جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 49)

يكفي كون العمل مأتيّاً به لله تعالى ; وهو حاصل في إتيان كلّ واحد من المحتملين ، ولا يحتاج إلى الجزم بوجود الأمر في البين حتى لا تصحّ إطاعة المحتمل الأوّل إلاّ مع قصد الإتيان بالآخر .

وبالجملة : الداعي إلى الإتيان بأحد المحتملين ليس إلاّ إطاعة المولى ، فهو على فرض الانطباق مطيع لأمره، وقصدالإتيان بالآخرلاينفعوجودهولايقدح عدمه(1).

أقول : الظاهر أنّ مقصود الشيخ(رحمه الله) أ نّه يعتبر في باب العبادات أن يتحقّق عنوان الإطاعة والامتثال ، بخلاف سائر الواجبات التي يكتفى فيها بمجرّد تحقّق المأمور به في الخارج بأيّ نحو كان ، وتحقّق هذا العنوان فيما إذا لم يكن الأمر معلوماً للمكلّف لايتوقّف إلاّ على الإتيان بالعمل بداعي مجرّد احتمال الأمر ; لعدم إمكان الزائد على هذا المقدار في حقّه .

وأمّا إذا كان الأمر معلوماً للمكلّف ولو بالإجمال ، فتحقّق هذا العنوان يتوقّف على قصد رعاية الأمر وامتثاله مطلقاً ـ أي سواء كان المأمور به هو المحتمل الأوّل أو الثاني ـ وبدون ذلك لا مجال لتحقّق الامتثال ، فاللازم على المكلّف أن يكون حال الإتيان بالأوّل قاصداً للإتيان بالثاني ، وإلاّ لا يتحقّق الامتثال ولو انكشف كونه هو المأمور به .

ويمكن أن يقال عليه : إ نّه لا دليل على اعتبار هذا العنوان وتحقّقه في سقوط الأمر العبادي وحصول الغرض منه ، بل اللازم في باب العبادات مجرّد كون العمل صادراً لا عن داع دنيويّ ، والمفروض تحقّقه فيما نحن فيه ، فالظاهر بناءً على ما ذكرنا الاكتفاء بمجرّد الإتيان بداعي احتمال كون الأوّل هو المأمور به .

  • (1) تهذيب الاُصول : 2 / 374 .

(الصفحة 50)

ثمّ إنّه على مبنى الشيخ(رحمه الله) لو بدا له بعد الإتيان بالأوّل قاصداً لعدم الإتيان بالآخر أو غير قاصد للإتيان به أن يأتي بالثاني أيضاً ، فهل يكفي ذلك في تحقّق الامتثال أم لا؟

الظاهر هو التفصيل بين ما لو انكشف كون الأوّل هو المأمور به ، فلا يكتفى به لعدم تحقّق قصد الامتثال ، وبين ما لو انكشف كون الثاني كذلك فيجتزئ به ; لأنّ إتيانه بداعي احتمال الأمر كاف بعد كونه هو المقدار الممكن في حقّه ، فتأمّل .

الأمر الثاني : حكي عن المحقّق القمّي(قدس سره) التفصيل في وجوب الاحتياط في باب الشرائط والموانع، بين ما يستفاد من مثل قوله(عليه السلام) : لا تصلّ فيما لا يؤكل لحمه(1) ، وما يستفاد من مثل قوله(عليه السلام) : لا صلاة إلاّ بطهور(2) . فاختار وجوب الاحتياط في موارد الشبهة الموضوعيّة في الثاني دون الأوّل(3) .

وهذا الكلام بظاهره ممّا لا يتمّ ، ولذا صار مورداً لاعتراض من تأخّر عنه ; بأ نّه لا فرق بمقتضى القاعدة العقليّة الحاكمة بوجوب الاحتياط بين الصورتين ، وأنّ حكم العقل بلزوم الإتيان بالأطراف أو الطرفين ثابت في البين ، ولكنّه وقع الإشكال في مبنى هذا التفصيل .

فالذي أفاده المحقّق النائيني ـ على ما في تقريراته ـ بعد استفادته من كلامه أنّ هذا التفصيل في باب الشرائط لا بينها وبين الموانع ، أنّ الوجه فيه قياس باب العلم

  • (1) وسائل الشيعة : 4 / 347 ، كتاب الصلاة ، أبواب لباس المصلّي ب2 ح6 ، و فيه : في وصيّة النبي(صلى الله عليه وآله) لعلي(عليه السلام) ، قال : يا عليّ لا تصلّ في جلد ما لا يشرب لبنه ولا يؤكل لحمه .
  • (2) تهذيب الأحكام : 1/49 ح144 وص209 ح605 و ج 2/140 ح545 ، وعنه وسائل الشيعة : 1/365 ، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء ب1 ح1 .
  • (3) لم نعثر عليه في كتبه التي لدينا. نعم، حكى عنه المحقّق النائيني في فوائد الاُصول : 4/134 .

(الصفحة 51)

والجهل بالموضوع بباب القدرة والعجز ، فكما أنّ القدرة من شرائط الفعليّة لا التنجيز فكذا العلم . ثمّ أورد عليه بالفرق بين القدرة والعلم ; فإنّ القدرة من شرائط ثبوت التكليف وفعليّته والعلم من شرائط التنجيز(1) .

والذي اختاره سيدنا العلاّمة الأُستاذ ـ دام ظلّه ـ أنّ هذاالكلام من المحقّق القمّي(قدس سره) مبنيّ على ما هو المعروف منه من عدم كون العلم الإجمالي منجّزاً أصلا ، وأنّ الشبهة المقرونة لاتكون إلاّ كالشبهة البدويّة(2)، وحينئذفاللازم الرجوع إلى الأصل، وحيث إنّ المستفاد من العبارة الأُولى المانعية ومن الثانية الشرطية ، فالواجب في الصورة الاُولى هو الرجوع إلى البراءة لانحلال الحكم حسب أفراد المانع ، فيؤخذ في المعلوم ويجري في المشكوك الأصل ، والواجب في الصورة الثانية هو الرجوع إلى أصالة الاشتغال لوجوب إحراز الشرط ، ولا يحصل إلاّ بالصلاة في الثوبين مثلا .

ثمّ أورد ـ دام ظلّه ـ على ما أفاده المحقّق المتقدّم في مبنى التفصيل المذكور أوّلا :بأنّ القياس المذكور لا يصحّح التفصيل ; لعدم الفرق بين العجز عن الشرط والعجز عن المانع ، فلو كان مفاد الدليل هو الشرطيّة المطلقة والمانعيّة كذلك فلازمه سقوط الأمر بسبب عدم التمكّن ، وإن لم يكن كذلك فلازمه سقوط الشرط والمانع عن وصفهما ، كما لا يخفى .

وثانياً : بأنّ العلم والقدرة كلاهما من شرائط التنجيز ; لأنّ الأحكام الشرعيّة أحكام قانونيّة مطلقة ، وليست القدرة من شرائطها ، وإلاّ لكان الأصل الجاري مع الشك فيها هو أصل البراءة ، مع أنّ بناءهم على الاحتياط ، مضافاً إلى أ نّه من

  • (1) فوائد الاُصول : 4 / 135 .
  • (2) راجع قوانين الاُصول: 2/26 ـ 28; وحكى عنه في فوائد الاُصول: 4/124 ـ 125.

(الصفحة 52)

البعيد أن يكون المستفاد من العبارة الاُولى بنظر المحقّق القمّي(رحمه الله) هو الشرطية بعد كون جمهور الأصحاب(1) قائلا بالمانعية(2) .

ويمكن أن يقال : إنّ ما أفاده المحقّق القمي(رحمه الله) ليس مبنيّاً على ما هو المعروف منه من عدم ثبوت وصف التنجيز للعلم الإجمالي ، بل على أنّ الدليل المتضمّن لإفادة الشرعية أو المانعية لو كان بصورة الخطاب وبيان التكليف تقتصر في مفاده على خصوص المورد ، الذي يمكن أن يكون التكليف باعثاً إليه أو زاجراً عنه ، فإنّ التكليف في مثل المقام وإن لم يكن تكليفاً نفسياً بل يكون غيريّاً ، إلاّ أ نّه مع ذلك لايفيد الشرطية أو المانعية إلاّ بالمقدار الذي يمكن سعة دائرة التكليف .

ومن الواضح أنّ مثل قوله(عليه السلام) : لا تصلّ فيما لايؤكل لحمه(3) لا يمكن أن يكون زاجراً عن الفرد الذي يشكّ في كونه من مصاديق غير المأكول ، وهذا بخلاف ما لو كان الدليل مثل قوله(عليه السلام) : لا صلاة إلاّ بطهور(4) الظاهر في عدم تحقّق الماهيّة بدونه ، كما لا يخفى .

وهذا الذي ذكرناه وإن لم يكن خالياً عن النظر بل المنع ، إلاّ أ نّه يمكن أن يكون وجهاً لما أفاده القمّي(رحمه الله)  ، فتأمّل(5) .

  • (1) المبسوط: 1/82، جامع المقاصد: 2/81، مفتاح الكرامة: 5/466 وما بعده، جواهر الكلام: 8/75 وما بعده .
  • (2) تهذيب الاُصول : 2 / 372 ـ 373 .
  • (3  ، 4) تقدّما في ص50 .
  • (5) إشارة إلى أنّ هذا الوجه إنّما يصحّح التفصيل في خصوص الشبهات البدوية . وأمّا الشبهات المقرونة ، فعلى تقدير كون العلم الإجمالي منجّزاً ـ كما هو المفروض ـ لا يبقى فيها فرق ، كما أ نّه على هذا التقدير يلزم أن لا يكون الاجتناب فى التكاليف النفسية ـ مثل قوله : لا تشرب الخمر ـ في الشبهات المقرونة منها بالعلم الإجمالى لازماً أيضاً ، كما لا يخفى . نعم ، يمكن أن يقال بأنّ هذا التفصيل من القمّي(رحمه الله) إنّما هو في خصوص الشبهة البدوية لا الأعمّ منها ومن المقرونة ، فلابدّ من المراجعة إلى كلامه ليظهر الحال ، المؤلّف دام ظلّه .

(الصفحة 53)

الأمر الثالث : إذا كان المعلوم بالإجمال أمرين مترتّبين شرعاً كالظهرين ، واشتبه بعض شرائطهما كالقبلة والستر ، فلا إشكال في جواز الشروع في محتملات الواجب الثاني بعد استيفاء محتملات الأوّل ; سواء كان الشروع في الثاني على طبق الشروع في الأوّل أم لا ، ولا في عدم جواز استيفاء محتملات الثاني قبل استيفاء الأوّل ، ولا في عدم جواز الشروع في محتملات الثاني قبل استيفاء الأوّل على نحو يغاير الشروع في الأوّل كما هو ظاهر ، إنّما الإشكال في جواز الإتيان بهما مترتّباً ، كما إذا صلّى الظهر إلى جهة والعصر إلى تلك الجهة ، ثمّ صلّى الظهر إلى جهة أُخرى والعصر إليها ، وهكذا ، أو صلّى الظهرين قصراً ثمّ تماماً ، أو بالعكس .

والذي اختاره المحقّق النائيني ـ على ما في التقريرات ـ هو عدم الجواز ، بناءً على ما اختاره سابقاً من ترتّب الامتثال الإجمالي على الامتثال التفصيلي وتأخّره عنه(1) ، نظراً إلى أنّ في المقام جهتين :

إحداهما : إحراز القبلة في فرض اشتباهها ، وهو لا يمكن بنحو التفصيل على ما هو المفروض ، فيجتزئ من جهته بالامتثال الإجمالي .

والأُخرى : إحراز الترتيب بين الصلاتين وهو بمكان من الإمكان ; لجواز الإتيان بجميع محتملات الواجب الأوّل ثمّ الشروع في الثاني . وعليه : يعلم حين الاشتغال بمحتملات العصر بوقوع الظهر قطعاً وحصول الترتيب جزماً ، وعدم العلم بأنّ العصر الواقعي هل هو المحتمل الأوّل أو الوسط أو الأخير إنّما هو للجهل بالقبلة لاالجهل بالترتيب ، وسقوط اعتبار الامتثال التفصيلي بالإضافه إلى شرط ـ لعدم الإمكان ـ لا يوجب سقوط اعتباره بالنسبة إلى ما يمكن من الشرائط كالترتيب في

  • (1) تقدّم في ص37 .