جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه466)

مشتركان في الإنسانيّة، وهي تمام ذاتهما وممتازان بالعوارض المشخّصة.

وقد اختلف أهل المعقول في وجود قسم رابع وعدمه ههنا، والمحققون منهمقائلون بتحقّقه وهو أن يشتركا في تمام الذات والحقيقة، إلاّ أنّ الحقيقة تكونكاملة وشديدة في إحداهما وناقصة وضعيفة في الاُخرى، فيكون ما به الامتيازعين ما به الاشتراك مثل وجود الواجب والممكن، فإنّهما مشتركان في أصلالوجود وممتازان أيضاً بأصل الوجود، إلاّ أنّه في الأوّل كامل وفي الثانيناقص؛ إذ الأوّل لا يفتقر إلى علّة موجدة بخلاف الثاني، ولا يتوهّم أنّ وجودالواجب مركّب من الوجود والكمال، ووجود الممكن مركّب من الوجودوالنقص؛ إذ لا دخل في ذاتهما غير واقعيّة الوجود، ولكن في عين اشتراكهما فيهذه الواقعيّة تكون إحداهما كاملة والاُخرى ناقصة، فما به الاشتراك عين مبه الامتياز، وما به الامتياز عين ما به الاشتراك.

وإذا تمهّدت هذه المقدّمة فنقول: قد يتخيّل أنّ الامتياز بين الوجوبوالندب بجزء ذاتهما، بأن يكونا مشتركين في الجنس وهو الطلب، ويمتاز كلّمنهما بفصل مختصّ به، وما يمكن أن يعدّ لهما فصلاً اُمور:

الأوّل: أن يكون الفصل للوجوب المنع من الترك، وللاستحباب الإذن فيالترك.

وفيه: أوّلاً: أنّ معنى كلمة «المنع» ليس إلاّ التحريك نحو الترك ـ أعني طلبالترك ـ فإذا اُضيف هذا إلى لفظ الترك صار حاصل معناه طلب ترك الترك،وهو عبارة اُخرى عن طلب الفعل المعدّ جنساً، كما قال به المرحومالبروجردي قدس‏سره (1).


  • (1) نهاية الاُصول 1: 100.
(صفحه 467)

وثانياً: لو كان لمنع الترك دخل في ماهيّة الوجوب بعنوان الفصل فلا محالةيلتفت الإنسان إلى الترك حين الالتفات إلى الوجوب؛ إذ لا معنى للالتفات إلىالمنع من الترك بدونه، مع أنّ الآمر والمأمور لا يلتفتان إلى الترك أصلاً، فضلعن المنع من الترك، فيستكشف من هذا أنّه لا دخل له في معنى الوجوب.

الثاني: أنّ الوجوب هو الطلب الموجب لاستحقاق العقوبة عند مخالفته،والاستحباب هو الطلب الغير الموجب له.

وفيه: أنّ الوجوب بعد تحصّله وصيرورته وجوباً يصير موجباً لاستحقاقالعقوبة، فإيجاب الاستحقاق من لوازمه وآثاره لا من مقوّماته، ولا يعقل أنيكون أثر الشيء جزءً للشيء.

على أنّ الحاكم باستحقاق العقوبة هو العقل لا الشرع، ولو كان هذا جزءًمقوّماً له فلابدّ من اعتباره من ناحية الشرع، كما لا يخفى.

الثالث: أنّ الوجوب هو الطلب المسبوق بالإرادة الشديدة، والاستحبابهو الطلب المسبوق بالإرادة الضعيفة.

وفيه: أنّ الإرادة من العلل الباعثة على الطلب، والمعلول بتمام ذاته متأخّرعن العلّة، ولا يمكن أن يكون صدور المعلول عن العلّة من مقوّماته وأجزائه،فالدليل لا ينطبق على المدّعى؛ إذ المدّعى عبارة عن الاختلاف الذاتي بينهما،والدليل يثبت الاختلاف في العلّة.

ولا ينافي هذا ما ذكره أهل المعقول ـ من أنّ الحرارة قد توجد بالنار وقدتوجد بالشمس مثلاً، ولكن كانت للحرارة المتحقّقة بواسطة النار خصوصيّةمرتبطة بالنار، وللحرارة المتحقّقة بواسطة الشمس خصوصيّة مرتبطة بها، ففيالواقع يتحقّق النوعان من الحرارة ـ فإنّه صحيح، ولكن ليس معناه الاختلاف

(صفحه468)

في ذات الحرارتين، بل المغايرة ترجع إلى الخصوصيّات المشخّصة.

الرابع: أنّ الوجوب هو الطلب المسبوق بالمصلحة الملزمة، والاستحبابهو الطلب المسبوق بالمصلحة الراجحة الغير الملزمة.

وفيه: أنّ المصالح والمفاسد متقدّمة رتبة على الإرادة، لكونها من عللها،فيكون الطلب متأخّراً عن المصالح والمفاسد بمرتبتين، فلا يصحّ عدّها منمقوّمات الوجوب والاستحباب الذين هما قسمان من الطلب.

الخامس: ما يستفاد من كلام صاحب الكفاية قدس‏سره (1) في ذيل مسألةاستصحاب الكلّي من القسم الثالث، من أنّه قد لاحظنا الوجوب والاستحباببالنظر العرفي، وقد لاحظناهما بالنظر العقلي، فإذا لاحظناهما بالنظر العرفيفتكون المغايرة بينهما ببعض الذات، وإذا لاحظناهما بالنظر العقلي فتكونالمغايرة بينهما بالنقص والكمال والشدّة والضعف، فالعقل يحكم بأنّ الوجوبعبارة عن الطلب الكامل، والاستحباب عبارة عن الطلب الناقص.

ولكنّ المرحوم البروجردي قدس‏سره (2) بعد ذكر هذا الكلام بصورة التوهّم أشكلعليه بأنّ الأمر الإنشائي ليس قابلاً للشدّة والضعف بنفسه؛ لأنّه أمر اعتباريصرف، وليس الاُمور الاعتباريّة بقابلة للتشكيك بذواتها، فهذا النوع منالتمايز ينحصر في الاُمور التكوينيّة والواقعيّة، مثل الوجود ونحوه.

ولابدّ لنا من توضيح أمرين:

أحدهما: أنّ الاُمور الاعتباريّة لِمَ لا تكون قابلةً للتشكيك؟ والدليل عليهأنّ الأمر الاعتباري يدور مدار اعتبار المعتبر، فهو إمّا يتحقّق باعتبار من


  • (1) كفاية الاُصول 2: 314.
  • (2) نهاية الاُصول 1: 100 ـ 101.
(صفحه 469)

الشارع والعقلاء وإمّا لا يتحقّق، ولا يتصوّر فيه النقص والكمال.

وثانيهما: أنّ الوجوب والاستحباب هل يكونان من الاُمور الاعتباريّة أملا؟ ولا يخفى أن الطلب على قسمين: الطلب الحقيقي والإنشائي، وأمّا الطلبالحقيقي فإن قلنا بعدم الفرق بينه وبين الإرادة ـ كما قال به صاحب الكفاية قدس‏سره فهو من الأوصاف الحقيقيّة القائمة بالنفس كالعلم، لكنّه كان من أوصاف ذاتإضافة إلى الطالب والمطلوب، فهذا القسم من الطلب يكون من الاُمورالواقعيّة، إلاّ أنّ هذا ليس معنى الأمر، بل معناه عبارة عن الطلب الإنشائي،فإنّ الإنسان يوجد مفهوم الطلب بواسطة اللفظ في عالم الاعتبار كإنشاء البيعـ مثلاً ـ بواسطة اللفظ في عالم الاعتبار، فحينئذٍ كان الوجوب والاستحبابقسمين من الطلب الإنشائي.

والحاصل: أنّ الوجوب والاستحباب أمران اعتباريّان؛ لأنّهما قسمان منالطلب الإنشائي، فلا يكون التمايز بين الأمرين الاعتباريّين بالشدّة والضعفوالنقص والكمال.

وجوابه ـ بعد قبول أنّ الوجوب والاستحباب أمران اعتباريّان ـ : أنّ عدمقابليّة الاُمور الاعتباريّة للتشكيك ادّعاءٌ ليس له وجه صحيح وبرهان تامّ،فإنّا نرى بالوجدان بعد الدقّة في الاُمور الاعتباريّة أنّ التشكيك فيها متحقّق؛إذ البيع ـ مثلاً ـ قد يقع بين الطرفين الأصيلين فيعتبره الشارع والعقلاء، وقديقع فضولة فيعتبره الشارع والعقلاء أيضاً على القول بصحّته، فكلا البيعينأمران اعتباريّان، والتمايز بينهما بالشدّة والضعف، والنقص والكمال؛ لأنّ الأوّلبيع كامل لا يحتاج إلى الإجازة اللاحقة، وأمّا الثاني فبيع ناقص يحتاج إلىالإجازة اللاحقة من المالك، فإن ردّه يبطل من أصله، فلا شكّ في أنّ الأمر

(صفحه470)

الاعتباري يدور مدار الوجود والعدم، ولكنّ البحث في المقام لا يكون بينوجود الاعتبار وعدمه، بل البحث فيما يحقّق الاعتبارين كاعتبار بيع الفضوليوالأصيل، فإنّا نرى بعد المقايسة بينهما أنّ البيع الأصيل بيع كامل غير متوقّفعلى شيء، وأمّا البيع الفضولي فمع كونه صحيحاً ناقصٌ متوقّف على إجازةالمالك.

وقال المرحوم البروجردي قدس‏سره (1) في مقام الفرق بين الوجوب والاستحباببما ملخّصه: إنّ الامتياز بينهما باعتبار وجود المقارنات وعدمها؛ إذ الأمرالإنشائي قد يقترن بالمقارنات الشديدة ـ مثل ضرب الرجلين على الأرضوتحريك الرأس واليد حين الطلب ـ فينتزع منه الوجوب، وقد يقترنبالمقارنات الضعيفة ـ مثل أن يقول حين الطلب: وإن لم تفعل فلا جناحعليك ـ فينتزع منه الندب، وقد لا يقترن بشيء منها أصلاً فهو مختلف فيه، فمتنتزع منه حيثيّة الوجوب أو الندب هو نفس الأمر الإنشائي بلحاظمقارناته، ولا دخالة لذلك في نفس حقيقة الوجوب والندب، فيكون التشكيكفيهما بحسب المقارنات لا بحسب الذات، فليس للطلب بنفسه وبحسب الواقعمع قطع النظر عن المقارنات قسمان، بل هو أمر واحد تختلف أفراده باعتبار ميقترن به، فإنّ ما تنتزع منه حيثيّة الوجوب هو نفس الطلب الإنشائي المقترنبالمقارنات الشديدة أو الأعمّ منه ومن المجرّد، لا أنّ الوجوب شيء واقعييستعمل فيه الطلب الإنشائي ويكون المقارن قرينة عليه، وهكذا ما ينتزع منهالاستحباب.

وفيه أوّلاً: أنّه خلط بين مقام الثبوت والإثبات؛ لأنّ البحث عن التمايز


  • (1) نهاية الاُصول 1: 101 ـ 102.