جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 197)

الثاني : اختصاص الأدلّة الدالّة على حجّية فتوى المجتهد ، وجواز الرجوع إليه والأخذ بها ، بخصوص المجتهد المتّصف بوصف الحياة ، وعدم شمولها لغير الواجد لهذا الوصف .

أمّا قوله تعالى في آية النفر : {لِّيَتَفَقَّهُوا فِى الدِّينِ وَ لِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ}(1) فلظهوره في أنّ الإنذار ـ الذي يتعقّبه الحذر ـ إنّما هو الإنذار الحاصل من المنذر الحيّ ; لعدم معنى لإنذار الميّت ، كما أ نّه لا معنى لاتّصافه بالفقاهة فعلا ، ويُؤيّده تعليق وجوب الإنذار على الرجوع الظاهر في الحياة .

وكذا قوله تعالى : {فَسْـَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}(2) ظاهر فيمن يكون متّصفاً بهذا الوصف فعلا ، خصوصاً بعد إيجاب السؤال ; فإنّه وإن لم يكن للسؤال مدخليّة في حجّية قول أهل الذكر ونظره ، إلاّ أنّ المفروض في الآية إمكان الرجوع إليه والسؤال عنه ، وهذا الوصف لا يتحقّق في الميّت بوجه .

وكذا الروايات الدالّة على حجّية فتوى المجتهد ، أعمّ ممّا يدلّ عليها بنحو العموم ، كقوله(عليه السلام) ـ فيما حكي عن تفسير العسكري(عليه السلام) ـ : فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه ، حافظاً لدينه إلخ(3) . في الإرجاع إلى أشخاص معيّنين ; فإنّ ظهورها في الواجد للأوصاف المذكورة فيها فعلا ، خصوصاً الطائفة الثانية منها واضح لا ينبغي الارتياب فيه .

وكذا السيرة العقلائية ـ التي هي العمدة في أدلّة حجّية فتوى الفقيه كما

  • (1) سورة التوبة : 9 / 122 .
  • (2) سورة الأنبياء : 21 / 7 .
  • (3) تقدّم في ص83 .

(الصفحة 198)

عرفت (1) ـ لا تشمل فتوى المجتهد الميّت .

توضيحه : ما أفاده سيّدنا العلاّمة الاُستاذ الماتن ـ دام ظلّه ـ في رسالته في الاجتهاد والتقليد ، ومحصّله : أ نّه لا إشكال في عدم التفاوت في ارتكاز العقلاء ، وحكم العقل بين فتوى الحيّ والميّت ; ضرورة طريقيّة كلّ منهما إلى الواقع من غير فرق بينهما .

لكن مجرّد ارتكازهم وحكمهم العقلي بذلك لا يكفي في جواز العمل ، بل لابدّ من إثبات بنائهم على العمل على طبق فتوى الميّت كالحيّ ، وتعارفه لديهم حتّى يكون عدم ردع الشارع كاشفاً عن إمضائه ، وإلاّ فلو فرض عدم جريان العمل على طبق فتوى الميّت ـ وإن لم يكن يتفاوت في عالم ارتكازهم مع الحيّ أصلا ـ لا يكون للردع مورد حتّى يكشف عدمه عن إمضاء الشارع .

والحاصل : أنّ جواز الاتّكال على الأمارات العقلائيّة موقوف على إمضاء الشارع لفظاً ، أو استكشافه من طريق عدم الردع ، وليس في المقام ما يدلّ عليه لفظاً ، واستكشاف ذلك من طريق عدم الردع موقوف على جري العقلاء عملا على طبق ارتكازهم ، ومع عدمه لا معنى لردع الشارع ، ولا يكون سكوته كاشفاً عن رضاه .

ومن الواضح عدم تعارف الأخذ عن الميّت في الصدر الأوّل ; لعدم كون تدوين الكتب الفتوائيّة متعارفاً حتّى يقال : إنّهم كانوا يراجعون الكتب ; فإنّ الكتب الموجودة في تلك الأزمنة كانت منحصرة بكتب الأحاديث ، ثمّ بعد أزمنة متطاولة صار بناؤهم على تدوين كتب نحو متون الأخبار ، ككتب الصدوقين ، ومن في

  • (1) في ص68 ـ 70 ، 117 ـ 119 .

(الصفحة 199)

طبقتهما ، أو قريب العصر بهما ، ثمّ بعد مرور الأزمنة جرت عادتهم على تدوين الكتب التفريعيّة والاستدلاليّة ، إلى أن انتهى تدوين الفتاوى خالية عن الدليل بنحو الرسالة العمليّة ، فلم يكن الأخذ من الأموات ابتداءً ممكناً في الصدر الأوّل ، ولا متعارفاً أصلا(1) .

وفي تقريرات بعض الأعلام ـ في مقام عدم جواز الاستدلال بالسيرة ـ ذكر أ نّ لازمه حصر المجتهد المقلَّد في شخص واحد في الأعصار بأجمعها ; لأنّ أعلم علمائنا من الأموات والأحياء شخص واحد لا محالة ، فإذا فرضنا أ نّه الشيخ أو غيره تعيّن على الجميع الرجوع إليه حسبما تقتضيه السيرة العقلائيّة ، وذلك للعلم الإجمالي بوجود الخلاف بين المجتهدين في الفتيا ، ومع العلم بالمخالفة يجب تقليد الأعلم فقط ، من دون فرق في ذلك بين عصر وعصر ، وهو ممّا لا يمكن الالتزام به ; لأ نّه خلاف الضرورة من مذهب الشيعة ، ولا يسوغ هذا عندهم بوجه لتكون الأئـمّة ثلاثة عشر ، وبهذا تكون السيرة العقلائيّة مردوعة في الشريعة(2) .

والجواب عن هذا الدليل :

أمّا عن الآيات:فلأنّها لا تنطبق على المدّعى ; ضرورة أنّ المدّعى عبارة عن اشتراط الحياة في المفتي ، ومن يجوز الرجوع إليه ، ومقتضاه عدم جواز الرجوع إلى المجتهد الميّت ، مع أنّها ـ أي الآيات على تقدير دلالتها على جواز التقليد ، وعدم المناقشة فيها بما مرّ مفصّلا(3) ـ تكون غاية مفادها حجّية فتوى المجتهد الحيّ ، ولا دلالة فيها على اشتراط الحياة بنحو يفيد عدم حجّية فتوى الميّت بوجه ، فلابدّ

  • (1) الاجتهاد والتقليد للإمام الخميني(قدس سره) : 132 ـ 134 .
  • (2) التنقيحفي شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 107 .
  • (3) في ص71 ـ 82 .

(الصفحة 200)

فيها من الرجوع إلى دليل ، أو أصل جار في مورد الشك .

وبالجملة : الآيات ساكتة عن حجّية فتوى غير الحيّ ، لا نافية لها ، كما هو المدّعى ، فلا تنطبق عليه .

وأمّا عن الروايات : فما كان منها يدلّ بنحو العموم ، فهو وإن كان ظاهراً في بيان الاشتراط ، وعدم جواز الرجوع إلى غير المتّصف بالأوصاف المذكورة فيها ، إلاّ أنّها مخدوشة من حيث السند كما عرفت(1) . وما كان منها يدلّ على الإرجاع إلى أشخاص معيّنين يجري فيها ما ذكرنا ـ في الآيات ـ من عدم تعرّضها لفتوى غير الحيّ ، ولا دلالة فيها على نفي الحجّية بوجه ، بل لابدّ من الرجوع إلى دليل آخر .

وأمّا السيرة : فيرد على التقريب الذي أفاده الاُستاذ دام ظلّه ـ مضافاً إلى أنّ حكم العقل لا يحتاج إلى إمضاء الشارع ، وإلاّ ينسدّ باب التقليد على العامّي ; لأنّ الحامل له على التقليد ـ كما عرفت(2) ـ ليس إلاّ إدراك عقله وحكمه برجوع الجاهل إلى العالم ، فلو كان حكم العقل أيضاً مفتقراً إلى الإمضاء من الشارع لكان باب التقليد منسدّاً عليه ; لعدم إطلاع العامي على الإمضاء ، كما هو واضح ـ  :

أنّه إن أراد أنّ السيرة العقلائيّة غير جارية في مقام العمل على الرجوع إلى آراء الأموات ، وترتيب الأثر عليها ، وجعلها طريقاً لرفع الجهل ، فمن الواضح خلافه ; لما نراه بالوجدان من مراجعتهم إلى كتب الأقدمين في الفنون المختلفة في جميع الأعصار ، وأخذ الآراء منها والاستفادة وترتيب الأثر عليها ، بحيث لا يفرّقون بينها وبين الكتب المصنّفة في حياتهم أصلا ، فالسيرة العملية العقلائيّة جارية في كلا

  • (1) في ص92 ـ 115 .
  • (2) في ص68 ـ 70 .

(الصفحة 201)

الأمرين ، من دون ارتياب في البين .

وإن أراد أنّ السيرة العقلائيّة وإن كانت عامّة في مقام العمل ، إلاّ أ نّه لابدّ من ورودها في محيط الشرع ، وجريانها في الأُمور المضافة إلى الشارع حتّى يكون عدم الردع كاشفاً عن تصويبه ورضاه بذلك ، فيرد عليه : أنّ عدم الردع الكاشف عن الإمضاء لا يتوقّف على ذلك ، بل يكفي مجرّد جريان السيرة على معنى عامّ يكون الأمر الشرعي أيضاً من مصاديقه .

ألا ترى أنّ حجّية ظواهر الكتاب المستفادة من سيرة العقلاء بضميمة عدم الردع ، لا يكون منشؤها جريان السيرة في ظواهر الكتاب ، وعدم ردع الشارع عنها ، بل جريان السيرة على العمل بكلّ ظاهر ، وعدم الردع عنها في الشرعيّات كاف في استكشاف رضا الشارع وإمضائه ، كما لا يخفى .

ويرد على التقريب ـ الذي أفاده بعض الأعلام ـ أنّ انحصار مرجع التقليد في مثل الشيخ(قدس سره) لا يكون مخالفاً لما هو ضروريّ من المذهب . غاية الأمر أ نّه مخالف للإجماع ; لانعقاده على عدم جواز تقليد الميّت ابتداءً ، وقد عرفت(1) أ نّه لا تجتمع دعوى الضرورة من المذهب مع المناقشة في الإجماع ، ودعوى عدم كونه كاشفاً عن موافقة المعصوم(عليه السلام) ; لاحتمال استناد المجمعين إلى مثل أصالة الاشتغال .

ثمّ إنّ الاستلزام للانحصار إنّما هو على تقدير كون الأعلم ـ الذي هو شخص واحد ـ واضح الأعلميّة بالإضافة إلى كلّ أحد ، وإلاّ فلو فرض اختلاف الأنظار في تشخيص الأعلم ، كما ربما يتّفق ، فالانحصار لا يكاد يتحقّق بوجه ، كما أنّ بطلان الانحصار ـ لكونه مخالفاً لما هو ضروريّ من المذهب ، كما هو فرضه ـ لا يوجب

  • (1) في ص196 .