جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 166)

العوام، ولا يقول به أحد من علمائهم أصلاً، كما يظهر بمراجعة الفتاوى.

ويدلّ على ما ذكرنا مضافاً إلى الإجماع، الآية الشريفة، والروايات الكثيرة، قال الله ـ تعالى ـ : (كُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الاَْبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الاَْسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(1)، والتعبير عن البياض بالخيط إنّما هو لكونه في أوّل حدوثه دقيقاً. وأمّا التعبير عن الليل بالخيط أيضاً ـ مع كونه محيطاً لجميع السماء والأرض ـ فإنّما هو من باب المشاكلة، والتعبير عن الشيء بلفظ مصاحبه، فمعنى الآية: (كُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ) الذي هو أمارة على النهار، من الخيط الذي هو عبارة عن ظلمة الليل.

وليس المراد التبيّن لكلّ واحد واحد من آحاد الناس باختلاف حالاتهم، أو حالات الليل; من كونه مقمراً، أو غيره، أو حالات الهواء; من كونها مغيمة، أو صحواً، بل المراد هو التبيّن والتميّز النوعي مع قطع النظر عن الموانع; لأنّ النهار
إنّما يتحقّق بقرب الشمس في حركتها إلى الاُفق، بحيث يمكن رؤية ضوئها
لو لم يكن في البين مانع، ولا يختلف حسب اختلاف حالات الناظرين، أو غيرها، كما هو واضح.

ثمّ اعلم أنّ سبب نزول الآية كما يستفاد من الروايات(2)، أنّه كان في صدر الإسلام الأكل والنكاح محرّمين في شهر رمضان بالليل بعد النوم، بل كان النكاح محرّماً فيه مطلقاً، فوقع الناس من أجل ذلك في شدّة ومشقّة، الشيوخ من ناحية الأوّل، والشبّان من جهة الثاني، فمنَّ الله ـ تعالى ـ عليهم بأن وضع عنهم هذا

  • (1) سورة البقرة 2: 187.
  • (2) تفسير القمّي 1: 66; مجمع البيان 2: 21; تفسير نور الثقلين 1: 172، ح596ـ598; تفسير الصافي 1: 206; الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 2: 314; التفسير الكبير للفخر الرازي 2: 267.
(الصفحة 167)

التكليف، وقد حكي أنّ بعض الصحابة(1) بعد سماعه للآية فسّرها بصيرورة العالم مضيئاً، بحيث يمكن تمييز الحبل الأسود من الحبل الأبيض، فقال ذلك للنبيّ(صلى الله عليه وآله)، فقال(صلى الله عليه وآله): إنّك لعريض القفاء.

ووجه حمله الآية على ذلك، تخيّله بأنّ المراد بالخيط معناه الحقيقي، مع أنّه كما عرفت إنّما هو من باب الاستعارة، وتشبيه البياض المعترض في أفق المشرق بالخيط الأبيض في الدّقة; لأنّ المراد إنّما هو حين حدوثه، وهو في هذا الحال دقيق كما مرّ; والتعبير عن السواد بالخيط إنّما من باب المشاكلة.

ثمّ لا يخفى أنّه يمكن أن يستفاد كون المراد بالفجر هو الفجر الثاني ـ المسمّى بالفجر الصادق ـ من قوله ـ تعالى ـ : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآلـِكُمْ)(2) بضميمة قوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ)(3); فإنّ المستفاد من مجموعهما أنّ وقت الإمساك عبارة عن مجموع النهار، ولا إشكال في أنّ مبدأ النهار عند عرف العرب هو الفجر الثاني، لا الأوّل.

وأمّا الأخبار الدالّة على ذلك فكثيرة:

منها: رواية أبي بصير ليث المرادي قال: سألت أبا عبدالله(عليه السلام) فقلت: متى يحرم الطعام على الصائم وتحلّ الصلاة صلاة الفجر؟ فقال: إذا اعترض الفجر فكان كالقبطيّة البيضاء(4)، فثمّ يحرم الطعام على الصائم وتحلّ الصلاة صلاة الفجر. قلت: أفلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس؟ فقال: هيهات أين

  • (1) وهو عديّ بن حاتم الطائي: التفسير الكبير للفخر الرازي 2: 273.
  • (2 ، 3) سورة البقرة 2: 187.
  • (4) القبطيّة: ثياب بيض رقاق يؤتى بها من مصر، لسان العرب 5: 191.
(الصفحة 168)

يذهب بك، تلك صلاة الصبيان(1).

ومنها: رواية عليّ بن عطيّة، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه قال: الصبح هو الذي إذا رأيته كان معترضاً كأنّه بياض نهر سوراء(2).

ومنها: مكاتبة أبي الحسن بن الحصين إلى أبي جعفر الثاني(عليه السلام): جعلت فداك قد اختلف موالوك في صلاة الفجر، فمنهم من يصلّي إذا طلع الفجر الأوّل المستطيل في السماء، ومنهم من يصلّي إذا اعترض في أسفل الاُفق واستبان، ولست أعرف أفضل الوقتين فأُصلّي فيه، فإن رأيت أن تعلّمني أفضل الوقتين وتحدّه لي، وكيف أصنع مع القمر والفجر لا يتبيّن معه حتّى يحمرّ ويصبح؟ وكيف أصنع مع الغيم وما حدّ ذلك في السفر والحضر؟ فعلت إن شاء الله. فكتب(عليه السلام)بخطّه وقرأته: الفجر يرحمك الله هو الخيط الأبيض المعترض، وليس هو الأبيض صعداً، فلا تصلِّ في سفر ولا حضر حتّى تبيّنه; فإنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ لم يجعل خلقه في شبهة من هذا، فقال: (وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الاَْبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الاَْسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(3)، فالخيط الأبيض هو المعترض الذي يحرم به الأكل والشرب في الصوم، وكذلك هو الذي يوجب به الصلاة(4).

  • (1) الفقيه 2: 81، ح361; تهذيب الأحكام 4: 185، ح514; وعنهما وسائل الشيعة 4: 209، أبواب المواقيت، ب27، ح1.
  • (2) الفقيه 1: 317، ح1440; الكافي 3: 283، ح3; وج4: 98، ح2; تهذيب الأحكام 2: 37، ح118; وص185، ح515; الاستبصار 1: 275، ح997; وعنها وسائل الشيعة 4: 210، أبواب المواقيت ب27، ح2; وسوراء موضع في العراق في أرض بابل، معجم البلدان 3: 316.
  • (3) سورة البقرة 2: 187.
  • (4) الكافي 3: 282، ح1; تهذيب الأحكام 2: 36، ح115; الاستبصار 1: 274، ح996; وعنها وسائل الشيعة 4: 210، أبواب المواقيت، ب27، ح4.
(الصفحة 169)

ومنها: رواية زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يصلّي ركعتي الصبح ـ وهي الفجر ـ إذا اعترض الفجر وأضاء حسناً(1).

ومنها: رواية هشام بن الهذيل، عن أبي الحسن الماضي(عليه السلام) قال: سألته عن وقت صلاة الفجر؟ فقال: حين يعترض الفجر فتراه مثل نهر سوراء(2).

ومنها: غير ذلك ممّا يدلّ على أنّ وقت الصبح إنّما يدخل إذا طلع الفجر الثاني المسمّى بالفجر الصادق.

والفرق بينه، وبين الفجر الكاذب من وجوه:

الأوّل: أنّ الفجر الكاذب منفصل عن الاُفق، بخلاف الفجر الصادق; فإنّه متّصل به.

الثاني: أنّ الأوّل يكون عموديّاً، والثاني اُفقيّاً.

الثالث: أنّ الأوّل يكون عند حدوثه أشدّ ضوءاً; لأنّه يزول تدريجاً، والثاني بخلاف ذلك; فإنّه ينتشر قليلا قليلا، ويشتدّ ضوؤه تدريجاً.

هذا كلّه في وقت صلاة الصبح من حيث الابتداء.

وأمّا آخر وقتها، فلا خلاف بين المسلمين في امتداده إلى طلوع الشمس إجمالا(3)، وإن وقع الخلاف بينهم في كونه آخر وقت الإجزاء، أو آخر الوقت للمضطرّ، وأنّ آخره للمختار هو طلوع الحمرة المشرقيّة، فذهب إلى الأوّل

  • (1) تهذيب الأحكام 2: 36، ح111; الاستبصار 1: 273، ح990; وعنهما وسائل الشيعة 4: 211، أبواب المواقيت، ب27، ح5.
  • (2) تهذيب الأحكام 2: 37، ح117; الاستبصار 1: 275، ح996; وعنهما وسائل الشيعة 4: 212، أبواب المواقيت، ب27، ح6.
  • (3) غنية النزوع: 70; السرائر 1: 195; مفتاح الكرامة 5: 103ـ104; جواهر الكلام 7: 164، بداية المجتهد 1: 99.
(الصفحة 170)

أبو حنيفة(1)، وهو الأقوى، بناءً على ما اخترناه من أنّ الافتراق بين الوقتين إنّما هو بالفضيلة والإجزاء، وحكي الثاني عن الشيخ(قدس سره)، بناءً على مااختاره من جعل الافتراق بينهما بالاختيار والاضطرار، وبه قال الشافعي، وأحمد(2).

ويدلّ على ما ذكرنا ـ مضافاً إلى الاجماع ـ أخبار كثيرة:

منها: ما رواه الحلبي، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: وقت الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء، ولا ينبغي تأخير ذلك عمداً، لكنّه وقت لمن شغل أو نسي أو نام(3).

والتعبير بلفظ «لا ينبغي» ظاهر في تأكّد الاستحباب، ودلالة الرواية على ما اخترناه من كون افتراق الوقتين بالفضيلة والإجزاء أوضح من دلالتها على مختار الشيخ(رحمه الله)، كما لا يخفى.

ومنها: رواية عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: لكلّ صلاة وقتان، وأوّل الوقتين أفضلهما، ووقت صلاة الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء، ولا ينبغي تأخير ذلك عمداً، ولكنّه وقت من شغل أو نسي أو سها أو نام، الحديث(4).

  • (1) المبسوط للسرخسي 1: 288; النتف في الفتاوى: 37ـ38; أحكام القرآن للجصّاص 3: 250ـ251; الخلاف 1: 267، مسألة 10.
  • (2) المبسوط 1: 75; النهاية: 59ـ60; تهذيب الأحكام 2: 38، ذ ح119; الاستبصار 1: 276، ذ ح999; الخلاف 1: 267، مسألة 10; الاُم 1: 74; المجموع 3: 45; الإنصاف 1: 438; بداية المجتهد 1: 99ـ100.
  • (3) الكافي 3: 283، ح5; تهذيب الأحكام 2: 38، ح121; الاستبصار 1: 276، ح1001; وعنها وسائل الشيعة 4: 207، أبواب المواقيت، ب26، ح1.
  • (4) تهذيب الأحكام 2: 39، ح123; الاستبصار 1: 276، ح1003; وعنهما وسائل الشيعة 4: 208، أبواب المواقيت، ب26، ح5.