جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 90)

لم يكن التقليد عبارة عن الاستناد ، بل هو العمل مستنداً إلى الحجّة .

فالجمع بين الأمرين ممّا لا مانع منه ; لعدم ثبوت المنافاة بوجه ، فيمكن تفسير التقليد بنفس العمل والحكم بكون المصحّح له أمراً مغايراً له ، وهو الاستناد وكون صدوره ناشئاً عن الحجّة مسبوقاً بها ، ففي الحقيقة يرجع هذا الكلام إلى ما ذكرنا سابقاً(1) من أ نّه لم يقم دليل على لزوم مسبوقيّة العمل بالتقليد ، وأ نّه يعتبر تحقّق هذا العنوان قبل العمل ، بل كما أفاده الماتن ـ دام ظلّه ـ وسيأتي في بعض المسائل الآتية ـ  إن شاء الله تعالى ـ لا دليل على اعتبار الاستناد أيضاً في اتّصاف العمل بالصحّة ، بل مجرّد الانطباق ومطابقة العمل لفتوى المجتهد كاف في الحكم بالصحّة ، وسيأتي توضيحه(2) فانتظر .

  • (1) في ص63 .
  • (2) في ص262 ـ 269 مسألة20 .

(الصفحة 91)

[شرائط مرجع التقليد]

مسألة3: يجب أن يكون المرجع للتقليد عالماً مجتهداً عادلا ورعاً في دين الله، بل غير مكبّ على الدنيا، ولا حريصاً عليها وعلى تحصيلها جاهاً ومالا على الأحوط. وفي الحديث: من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه ، فللعوام أن يقّلدوه 1

1 ـ أقول : كما أنّ البحث في أصل مسألة التقليد ورجوع العامّي إلى المجتهد تارة :يقع فيما هو المستند للعامّي والمحرّك له على الرجوع ، وأُخرى : فيما يستنبطه المجتهد من الأدلّة ، كذلك البحث في شرائط المجتهد الذي يجب الرجوع إليه لأخذ الفتوى والعمل على طبقها ، تارة : يقع فيما يحكم به عقل العامي الذي لا مستند له إلاّهو ولا محرّك له إلاّ إدراكه ، وأُخرى : فيما يستفاد من الأدلّة الواردة في هذا الباب وما يستنبطه المجتهد منها .

أمّا من الجهة الأُولى : فقد عرفت أ نّه لا يمكن أن يجري التقليد في أصل مسألة التقليد وجوازه(1) . وكذا في شؤونه وشرائطه ; للزوم الدور أو التسلسل ، فلابدّ أن يرجع العامي إلى عقله ويتبع ما يقتضيه إدراكه من أصل التقليد وفروعه ، فإذا رجع إلى من يكون جامعاً للشرائط المعتبرة أو المحتملة عنده يكون اللازم حينئذ تطبيق العمل على فتواه ونظره ، ورعاية رأيه في الخصوصيّات المعتبرة في المرجعيّة للفتوى ، كما هو ظاهر .

وأمّا من الجهة الثانية : فنقول : قد اشترطوا في المقلَّد الذي يرجع إليه في التقليد

  • (1) في ص68 .

(الصفحة 92)

أُموراً متعدّدة :

الأوّل : البلوغ ، من الواضح الذي لا ينبغي الارتياب فيه أنّ أدلّة حجّيّة فتوى المجتهد وجواز تقليده لا دلالة فيها على اعتبار البلوغ أصلا ; فإنّ مقتضى الأدلّة اللفظيّة من الآيات والروايات ـ على تقدير تماميّة دلالتها على حجّية الفتوى كما عرفت المناقشة في بعضها(1) ـ هو كون الموضوع عنوان الفقيه ، وأهل الذكر ، والعارف والناظر في الحلال والحرام ، وأشباهها من العناوين التي لا ريب في صدقها على الصبي إذا اتّصف بالاجتهاد .

والسيرة العقلائيّة التي هي العمدة في باب التقليد وشؤونه لا فرق فيها بين البالغ وغيره ، فإنّ الملاك فيها هو رجوع الجاهل إلى العالم ، ولا فرق في هذا الملاك بينهما ، خصوصاً مع وجود ما هو أولى من المقام بمراتب في الشرع ; فإنّه كان من الأنبياء والأوصياء ـ صلوات الله عليهم ـ من بلغ مرتبة النبوّة والإمامة قبل أن يصير بالغاً . وعليه : فيرتفع الاستبعاد الذي ربما يمكن أن يتّكل عليه في المقام ، وإن كان في هذه المقايسة نظر ، كما هو غير خفيّ على أهل النظر .

وبالجملة : أدلّة جواز التقليد خالية عن اعتبار البلوغ ، كما أنّ ما ورد من أ نّه رفع القلم عن الصبيّ حتى يحتلم(2) لا دلالة له على اعتبار البلوغ في مثل المقام ; فإنّ رفع قلم المؤاخذة أو أصل التكليف لا يلازم خروجه عن صلاحيّة التقليد الذي هو عمل الغير ووظيفته . وأمّا ما ورد من أنّ عمد الصبي وخطأه واحد ، فإن كان مذيّلا بما في ذيل إحدى روايتيه من قوله : تحمله العاقلة ، أو يحمل على العاقلة(3) .

  • (1) في ص71 ـ 89 .
  • (2) الخصال : 93 ح40 و175 ح233 ، وعنه وسائل الشيعة : 1 / 45 ، أبواب مقدّمة العبادات ب4 ح11 .
  • (3) تهذيب الأحكام: 10/233 ح921، وعنه وسائل الشيعة: 29/400، كتاب الديات، أبواب العاقلة ب11 ح3.

(الصفحة 93)

فالظاهر عدم دلالته إلاّ على كون عمده في باب القتل والجناية خطأً ، وتكون الدية ثابتة على العاقلة محمولة عليها . وأمّا لو كان خالياً عن الذيل كما في إحدى الروايتين(1) فلا يبعد أن يقال بدلالته على المقام ونحوه ; فإنّ مقتضى إطلاق كون عمده خطأً أنّ الأفعال والأقوال والاستنباطات التي تصدر من الصبيّ مع التوجّه والالتفات تكون كالتي تصدر من غيره بدون التوجّه والقصد والإرادة .

ومن الواضح أنّ الاستنباط الذي هو فعل من الأفعال إذا صدر من غير توجّه ونظر لا يكون معتبراً بوجه ، ولا يجوز للعامّي أن يستند إليه أصلا . كما أ نّه على تقدير اشتمال الرواية على الذيل يمكن أن يقال بأنّ الذيل بيان لمصداق من الكبرى الكلّيّة ، والقاعدة العامّة التي اُفيدت في الصدر ، لا أ نّه قرينة على اختصاصه بخصوص باب القتل والجناية ، والتحقيق موكول إلى محلّه .

وكيف كان ، فالدليل على اعتبار البلوغ الإجماع الذي ادّعي في خصوص المقام(2) ، والإجماع بل الضرورة التي ادّعاها صاحب الجواهر(قدس سره) على أنّ الصبي مسلوب العبارة(3) ، فإذا كانت عبارته مسلوبة فاستنباطه ونظره بطريق أولى ، مضافاً إلى ذكر «الرجل» في حسنة أبي خديجة(4) ـ بناءً على دلالتها على حجّيّة الفتوى ، وكون المراد بـ«الرجل» ما يقابل الصبيّ أيضاً ـ وإلى أنّ اعتبار العدالة كما سيجيء يلازم اعتبار البلوغ أيضاً .

ثمّ إنّه لا يخفى أنّ محلّ الكلام هو اعتبار البلوغ في زمان العمل بفتواه وأخذها منه

  • (1) تهذيب الأحكام: 10/233 ح920، وعنه وسائل الشيعة: 29/400، كتاب الديات، أبواب العاقلة ب11 ح2.
  • (2) الروضة البهيّة: 3/62، مسالك الأفهام: 13/326 ـ 327، مفتاح الكرامة: 10/9، مستند الشيعة: 17/33، رياض المسائل: 9/336
  • (3) جواهر الكلام : 29 / 143 .
  • (4) تأتي في ص111.

(الصفحة 94)

لا في زمن تحقّق الاستنباط ، فإذا تصدّى المجتهد للاستنباط قبل البلوغ فأراد المقلّد الرجوع إليه بعده فلا مانع منه أصلا ، بل هو خارج عن محلّ النزاع ، كما أنّه إذا رجع إليه المقلّد في حال بلوغه فمات المجتهد فله أن يبقى على تقليده ، وإن كان استنباطه قبل البلوغ ولم يعمل بفتاويه بعد البلوغ أصلا ; لما سيمرّ عليك من عدم مدخليّة العمل في جواز البقاء .

الثاني : العقل ، واعتباره في المرجع ظاهر عند العقلاء والمتشرّعة ، وقد ادّعي أ نّه ممّا أجمع عليه الخلف والسلف(1) ، وادّعى الاتّفاق شيخنا الأعظم الأنصاري(قدس سره) على ما حكي عن ظاهر عبارته(2) ، وأدلّة التقليد وحجّيّة فتوى المجتهد ظاهرة في اعتباره ; فإنّه وإن لم يقع التعرّض لاعتبار العقل فيها بوجه ، إلاّ أنّ نفس العناوين المأخوذة فيها لا ينطبق إلاّ على العاقل ; فإنّ المجنون لا ميزان لفهمه واستنباطه ، كما أ نّه لا ملاك لأعماله وأقواله ، وكذلك السيرة العقلائيّة الجارية على رجوع الجاهل إلى العالم ; فإنّه لا خفاء في اختصاصها بالعالم العاقل .

نعم ، المجنون الأدواري في حال الإفاقة لا مانع عند العقلاء من الرجوع إليه ، كما قد حكي القول به عن بعض متأخّري المتأخّرين ; كصاحبي المفاتيح(3)

  • (1) قال في مستمسك العروة الوثقى: 1/42، فقد قيل: إنّه ممّا أجمع عليه الخلف والسلف، وفي الروضة البهية: 3/62، إجماعاً، وفي مسالك الأفهام: 13/326 ـ 327، عندنا موضع وفاق، وفي كشف اللثام: 1/17، اتّفاقاً، وفي مفاتيح الشرائع: 3/246، بلا خلاف في شيء من ذلك عندنا، وفي رياض المسائل: 9/236، بلاخلاف في شيء من ذلك أجده بيننا، بل عليه الإجماع في عبائر جماعة، كالمسالك وغيره.
  • (2) راجع رسالة في الاجتهاد والتقليد للشيخ الأنصاري: 57، والحاكي هو صاحب التنقيح في شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 217.
  • (3) مفاتيح الاُصول: 611.