جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصلاة
صفحات بعد
صفحات قبل
( صفحه 236 )

لا وجه له; لأنّه لا يبقى بعد ملاحظة الآية ترديد ولو في مورد العامد ليحكم بثبوت الاحتياط، ولا يجوز قطع النظر عن الآية.

نعم، لو لم يكن في مقابل أخبار الفجر إلاّ أخبار الانتصاف لأمكن دعوى ذلك، ولكنّه مع ثبوت الآية ووضوح دلالتها لا يبقى لها مجال، فتأمّل.

وقت فريضة الصبح

المقام الثالث: في وقت فريضة الصبح، ويقع الكلام فيه من جهتين أيضاً:

الجهة الاُولى: في وقتها من حيث الابتداء، والظاهر اتّفاق علماء المسلمين من العامّة والخاصّة على أنّ أوّل وقتها هو طلوع الفجر الصادق(1)، وما حكى من اعتبار عوامهم بالفجر الكاذب واعتنائهم عليه، فهو على تقدير صحّة الحكاية مخالف لفتاويهم. نعم، حكي عن الأعمش أنّ أوّل وقت الصوم هو طلوع الشمس(2)، وهو مع أنّه لا يرتبط بصلاة الفجر مردود بالإجماع على خلافه.

ويدلّ على دخول وقت فريضة الصبح بطلوع الفجر قوله ـ تعالى ـ : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ اْلأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ اْلأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(3)، وذكر في مجمع البيان في شأن نزول الآية، أنّه روى علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان الأكل محرّماً في شهر رمضان بالليل بعد النوم، وكان النكاح حراماً بالليل والنهار في شهر


  • (1) المغني لابن قدامة 1: 395، الشرح الكبير 1: 442، بداية المجتهد 1: 99، المجموع 3: 46، الخلاف 1: 267 مسألة 10، المعتبر 2: 44، تذكرة الفقهاء 2: 316 مسألة 35، منتهى المطلب 4: 88 ، مدارك الأحكام 3: 61، مفتاح الكرامة 5: 101، جواهر الكلام 7: 163 ـ 164.
  • (2) المجموع 3: 46 ـ 47، الخلاف 1: 266 مسألة 9.
  • (3) سورة البقرة 2: 187.

( صفحه 237 )

رمضان، وكان رجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقال له: مطعم بن جبير(1)أخو عبد الله بن جبير، الذي كان رسول الله وكّله بفم الشعب يوم اُحد في خمسين من الرماة، وفارقه أصحابه وبقي في اثني عشر رجلاً، فقتل على باب الشِعب.

وكان أخوه هذا مطعم بن جبير شيخاً ضعيفاً، وكان صائماً، فأبطأت عليه أهله بالطعام، فنام قبل أن يفطر، فلمّا انتبه قال لأهله: قد حرم عليّ الأكل في هذه الليلة، فلمّا أصبح حضر حفر الخندق فاُغمي عليه، فرآه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرقَّ له، وكان قوم من الشباب ينكحون بالليل سرّاً في شهر رمضان، فأنزل الله هذه الآية، فأحلّ النكاح بالليل في شهر رمضان، والأكل بعد النوم إلى طلوع الفجر(2).

وحكى فيه أيضاً في تفسير الخيطين أنّه روي أنّ عديّ بن حاتم قال للنبيّ (صلى الله عليه وآله) : إنّي وضعت خيطين من شعر أبيض وأسود، فكنت أنظر فيهما فلا يتبيّن لي، فضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتّى رؤيت نواجذه ثمّ قال: ياابن حاتم إنّما ذلك بياض النهار وسواد الليل(3).

ويحتمل أن يكون المراد بالخيط الأبيض هو النهار، وبالخيط الأسود الليل; أي يتبيّن لكم النهار من الليل، ولكن هذا الاحتمال بعيد; لأنّ تشبيه


  • (1) في تفسير القمّي والبحار عنه خوّات بن جبير، وهو الصحيح، ولم نجد لمطعم بن جبير ذكر في كتب الرجال.
  • (2) مجمع البيان 2: 21، تفسير القمّي 1: 66 ـ 67، وعنه تفسير الصافي 1: 206، والبرهان في تفسير القرآن 1: 399 ح888 ، وبحار الأنوار 20: 241 ح5، وج96: 286 ح1، وتفسير نور الثقلين 1: 172 ح598.
  • (3) مجمع البيان 2: 23، وحكاه أيضاً القرطبي في الجامع لأحكام القرآن 2: 320.

( صفحه 238 )

النهار بالخيط الأبيض ـ مع أنّ الخصوصيّة الممتازة في الخيط هو دقّته ـ ممّا لا وجه له، كما أنّ تشبيه الليل بالخيط الأسود أيضاً كذلك.

فالظاهر أنّ المراد بالخيط الأبيض هو البياض الدقيق الحاصل في أوّل الفجر، وهو شبيه بالخيط من حيث الدقّة، والتعبير عن ظلمة الليل المحيطة في ذلك الوقت لجميع الاُفق إنّما هو للمشاكلة التي هي أحد المحسّنات البديعيّة المذكورة في محلّها.

وأمّا لفظة «من» في قوله ـ تعالى ـ : (مِنَ الْفَجْرِ) يحتمل أن تكون للتبعيض; نظراً إلى أنّ الخيط الأبيض بعض الفجر وأوّل شروعه وتحقّقه، ويحتمل أن تكون نشويّة، ومرجعه إلى أنّ التبيّن الكذائي إنّما ينشأ من الفجر وتحقّقه، ويحتمل أن تكون للتبيين. وعليه: يمكن أن يكون بياناً لنفس الخيط الأبيض. وعليه: فالمعنى حتّى يتبيّن لكم الخيط الأبيض الذي هو الفجر، ويمكن أن يكون بياناً لنفس التبيّن.

وعليه: فالمعنى أنّ تبيّن الخيطين إنّما هو الفجر، والغاية لجواز الأكل والشرب إنّما هو الفجر الذي يكون عبارة اُخرى عن تبيّن الخيطين وامتيازهما، بخلاف الاحتمال السابق الذي تكون الغاية بناءً عليه هو تبيّن الفجر الذي هو عبارة عن الخيط الأبيض.

ويظهر الاحتمال الأخير من الماتن ـ دام ظلّه ـ في رسالة(1) صنّفها في تعيين الفجر بنحو الاختصار، ولكنّه خلاف الظاهر; لأنّه ـ مضافاً إلى أنّه لم يظهر جواز كون لفظة «من» بياناً للجملة ـ خلاف ما هو المتفاهم عند العرف


  • (1) رسالة في تعيين الفجر في الليالي المقمرة: 8 ـ 13.

( صفحه 239 )

من ظاهر الآية الشريفة، كما لا يخفى، ويترتّب عليه ثمرة مهمّة تأتي إن شاء الله تعالى.

ثمّ إنّه لا يظهر من نفس هذا التعبير أنّ المراد بالفجر هو الفجر الصادق، الذي له ثلاث مزيّات بالإضافة إلى الفجر الكاذب، وهو اتّصاله بالاُفق، وكونه اُفقيّاً وانتشاره قليلاً قليلاً، واشتداد ضوؤه تدريجاً، بخلاف الفجر الكاذب الذي يكون منفصلاً عن الاُفق، ويكون عموديّاً عليه، ويكون عند حدوثه أشدّ ضوء; لزواله تدريجاً.

بل يمكن استفادة الفجر الصادق بضميمة صدر الآية، الدالّة على حلّية الرفث ليلة الصيام، وذيلها الظاهرة في وجوب إتمام الصيام إلى الليل; فإنّ المستفاد منهما أنّ ظرف وجوب الصيام إنّما هو مجموع النهار. ومن الواضح: أنّه لم يقل أحد بدخوله بالفجر الكاذب، بل هو كما عرفت مردّد بين تحقّقه بدخول الفجر الصادق، وبين توقّفه على طلوع الشمس، وقد استظهرنا(1)الاحتمال الأوّل وفاقاً للمشهور.

وعليه: فالمستفاد من مجوع الآية هو الفجر الصادق، مضافاً إلى تفسيره به في بعض الروايات الآتية.

ثمّ إنّه هل المعتبر في اعتراض الفجر وتبيّنه، هو الاعتراض والتبيّن الفعلي، أو الأعمّ منه ومن التقديري، نظير الاحتمالين في باب تغيّر الماء في بحث المياه؟ ربما يقال بالأوّل، كما عن المحقّق الهمداني (قدس سره) (2); نظراً إلى أنّ الظاهر من التبيّن


  • (1) في ص236، ولكن لم نعثر على من ادّعى الشهرة عاجلاً.
  • (2) مصباح الفقيه 9: 134.

( صفحه 240 )

والتميّز هو التميّز الفعلي الحقيقي.

كما هو الشأن في جميع العناوين المأخوذة في العقود والقضايا المشتملة على بيان الأحكام وترتّبها عليها، وقد اختاره الماتن ـ دام ظلّه ـ في رسالته المذكورة; نظراً إلى أنّ ظاهر الآية الشريفة هو: أنّ تبيّن الخيطين وامتيازهما هو الفجر واقعاً، لا أنّ الفجر شيء، والتبيّن شيء آخر.

نعم، يكون العلم أمارة لهذا التبيّن والامتياز النفس الأمري، فإذا كان نور القمر قاهراً لا يظهر البياض، فلا يتميّز الخيطان حتّى يظهر ضياء الشمس ويقهر على نور القمر، وهذا بخلاف ما إذا كان هناك غيم في السماء; فإنّ الفرق بين ضوء القمر الذي هو مانع عن تحقّق البياض رأساً، مع الغيم الذي هو كحجاب عارضيّ مانع عن الرؤية واضح.

وعليه: فيكون الفجر في الليال المقمرة من الليلة الثالثة عشر إلى أواخر الشهر متأخّراً عن غيرها قريب عشر دقائق، أو أقلّ، أو أكثر حسب اختلاف ضياء القمر وقربه من الاُفق الشرقي.

أقول: الظاهر أنّ المستفاد من الآية الشريفة أنّ التبيّن أمر، والفجر أمر آخر; لما عرفت من ظهورها في كون كلمة «من» للتبيين، وأنّه بيان لا للتبيّن، بل لنفس الخيط الأبيض. وعليه: فمفادها أنّ الفجر الذي قد يكون متبيّناً، وقد لا يكون كذلك ـ لأنّه عبارة عن البياض المعترض ـ تكون غاية جواز الأكل والشرب هي تبيّنه.

والظاهر حينئذ أنّ التبيّن المأخوذ لا يكون إلاّ طريقاً; لعدم كونه عبارة اُخرى عن حقيقة الفجر; فإنّ مثل التبيّن والعلم من العناوين المأخوذة يغاير