جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصلاة
صفحات بعد
صفحات قبل
( صفحه 239 )

من ظاهر الآية الشريفة، كما لا يخفى، ويترتّب عليه ثمرة مهمّة تأتي إن شاء الله تعالى.

ثمّ إنّه لا يظهر من نفس هذا التعبير أنّ المراد بالفجر هو الفجر الصادق، الذي له ثلاث مزيّات بالإضافة إلى الفجر الكاذب، وهو اتّصاله بالاُفق، وكونه اُفقيّاً وانتشاره قليلاً قليلاً، واشتداد ضوؤه تدريجاً، بخلاف الفجر الكاذب الذي يكون منفصلاً عن الاُفق، ويكون عموديّاً عليه، ويكون عند حدوثه أشدّ ضوء; لزواله تدريجاً.

بل يمكن استفادة الفجر الصادق بضميمة صدر الآية، الدالّة على حلّية الرفث ليلة الصيام، وذيلها الظاهرة في وجوب إتمام الصيام إلى الليل; فإنّ المستفاد منهما أنّ ظرف وجوب الصيام إنّما هو مجموع النهار. ومن الواضح: أنّه لم يقل أحد بدخوله بالفجر الكاذب، بل هو كما عرفت مردّد بين تحقّقه بدخول الفجر الصادق، وبين توقّفه على طلوع الشمس، وقد استظهرنا(1)الاحتمال الأوّل وفاقاً للمشهور.

وعليه: فالمستفاد من مجوع الآية هو الفجر الصادق، مضافاً إلى تفسيره به في بعض الروايات الآتية.

ثمّ إنّه هل المعتبر في اعتراض الفجر وتبيّنه، هو الاعتراض والتبيّن الفعلي، أو الأعمّ منه ومن التقديري، نظير الاحتمالين في باب تغيّر الماء في بحث المياه؟ ربما يقال بالأوّل، كما عن المحقّق الهمداني (قدس سره) (2); نظراً إلى أنّ الظاهر من التبيّن


  • (1) في ص236، ولكن لم نعثر على من ادّعى الشهرة عاجلاً.
  • (2) مصباح الفقيه 9: 134.

( صفحه 240 )

والتميّز هو التميّز الفعلي الحقيقي.

كما هو الشأن في جميع العناوين المأخوذة في العقود والقضايا المشتملة على بيان الأحكام وترتّبها عليها، وقد اختاره الماتن ـ دام ظلّه ـ في رسالته المذكورة; نظراً إلى أنّ ظاهر الآية الشريفة هو: أنّ تبيّن الخيطين وامتيازهما هو الفجر واقعاً، لا أنّ الفجر شيء، والتبيّن شيء آخر.

نعم، يكون العلم أمارة لهذا التبيّن والامتياز النفس الأمري، فإذا كان نور القمر قاهراً لا يظهر البياض، فلا يتميّز الخيطان حتّى يظهر ضياء الشمس ويقهر على نور القمر، وهذا بخلاف ما إذا كان هناك غيم في السماء; فإنّ الفرق بين ضوء القمر الذي هو مانع عن تحقّق البياض رأساً، مع الغيم الذي هو كحجاب عارضيّ مانع عن الرؤية واضح.

وعليه: فيكون الفجر في الليال المقمرة من الليلة الثالثة عشر إلى أواخر الشهر متأخّراً عن غيرها قريب عشر دقائق، أو أقلّ، أو أكثر حسب اختلاف ضياء القمر وقربه من الاُفق الشرقي.

أقول: الظاهر أنّ المستفاد من الآية الشريفة أنّ التبيّن أمر، والفجر أمر آخر; لما عرفت من ظهورها في كون كلمة «من» للتبيين، وأنّه بيان لا للتبيّن، بل لنفس الخيط الأبيض. وعليه: فمفادها أنّ الفجر الذي قد يكون متبيّناً، وقد لا يكون كذلك ـ لأنّه عبارة عن البياض المعترض ـ تكون غاية جواز الأكل والشرب هي تبيّنه.

والظاهر حينئذ أنّ التبيّن المأخوذ لا يكون إلاّ طريقاً; لعدم كونه عبارة اُخرى عن حقيقة الفجر; فإنّ مثل التبيّن والعلم من العناوين المأخوذة يغاير

( صفحه 241 )

سائر العناوين الظاهرة في الموضوعيّة، كعنوان التغيّر المذكور; لأنّ ظاهر التغيّر المأخوذ في دليل النجاسة وصفاً للماء، هو التغيّر الفعليّ الحسّي المدرك بأحد الحواسّ، فوجود المانع عن التغيّر يوجب عدم تحقّق الوصف، فلا يثبت الحكم.

وأمّا عنوان التبيّن، فهو كالعلم المأخوذ في قوله (عليه السلام) : «كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر، فإذا علمت فقد قذر(1)، لا يكون إلاّ طريقاً لثبوت القذارة، ويمكن قيام مثل البيّنة والاستصحاب وأخبار ذي اليد مقامه.

وعليه: فظاهر الآية الشريفة هو مدخليّة الفجر في ارتفاع جوز الأكل والشرب، والتبيّن طريق إلى ثبوته، فإذا تحقّق الخيط الأبيض ـ الذي هو الفجر بمقتضى الموازين العلميّة ولو لم يتحقّق التبيّن لأجل مقهوريّته لضوء القمر ونوره ـ تتحقّق الغاية، ولا يكون حينئذ فرق بين الليالي المقمرة، والليالي المغيّمة وسائر الليالي أصلاً.

ويؤيّد ما ذكرنا بعض الروايات:

كرواية علي بن مهزيار قال: كتب أبو الحسن بن الحصين إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) معي: جعلت فداك قد اختلف موالوك (مواليك خ ل) في صلاة الفجر، فمنهم: من يصلّي إذا طلع الفجر الأوّل المستطيل في السماء، ومنهم: من يصلّي إذا اعترض في أسفل الاُفق واستبان، ولست أعرف أفضل الوقتين فاُصلّي فيه، فإن رأيت أن تعلّمني أفضل الوقتين وتحدّه لي، وكيف أصنع مع


  • (1) تهذيب الأحكام 1: 284 ح832 ، وعنه وسائل الشيعة 3: 466، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات ب37 ح4.

( صفحه 242 )

القمر والفجر لا يتبيّن (تبيين خ ل) معه حتى يحمرّ ويصبح؟ وكيف أصنع مع الغيم، وما حدّ ذلك في السفر والحضر؟ فعلت إن شاء الله.

فكتب (عليه السلام) بخطّه وقرأته: الفجر يرحمك الله هو الخيط الأبيض المعترض، وليس هو الأبيض صعداً، فلا تصلّ في سفر ولا حضر حتى تبيّنه; فإنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ لم يجعل خلقه في شبهة من هذا، فقال: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ اْلأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ اْلأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(1)، فالخيط الأبيض هو المعترض الذي يحرم به الأكل والشرب في الصوم، وكذلك هو الذي يوجب به الصلاة(2).

ودلالتها على كون الفجر غير التبيّن، وأنّه هو نفس الخيط الأبيض المعترض واضحة، كما أنّ دلالة ذيلها على أنّ الموضوع لحرمة الأكل والشرب ووجوب الصلاة، هو نفس الخيط الأبيض الذي هو الفجر أيضاً كذلك.

وعليه: فالتبيّن لا يكون إلاّ مأخوذاً بنحو الطريقيّة، مع أنّ اشتمال السؤال على أنّه كيف يصنع مع القمر؟ وكيف يصنع مع الغيم؟ والاقتصار في الجواب على بيان معنى الفجر، وأنّه هو الخيط الأبيض المعترض، ربما يدلّ على تساويهما في الحكم.

ودعوى وضوح الفرق بينهما، كما عرفتها في كلام الماتن ـ دام ظلّه ـ لا تتمّ


  • (1) سورة البقرة 2: 187.
  • (2) الكافي 3: 282 ح1، تهذيب الأحكام 2: 36 ح115، الاستبصار 1: 274 ح994، وعنها وسائل الشيعة 4: 210، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب27 ح4.

( صفحه 243 )

أصلاً، وكيف يمكن ادّعاء أنّ السائل قد فهم من الجواب الفرق بين المسألتين؟

فالإنصاف أنّ الرواية ظاهرة في التساوي وعدم الفرق، وأنّه في كليهما إذا تحقّق الفجر الواقعي ـ وهو الخيط الأبيض المعترض ـ يرتفع جواز الأكل والشرب، ويجوز الدخول في الصلاة.

وقد ظهر بما ذكرنا أنّ الفجر بمقتضى الآية هو نفس الخيط الأبيض، ولا يكون عبارة عن التبيّن، كما أنّه لا يكون عبارة عن وصول شعاع الشمس إلى حدّ من الاُفق تكون الفاصلة بينها وبين الطلوع هو مقدار ما بين الطلوعين، والظاهر أنّه أيضاً بالمعنى اللغوي عبارة عمّا ذكرنا، فتدبّر.

كما أنّه ظهر ممّا ذكرنا أنّه لا فرق بين الليالي من هذه الجهة أصلاً، ولا يكون الفجر في الليالي المقمرة متأخّراً عن غيرها.

ثمّ إنّك عرفت أنّ دلالة الآية الشريفة ظاهرة، ولا حاجة إلى التمسّك بالروايات، ولكنّه لا بأس بإيراد طائفة منها، فنقول:

منها: رواية أبي بصير ليث المرادي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) فقلت: متى يحرم الطعام والشراب على الصائم، وتحلّ الصلاة صلاة الفجر؟ فقال: إذا اعترض الفجر فكان كالقبطيّة البيضاء، فثمّ يحرم الطعام على الصائم، وتحلّ الصلاة صلاة الفجر. قلت: أفلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس؟ قال: هيهات أين يذهب بك، تلك صلاة الصبيان(1).

قال في الوافي: القُبطيّة ـ بضمّ القاف، وإسكان الموحّدة، وتشديد الياء ـ


  • (1) الفقيه 2: 81 ح361، تهذيب الأحكام 4: 185 ح514، الكافي 4: 99 ح5، وعنها وسائل الشيعة 4: 209، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب27 ح1.