند إلى الاجتهاد» و قال في رسائله ج 3/175 : «المقلِّد في اصطلاحهم هو الآخذ بقول الغير من غير حجّة ملزمة» .
  • (2) شرح العضدي لمختصر المنتهى : 2 / 305 .
  • (3) كفاية الاُصول : 539 .
  • (4) العروة الوثقى: 1/ 7 مسألة 8.
  • (5) الفصول الغرويّة : 411 .
  • (6) مستمسك العروة الوثقى: 1/11.
  • (7) قوانين الاُصول : 2 / 160 .

(الصفحة 61)

حجّة إلى العضدي وغيره ، مع أنّ تعريف العضدي كما عرفت إنّما هو الأخذ ، مع أنّ الظاهر أنّ المراد بالأخذ هو العمل كما في كثير من المقامات ; مثل الأخذ بما وافق الكتاب ، والأخذ بما خالف العامّة ، والأخذ بقول أعدلهما ، ومن أخذ بالشبهات وقع في المحرّمات ، إلى غير ذلك من الموارد الكثيرة ، ولعلّه كان هو المراد من القبول المذكور في كلام بعضهم .

ولكنّ الظاهر عدم كون النزاع لفظيّاً ; لأ نّه ـ مضافاً إلى أنّ تفسير الأخذ بالعمل مع احتمال أن يكون المراد به التعلّم أو أخذ الرسالة ممّا لا شاهد له ، وكذا تفسير القبول به ـ على تقدير تسليم ذلك لا يرجع النزاع إلى اللفظ ; لتصريح القائل بالالتزام بعدم لزوم العمل في تحقّق التقليد كما في العروة(1) . وصرّح به صاحب الفصول(2) على ما حكي ، فكيف يجتمع مع القول بأنّ التقليد هو نفس العمل ، وعدم التعرّض للخلاف لا دلالة فيه على عدم كون المسألة خلافية ، كما هو ظاهر .

مضافاً إلى أنّهم رتّبوا الثمرة على هذا النزاع وبنوا مسألة البقاء على تقليد الميّت ، وكذا مسألة العدول عن الحيّ إلى الآخر المساوي له في الفضل على الخلاف في معنى التقليد ; فإنّه وإن كان ترتّب الثمرة والابتناء محلّ نظر بل منع ـ كما سيأتي في المسألتين إن شاء الله تعالى ـ إلاّ أنّ البناء على الخلاف في معنى التقليد دليل على كون الاختلاف فيه لا ينحصر باللفظ ، بل النزاع في أمر حقيقي كما هو غير خفيّ .

الأمر الثاني : أنّه ـ بعد البناء على كون الاختلاف في مفهوم التقليد ومعناه اختلافاً معنوياً ـ يقع الكلام في تحقيق ما هو الحقّ في معناه .

  • (1) العروة الوثقى : 1 / 7 مسألة 8 .
  • (2) الفصول الغرويّة : 411 .

(الصفحة 62)

فنقول : ربما يقال كما قيل بأ نّه لا يمكن أن يكون التقليد هو نفس العمل(1) ، والأصل في ذلك ما أفاده في الفصول ، حيث قال على ما حكي : واعلم أ نّه لا يعتبر في ثبوت التقليد العمل بمقتضاه ; لأنّ العمل مسبوق بالعلم فلا يكون سابقاً عليه ، ولئلاّ يلزم الدور في العبادات من حيث إنّ وقوعها يتوقّف على قصد القربة ، وهو يتوقّف على العلم بكونها عبادة ، فلو توقّف العلم بكونها عبادة على وقوعها كان دوراً(2) .

وتقريب الوجه الأوّل : أنّ كلّ مكلّف لابدّ وأن يكون عمله مستنداً إلى معذّر ، وناشئاً عنه ومسبوقاً به ، فالمجتهد يكون عمله مستنداً إلى اجتهاده واستنباطه الحكم من الحجّة المعتبرة ، والعامي يكون عمله مستنداً إلى تقليده ، فكلّ عمل إمّا أن يكون ناشئاً ومسبوقاً بالاجتهاد ، وإمّا أن يكون مستنداً إلى التقليد ، وعلى هذا الوجه اعتمد المحقّق الخراساني(قدس سره) في الكفاية ، حيث قال : ولا يخفى أ نّه لا وجه لتفسيره بنفس العمل ; ضرورة سبقه عليه وإلاّ كان بلا تقليد ، فافهم(3) .

وتقريب الوجه الثاني : أ نّه لا إشكال في أنّ مشروعيّة العمل تتوقّف على التقليد ; لأ نّه لا يتمكّن بدون التقليد من الإتيان بصلاة الجمعة مثلا بما أنّها مقرّبة ، ولا يتمشّى منه قصد القربة بدون التقليد ، فالشروع فيها بقصد كونها هي الوظيفة الثابتة بعد الزوال يوم الجمعة والعبادة المقرّبة يتوقّف على التقليد ، فلو كان التقليد متوقّفاً على العمل ومنتزعاً عنه كما هو ظاهر تفسيره به يتحقّق الدور ، فلا محيص عن الالتزام بكونه أمراً سابقاً على العمل .

  • (1) كفاية الاُصول: 539.
  • (2) الفصول الغرويّة : 411 .
  • (3) كفاية الاُصول : 539 .

(الصفحة 63)

والجواب عن الوجه الأوّل : أنّ غاية مقتضاه لزوم استناد العمل إلى المعذّر أو إلى العلم ، كما في عبارة الفصول المتقدّمة . وأمّا كون الأمر السابق على العمل مسمّى بالتقليد وراجعاً إليه فلم يقم عليه دليل .

وبعبارة أُخرى : لو كان هناك نصّ أو إجماع على لزوم مسبوقيّة العمل بالاجتهاد أو التقليد لكان مرجعه إلى سبق التقليد في مورد العامّي على العمل ، ولكنّه لم يقم على هذا العنوان دليل ، بل اللازم هو مسبوقيّة العمل بالحجّة والعلم ، وهو لا يلازم كون التقليد عبارة عن الأمر السابق .

ومنه يظهر الجواب عن الوجه الثاني ; فإنّ توقّف مشروعيّة العمل على التقليد لم يدلّ عليه دليل ، بل المشروعيّة تتوقّف على العلم بكونها عبادة مقرّبة ، إمّا من طريق الاجتهاد ، أو من طريق فتوى المجتهد . وأمّا كون الموقوف عليه هو الذي ينطبق عليه عنوان التقليد فلا يقتضيه هذا الوجه بوجه .

فانقدح من ذلك إمكان كون التقليد عبارة عن نفس العمل ، لكنّه بمجرّده لا يكفي، بل لابدّ من إقامة الدليل على ترجيح هذا التفسير على غيره .

فنقول : إنّ هنا أُموراً مرجّحة لكون التقليد بمعنى نفس العمل :

أحدها : مناسبة التقليد بمعنى العمل للمعنى اللغوي ; فإنّ الظاهر أنّ المراد منه هو جعل القلادة في عنق الغير ، وهذا يلائم مع كونه في الاصطلاح بمعنى العمل ; فإنّ المقلّد حينئذ يجعل أعماله المستندة إلى فتوى المجتهد في عنقه ، فهي بمنزلة القلادة يقلّدها في عنق الغير وهو المجتهد .

وأمّا لو فسّر التقليد بمجرّد الالتزام والتعهّد النفساني فلابدّ من توجيه المناسبة بأنّ المقلّد بسبب الالتزام والتعهّد يجعل قلادة المتابعة للمجتهد في عنق نفسه ، وهذا لا يناسب مع المعنى اللغوي الراجع إلى جعل القلادة في عنق الغير .