جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 242)

الدالّتين على وجوب العمل بالظنّ، وقاعدة الجمع حينئذ تقتضي التخصيص وحمل هاتين الروايتين على المتحيّر غير الظانّ. وإمّا أن يكون هو من لا علم له ولا ظنّ، كما هو الظاهر من «المتحيّر»; فإنّ من كان ظانّاً بشيء لا يكون عند العقلاء والعرف متحيّراً في ذلك الشيء، فعلى هذا لا تعارض بين الطائفتين، بل تكون الطائفة الاُولى واردة على الثانية، والظاهر من الروايتين هو الإحتمال الثاني; فإنّ من كان ظانّاً بالقبلة وصلّى إلى الجانب الموهوم، يعدّ فعله عند العقلاء قبيحاً; فإنّه من ترجيح المرجوح على الراجح، هذا.

وبعض الأخبار الواردة في الباب يدلّ على وجوب الصلاة إلى أربعة جوانب.

مثل ما رواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن العبّاس، عن عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن عبّاد، عن خراش (خداش خ ل)، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: قلت: جعلت فداك إنّ هؤلاء المخالفين علينا يقولون: إذا اُطبقت علينا أو اُظلمت فلم نعرف السماء كنّا وأنتم سواء في الاجتهاد، فقال: ليس كما يقولون، إذا كان ذلك فليصلّ لأربع وجوه(1).

ومقتضى هذه الرواية وجوب الصلاة لأربع وجوه في مورد المظنة، فتعارض جميع الروايات المتقدّمة، ولكنّها موهونة من جهة مجهوليّة بعض رواته كخداش (خراش خ ل)، ومن جهة الإرسال، مضافاً إلى أنّ مقتضى ظاهرها أنّ الشيعة لا يعمل على طبق الظنّ أصلا ولو في مورد، مع أنّه خلاف ما عليه جميع علمائهم من العمل بالظنّ في موارد كثيرة، كالظنّ في الركعتين الأخيرتين في الصلاة، وغيره من الموارد; فلا يمكن الاعتماد على مثل هذه الرواية.

  • (1) تهذيب الأحكام 2: 45، ح144; الاستبصار 1: 295، ح1085; وعنهما وسائل الشيعة 4: 311، أبواب القبلة، ب8، ح5.
(الصفحة 243)

ولم يبق معارض للطائفة الاُولى من الأخبار الدالّة على وجوب العمل بالمظنّة إلاّ بعض ما يدلّ من الأخبار على وجوب الصلاة إلى أربعة جوانب عدا مرسلة الصدوق قال: روي فيمن لا يهتدي إلى القبلة في مفازة أنّه يصلّي إلى أربعة جوانب(1).

ومرسلة الكليني قال: وروي أيضاً أنّه ـ أي المتحيّر ـ يصلي إلى أربع جوانب(2).

ومقتضى الجمع أن يقال: إنّ الطائفة الاُولى من الأخبار تكون أخصّ من المرسلة الاُولى لو كان المراد بعدم الاهتداء هو عدم الاهتداء علماً، فيجب تخصيصها بها. وأمّا لو كان المراد به عدم الاهتداء ولو ظنّاً فلا تعارض بينهما.

وأمّا المرسلة الثانية، فموردها المتحيّر; وقد عرفت الجمع بين الأخبار الواردة في المتحيّر، والأخبار الدالّة على وجوب التحرّي والعمل بالظنّ، فراجع.

نعم، تبقى المعارضة بين نفس الأخبار الواردة في المتحيّر، وسيجيء حكمه.

هذا كلّه فيما إذا تمكّن المصلّي من تحصيل الظنّ. وأمّا إذا لم يحصل له العلم ولا الظنّ، بل كان متحيّراً في جهة الكعبة، فمقتضى بعض الأخبار ـ كرواية زرارة ومحمّد بن مسلم المتقدّمة المروية في الفقيه، ومرسلة ابن أبي عمير المتقدّمة المروية في الكافي ـ أنّه يجزئ المتحرّي أينما توجّه، وإلى أيّ جهة شاء، ومقتضى مرسلتي الصدوق والكليني المتقدّمتين أيضاً وجوب الصلاة إلى أربعة جوانب.

والروايتان الاُوليان وإن كانتا مرسلتين أيضاً، إلاّ أنّ الإرسال لا يضرّ

  • (1) الفقيه 1: 180، ح854; وعنه وسائل الشيعة 4: 310، أبواب القبلة، ب8، ح1.
  • (2) الكافي 3: 286، ذ ح10; وعنه وسائل الشيعة 4: 311، أبواب القبلة، ب8، ح4.
(الصفحة 244)

باعتبارهما; لانجباره بفتوى جلّ الأصحاب على طبق مضمونهما.

وكيف كان، فمرجع الخبرين الأوّلين إلى سقوط شرطيّة الاستقبال في صورة التحيّر، ومرجع الأخيرين إلى ثبوتها مطلقاً، فيتعارضان فيسقطان، فيرجع إلى الإطلاقات الدالّة على شرطيّة الاستقبال مطلقاً حتّى في صورة التحيّر، وقد تقدّم بعضها في أوّل المبحث.

ثمّ إنّ المراد بالظنّ الذي يجب العمل على طبقه هو الظنّ الحاصل بعد التحرّي والاجتهاد، لا الأعمّ منه ومن الظنّ الابتدائي; لظهور الأخبار في ذلك، كخبر سماعة المتقدّم وغيره.

ثمّ إنّه هل يكفي في مورد المظنّة أن يصلّي إلى الجوانب الأربعة الذي هو مقتضى الاحتياط، أم لا يجوز، بل يجب العمل على طبقها؟ وجهان مبنيّان على أنّه هل يكفي للمكلّف القادر على تحصيل الامتثال التفصيلي ولو ظنّاً أن يقتصر على الامتثال الإجمالي، أم لا، بل يجب عليه إتيان العمل على نحو الامتثال التفصيلي ولو ظنّاً؟ وقد ذكر في محلّه(1)، فراجع.

ثمّ إنّ ما ذكرنا من أنّه تجب الصلاة إلى أربعة جوانب على المتحيّر الذي لا يتمكّن من تحصيل العلم ولا الظنّ، إنّما هو في صورة تمكّنه من الصلاة إليها، كما إذا لم يكن الوقت مضيّقاً ولم يكن عرض به ما يمنعه عنها. وأمّا إذا لم يتمكّن من الصلاة إلى أربعة جوانب، إمّا لضيق الوقت، أو لشيء من الموانع والطوارئ، فإن لم يتمكّن إلاّ من الصلاة إلى جهة واحدة فقط، فيجب عليه صلاة واحدة إلى جهة واحدة مخيّراً في تعيينها، كما يدلّ على ذلك ما دلّ على أنّ المتحيّر

  • (1) فرائد الاُصول (تراث الشيخ الأعظم) 1: 71ـ76.
(الصفحة 245)

يصلّي إلى أيّ جهة شاء(1)، بعد حملها على صورة عدم تمكّنه من الصلاة إلى الجوانب الأربعة; لمعارضتها بما يدلّ على أنّه يجب على المتحيّر الصلاة إليها(2).

وهل يجب عليه بعد التمكّن وزوال المانع أن يصلّي إلى باقي الجهات، أو لا؟ وجهان مبنيّان على أنّه هل يستفاد من الروايات الدالّة على كفاية الصلاة إلى إحدى الجهات ـ بعد حملها على الصورة المذكورة ـ سقوط شرطيّة القبلة في تلك الصورة، وأنّ الصلاة الواحدة هو التكليف الواقعي لذلك الشخص ولو لم يصادف القبلة، أو أنّه لم يسقط شرطيّتها، وأنّ المكلّف به هي الصلاة إلى القبلة الواقعيّة؟ غاية الأمر أنّه يكتفي بالواحدة; لعدم تمكّنه من الصلاة إلى باقي الجهات، فإذا تمكّن وزال المانع في الوقت أو خارجه يجب عليه الصلاة إلى بقيّة الجهات; ولعلّ الظاهر من الرواية هو المعنى الأوّل، فتدبّر.

وأمّا إذا تمكّن من الصلاة إلى جهتين أو ثلاث جهات، ففي وجوب صلاة واحدة إلى جهة واحدة فقط، أو وجوب مقدار تمكّن منه خلاف، فالمحكيّ عن بعض هو الاكتفاء بالواحدة، وعدم وجوب الزائدة عليها(3)، واستدلّ له بأنّ وجوب الصلاة إلى الجوانب الأربعة إنّما هو مقدّمة للعلم بتحقّق الواجب الواقعيّ الذي هو الصلاة إلى القبلة الواقعيّة، ومن المعلوم أنّ المقدّمة العلميّة إنّما تجب مع تحقق العلم بعدها، وأمّا مع عدم إمكان تحقّقه فغير واجبة عند العقل، والمفروض

  • (1) وسائل الشيعة 4: 311، أبواب القبلة، ب8، ح3.
  • (2) وسائل الشيعة 4: 310ـ311، أبواب القبلة، ب8، ح1 و 4.
  • (3) الفقيه 1: 179; وحكاه عن العمّاني في مختلف الشيعة 2: 67; مجمع الفائدة والبرهان 2: 67ـ69; مدارك الأحكام 3: 136; الذخيرة المعاد: 218; مفاتيح الشرائع 1: 114; الحدائق الناضرة 6: 400.
(الصفحة 246)

في المقام أنّ المكلّف غير قادر على الإتيان بجميع المحتملات التي توجب العلم ويتحقّق بعدها.

وفيه: أنّ العلم بتحقّق الواجب الواقعي ليس واجباً مستقلاًّ في مقابل نفس الواجب الواقعي حتى تجب مقدّماته الوجوديّة، واستحقّ المكلّف بإتيانه المثوبة، وبمخالفته العقوبة، اللّتين يستحقّهما المكلّف بسبب إطاعة الواجب الواقعي ومخالفته، بل المكلّف لمّا توجّه إليه التكليف الصادر من المولى وعلم به، يحكم العقل عليه بأنّه يجب عليك امتثاله، فإذا كان المكلّف قادراً على الامتثال اليقيني يحكم عليه بوجوبه. وأمّا إذا لم يتمكّن منه، فالعقل يحكم عليه بوجوب السعي، وتحصيل الجهد في حصول مراد المولى ومقصوده، فإذا تمكّن من الامتثال الظنّي يحكم بوجوبه عليه، فإذا جهد وسعى غاية السعي ولم يصادف ما أتى به للواجب الواقعي فهو معذور عنده.

وفيما نحن فيه تكون غاية السعي إتيان مقدار يتمكّن منه من المحتملات; لأنّ بإتيان الواحدة يحتمل أنّه لم يدرك الصلاة إلى القبلة الواقعيّة مع احتمال إدراكها في باقي الصلوات; فإنّه وإن لم يتمكّن من الموافقة القطعيّة، وتشترك الصلاة الواحدة مع الأكثر في حصول الموافقة الاحتماليّة، إلاّ أنّ الموافقة الاحتماليّة إذا كانت من وجوه متعدّدة بعضها أقرب إلى الامتثال اليقيني من بعض آخر، يحكم العقل بوجوب إتيان ما هو الأقرب، نظير ما إذا علم بوجوب أحد الشيئين المتبائنين، ولم يتمكّن من الإتيان بهما معاً.

ولكن يرجّح في نظره وجوب أحدهما على الآخر; فإنّ العقل يستقلّ بترجيح الجانب المظنون، ويحكم بأنّه لو كان الواجب الواقعي هو الطرف الموهوم لم يستحقّ المكلّف عقاباً، بل هو معذور; بخلاف ما إذا رجّح الجانب الموهوم;