جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصلاة
صفحات بعد
صفحات قبل
( صفحه 396 )

وأمّا بالإضافة إلى الركوع والسجود، فقد حكي عن الشيخ (قدس سره) الإجماع على عدم اعتبار الاستقبال فيهما(1)، ولكن رواية معاوية بن عمّار المتقدّمة ظاهرة في وجوب تحويل الوجه إلى القبلة في حالات التكبير والركوع والسجود، ومقتضى المطلقات خلافه.

كما أنّ رواية عبد الرحمن بن أبي نجران المتقدّمة ـ الظاهرة في اعتبار الاستقبال في التكبير ـ تدلّ على عدم اعتباره فيهما، باعتبار قوله (عليه السلام) : «وصلِّ حيث ذهب بك بعيرك».

ويدلّ عليه أيضاً صحيحة يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يصلّي على راحلته؟ قال: يومىء إيماءً يجعل السجود أخفض من الركوع، قلت: يصلّي وهو يمشي؟ قال: نعم، يومىء إيماءً، وليجعل السجود أخفض من الركوع(2).

فإنّ السؤال وإن لم يكن في نفسه ظاهراً في كون النظر إلى الاستقبال أيضاً، إلاّ أنّ التعرّض في الجواب لكيفيّة الركوع والسجود أيضاً دليل على كون الرواية بصدد بيان جميع الخصوصيّات التي تشتمل عليها الصلاة على الراحلة، فعدم التعرّض للاستقبال فيهما دليل على عدم اعتباره في شيء من أجزاء الصلاة، كما لا يخفى، وعلى ما ذكرنا فرواية معاوية بن عمّار محمولة على الاستحباب كما هو ظاهر.


  • (1) الخلاف 1: 298 مسألة 43.
  • (2) الكافي 3: 440 ح7، وعنه وسائل الشيعة 4: 332، كتاب الصلاة، أبواب القبلة ب15 ح15، وص335 ب16 ح4.

( صفحه 397 )

ثمّ إنّ الظاهر ـ وفاقاً لأكثر من تعرّض ـ أنّ المستفاد من الروايات المتقدّمة
الدالّة على عدم لزوم رعاية الاستقبال في النافلة مع عدم الاستقرار هو سقوط شرطيّة القبلة، وعدم قيام شيء مقامها.

وبعبارة اُخرى: مفاد الروايات هو السقوط وخروج هذا الشرط عن الشرطيّة رأساً، لا تبدّله إلى شرط آخر وقيام شيء آخر مقامه، كما ربما يحكى عن صريح الصيمري(1)، وظاهر العلاّمة في جملة من كتبه(2)، وصريح البيان(3)، حيث حكي عن الأوّلين أنّ قبلة الراكب طريقه ومقصده، وعن الأخير أنّ قبلته رأس دابّته، ولعلّ منشأ ذلك الجمود على ظاهر التعبيرات الواردة في الروايات; من قوله (عليه السلام) : حيث ما توجّهت به(4)، أو حيث ما كنت متوجّهاً(5)، أو صلِّ حيث ذهب بك بعيرك، مع أنّ المتفاهم منها عرفاً ليس إلاّ مجرّد عدم لزوم رعاية القبلة، ولا تكون الروايات بصدد إفادة لزوم أمر آخر مقام القبلة، وأنّه تجب رعاية الطرف الذي تكون الدابّة متوجّهة إليه، بحيث لو انحرف المصلّي عن ذلك الطرف يميناً أو شمالا لكانت صلاته فاقدة لما اعتبر فيها.

فالإنصاف أنّ ما حكي عنهم خلاف ما هو مفاد الروايات والمتفاهم منها عرفاً، فالانحراف لا يقدح بوجه، هذا كلّه في النافلة في حالة عدم الاستقرار.


  • (1) تلخيص الخلاف 1: 103 ـ 104 مسألة 43 ـ 46.
  • (2) تحرير الأحكام الشرعيّة 1: 190 و 191، الرقم 604 و 608، تذكرة الفقهاء 3: 19، مختلف الشيعة 2: 73، منتهى المطلب 4: 190، نهاية الإحكام في معرفة الأحكام 1: 404.
  • (3) البيان: 114.
  • (4 ، 5) تقدّما في ص390 و 391.

( صفحه 398 )

وأمّا النافلة في حال الاستقرار، فالمشهور هو اعتبار الاستقبال فيها(1)، بل في محكيّ مفتاح الكرامة: وبه صرّح في جميع كتب الأصحاب إلاّ ما قلّ(2)، ويدلّ عليه اُمور:

الأوّل: ارتكاز المتشرّعة، وكون الصلاة مستقرّاً إلى غير القبلة من المنكرات عندهم; من دون فرق بين الفريضة والنافلة، ولا يسمعون اعتذار الآتي بها بكونها نافلة، ولكن لابدّ من ملاحظة أنّ هذا الارتكاز هل نشأ من فتوى مراجعهم بذلك بحيث كان متفرّعاً عليها، أو أنّ له منشأً أصيلا لا يرتبط بالفتوى، بل الفتوى مرتبطة إليه، وذلك المنشأ هو ما وصل إليهم وارتكز لديهم خلفاً عن سلف؟ والظاهر هو الثاني; لثبوت الفرق بين مثل هذا الارتكاز، وبين الارتكازات الناشئة عن التقليد والاستناد إلى فتوى المرجع، كما لا يخفى.

الأمر الثاني: صحيحة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: لا صلاة إلاّ إلى القبلة. قال: قلت: أين حدّ القبلة؟ قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة كلّه: قال: قلت: فمن صلّى لغير القبلة أو في يوم غيم في غير الوقت؟ قال: يعيد(3).

فإنّ نفي طبيعة الصلاة وماهيّتها عمّا وقع إلى غير القبلة يدلّ على اعتبار استقبالها في النافلة أيضاً، وخروجها في حال عدم الاستقرار لا يقدح ببقائها في غير هذا الحال، فمقتضى الصحيحة الاعتبار، ولا دلالة على عدمه فيه.


  • (1) غاية المراد 1: 117 ـ 118، كشف اللثام 3: 150، مفتاح الكرامة 5: 327، جواهر الكلام 8 : 6.
  • (2) مفتاح الكرامة 5: 327.
  • (3) الفقيه 1: 180 ح855 ، وعنه وسائل الشيعة 4: 312، كتاب الصلاة، أبواب القبلة ب9 ح2.

( صفحه 399 )

وأورد على الاستدلال بها بوجهين:

أحدهما: أنّ ذيل الرواية قرينة على ورود الصدر في خصوص الفريضة; لاختصاص الذيل بها; فإنّ وجوب الإعادة المستفادة من قوله (عليه السلام) : «يعيد» لا يكاد ينطبق إلاّ على الفريضة التي أتى بها إلى غير القبلة، أو في غير الوقت; ضرورة أنّ النافلة الواقعة كذلك لا تجب إعادتها، فوجوب الإعادة إنّما هو في الفريضة، وإذا كان الذيل وارداً فيها، فهو قرينة على اختصاص الصدر بها أيضاً، فالمراد أنّه لا صلاة فريضة إلاّ إلى القبلة. وعليه: فالاستدلال بها للنافلة ممّا ليس له مجال(1).

ويدفعه أوّلاً: أنّ الذيل لا دلالة له على وجوب الإعادة; فإنّ الإعادة بما هي إعادة لا يمكن أن يتعلّق بها الحكم المولوي الذي يترتّب عليه استحقاق العقوبة على تقدير المخالفة; ضرورة أنّ ترك الإعادة في الفريضة في مفروض الرواية لا يوجب إلاّ ثبوت المخالفة بالإضافة إلى أصل التكليف بالصلاة إلى القبلة وفي الوقت، لا تحقّقها بالنسبة إلى وجوب الإعادة الدالّة عليه الرواية، فالإعادة لاتكون متعلّقة للحكم الوجوبيّ المولوي، فالأمر في الرواية ليس إلاّ للإرشاد إلى فساد الصلاة في الصورتين، وهو يجتمع مع كون مورد السؤال شاملا للنافلة أيضاً، فالذيل لا يكون مختصّاً بالفريضة حتّى يصير قرينة على اختصاص الصدر بها أيضاً.

وثانياً: أنّ الذيل على تقدير الاختصاص لا يصلح أن يصير قرينة على اختصاص الصدر; وذلك لأنّ الصدر يكون كلاماً ابتدائيّاً مستقلاًّ صادراً من


  • (1) مصباح الفقيه 10: 147 ـ 148.

( صفحه 400 )

الإمام (عليه السلام) لإفادة ضابطة كلّية، وبيان أنّ الصلاة إلى غير القبلة لا تكاد تصدق عليها الماهيّة وتنطبق عليها الحقيقة، والذيل إنّما وقع جواباً عن سؤال زرارة، وكيف يصلح الجواب الذي لا يكاد يصدر من الإمام (عليه السلام) من دون تحقّق السؤال قرينة على تقييد الضابطة الكلّية التي أفادها في الصدر، بل الذيل بمنزلة رواية مستقلّة مشتملة على السؤال والجواب.

وبعبارة اُخرى: هل يجوز ترك التقييد في مقام إفادة الضابطة اعتماداً على أنّه يمكن أن يقع عقيبها سؤال، ولا محالة يتحقّق بعده جواب، ويكون ذلك الجواب قرينة عليه، وعلمه (عليه السلام) بوقوع السؤال بعده لا يسوغ الترك أصلا، فالإنصاف أنّ ذيل الرواية بمنزلة رواية مستقلّة لا تصلح لأن تصير قرينة على التصرّف في الصدر، فالاستدلال بالرواية لمذهب المشهور تامّ.

ثمّ إنّ المراد من قوله (عليه السلام) في بيان حدّ القبلة: «ما بين المشرق والمغرب قبلة كلّه» سيأتي التكلّم فيه، وأنّه هل المراد كونه قبلة في جميع الحالات ولجميع المكلّفين، كما هو ظاهره، أو في بعض الحالات؟ كما أنّه سيأتي بيان أصل المراد ممّا بين المشرق والمغرب إن شاء الله تعالى، فانتظر(1).

ثانيهما: أنّ خروج الفرد في بعض أحواله عن حكم العامّ يوجب أن لا يجوز التمسّك بالعامّ بالنسبة إلى ذلك الفرد في غير تلك الحال; وذلك لعدم كون الشكّ في تخصيص زائد حتّى يدفع بأصالة العموم الجارية في موارد الشكّ في أصل التخصيص، أو في التخصيص الزائد. وعليه: فلا يجوز التمسّك بعموم قوله (عليه السلام) : «لا صلاة إلاّ إلى القبلة» بعد خروج النافلة في حال


  • (1) في ص427 ـ 430.