جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 199)

طبقتهما ، أو قريب العصر بهما ، ثمّ بعد مرور الأزمنة جرت عادتهم على تدوين الكتب التفريعيّة والاستدلاليّة ، إلى أن انتهى تدوين الفتاوى خالية عن الدليل بنحو الرسالة العمليّة ، فلم يكن الأخذ من الأموات ابتداءً ممكناً في الصدر الأوّل ، ولا متعارفاً أصلا(1) .

وفي تقريرات بعض الأعلام ـ في مقام عدم جواز الاستدلال بالسيرة ـ ذكر أ نّ لازمه حصر المجتهد المقلَّد في شخص واحد في الأعصار بأجمعها ; لأنّ أعلم علمائنا من الأموات والأحياء شخص واحد لا محالة ، فإذا فرضنا أ نّه الشيخ أو غيره تعيّن على الجميع الرجوع إليه حسبما تقتضيه السيرة العقلائيّة ، وذلك للعلم الإجمالي بوجود الخلاف بين المجتهدين في الفتيا ، ومع العلم بالمخالفة يجب تقليد الأعلم فقط ، من دون فرق في ذلك بين عصر وعصر ، وهو ممّا لا يمكن الالتزام به ; لأ نّه خلاف الضرورة من مذهب الشيعة ، ولا يسوغ هذا عندهم بوجه لتكون الأئـمّة ثلاثة عشر ، وبهذا تكون السيرة العقلائيّة مردوعة في الشريعة(2) .

والجواب عن هذا الدليل :

أمّا عن الآيات:فلأنّها لا تنطبق على المدّعى ; ضرورة أنّ المدّعى عبارة عن اشتراط الحياة في المفتي ، ومن يجوز الرجوع إليه ، ومقتضاه عدم جواز الرجوع إلى المجتهد الميّت ، مع أنّها ـ أي الآيات على تقدير دلالتها على جواز التقليد ، وعدم المناقشة فيها بما مرّ مفصّلا(3) ـ تكون غاية مفادها حجّية فتوى المجتهد الحيّ ، ولا دلالة فيها على اشتراط الحياة بنحو يفيد عدم حجّية فتوى الميّت بوجه ، فلابدّ

  • (1) الاجتهاد والتقليد للإمام الخميني(قدس سره) : 132 ـ 134 .
  • (2) التنقيحفي شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 107 .
  • (3) في ص71 ـ 82 .

(الصفحة 200)

فيها من الرجوع إلى دليل ، أو أصل جار في مورد الشك .

وبالجملة : الآيات ساكتة عن حجّية فتوى غير الحيّ ، لا نافية لها ، كما هو المدّعى ، فلا تنطبق عليه .

وأمّا عن الروايات : فما كان منها يدلّ بنحو العموم ، فهو وإن كان ظاهراً في بيان الاشتراط ، وعدم جواز الرجوع إلى غير المتّصف بالأوصاف المذكورة فيها ، إلاّ أنّها مخدوشة من حيث السند كما عرفت(1) . وما كان منها يدلّ على الإرجاع إلى أشخاص معيّنين يجري فيها ما ذكرنا ـ في الآيات ـ من عدم تعرّضها لفتوى غير الحيّ ، ولا دلالة فيها على نفي الحجّية بوجه ، بل لابدّ من الرجوع إلى دليل آخر .

وأمّا السيرة : فيرد على التقريب الذي أفاده الاُستاذ دام ظلّه ـ مضافاً إلى أنّ حكم العقل لا يحتاج إلى إمضاء الشارع ، وإلاّ ينسدّ باب التقليد على العامّي ; لأنّ الحامل له على التقليد ـ كما عرفت(2) ـ ليس إلاّ إدراك عقله وحكمه برجوع الجاهل إلى العالم ، فلو كان حكم العقل أيضاً مفتقراً إلى الإمضاء من الشارع لكان باب التقليد منسدّاً عليه ; لعدم إطلاع العامي على الإمضاء ، كما هو واضح ـ  :

أنّه إن أراد أنّ السيرة العقلائيّة غير جارية في مقام العمل على الرجوع إلى آراء الأموات ، وترتيب الأثر عليها ، وجعلها طريقاً لرفع الجهل ، فمن الواضح خلافه ; لما نراه بالوجدان من مراجعتهم إلى كتب الأقدمين في الفنون المختلفة في جميع الأعصار ، وأخذ الآراء منها والاستفادة وترتيب الأثر عليها ، بحيث لا يفرّقون بينها وبين الكتب المصنّفة في حياتهم أصلا ، فالسيرة العملية العقلائيّة جارية في كلا

  • (1) في ص92 ـ 115 .
  • (2) في ص68 ـ 70 .

(الصفحة 201)

الأمرين ، من دون ارتياب في البين .

وإن أراد أنّ السيرة العقلائيّة وإن كانت عامّة في مقام العمل ، إلاّ أ نّه لابدّ من ورودها في محيط الشرع ، وجريانها في الأُمور المضافة إلى الشارع حتّى يكون عدم الردع كاشفاً عن تصويبه ورضاه بذلك ، فيرد عليه : أنّ عدم الردع الكاشف عن الإمضاء لا يتوقّف على ذلك ، بل يكفي مجرّد جريان السيرة على معنى عامّ يكون الأمر الشرعي أيضاً من مصاديقه .

ألا ترى أنّ حجّية ظواهر الكتاب المستفادة من سيرة العقلاء بضميمة عدم الردع ، لا يكون منشؤها جريان السيرة في ظواهر الكتاب ، وعدم ردع الشارع عنها ، بل جريان السيرة على العمل بكلّ ظاهر ، وعدم الردع عنها في الشرعيّات كاف في استكشاف رضا الشارع وإمضائه ، كما لا يخفى .

ويرد على التقريب ـ الذي أفاده بعض الأعلام ـ أنّ انحصار مرجع التقليد في مثل الشيخ(قدس سره) لا يكون مخالفاً لما هو ضروريّ من المذهب . غاية الأمر أ نّه مخالف للإجماع ; لانعقاده على عدم جواز تقليد الميّت ابتداءً ، وقد عرفت(1) أ نّه لا تجتمع دعوى الضرورة من المذهب مع المناقشة في الإجماع ، ودعوى عدم كونه كاشفاً عن موافقة المعصوم(عليه السلام) ; لاحتمال استناد المجمعين إلى مثل أصالة الاشتغال .

ثمّ إنّ الاستلزام للانحصار إنّما هو على تقدير كون الأعلم ـ الذي هو شخص واحد ـ واضح الأعلميّة بالإضافة إلى كلّ أحد ، وإلاّ فلو فرض اختلاف الأنظار في تشخيص الأعلم ، كما ربما يتّفق ، فالانحصار لا يكاد يتحقّق بوجه ، كما أنّ بطلان الانحصار ـ لكونه مخالفاً لما هو ضروريّ من المذهب ، كما هو فرضه ـ لا يوجب

  • (1) في ص196 .

(الصفحة 202)

الالتزام باشتراط الحياة ، كما هو المقصود ، بل يكون له طريق آخر ; وهو عدم تعيّن الأعلم للتقليد .

وبعبارة أُخرى : الانحصار مترتّب على أمرين : عدم اشتراط الحياة ، واشتراط الأعلميّة ، وبطلانه ـ لما ذكر ـ لا يوجب نفي الأمر الأوّل ، بل له طريق آخر ; وهو رفع اليد عن الأمر الثاني ، واختيار عدم اشتراط الأعلميّة وتساوي الأعلم وغيره ، من حيث جواز الرجوع إليه . وعليه : فيتخيّر المكلّف بينه وبين غيره ، فيرتفع الانحصار .

كما أنّ ما أفاده من استلزام انحصار صيرورة الأئمّة ثلاثة عشر ممنوع جدّاً ; لأنّ المرجعيّة لا تبلغ من حيث المرتبة إلى الإمامة بوجه ، ولعمري أ نّ مثل هذا التعبير من طغيان البيان أو القلم ، فإنّه من الواضح أنّ أبناء السنّة مع استمرار عملهم على الأخذ بفتاوي أشخاص معيّنين من الأموات ، لا يحكمون بإمامتهم وخلافتهم ووجوب الإطاعة لهم ، كما يقولون به في الخلفاء .

والتحقيق : أ نّه لا مجال للمناقشة في أصل السيرة العقلائيّة ، وجري عملهم على الأخذ بالآراء مطلقاً ، من دون فرق عندهم بين أن يكون صاحب الرأي حيّاً ، أو ميّتاً . غاية الأمر أنّها مردوعة في الشريعة ; لقيام الإجماع الكاشف عن موافقة المعصوم(عليه السلام)على عدم الجواز ، وهو يكفي في الردع من دون حاجة إلى أمر آخر .

الثالث : أنّ فتوى الميّت ـ على تقدير كونها حجّة ـ فإمّا أن يقال بحجّيتها فيما إذا كان الميّت مساوياً لغيره من الأموات والأحياء في الفضيلة والمرتبة العلميّة ، وإمّا أن يقال بها في خصوص ما إذا كان أعلم من غيره من تلك الجهة ، ولا مجال للقول بها في كلتا الصورتين :

(الصفحة 203)

أمّا الصورة الأُولى : فلا دليل على الحجّية فيها ; لأ نّه مع الاختلاف بينه وبين غيره في الفتوى والنظر ـ كما هو الغالب والمفروض ـ يكون الدليل قاصراً عن شموله ; لأنّ المتعارضين غير مشمولين لأدلّة الحجّية ، والقاعدة تقتضي التساقط مع التعارض ، كما قد تقدّم البحث عنه(1) ، والإجماع القائم على التخيير بين المجتهدين المتساويين في الفضيلة على تقدير ثبوته ـ كما ادّعاه شيخنا الأنصاري(قدس سره) (2) ـ لايشمل المقام ; فإنّ القدر المتيقّن منه تساوي المجتهدين من الأحياء ; فإنّ الأموات أنفسهم قد ادّعوا الإجماع على عدم جواز الأخذ بآرائهم بعد انقضاء حياتهم ، كما مرّ نقل كلمات جملة من أعلامهم(3) .

وأمّا الصورة الثانية : فلأنّ مقتضى السيرة العقلائيّة الجارية على الأخذ برأي الميّت من ناحية ، وعلى الأخذ بقول الأعلم من المتخالفين من ناحية اُخرى ، وإن كان هو الجواز ، إلاّ أنّك عرفت(4) أنّ مجرّد جريان السيرة لا يكفي ما دام لم يكن مورداً لإمضاء الشارع لفظاً ، أو مستكشفاً من طريق عدم الردع ، وعدم ثبوت الإمضاء يكفي في عدم جواز ترتيب الأثر عليه ، فضلا عمّا إذا ثبت الردع من طريق الإجماع الكاشف عن موافقته لرأي المجمعين ، وعدم تجويزه الأخذ برأي الميّت والرجوع بفتواه ، كما عرفت .

وممّا ذكرنا يظهر مواضع الردّ والقبول والخلط في هذا الدليل ، فتأمّل .

  • (1) في ص 141 ـ 142 .
  • (2) حكى عنه في التنقيح في شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 106 ، ولم نعثر عليه في كتب الشيخ ، إلاّ أنّه يمكن استظهاره من رسالته في الاجتهاد والتقليد ، ضمن مجموعة رسائل: 71 .
  • (3) في ص194 ـ 195 .
  • (4) في ص68 ـ 70 .