جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 531)

بالأذان(1)، ولو لم تكن الإقامة أيضاً نداءً لم يكن وجه لذلك التعبير بعد كون الأذان لغة بمعنى الإعلام، كما لا يخفى.

وبالجملة: فكونهما نداءً دليل على خروجهما عن حقيقة الصلاة، وعدم تقوّمها بهما بحيث لو وقعت بدونهما أو بدون أحدهما لبطلت.

ثمّ ممّا ذكرنا ـ من أنّ مشروعيّة الأذان والإقامة كانت لإقامة الجماعة، واطّلاع الناس على دخول الوقت حتّى يجتمعوا في المساجد لإقامتها، غاية الأمر أنّ الأذان إعلام للبعيد، والإقامة إيذان للقريب كما عرفت ـ يظهر عدم وجوبهما، لا وجوباً استقلاليّاً، ولا شرطيّاً للجماعة أو لأصل الصلاة; إذ القول بالوجوب حينئذ مساوق للقول بوجوب الجماعة، مع أنّها فضيلة للصلاة، كما هو المرتكز والمعروف بين الناس من زمان النبيّ(صلى الله عليه وآله)والأئـمّة(عليهم السلام)إلى يومنا هذا، مضافاً إلى إجماع الفقهاء على عدم وجوب الجماعة، غاية الأمر تأكّد استحبابها(2).

هذا، مضافاً إلى ما ورد في بعض الأخبار من التحريص والترغيب إلى فعلهما بالنسبة إلى المنفرد، معلّلا بأنّ الصلاة مع الأذان والإقامة أو مع أحدهما سبب لائتمام الملائكة به(3)، فتصير صلاة المنفرد بذلك جماعة.

غاية الأمر أنّ الصلاة مع أحدهما يوجب إئتمام صفّ واحد من الملائكة

  • (1) تهذيب الأحكام 2: 285، ح1139 و 1141; الاستبصار 1: 304، ح1130; وعنهما وسائل الشيعة 5: 434، أبواب الأذان والإقامة، ب29، ح1; وص437، ب30، ح3.
  • (2) المبسوط 1: 152; الخلاف 1: 541، مسألة 279; غنية النزوع: 87; المعتبر 2: 414; تذكرة الفقهاء 4: 227ـ229، مسألة 527ـ529; كشف اللثام 4: 442; مستند الشيعة 8: 11ـ13; جواهر الكلام: 214.
  • (3) أمالي الطوسي: 534 و 535، قطعتين من ح1162; وعنه وسائل الشيعة 5: 383، أبواب الأذان والإقامة، ب4، ح9، وروايات اُخر في الباب.
(الصفحة 532)

طوله ما بين المشرق والمغرب، ومعهما يوجب إئتمام صفّين منهم طول كلّ واحد منهما كذلك، فالمصلحة الموجبة لمطلوبيّتهما هي صيرورة صلاة المنفرد بهما أو بأحدهما جماعة، وبعدما كانت الجماعة فضيلة للصلاة لا واجبة، لا وجه لوجوبهما، كما لا يخفى.

هذا كلّه، مضافاً إلى أنّه لو كانا واجبين لزم أن يكون وجوبهما ضروريّاً، كوجوب أصل الصلاة; لاشتراكهما معها في عموم البلوى، وأن لا يكون وجوبهما مشكوكاً مورداً للاختلاف بين المسلمين، بل اللاّزم وضوحه بحيث يعرفه الناس في زمان النبيّ(صلى الله عليه وآله).

وبالجملة: فكثرة الابتلاء بهما كمقدار الابتلاء بالصلاة، وعدم التفات البعض أو الأكثر إلى فعلهما ـ كما يستفاد من الأخبار الكثيرة الدالّة على التحريص والترغيب إلى فعلهما(1) ـ تدلّ قطعاً على عدم وجوبهما، وقد عرفت أنّ التعبير عنهما بالنداء كما في الآيتين والرواية التي أشرنا إليها، يدفع الوجوب الشرطيّ للجماعة، أو لأصل الصلاة; لأنّ النداء إلى الشيء يغاير نفس ذلك الشيء، ولا يكون ممّا يتقوّم به.

فالأقوى عدم وجوبهما، وكونهما سنّتين مؤكّدتين، كما هو المشهور بين الإماميّة(2)، ويدلّ على عدم الوجوب أيضاً ما رواه الشيخ عن عبيد بن زرارة، عن أبيه قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن رجل نسي الأذان والإقامة حتّى دخل

  • (1) وسائل الشيعة 5: 381، أبواب الأذان والإقامة، ب4.
  • (2) التنقيح الرائع 1: 189; جامع المقاصد 2: 167; الحبل المتين 2: 289; الحدائق الناضرة 7: 352; مفتاح الكرامة 6: 369.
(الصفحة 533)

في الصلاة؟ قال: فليمض في صلاته فإنّما الأذان سنّة(1).

إذ الظاهر أنّ المراد بالسنّة الاستحباب مقابل الوجوب، لا ما ثبت مطلوبيّته من قول النبيّ(صلى الله عليه وآله) أو فعله، مقابل ما ثبت بالكتاب العزيز، وإلاّ لم تصلح أن تكون الجملة الأخيرة تعليلا للمضيّ، كما لا يخفى، مضافاً إلى أنّ الأذان ثبت مشروعيّته ومطلوبيّته بالكتاب، كما عرفت من دلالة الآيتين عليه.

ثمّ إنّ المراد بالأذان في قوله(عليه السلام): «فإنّما الأذان سنّة» ليس خصوص الأذان المقابل للإقامة، وإلاّ لم يكن وجه لتعليل المضيّ في الصلاة ولو مع نسيان الإقامة ـ كما هو مورد الرواية ـ بكون الأذان سنّة; إذ لعلّ الإقامة كانت واجبة، فوجوب الإعادة كان ثابتاً من أجل تركها لا ترك الأذان، فالمراد بالأذان في الرواية الأعمّ من الإقامة، والمصحّح لهذا الاستعمال ما عرفت من أنّ الإقامة أيضاً إيذان وتنبيه، غاية الأمر أنّها إعلام للقريب، والأذان إعلام للبعيد.

ومنه يظهر أنّ الرواية بنفسها تدلّ على عدم وجوب الإقامة أيضاً، فلا يحتاج في إثبات عدم وجوبهما إلى ضمّ الإجماع المركّب إليها، كما فعله العلاّمة في المختلف(2)، حيث استدلّ بهذه الرواية على عدم وجوب الأذان فقط، ثمّ ادّعى الإجماع على عدم الفرق بينه، وبين الإقامة في الحكم.

ثمّ إنّه قد يقال(3) بأنّ المراد من السنّة في الرواية هو ما ثبت مطلوبيّته من فعل النبيّ(صلى الله عليه وآله)، أو قوله، وصلاحيّة الجملة الأخيرة للتعليل، كصلاحيّة نظيرها للتعليل

  • (1) تهذيب الأحكام 2: 285، ح1139; الاستبصار 1: 304، ح1130; وعنهما وسائل الشيعة 5: 434، أبواب الأذان والإقامة، ب29، ح1.
  • (2) مختلف الشيعة 2: 122.
  • (3) راجع جواهر الكلام 9: 18ـ19.
(الصفحة 534)

لعدم وجوب الإعادة في الخلل الواقعة في الصلاة نسياناً، كما في الأخبار الكثيرة الواردة في نسيان بعض أفعال الصلاة، كالتشهّد وأمثاله(1); فإنّه قد علّل فيها عدم وجوب الإعادة بكون الأفعال المنسيّة سنّة، مع أنّ من الواضح: أنّه ليس المراد بالسنّة فيها الاستحباب.

هذا، ولكن يرد عليه أنّه إن كان المراد بالسنّة ما لم يكن فرضاً من الله تعالى، مأموراً به في الكتاب العزيز، فالأذان والإقامة وإن لم يكن شيء منهما مأموراً به في الكتاب، إلاّ أنّ أكثر الفروض والواجبات الشرعيّة تكون كذلك.

وإن كان المراد بها ما لم يكن فرضاً من الله تعالى، بل من الرسول(صلى الله عليه وآله)، غاية الأمر أنّه كان مورداً لإمضاء الله تعالى، فيردّه أنّ الأذان والإقامة لا يكون شيء منهما كذلك، كما تدلّ عليه الأخبار الكثيرة المستفيضة، بل المتواترة الواردة في مقام التعريض على العامّة، الزاعمين أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) أخذ الأذان من رؤيا عبدالله بن زيد في منامه بقوله: ينزل الوحي على نبيّكم فتزعمون أنّه أخذ الأذان من عبدالله بن زيد؟!(2).(3)

وقد روي عن أبي جعفر(عليه السلام) أنّه قال: لـمّا أُسري برسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى السماء فبلغ البيت المعمور، وحضرت الصلاة، فأذّن جبرئيل(عليه السلام) وأقام، فتقدّم رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وصفّ الملائكة والنبيّون خلف محمّد(صلى الله عليه وآله)(4).

  • (1) وسائل الشيعة 6: 91، أبواب القراءة فى الصلاة، ب29، ح5; وص402، أبواب التشهّد، ب7، ح2.
  • (2) المسند لابن حنبل 5: 539ـ540، ح16477 و 16478; سنن أبي داود: 84ـ85، ح498 و 499; سنن ابن ماجة 1: 383ـ384، ح706 و 707; سنن الدارمي 1: 191، ح1185 و 1186; سنن الترمذي 5: 359، ح189; السنن الكبرى للبيهقي 2: 137: ح1873.
  • (3) ذكرى الشيعة 3: 195; وعنه وسائل الشيعة 5: 370، أبواب الأذان والإقامة، ب1، ح3.
  • (4) الكافي 3: 302، ح1; وعنه وسائل الشيعة 5: 369، أبواب الأذان والإقامة، ب1، ح1.
(الصفحة 535)

وقد روي أيضاً عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه قال: لـمّا هبط جبرئيل(عليه السلام)بالأذان على رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان رأسه في حجر عليّ(عليه السلام)، فأذّن جبرئيل(عليه السلام)وأقام، فلمّا انتبه رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: يا عليّ سمعت؟ قال: نعم، قال: حفظت؟ قال: نعم، قال: أُدع بلالا فعلّمه، فدعا عليّ(عليه السلام) بلالاً فعلّمه(1).

وبالجملة: فالظاهر أنّ الأذان ثبت مطلوبيّته من الله ـ تعالى ـ بالوحي على الرسول(صلى الله عليه وآله)، كما عرفت أنّه مدلول الرواية.

وقد انقدح من جميع ما ذكرنا أنّه لا دليل على وجوب الأذان، مضافاً إلى ماتقدّم من وجود الدليل على عدم الوجوب.

ثمّ إنّه ظهر ممّا ذكرنا ـ من أنّ تشريع الأذان في الابتداء كان لدعوة الناس إلى إقامة الصلاة، غاية الأمر أنّه قد شرع للمنفرد أيضاً لأن تصير صلاته جماعة ـ أنّه لا دليل على مشروعيّة الأذان لمجرّد الإعلام بدخول الوقت، كما يظهر من جماعة من الفقهاء(2)، فإذا لم تكن في البين صلاة، فالأذان لغيرها لم يعلم من الأدلّة كونه مشروعاً، بل الظاهر أنّه مجعول لدعوة الناس إلى إقامة الصلاة، كما تدلّ عليه الآيتان المتقدّمتان.

هذا، مضافاً إلى أنّ فصوله الأخيرة التي تعرف حقيقتها وماهيّتها كالحيّعلات، شاهدة على ما ذكرنا; من أنّ المقصود منه دعوة الناس إلى الصلاة، غاية الأمر أنّه يدعوهم إلى الصلاة ابتداءً ثمّ يدعوهم إلى الفلاح الذي هو عبارة عن الصلاة;

  • (1) الكافي 3: 302، ح2; الفقيه 1: 183، ح865; تهذيب الأحكام 2: 7277 ح1099; وعنها وسائل الشيعة 5: 369، أبواب الأذان والإقامة، ب1، ح2.
  • (2) السرائر 1: 210; تحرير الأحكام 1: 220; جامع المقاصد 2: 171; روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان 2: 636; مسالك الأفهام 1: 182ـ183; كشف اللثام 3: 362; الحدائق الناضرة 7: 394ـ397.