جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 100)

إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ وقت الظهر مبائن لوقت العصر عند العامّة، وكذا وقت المغرب والعشاء، فعند بعضهم يكون أوّل الزوال إلى المثل وقتاً للظهر، ثمّ يخرج وقتها ويدخل وقت العصر، وعند بعضهم الآخر يكون أوّل الزوال إلى المثلين وقتاً للظهر، ثمّ يخرج وقتها ويدخل وقت العصر(1). نعم، حكي عن ربيعة، القول بدخول الوقتين بمجرّد الزوال(2)، ولكن هذا القول شاذّ عندهم.

وكيف كان، فالسيرة المستمرّة فيهم إلى زماننا هذا هو إتيان العصر بعد مدّة طويلة من إتيان الظهر، فكانوا يصلّون الظهر ثمّ يتفرّقون إلى مشاغلهم، إلى أن يصير ظلّ الشاخص مثله أو مثليه، ثمّ يعودون للإتيان بالعصر، وكان الجمع بين الصلاتين والإتيان بهما معاً متّصلا بلا انقطاع أمراً منكراً عندهم، ولذلك تعجّب أبو أُمامة من فعل أنس فيما رواه البخاري عنه، حيث روى عنه أنّه قال: صلّينا مع عمر بن عبدالعزيز الظهر ثمّ خرجنا حتّى دخلنا على أنس بن مالك، فوجدناه يصلّي العصر، فقلت: ما هذه الصلاة؟ فقال: العصر وهذه صلاة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، التي كنّا نصلّي معه(3).

وبالجملة: فالتباين في الوقت في الظهرين وكذا العشاءين كان أمراً مرتكزاً في أذهانهم، بحيث التزموا بعدم اشتراك الوقت أيضاً في موارد الجمع، كما في السفر وعند المطر، وأنّ وقت الصلاة الاُولى يصير مضيّقاً بسبب الآخر; والدليل لهم في ذلك ما روي من أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) كان يفرّق بين الصلاتين(4). مضافاً إلى رواية

  • (1 ، 2) المغني لابن قدامة 1: 382ـ384; المجموع 3: 24ـ26; الشرح الكبير 1: 430ـ431 و 434ـ436; الخلاف 1: 257، مسألة 4; وص260، مسألة 5; تذكرة الفقهاء 2: 303ـ304، مسألة 26; وص308 مسألة 28.
  • (3) صحيح البخاري 1: 156، ح549.
  • (4) سنن ابن ماجة 1: 363ـ364، ح667 و 668; سنن النسائي 1: 283، ح498; سنن الترمذي 1: 286، ح152.
(الصفحة 101)

جبرئيل المتقدّمة(1).

ولكن لا يخفى أنّ ذلك لا يدلّ على مرامهم; وهو وجوب التفريق; فإنّ التزامه(صلى الله عليه وآله)بوقت خاصّ للمجيء إلى المسجد لعقد الجماعة، إنّما كان لاطّلاع الناس على وقت مجيئه(صلى الله عليه وآله)، كما هو شأن أئـمّة الجماعة أيضاً، وهذا لا ينافي عدم التزامه(صلى الله عليه وآله)بوقت خاصّ ولو في حال كونه مريداً للصلاة منفرداً.

ويدلّ على ذلك قول أنس في رواية البخاري المتقدّمة، مع أنّه كان حاجباً له(صلى الله عليه وآله)ومطّلعاً على خفايا أمره. وروى نظير هذه الرواية مالك وأحمد بن حنبل; من أن النبيّ(صلى الله عليه وآله) جمع بين الصلاتين(2)، وكذلك روى ابن عبّاس أنّه(صلى الله عليه وآله)جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء من غير مطر ولا سفر(3)، وفي رواية: من غير خوف ولا سفر(4). وقد أجابوا عن هذه الرواية بأنّ روايات ابن عباس معمول بها إلاّ روايته في مسألة الجمع; فإنّها لا تكون حجّة للإعراض عنها(5).

وبالجملة: فالجمع بين الصلاتين كان من المنكرات عندهم، وحينئذ فلا يبقى الارتياب في كون أخبار الاشتراك مسوقة لبيان الحكم الواقعي، وأنّ الحقّ في خلافهم، فمرادهم(عليهم السلام) أنّه لا يجب الانتظار للإتيان بصلاة العصر بعد الإتيان

  • (1) في ص87.
  • (2) الموطّأ: 90ـ91، باب الجمع بين الصلاتين، ح329ـ332; المسند لابن حنبل 1: 466، ح1874; وج4: 302، ح12527; وج8: 178، ح21820.
  • (3) المصنّف في الأحاديث والآثار 2: 344، ح5; وفيه «خوف» بدل سفر، علل الشرائع: 322، ب11، ح6; وعنه وسائل الشيعة 4: 221، أبواب المواقيت، ب32، ح5.
  • (4) الموطّأ: 91، ح332; صحيح مسلم 1: 410، ب6، ح49 و 50; علل الشرائع: 321، ح4 و 5; وعنه وسائل الشيعة 4: 221، أبواب المواقيت، ب32، ح4.
  • (5) راجع شرح النووي على صحيح مسلم 3: 2149ـ2150.
(الصفحة 102)

بالظهر كما عليه الجمهور، بل يجوز الإتيان بهما معاً بعد الزوال بلا فصل، وليست هذه الروايات بصدد بيان اشتراكهما في كلّ جزء منه حتّى تنافي ما يدلّ على اختصاص أوّل الوقت بالظهر.

وقد عرفت أنّ اعتبار الترتيب بين الصلاتين كان أمراً بديهيّاً عند المسلمين، حتّى أنّ العامّة القائلين بتباين الوقتين المستلزم لوقوع الثانية عقيب الاُولى قهراً، ذهبوا إلى اعتباره في موارد جواز الجمع(1).

وحينئذ فلا يبقى مجال بعد وضوح اعتباره، لتوهّم أن يكون قوله(عليه السلام): «إذا زالت الشمس دخل الوقتان»(2) دالاًّ على دخول الوقتين بمجرّد الزوال، المستلزم لنفي اعتبار الترتيب، فحيث لا يكون ذلك القول موهماً لخلاف المقصود; لأجل ارتكاز اعتبار الترتيب في أذهانهم، وكان الغرض من مثل ذلك القول، الردّ على المخالفين القائلين بوجوب تأخير العصر بعد الفراغ من الظهر إلى أن يدخل وقتها، كان التعبير بهذا النحو من العبارة أحسن تعبير في بيان المرام.

فحاصل معنى الروايات أنّه لا يجب بعد الفراغ من الظهر الانتظار مدّة مديدة، والصبر إلى أن يصير الظلّ مثلي الشاخص مثلا، بل يجوز الجمع بينهما مطلقاً; لدخول وقت العصر بعد الفراغ من الظهر فوراً، والمصحّح لذلك الكلام هو ملاحظة مجموع العملين باعتبار ترتّب أحدهما على الآخر أمراً واحداً يدخل أوّل وقته بالزوال، ألا ترى أنّه لو قيل: إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر، لا يتوهّم أحد دخول وقت الركعة الأخيرة منها أيضاً بالزوال، ولا يتبادر منه إلاّ مجرّد جواز الشروع فيها بمجرّد تحقّقه، وهكذا المقام; فإنّه لا يتبادر من أخبار الاشتراك إلاّ

  • (1) المغني لابن قدامة 2: 112ـ120; المجموع 4: 308ـ322; وراجع أيضاً ما تقدّم في الصفحة السابقة.
  • (2) تقدّم في ص81ـ82.
(الصفحة 103)

مجرّد الإتيان بالصلاتين معاً بلا فصل.

إن قلت: ما ذكرت من كون المراد بدخول وقت الصلاتين دخول وقت المجموع من حيث المجموع، إنّما يجري في مثل التعبير بقوله(عليه السلام): إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين(1)، ولا يتمشّى في مثل قوله(عليه السلام): دخل الوقتان، كما في رواية زرارة(2).

قلت: من الواضح أنّه ليس المراد بدخول الوقتين دخول زمانين في آن واحد; فإنّه غير معقول، بل النظر في ذلك إلى تعدّد العمل، فلا فرق بين التعبيرين.

وبالجملة: بعد كون اعتبار الترتيب بين الصلاتين أمراً مركوزاً في ذهنهم، فلايتبادر عندهم من قوله(عليه السلام): «دخل وقت الصلاتين» إلاّ مجرّد جواز الشروع فيهما متعاقباً، من غير دلالة على اختصاص أوّل الزوال بالظهر، أو اشتراكهما في جميع أجزاء الوقت، بحيث لو وقعت العصر في أوّل الزوال نسياناً أو غفلة لوقعت صحيحة، فالروايات لا تعرّض لها إلى حيثيّة الاشتراك، أو الاختصاص
حتّى تنافي ما يدلّ على أحدهما، بل مفادها ليس إلاّ مجرّد بيان عدم وجوب تأخير العصر، كما هو المتداول بين العامّة في مقام العمل.

إن قلت: إنّ ما ذكرت من أنّ معنى الروايات ليس إلاّ مجرّد جواز الإتيان بالصلاتين متعاقباً، وهذا لا ينافي أن يكون للظهر وقت مختصّ به، يوجب الاستهجان بنظر العرف، ألا ترى أنّه لو قيل: إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر وكان الجزء الأوّل الذي يمكن ايقاع ركعة منها فيه مختصّاً بالركعة الاُولى، والثاني بالثانية، وهكذا يكون مستهجناً عرفاً، فكذا المقام.

  • (1) وسائل الشيعة 4: 127، 128، 130، أبواب المواقيت، ب4، ح8ـ11 و 21.
  • (2) تقدّمت في ص81.
(الصفحة 104)

قلت: إنّ الاستهجان العرفي إنّما هو فيما إذا كانت الركعات متّصلة، وأمّا في مثل المقام فلا نسلّم الاستهجان.

هذا، وإن أبيت إلاّ عن ظهور أخبار الاشتراك في دخول وقت العصر أيضاً بمجرّد الزوال، فنقول: لابدّ من رفع اليد عن هذا الظهور بملاحظة رواية ابن فرقد(1)الصريحة في الاختصاص، خصوصاً بملاحظة ذيلها كما عرفت.

إن قلت: كيف يمكن الذهاب إلى الاختصاص مع أنّه لا يكون للوقت المختصّ حدّ محدود; لاختلافه بحسب اختلاف المكلّفين من حيث الخفّة والبطء، وحالاتهم من حيث السفر والحضر.

قلت: لم يدلّ دليل على أنّه يجب أن يكون الوقت بحيث لا يقبل الزيادة والنقصان، ألا ترى أنّ مقدار القدم والقدمين والمثل والمثلين يختلف باختلاف الفصول والأيّام من حيث الطول والقصر، ومع ذلك فقد جعلت حدّاً كما عرفت ويأتي.

ثمّ إنّ صاحب المصباح(قدس سره) ذكر في المقام كلاماً، ملخّصه: أن المتبادر من قول القائل: إذا زالت الشمس دخل وقت العمل الكذائي، إرادة دخول وقته الفعلي الذي يجوز فيه ذلك الفعل، لا الوقت الشأنيّ الذي لا يصحّ إيقاعه فيه إلاّ على بعض الفروض النادرة الخارجة عن اختيار المكلّف، كما هو الشأن في المقام بالنسبة إلى صلاة العصر، بناءً على مشاركتها مع الظهر من أوّل الوقت، إلاّ أنّه يجب رفع اليد عن هذا الظهور هنا، فيدور الأمر بين أن يكون المراد دخول الوقتين معاً، غاية الأمر كون المراد بالنسبة إلى العصر الوقت الشأني; ويكون قوله(عليه السلام): «إلاّ أنّ هذه

  • (1) تقدّم في ص91.