جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 176)

والذي يمكن أن يقال في هذا المقام أنّ استمرار عمل النبيّ(صلى الله عليه وآله) على ما ذكر من تأخيره(صلى الله عليه وآله) العصر إلى أن يصير ظلّ الشاخص مثله ممّا لم يثبت، كيف؟ ويستفاد من الروايات الكثيرة التي بلغت من الكثرة حدّاً يمكن دعوى القطع بصدورها، أنّ بناءه(صلى الله عليه وآله) كان على الإتيان بالعصر بعد الذراعين، وحينئذ فيظهر بطلان ما عليه العامّة في مقام العمل من التأخير إلى المثل، وكذا عدم صحّة ما حكوا عن النبيّ(صلى الله عليه وآله)من أنّه(صلى الله عليه وآله) كان ملتزماً بذلك(1).

فلا بأس بإيراد بعض تلك الأخبار ليتّضح الحال، فنقول:

منها: ما رواه الصدوق بإسناده عن الفضيل بن يسار وزرارة بن أعين وبكير بن أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السلام)أنّهما قالا: وقت الظهر بعد الزوال قدمان(2).

ومنها: رواية زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: سألته عن وقت الظهر؟ فقال: ذراع من زوال الشمس، ووقت العصر ذراع من وقت الظهر، فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس. ثمّ قال: إنّ حائط مسجد رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان قامة، وكان إذا مضى منه ذراع صلّى الظهر، وإذا مضى منه ذراعان صلّى العصر. ثمّ قال: أتدري لِمَ جعل الذراع والذراعان؟ قلت: لِمَ جعل ذلك؟ قال: لمكان النافلة، لك أن تتنفّل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع، فإذا بلغ فيؤك ذراعاً من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة، وإذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة(3).

  • (1) سنن النسائي 1: 285، ح500; السنن الكبرى للبيهقي 2: 95، ح1761ـ1763.
  • (2) الفقيه 1: 140، ح649; تهذيب الأحكام 2: 255، ح1012; الاستبصار 1: 248، ح892; وعنها وسائل الشيعة 4: 140، أبواب المواقيت، ب8، ح1 و 2.
  • (3) الفقيه 1: 140، ح653; تهذيب الأحكام 2: 19، ح55; الاستبصار 1: 250، ح899; علل الشرائع: 349، ح2; وعنها وسائل الشيعة 4: 141، أبواب المواقيت، ب8، ح3 و 4.
(الصفحة 177)

ومنها: ما رواه عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله(عليه السلام) في حديث قال: كان حائط مسجد رسول الله(صلى الله عليه وآله) قبل أن يظلّل قامة، وكان إذا كان الفيء ذراعاً وهو قدر مربض عنز صلّى الظهر، فإذا كان ضعف ذلك صلّى العصر(1).

ومنها: رواية صفوان الجمّال قال: صلّيت خلف أبي عبدالله(عليه السلام) عند الزوال، فقلت: بأبي أنت واُمّي وقت العصر؟ فقال: ريثما تستقبل إبلك، فقلت: إذا كنت في غير سفر؟ فقال: على أقلّ من قدم ثلثي قدم وقت العصر(2).

ومنها: رواية إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله)إذا كان فيء الجدار ذراعاً صلّى الظهر، وإذا كان ذراعين صلّى العصر، قال: قلت: إنّ الجدار يختلف، بعضها قصير وبعضها طويل، فقال: كان جدار مسجد رسول الله(صلى الله عليه وآله)يؤمئذ قامة(3).

ومنها: رواية علي بن حنظلة قال: قال لي أبو عبدالله(عليه السلام): القامة والقامتان الذراع والذراعان في كتاب علي(عليه السلام)(4). والمراد أنّه قد فسّرت القامة بالذراع في كتابه(عليه السلام)، أو أنّ المذكور فيه بدل القامة الذراع.

ومنها: غير ذلك ممّا يستفاد منه عدم تأخير العصر إلى المثل، وأنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)كان يصلّيها قبله، وحينئذ فلا ينبغي الارتياب بمقتضى اُصول المذهب في بطلان ما عليه العامّة; لحجّية أقوال العترة الطاهرة في حقّنا، بل في حقّ من لم يقل بإمامتهم أيضاً; فإنّهم أحد الثقلين(5) اللذين تركهما النبيّ(صلى الله عليه وآله)في الاُمّة في عرض

  • (1) الكافي 3: 295، ح1; تهذيب الأحكام 3: 261، ح738; وعنهما وسائل الشيعة 4: 142، أبواب المواقيت، ب8، ح7.
  • (2) الكافي 3: 431، ح1; وعنه وسائل الشيعة 4: 143، أبواب المواقيت، ب8، ح8.
  • (3) تهذيب الأحكام 2: 21، ح58; وعنه وسائل الشيعة 4: 143، أبواب المواقيت، ب8، ح10.
  • (4) تهذيب الأحكام 2: 23، ح64; وعنه وسائل الشيعة 4: 144، أبواب المواقيت، ب8، ح14.
  • (5) راجع ص153.
(الصفحة 178)

الثقل الآخر الذي هو الكتاب العزيز، ويستفاد من ذلك أنّه كما يجب التمسّك بالكتاب لأجل فهم الأحكام الشرعيّة، كذلك يجب الاعتصام بحبلهم لاستفادة ما لم يكن مبيّناً في الكتاب من الأحكام والشرائع، فلا عذر في طرد قولهم والاستغناء عنهم بالكتاب، كما هو واضح.

هذا كلّه بالنسبة إلى صلاة العصر.

وأمّا صلاة العشاء، فاستفادة استحباب تأخيرها إلى زوال الشفق من مجرّد تأخير النبيّ(صلى الله عليه وآله) إليه على فرض ثبوته مشكل; إذ لعلّ تأخيره لم يكن لأجل كونه أفضل، بل كان لجهات خارجيّة، كتعشّي الناس واستراحتهم مثلا، حيث كان أكثرهم في النهار مشتغلين بتحصيل المعاش وتحمّل المشقّة، فلم يقدروا في الليل على الإتيان بالصلاتين متعاقباً.

وبالجملة: فمجرّد الفعل من دون وضوح وجهه لا يدلّ على الاستحباب أصلا، وتسالم العامّة على ذلك قولا وفعلا لا يدلّ على ذلك، خصوصاً بعدما ظهر فساد أكثر ما تسالموا عليه، كما عرفت في صلاة العصر، مضافاً إلى وضوح أنّ بناءهم في ذلك على اُمور لا اعتبار بها أصلا، كالاعتماد على قول صحابيّ ولو كان مثل أبي هريرة، الذي روى عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) ما يزيد عن خمسة آلاف حديث مع قلّة صحبته له(صلى الله عليه وآله)، وعدم كونه ممّن يصلح لأخذ الرواية، كما يشهد به التواريخ(1)، فاتّفاقهم على شيء لا يجدي لنا أصلا.

نعم، ورد في المقام من طرق الإماميّة روايات ظاهرة في أفضليّة التأخير

  • (1) المعارف لابن قتيبة: 121; الفائق 1: 102; شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4: 67ـ69; الكنى والألقاب 1: 179ـ181.
(الصفحة 179)

إلى زوال الشفق(1)، فلا يبعد القول بذلك، وحينئذ فيكون للعشاء وقت فضيلة ووقتا إجزاء، وللعصر وقتان كما عرفت(2); لأنّه ظهر أنّ تأخيرها إلى الذراعين لمكان النافلة، لا لإدراك الفضيلة.

ثمّ إنّه عبّر بعض المتأخّرين(3) عن عنوان المسألة بأنّه هل الجمع بين الصلاتين المشتركتين في الوقت أفضل، أو التفريق بينهما؟ ولا يخفى أنّه لا وجه لهذا التعبير أصلا; فإنّه ليس لهذين العنوانين ـ من حيث هما ـ خصوصيّة أصلا، بل هما من العناوين المنطبقة على الفعل قهراً; ضرورة أنّ تأخير العصر مثلا إلى أن يصير ظلّ الشاخص مثله ـ عند من يقول بأنّه هو وقت فضيلتها ـ إنّما يترتّب عليه المزيّة لأجل وقوع العصر في وقت فضيلتها، لا لحصول التفريق بينها، وبين صلاة الظهر.

كما أنّ الإتيان بصلاة العصر بمجرّد الفراغ من الظهر ونافلة العصر إنّما يكون راجحاً ذا مزيّة عند من يقول بأنّ وقت فضيلتها هو أوّل الوقت من جهة وقوعها في وقت فضيلتها، لا من جهة حصول الجمع بينها، وبين صاحبتها، فليس لعنواني الجمع والتفريق بذاتهما مزيّة ورجحان أصلا، كما هو واضح.

نعم، قد يكون عنوان الجمع بذاته موضوعاً لحكم من الأحكام، كسقوط الأذان مثلا، وحينئذ يصحّ التعبير به والتكلّم في خصوصيّاته من حيث إنّ الفصل بالنافلة مضرّ بصدقه أم لا؟ ولكنّها مسألة اُخرى غير مربوطة بالمقام تأتي في محلّها إن شاء الله تعالى.

  • (1) وسائل الشيعة 4: 156ـ158، أبواب المواقيت، ب10.
  • (2) في ص172ـ173.
  • (3) المهذّب البارع 1: 496; كتاب الصلاة تقريرات بحث النائيني للكاظمي 2: 22ـ23.
(الصفحة 180)