جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 92)

أُموراً متعدّدة :

الأوّل : البلوغ ، من الواضح الذي لا ينبغي الارتياب فيه أنّ أدلّة حجّيّة فتوى المجتهد وجواز تقليده لا دلالة فيها على اعتبار البلوغ أصلا ; فإنّ مقتضى الأدلّة اللفظيّة من الآيات والروايات ـ على تقدير تماميّة دلالتها على حجّية الفتوى كما عرفت المناقشة في بعضها(1) ـ هو كون الموضوع عنوان الفقيه ، وأهل الذكر ، والعارف والناظر في الحلال والحرام ، وأشباهها من العناوين التي لا ريب في صدقها على الصبي إذا اتّصف بالاجتهاد .

والسيرة العقلائيّة التي هي العمدة في باب التقليد وشؤونه لا فرق فيها بين البالغ وغيره ، فإنّ الملاك فيها هو رجوع الجاهل إلى العالم ، ولا فرق في هذا الملاك بينهما ، خصوصاً مع وجود ما هو أولى من المقام بمراتب في الشرع ; فإنّه كان من الأنبياء والأوصياء ـ صلوات الله عليهم ـ من بلغ مرتبة النبوّة والإمامة قبل أن يصير بالغاً . وعليه : فيرتفع الاستبعاد الذي ربما يمكن أن يتّكل عليه في المقام ، وإن كان في هذه المقايسة نظر ، كما هو غير خفيّ على أهل النظر .

وبالجملة : أدلّة جواز التقليد خالية عن اعتبار البلوغ ، كما أنّ ما ورد من أ نّه رفع القلم عن الصبيّ حتى يحتلم(2) لا دلالة له على اعتبار البلوغ في مثل المقام ; فإنّ رفع قلم المؤاخذة أو أصل التكليف لا يلازم خروجه عن صلاحيّة التقليد الذي هو عمل الغير ووظيفته . وأمّا ما ورد من أنّ عمد الصبي وخطأه واحد ، فإن كان مذيّلا بما في ذيل إحدى روايتيه من قوله : تحمله العاقلة ، أو يحمل على العاقلة(3) .

  • (1) في ص71 ـ 89 .
  • (2) الخصال : 93 ح40 و175 ح233 ، وعنه وسائل الشيعة : 1 / 45 ، أبواب مقدّمة العبادات ب4 ح11 .
  • (3) تهذيب الأحكام: 10/233 ح921، وعنه وسائل الشيعة: 29/400، كتاب الديات، أبواب العاقلة ب11 ح3.

(الصفحة 93)

فالظاهر عدم دلالته إلاّ على كون عمده في باب القتل والجناية خطأً ، وتكون الدية ثابتة على العاقلة محمولة عليها . وأمّا لو كان خالياً عن الذيل كما في إحدى الروايتين(1) فلا يبعد أن يقال بدلالته على المقام ونحوه ; فإنّ مقتضى إطلاق كون عمده خطأً أنّ الأفعال والأقوال والاستنباطات التي تصدر من الصبيّ مع التوجّه والالتفات تكون كالتي تصدر من غيره بدون التوجّه والقصد والإرادة .

ومن الواضح أنّ الاستنباط الذي هو فعل من الأفعال إذا صدر من غير توجّه ونظر لا يكون معتبراً بوجه ، ولا يجوز للعامّي أن يستند إليه أصلا . كما أ نّه على تقدير اشتمال الرواية على الذيل يمكن أن يقال بأنّ الذيل بيان لمصداق من الكبرى الكلّيّة ، والقاعدة العامّة التي اُفيدت في الصدر ، لا أ نّه قرينة على اختصاصه بخصوص باب القتل والجناية ، والتحقيق موكول إلى محلّه .

وكيف كان ، فالدليل على اعتبار البلوغ الإجماع الذي ادّعي في خصوص المقام(2) ، والإجماع بل الضرورة التي ادّعاها صاحب الجواهر(قدس سره) على أنّ الصبي مسلوب العبارة(3) ، فإذا كانت عبارته مسلوبة فاستنباطه ونظره بطريق أولى ، مضافاً إلى ذكر «الرجل» في حسنة أبي خديجة(4) ـ بناءً على دلالتها على حجّيّة الفتوى ، وكون المراد بـ«الرجل» ما يقابل الصبيّ أيضاً ـ وإلى أنّ اعتبار العدالة كما سيجيء يلازم اعتبار البلوغ أيضاً .

ثمّ إنّه لا يخفى أنّ محلّ الكلام هو اعتبار البلوغ في زمان العمل بفتواه وأخذها منه

  • (1) تهذيب الأحكام: 10/233 ح920، وعنه وسائل الشيعة: 29/400، كتاب الديات، أبواب العاقلة ب11 ح2.
  • (2) الروضة البهيّة: 3/62، مسالك الأفهام: 13/326 ـ 327، مفتاح الكرامة: 10/9، مستند الشيعة: 17/33، رياض المسائل: 9/336
  • (3) جواهر الكلام : 29 / 143 .
  • (4) تأتي في ص111.

(الصفحة 94)

لا في زمن تحقّق الاستنباط ، فإذا تصدّى المجتهد للاستنباط قبل البلوغ فأراد المقلّد الرجوع إليه بعده فلا مانع منه أصلا ، بل هو خارج عن محلّ النزاع ، كما أنّه إذا رجع إليه المقلّد في حال بلوغه فمات المجتهد فله أن يبقى على تقليده ، وإن كان استنباطه قبل البلوغ ولم يعمل بفتاويه بعد البلوغ أصلا ; لما سيمرّ عليك من عدم مدخليّة العمل في جواز البقاء .

الثاني : العقل ، واعتباره في المرجع ظاهر عند العقلاء والمتشرّعة ، وقد ادّعي أ نّه ممّا أجمع عليه الخلف والسلف(1) ، وادّعى الاتّفاق شيخنا الأعظم الأنصاري(قدس سره) على ما حكي عن ظاهر عبارته(2) ، وأدلّة التقليد وحجّيّة فتوى المجتهد ظاهرة في اعتباره ; فإنّه وإن لم يقع التعرّض لاعتبار العقل فيها بوجه ، إلاّ أنّ نفس العناوين المأخوذة فيها لا ينطبق إلاّ على العاقل ; فإنّ المجنون لا ميزان لفهمه واستنباطه ، كما أ نّه لا ملاك لأعماله وأقواله ، وكذلك السيرة العقلائيّة الجارية على رجوع الجاهل إلى العالم ; فإنّه لا خفاء في اختصاصها بالعالم العاقل .

نعم ، المجنون الأدواري في حال الإفاقة لا مانع عند العقلاء من الرجوع إليه ، كما قد حكي القول به عن بعض متأخّري المتأخّرين ; كصاحبي المفاتيح(3)

  • (1) قال في مستمسك العروة الوثقى: 1/42، فقد قيل: إنّه ممّا أجمع عليه الخلف والسلف، وفي الروضة البهية: 3/62، إجماعاً، وفي مسالك الأفهام: 13/326 ـ 327، عندنا موضع وفاق، وفي كشف اللثام: 1/17، اتّفاقاً، وفي مفاتيح الشرائع: 3/246، بلا خلاف في شيء من ذلك عندنا، وفي رياض المسائل: 9/236، بلاخلاف في شيء من ذلك أجده بيننا، بل عليه الإجماع في عبائر جماعة، كالمسالك وغيره.
  • (2) راجع رسالة في الاجتهاد والتقليد للشيخ الأنصاري: 57، والحاكي هو صاحب التنقيح في شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 217.
  • (3) مفاتيح الاُصول: 611.

(الصفحة 95)

والاشارات(1) ، كما أ نّه لو فرض أنّ المجنون الدائمي كان جنونه في جهة خاصّة وأمر مخصوص، بحيث لا يتعدّى عن تلك الجهة بوجه ولا يكون له مظهر غيرها ، لا يبعد أن يقال بعدم خروجه عن السيرة العقلائيّة الجارية على الرجوع إلى العالم ، فإنّه لو فرض أنّ الطبيب كان جنونه منحصراً في جهة غير مرتبطة بالطبابة أصلا ، وعلم بعدم تعدّي جنونه عن غير تلك الجهة ، فهل هو خارج عن جريان السيرة؟ الظاهر العدم ، اللّهمّ إلاّ أن يكون الإجماع منعقداً على عدم حجيّة فتواه في المقام .

ثمّ إ نّه يدلّ على اعتبار العقل ـ مضافاً إلى ما ذكر ـ الدليل على اعتبار العدالة على ما سيجيء ، فإنّ اعتبار العدالة لا ينفكّ عن اعتبار العقل ، كما هو غير خفّي .

الثالث : الإيمان ، والمراد من اعتبار الإيمان ـ الذي مرجعه إلى كونه شيعيّاً إماميّاً ـ أ نّه هل يجوز الرجوع إلى غير الإمامي إذا كانت فتاواه وآراؤه مأخوذة عن المدارك المعتبرة عند الإمامي ، وكان استنباطه منحصراً في خصوص الأدلّة التي يرجع إليها المجتهد الإمامي ، وإلاّ فعدم جواز الرجوع إلى غير الإمامي في فتاويه المأخوذة عن المدارك المعتبرة عند نفسه ممّا لا ينبغي النزاع فيه ، وهو خارج عن محلّ الكلام كما هو ظاهر .

وقد استدلّ على اعتبار الإيمان في المجتهد الذي يرجع إليه للتقليد بوجوه :

منها : دعوى الإجماع من السلف والخلف على شرطيّة الإيمان في المجتهد الذي يرجع إليه(2) .

واُورد على هذه الدعوى بأنّ الإجماع المدّعى ليس من الإجماعات التعبّدية

  • (1) لم نعثر على كتاب اشارات الأصول ج2 . نعم ، حكى عنه السيّد الحكيم في مستمسك العروة الوثقى: 1/42.
  • (2) مستمسك العروة الوثقى: 1 / 42.

(الصفحة 96)

حتى يستكشف به قول المعصوم(عليه السلام) ; لاحتمال أن يكون مستنداً إلى بعض الوجوه التي استدلّ بها على اعتبار الإيمان ، ومعه لا مجال للاعتماد عليه(1) .

والجواب عن هذا الإيراد ـ مضافاً إلى أ نّه لا يجتمع الإيراد بذلك مع ما صرّح به المورد في أدلّة اشتراط العدالة ; من أنّ المرتكز في أذهان المتشرّعة الواصل ذلك إليهم يداً بيد عدم رضى الشارع بزعامة من لا عدالة له فضلا عن العقل والإيمان (2) ; فإنّ ثبوت هذا الارتكاز ينافي دعوى عدم استكشاف قول المعصوم(عليه السلام) ، وعدم العلم برأيه ونظره ـ : أنّ مجرّد احتمال الاستناد إلى بعض الوجوه الضعيفة غير الصالحة للاستدلال لا يقدح في أصالة الإجماع واستكشاف رأي الإمام(عليه السلام) ، كما هو ظاهر .

ومنها : مقبولة عمر بن حنظلة وحسنة أبي خديجة . ففي الأُولى: «ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثنا»(3) وفي الثانية: «ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا (قضائنا خ ل) »(4) ; فإنّ قوله(عليه السلام) : «منكم» في الروايتين ظاهر في اعتبار المماثلة في الإيمان والاعتقاد بإمامتهم .

ويرد عليه ـ مضافاً إلى ما سيجيء إن شاء الله تعالى من أنّ مورد الروايتين باب القضاء وفصل الخصومة ، ولا ملازمة بين اعتبار شيء في القاضي واعتباره في المفتي ـ : أنّ تخصيص الحكم بخصوص الواجد لوصف الإيمان على ما هو المتفاهم عرفاً من الروايتين إنّما هو لأجل كون غيرالواجد لا تكون فتاواه مأخوذة عن

  • (1) التنقيح في شرح العروة الوثقى، الاجتهاد والتقليد: 218.
  • (2) التنقيح في شرح العروة الوثقى، الاجتهاد والتقليد: 223 .
  • (3) تاتي في ص 110 ـ 111 .
  • (4) تأتي بتمامها في ص 111 ـ 112 .