جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 319)

عن ترك ما لا يليق بحال الشخص عادة ، وسيأتي البحث عنه إن شاء الله تعالى(1) .

وقوله(عليه السلام) : «ويُعْرَف» الظاهر أ نّه منصوب معطوف على قوله(عليه السلام) : «أن تعرفوه» المنصوب بكلمة «أن» الناصبة ، كما أنّ الظاهر أ نّه بصيغة المذكّر ، كما في الوسائل وغيرها ، والضمير فيه يرجع إلى الرجل الذي يراد معرفة عدالته ، ومعناه حينئذ أن يكون الرجل معروفاً أيضاً باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار ; من شرب الخمر ، والزنا ، والربا الخ .

وعليه : تكون كلّ واحدة من الجملتين بعض المعرِّف للعدالة ; لأنّ الجملة الأُولى تدلّ على اعتبار المروءة ، والثانية على اعتبار الاجتناب عن الكبائر التي أوعد الله عليها النار ، وليست الجملة الأُولى تمامَ المعرِّف للعدالة ; والثانية دليلا على المعرِّف ; لأ نّه ـ مضافاً إلى كونه خلاف ظاهر العبارة التي هي بصيغة المذكّر كما عرفت ، وإلى أ نّه لا يبقى فرق حينئذ بين المعرِّف والدليل عليه أصلا ـ يلزم أن لا يكون الدليل دليلا على تمام المعرِّف ; لأ نّه حينئذ لابدّ من حمل المعرِّف على الأعمّ من الأعمال غير اللائقة بحاله عرفاً ، بحيث يشمل غير الجائزة شرعاً أيضاً ، مع أنّ الدليل والطريق ينحصر بخصوص الثانية .

ودعوى أنّ العطف على الجملة الأُولى يلزم منه الاختلاف بين المعطوف والمعطوف عليه ; من جهة أنّ المعطوف عليه هو معرفة المسلمين للرجل ، والمعطوف هو معروفيّة الرجل عندهم .

مدفوعة بأ نّه لا مانع من ذلك ، بل وقع نظيره في الكتاب العزيز في قوله تعالى : {وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ شَيْـًا إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ

  • (1) في ص363 ـ 365 .

(الصفحة 320)

فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِى}(1) . حيث نسب الخوف أوّلا إلى الزوجين ثمّ إلى أهلهما ، وليس ذلك إلاّ لأجل كون مجرّد المعرضيّة كافياً في النسبة ، كما لا يخفى .

وبالجملة : فالظاهر أنّ هذه الجملة جزء أخير من معرّف العدالة ، ومعطوفة على الجملة الأُولى ، وهو مطابق لِما أفاده سيّدنا العلاّمة الاُستاذ البروجردي(قدس سره) على ما قرّرته في كتاب «نهاية التقرير»(2) الذي يشتمل على تقريراته في جلّ مباحث الصلاة ، وقد طبع في ثلاثة أجزاء .

ولكن فيه شيء ; وهو أنّ ذكر المروءة أوّلا في تفسير العدالة ، وبيان حقيقتها قبل ما هو بمنزلة الركن في معناها  ـ وهو اجتناب الكبائر بالوصف المذكور فيها ـ ربما لا يلائم مقام التعريف وبيان المعنى، خصوصاًمع ذكر عبارات مختلفة وجهات متنوّعة.

فالأولى أن يقال : إنّ الجملة الأُولى تدلّ على اعتبار كلا الأمرين من المروءة واجتناب الكبيرة ، والجملة الثانية تخصيص بعد التعميم ، وامتيازها إنّما هو من جهة كونها الركن في معناها ، وبها قوام العدالة ، ويؤيّده ـ مضافاً إلى ما ذكرنا ـ تفسير العفّة في اللغة كما عرفت بالكفّ عمّا لا يحلّ ويَجمُلُ ، حيث جمع بين الاجتناب عن غير الجميل والاجتناب عن غير الحلال ، وبناءً على ذلك يكون اعتبار الملكة في العدالة ، ودلالة الرواية عليه واضحاً ; لما عرفت من أنّ الستر والعفاف من الأوصاف النفسية .

وأمّا كفّ البطن والفرج إلخ ، فهو أيضاً يرجع إلى حالة نفسانيّة ; لأ نّه ـ مضافاً إلى

  • (1) سورة البقرة : 2 / 229 .
  • (2) نهاية التقرير : 3 / 237 .

(الصفحة 321)

دلالة لفظ «الكفّ» عليها ; لأ نّه ليس مجرّد الترك والاجتناب كما هو ظاهر ـ قد عرفت أنه ليس المراد مجرّد الكفّ في بعض الحالات وبعض الأزمنة بل في جميعهما ، وهذا لا ينطبق إلاّ على وجود حالة مانعة عن ارتكاب الحرام وباعثة على الإتيان بالواجب . وعليه : فقوله(عليه السلام) بعد ذلك : «ويُعرف باجتناب الكبائر» إذا كان تخصيصاً بعد التعميم لابدّ وأن يكون المراد به هو ملكة الاجتناب .

وأمّا بناءً على ما أفاده الاُستاذ(قدس سره) من كون كلّ من الجملتين بعض المعرّف للعدالة ، فدلالة الرواية على اعتبار الملكة في الجملة الاُولى واضحة . وأمّا الجملة الثانية ، فدلالتها عليه مبنيّة على ما ذكرنا من أنّ المعروفيّة باجتناب الكبائر في جميع الحالات لا يكاد ينطبق إلاّ على وجود حالة نفسانيّة وملكة راسخة مانعة عن ارتكابها ، مضافاً إلى أنّ اعتبار الملكة في ناحية المروءة يستلزم اعتبارها في طرف الاجتناب عن الكبيرة بطريق أولى ، فتدبّر .

كما أنّ تفسير الكبائر بالتي أوعد الله عليها النار يشعر بل يدلّ على اعتبار كون الاجتناب ناشئاً لا عن عدم المقتضي ، ولا عن داع نفسانيّ ، بل عن إيعاد الله ـ تبارك وتعالى ـ عليها النار والخوف من ترتّب العقاب عليه ، وعلى ما ذكرنا فدلالة الرواية على اعتبار الملكة في العدالة على كلا التقديرين واضحة .

ثمّ إنّه يشعر بل يدلّ على أنّ العدالة عبارة عن حالة نفسانيّة ، نصب الطريق والدليل عليه في هذه الرواية بقوله(عليه السلام) : «والدلالة على ذلك كلّه» الخ ، ومعناه أنّ الدليل الشرعي والكاشف عن وجود تلك الحالة ، بحيث يكون وجوده كافياً في مقام ترتيب الآثار المترتّبة على العدالة والمرغوبة منها ، أن يكون الشخص ساتراً لجميع عيوبه على تقدير وجودها ، أعمّ من العيوب المنافية للمروءة ، وغير الجائزة شرعاً .

(الصفحة 322)

وثمرة سترها أ نّه معه يحرم على المسلمين تفحّص ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش خلف الساتر ، بل يجب عليهم حينئذ تزكيته وإظهار عدالته في الناس مع سؤالهم عن حاله .

وحيث إنّ المعاصي على قسمين : وجوديّة ; وهو ارتكاب شيء من المحرّمات . وعدميّة ; وهو ترك شيء من الواجبات ، والمعاصي الوجوديّة على تقدير تحقّقها تحتاج إلى الستر الذي به يرائى عدم تحقّقها ; لأ نّه يحرم على المسلمين التفتيش والتفحّص .

وأمّا المعاصي العدميّة ، فيكفي في تحقّقها مجرّد الترك وعدم صدور الفعل ، فلا محالة يحتاج في إراءة خلافها إلى إيجاد الفعل ، فلذا جعل الدليل على خلافها التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهنّ ، وحفظ مواقيتهنّ بحضور جماعة من المسلمين ، وأن لا يتخلّف عن جماعتهم في مصلاّهم إلاّ من علّة .

وتخصيص الصلوات الخمس من بين الواجبات إنّما هو باعتبار كون ما عداها منها ، إمّا أن لايكون وجوبه مطلقاً ، بل مشروطاً بمثل الاستطاعة الماليّة أو البدنيّة ، أو كلتيهما ، أو ببعض الأُمور الاُخر . وإمّا أن لا يكون الشخص قادراً على مخالفته باعتبار إجبار الحاكم إيّاه عليه ، كالزكاة ونحوها ، وما عدا ما ذكر ينحصر في الصلوات الخمس ، فلذا جعل التعاهد عليها دليلا على العدالة ، مضافاً إلى أنّ الاهتمام بها من بين الواجبات بحيث يكون قبولها دائراً مدار قبولها أوجب تخصيصها من بينها ، ويؤيّده قوله(عليه السلام) في الرواية : «لأنّ من لا يصلّي لا صلاح له بين المسلمين» .

وهذا الذي جعله الإمام(عليه السلام) على طبق هذه الرواية طريقاً وأمارة شرعيّة ويرجع محصّله إلى حسن الظاهر مركَّب من أمرين ، كما انقدح ممّا ذكرنا :

(الصفحة 323)

أحدهما : كون الرجل ساتراً لعيوبه حتى لا يطّلع على المعاصي الوجوديّة والقبائح العرفيّة الصادرة منه ـ على تقديره ـ غيره من المسلمين ، بل كان طريق اطّلاعهم منحصراً بالتفتيش والتفحّص عمّا وراء الساتر وهو محرّم عليهم .

ثانيهما : كونه متعاهداً للصلوات الخمس ، ومعنى تعاهده لها إمّا الالتزام بالحضور في جماعات المسلمين حتى يصلّي معهم جماعة لأجل مدخليّتها في قبول الصلاة ، كما يستفاد من ذيل الرواية الدالّ على أ نّه لا صلاة لمن لا يصلّي في المسجد مع المسلمين بعد الحمل على نفي القبول لا نفي الصحّة . وإمّا كون حضوره فيها دليلا على أ نّه لا يتحقّق منه ترك الصلاة ، لا لأجل مدخليّة الجماعة في قبولها ، فالملاك هو نفس الإتيان بالصلاة ، لا هي مع وصف الجماعة .

هذا ما يقتضيه التحقيق في معنى الرواية الشريفة من الجهة التي هي محطّ البحث ، وبه يظهر الخلل فيما أفادوه في هذا المقام ، ولا بأس بالتعرّض للبعض ، فنقول :

منها : ما أفاده بعض الأعاظم من المعاصرين في كتابه في الصلاة ، ومحصّله : أ نّ الظاهر من الرواية بيان معرفة العدالة في الخارج لا بيان مفهومها ، وظاهر السؤال عن طريق تشخيص العدالة أن يكون مفهومها معلوماً معيّناً عند السائل ; لأنّها عرفاً هي الاستقامة والاستواء ، وإذا أطلق الشارع فلا يشكّ في أنّ مراده هو الاستقامة في جادّة الشرع الناشئة من الحالة النفسانيّة ; وهي التديّن الباعث له على ملازمة التقوى . وحيث لم يكن لهذا المعنى أثر خاصّ وكاشف قطعيّ ألجأ السائل إلى أن يسأل طريقه عن الإمام(عليه السلام) ، وهذا بخلاف سائر الملكات ، كالشجاعة والسخاوة وأمثال ذلك ; فإنّها تُستكشف قطعاً عند وجود آثارها الخاصّة ، فعرَّفه الإمام(عليه السلام) الطريق إلى تشخيصها وأجابه بالستر والعفاف إلخ .