جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 12)

بحوث كبار علمائها، حتى أتقن السطوح، وتقدّم على أقرانه وزملائه، واشتغل بتدريس «قوانين الاُصول» برهةً، استفاد منه خلالها بعض الطلاّب(1)، فعظم علمه، وصقلت مواهبه، وتوسّعت دائرة اُفقه; لتشمل مجالات العلوم الحوزويّة المختلفة من الفقه والاُصول والرجال والحديث والحكمة والفلسفة.

أساتذته في هذه المرحلة

1ـ الميرزا أبو المعالي الكلباسي (1247ـ1315هـ )، وأفاد منه كثيراً في علمي الحديث والرجال، وحظي عنده بمقام كريم، فقد كان من طلاّبه المبرزين ومن المقرّبين. وكان سيّدنا يهتمّ بدرس اُستاذه أبو المعالي أكثر من غيره، كما صرّح هو بذلك.

2ـ السيّد محمد باقر الدرچه اى (1264ـ1342هـ ).

3ـ السيّد الميرزا محمد تقي المدرّس (1273ـ1337هـ )، وقد درس عندهما علمي الفقه والاُصول.

ـ أمّا في الفلسفة والحكمة العالية فقد كان يدرسهما عند كلّ من الملاّ محمد الكاشاني المعروف بـ «الآخوند الكاشي»، الذي توفّي عام 1333هـ والمرحوم جهانگيرخان القشقائي الاصفهاني (1243ـ1328هـ ).

ونظراً للمكانة العلميّة التي حظي بها، وللمقام المحمود الذي كان له عند أساتذته الكبار في الحوزة العلميّة في اصفهان، ولما لمسوا فيه من صدق التوجّه والموهبة العظيمة، واستيعابه للمطالب بشكل علميّ متين، فقد منحه شهادة

  • (1) نقباء البشر 2: 605.
(الصفحة 13)

الاجتهاد كلّ من أبي المعالي والدرچه اي والمدرّس، وهو بعد لم يتجاوز السابعة والعشرين من عمره.

أما الدروس التي كانت على عاتقه وقام بتدريسها في هذه المرحلة، فهي على مستوى السطوح العليا: كشرح اللمعة الدمشقيّة في الفقه، والقوانين المحكمة في الاُصول، والفصول في الاُصول، حيث كان يدرّسها بإتقان تامّ وإمعان وتحقيق، ومن الجدير بالذكر أنّه لم يكن يغفل عن مراجعة ما ذكره علماء العامّة في مختلف الحقول العلميّة، فضلاً عمّا أفاده أصحابنا رضوان الله تعالى عليهم.

وكان يحضرها عدد كبير من الطلبة والفضلاء آنذاك، مع أنّ طريقته ربما كانت مملّة كما يقول السيّد الجهرمي: وكان من عادته كثرة التكرار في التدريس بحيث يؤدّي إلى ملل بعض الطلاّب، فكان السيّد يعلّل ذلك: بأنّي اُريد أن تقنع نفسي باستيعاب الدرس وتفهيمه(1)!

غير أنّ فضلاء الطلبة توفّروا على متانة علميّة ورصانة فقهيّة، كان يتمتّع بها اُستاذهم ممّا زادهم انشداداً إلى درسه وإعجاباً به.

هذا في حياته العلميّة. وأمّا في حياته الشخصيّة، مع أنّ والده كان قد أجرى له معاشاً محدّداً، ولكن مع ذلك يصرف بعضه على من كان في خدمته، وكان يرفضُ عُروضاً بالمساعدة من الآخرين، تعزّزاً وإباءً واشمئزازاً من الترفّه والترف اللّذين يزريان بطالب العلم.

وكان في بدء وصوله إلى اصفهان يسكن مدرسة «حاجي كلباسي»، ثمّ انتقل بعد فترة إلى «مدرسة الصدر»، وظلّ في اصفهان يواصل دروسه وبحوثه تسع

  • (1) المنهج الرجالي للسيّد البروجردي(قدس سره): 17.
(الصفحة 14)

سنوات، ولم يخرج منها إلاّ تلبية لأمر والده الذي طلب منه المجيء إلى بروجرد ليتمّ زواجه، وكان هذا سنة 1314هـ .

المرحلة الثالثة: النجف

لسماحة السيّد زيارتان للنجف الأشرف: أمّا الثانية: فكانت بعد عودته من أداء فريضة الحجّ سنة 1344هـ ، وقد قضى فيها ثمانية أشهر في الدرس والتحصيل، كما التقى بكبار علماء الحوزة فيها.

وأمّا الاُولى: فكانت في سنة 1319هـ حينما استجاز والده للسفر إلى النجف الأشرف لزيارة مرقد الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، ولإتمام دراساته هناك، فأجابه على أن يعود إلى بروجرد من اصفهان لتهيئة مؤونة سفره إلى النجف الأشرف.

وبالفعل سافر إلى النجف، حيث الحوزة العلميّة العريقة علماً وعملاً وفضلاً وشرفاً وسؤدداً، والتي هي بحقّ كانت تمثّل أكبر جامعة علميّة في العالم الإسلامي آنذاك ممّا جعل لرغبة سيّدنا حافزاً عظيماً للإلتحاق بها، وطالما كانت اُمنيته تراوده كي يحضر فيها ويستقي من معينها، بعد أن ذاق طعم الدراسة في حوزتي بروجرد واصفهان... ويالَه من طموح عظيم إنّه طموح العظماء، الذين لا يشبعون من العلم، ولا يتهيبون صعوبات ومشاق الرحلة إليه... فحطّ رحاله حيث حلقات الدرس التي يقيمها كلّ من الآخوند المولى محمد كاظم الخراساني، وشيخ الشريعة الاصفهاني والسيّد محمد كاظم اليزدي صاحب العروة الوثقى. وكان يومها له من العمر سبع وعشرون سنة. فراح طيلة عشر سنوات يستقي علمه منهم بشغف وجدّية قلَّما لها من نظير. وأفاد من الآخوند(رحمه الله)أيّما إفادة، حيث انكبَّ على ملازمته أكثر من غيره، كما كان يحظى بإقبال وعناية خاصّة من قِبله; إذ كان الآخوند

(الصفحة 15)

والاصفهاني يتوسّمان فيه الذكاء الوقّاد والعبقريّة الفذّة، ويرون له مستقبلاً لا يرقى إليه إلاّ من كان ذا حظٍّ عظيم.

المرحلة الرابعة: بروجرد مرّة اُخرى

ولمّـا عاد إلى بلدة بروجرد سنة 1328 كان مزوّداً بشهادة الاجتهاد من كلّ من شيخيه الخراساني والاصفهاني(1). كانت عودته لزيارة والده السيّد عليّ الطباطبائي الذي وافاه الأجل بعد ستّة أشهر من وصول ابنه، ثمّ ورده خبر وفاة استاذه الآخوند الخراساني. فحالت هاتان المصيبتان عن عودته إلى النجف الأشرف، فآثر البقاء في مدينته، ودامت إقامته فيها هذه المرّة ستّاً وثلاثين سنة، وهي أطول مدّة قضاها بشكل متواصل فيها.

حقّاً لقد كانت هذه المرحلة فترةً غنيّةً بالعلم والمعرفة، حيث صقلت شخصيّته، وعمقت مداركه، وبرّزت مواهبه، فبروجرد لم تكن مدينة بعيدة عن الأجواء العلميّة الحوزويّة أبداً، بل هي مدينة عريقة بحوزتها، وحافلة بعلومها وعطائها الثرّ وأساتذتها، وبعلماء كبار وطلبة أفاضل... هيّأت هذه الأجواء لسيّدنا فرصة عظيمة لتلقّي العلم، والخوض في أعماقه ونواحيه المختلفة ومجالاته المتنوّعة قبل أن يكون ركناً من أركان الحوزات الشيعيّة، وعلماً من أعلامها، ومناراً من مناراتها، ومرجعاً كبيراً للطائفة.

يقول السيّد المحقّق الجلالي عن هذه الفترة:... فكانت تلك السنون التي ناهزت الستّ والثلاثين سنة إلى حين مغادرته المدينة في 1364هـ فرصةً قيّمةً لتركيز

  • (1) نقباء البشر 2: 606.
(الصفحة 16)

معارفه وتكنيزها، تلك التي ضمّت أسرار نبوغ السيّد وطلوع شخصيّته المرموقة.

فقد وجد في البلد العُدّة الكافية من المصادر والعدد الكافي من المحصّلين والباحثين لإلقاء الدروس عليهم والتحاور معهم، مع المواظبة والملازمة على الأعمال العلميّة المتواصلة بلا انقطاع طيلة المدّة التي عاشها السيّد وقتئذ، حيث كان يُلقي الدرس صباحاً ومساءً، كما كان يستوعب كلّ درس ساعةً من الزمن. وكانت حصيلتها التألّق في سماء الفقه والاُصول والحديث والرجال، العلوم التي هي الملاك الأساسي للمرجعيّة الدينيّة.

وقد استفاد السيّد في هذه البلدة من كلّ الإمكانات المتاحة لتركيز مبانيه العلميّة، متزوّداً من الطبيعة الطيبة التي تمتاز بها، ومن الهدوء والاحترام الذي يتمتّع به بيته الكريم، ومن قوّة شخصيّته الفذّة التي كانت سبباً لالتفاف أهل الفضل والعلم حوله، والأهمّ من الجميع هو قلّة المشاغل غير العلميّة التي تعوق ذوي الفضل عن التفرّغ للبحث والتحقيق والتوفّر على مسائل العلم(1).

إضافةً إلى ما يتمتّع به سيّدنا من نبوغ مبكّر وذكاء مفرط وحافظة جيّدة، وقدرة عجيبة على الصبر والمواظبة والإخلاص، وحرص شديد على عدم إضاعة الوقت، حيث يقول عن نفسه:

إنّي مذ عرفت نفسي لم أفرّط بلحظة واحدة من حياتي، ولم أزل حتى الآن على هذه السيرة التي تشاهدونها.

وراح يوصي طلاّبه فيقول: فلا يحسبنَّ أحدٌ أنّه سيبلغ المدى عندما يصرف وقته في سائر المشاغل، ويقتصر على ساعة واحدة ـ فقط ـ في اليوم للمطالعة.

  • (1) المنهج الرجالي للسيد البروجردي(قدس سره): 19ـ20.