جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 273)

مع كثرة ابتلاء الناس إلى التوجّه إليها في الصلاة وغيرها، فكيف يمكن أن يكون الناس مأمورين بالتوجّه إليها على النحو المذكور؟ ولذلك ذهب المتأخّرون إلى أنّه لا يعتبر في تحقّق الاستقبال عرفاً وقوع الخطّ الخارج من المستقبِل ـ بالكسر ـ على المستقبَل ـ بالفتح ـ ، وإن اختلفوا في أنّه هل يعتبر ذلك في المحاذاة، أو لا يعتبر فيها أيضاً؟

قال المحقّق الهمداني في توجيهه ما ملخّصه: إنّ الاستقبال ممّا يختلف بالنسبة إلى القريب والبعيد; فإنّك إذا استقبلت صفّاً طويلا، وكنت قريباً منهم، لا تكون مستقبلا إلاّ واحداً منهم، ولكنّك إذا بعدت عنهم بمقدار كثير على نحو لا تخرج من الخطّ المستقيم الخارج من موقفك الأوّل، لوجدت نفسك محاذياً لجميعهم، مع أنّ المحاذاة الحقيقيّة لا تكون إلا بينك، وبين ما كانت أوّلا، وكذلك إذا نظرت إلى عين الشمس أو سائر الكواكب، لوجدت نفسك محاذياً لها وفي مقابل وجهك، مع أنّ مساحة الشمس أعظم من مساحة الأرض أضعافاً مضاعفة، والمحاذاة الحقيقيّة تكون بينك وبين نقطة صغيرة منها.

وهذا هو المراد ممّا شاع في ألسنتهم من أنّ الشيء كلّما ازداد بعداً إزدادت جهة محاذاته سعةً، وبه يندفع ما أورده الشيخ(1) القائل بأنّ قبلة البعيد هي الحرم، على القائلين بأنّ قبلة البعيد هي الكعبة، من لزوم بطلان صلاة بعض الصفّ الطويل; لماعرفت من أنّ هذا بالنسبة إلى القريب مسلّم، وأمّا إذا كان الصفّ بعيداً فيرى كلّ من أهل الصفّ نفسه مستقبلا للكعبة(2)، انتهى.

  • (1) الخلاف 1: 295ـ296، مسألة 41.
  • (2) مصباح الفقيه 10: 21ـ22.
(الصفحة 274)

وظاهره أنّ الحاكم باختلاف الاستقبال بالنسبة إلى القريب والبعيد هو الوجدان، ويمكن أن يكون الوجه فيه ـ أي في حكم الوجدان بذلك ـ أنّ استقبال الإنسان للشيء إنّما يتحقّق بكون وجهه مقابلا ومواجهاً له، ومن المعلوم أنّ وجه الإنسان يكون محدّباً; فإنّه يكون ربع الدائرة التي يتشكّل منها رأس الإنسان أو خمسها.

ومن الواضح: أنّ الخطوط الخارجة من الشيء المحدّب لا يكون على نحو التوازي، بل على نحو كلّما كان طولها أزيد كان المقدار الفاصل بينها أكثر.

فإذا كان الإنسان مواجهاً للشيء القريب منه، يكون تمام الخطوط الخارجة من وجهه واقعة على ذلك الشيء. وأمّا إذا كان مواجهاً لما هو بعيد منه، يكون بعض الخطوط الخارجة واقعاً عليه، وبعضها الآخر على الأجسام الواقعة في طرف يمين ذلك الشيء أو يساره; هذا إذا كان المستقبل أشياء متعدّدة. وأمّا إذا كان شيئاً واحداً، كما فيما نحن فيه من مسألة القبلة، فلا محالة يقع أحد
الخطوط الخارجة من أجزاء وجهه على الكعبة; لأنّك عرفت أنّ الخطوط الخارجة من أجزاء الوجه ليست على نحو التوازي، والمفروض أنّ الكعبة واقعة في الربع أو الخمس من الدائرة التي تمرّ بالكعبة، مع أنّ المقدار الفاصل بين منتهى تلك الخطوط لا يزيد على ربع تلك الدائرة، فعليه: يقع أحد الخطوط على الكعبة لا محالة.

ولا يستلزم ذلك جواز الانحراف إلى ما بين المشرق والمغرب ممّا هو قريب منهما، بيان توهّم الاستلزام: أنّ الخطّ الخارج من منتهى يسار الوجه أو يمينه، لو كان واقعاً على الكعبة مع كونها واقعة في منتهى يمين ذلك المقدار من الدائرة

(الصفحة 275)

أو يساره، يلزم الانحراف بمقدار الربع أو الخمس. وبيان الدفع، أنّ الكعبة واقعة في وسط ذلك المقدار، وعلى فرض وقوع الخطّ الخارج من منتهى يمين الوجه أو يساره عليها لا يلزم الانحراف بذلك المقدار، بل يلزم نصفه كما لا يخفى.

هذا، مضافاً إلى عدم معلوميّة كفاية الخطّ الخارج من منتهى يمين الوجه أو يساره، بل يلزم أن يخرج من وسط الوجه وما يقاربه من جانبيه كالقريب.

ثمّ إنّك عرفت(1) أنّ قبلة البعيد هي الجهة، وهي كما ذكره المحقّق في المعتبر، السمت الذي فيه الكعبة، وعرفت(2) أنّ المراد بالسمت إحدى الجهات الستّ المتصوّرة بالنسبة إلى كلّ شخص، وهو ربع الدائرة التي أحاطت به.

ويؤيّده ما دلّ على أنّ ما بين المشرق والمغرب قبلة بالمعنى الذي ذكرناه(3)، وما دلّ على أنّ مع اشتباه القبلة يجب أن يصلّي إلى أربع جهات(4).

وما ورد في حرمة استقبال القبلة واستدبارها في البول والغائط من التعبير بوجوب التشريق أو التغريب(5).

وما في سؤال بعض الروات; من مسألة حكم صورة الجهل بالقبلة لأجل عدم ظهور الشمس مع كونه في الفلاة، أو لأجل كونه في الليل(6); فإنّه يشعر بأنّ مع ظهور الشمس لا يكون جاهلا بالقبلة.

وما ورد من أنّه لمّا تحوّلت القبلة إلى الكعبة أتى الناس رجلٌ وهم في الصلاة

  • (1 ، 2) في ص226ـ227.
  • (3) في ص259ـ262.
  • (4) وسائل الشيعة 4: 310ـ311، أبواب القبلة، ب8.
  • (5) تهذيب الأحكام 1: 25، ح64; الاستبصار 1: 47، ح130; وعنهما وسائل الشيعة 1: 302، أبواب أحكام الخلوة، ب2، ح5.
  • (6) وسائل الشيعة 4: 316ـ317، أبواب القبلة، ب11، ح4 و 6.
(الصفحة 276)

وقد صلّوا ركعتين، فقال: إنّه قد صرفت القبلة إلى الكعبة، فتحوّلت النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء، وصلّوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة(1)، وغير ذلك من المؤيّدات، فتدبّر جيّداً.

مسألة: لا إشكال ولا خلاف في عدم شرطيّة الاستقبال في النوافل في الجملة، ومستنده أخبار كثيرة:

منها: ما رواه عبدالرحمن بن الحجاج أنّه سأل أبا عبدالله(عليه السلام)عن الرجل يصلّي النوافل في الأمصار وهو على دابّته حيث ما توجّهت به؟ قال: لابأس(2).

ومنها: ما رواه إبراهيم الكرخي، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه قال له: إنّي أقدر أن أتوجه نحو القبلة في المحمل، فقال: هذا الضيق، أما لكم في رسول الله(صلى الله عليه وآله)أسوة؟(3).

ومنها: صحيحة الحلبي ـ المرويّة في التهذيب ـ أنّه سأل أبا عبدالله(عليه السلام)عن صلاة النافلة على البعير والدابّة؟ فقال: نعم، حيث كان متوجّهاً، وكذلك فعل رسول الله(صلى الله عليه وآله). ورواه محمّد بن سنان على ما في الكافي مثله وزاد: قلت: على البعير والدابّة؟ فقال: نعم، حيث ما كنت متوجّهاً. قلت: أستقبل القبلة إذا أردت التكبير؟ قال: لا، ولكن تكبّر حيث ما كنت متوجّهاً، وكذلك فعل رسول الله(صلى الله عليه وآله)(4).

  • (1) تقدّم في ص222.
  • (2) الفقيه 1: 285، ح1298; الكافي 3: 440، ح8; تهذيب الأحكام 3: 230، ح591; وفيهما: نعم، لا بأس; وعنها وسائل الشيعة 4: 328، أبواب القبلة، ب15، ح1.
  • (3) الفقيه 1: 285، ح1295; تهذيب الأحكام 3: 229، ح586; وعنهما وسائل الشيعة 4: 329، أبواب القبلة، ب15، ح2.
  • (4) تهذيب الأحكام 3: 228، ح581; الكافي 3: 440، ح5; وعنهما وسائل الشيعة 4: 329ـ330، أبواب القبلة، ب15، ح6 و 7.
(الصفحة 277)

ومنها: صحيحة حمّاد بن عثمان، عن أبي الحسن الأوّل(عليه السلام) في الرجل يصلّي النافلة وهو على دابّته في الأمصار، قال: لا بأس(1). وهذه الرواية وإن لم يقع فيها التصريح بنفي شرطيّة الاستقبال في النافلة كبعض الروايات الاُخر، إلاّ أنّ المتبادر منها إرادة فعلها متوجّهاً نحو المقصد أيّ جهة كان.

ومنها: صحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج، عن أبي الحسن(عليه السلام) قال: سألته عن صلاة النافلة في الحضر على ظهر الدابّة إذا خرجت قريباً من أبيات الكوفة، أو كنت مستعجلا بالكوفة؟ فقال: إن كنت مستعجلا لا تقدر على النزول، وتخوّفت فوت ذلك إن تركته وأنت راكب، فنعم، وإلاّ فإنّ صلاتك على الأرض أحبّ إليّ(2). وظاهرها جواز الإتيان بالنافلة على ظهر الدابّة حيثما توجّهت به، ولكنّ الأفضل إيقاعها على الأرض.

ومنها: ما عن الطبرسي في مجمع البيان، عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السلام)في قوله ـ تعالىـ: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)(3) أنّها ليست بمنسوخة، وأنّها مخصوصة بالنوافل في حال السفر(4).

ومنها: ما عن الشيخ في النهاية، عن الصادق(عليه السلام) في قوله ـ تعالى ـ : (فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ...) الآية، قال: هذا في النوافل خاصّة في حال السفر. فأمّا الفرائض فلابدّ فيها من استقبال القبلة(5).

  • (1) تهذيب الأحكام 3: 229، ح589; وعنه وسائل الشيعة 4: 330، أبواب القبلة، ب15، ح10.
  • (2) تهذيب الأحكام 3: 232، ح605; وعنه وسائل الشيعة 4: 331، أبواب القبلة، ب15، ح12.
  • (3) سورة البقرة 2: 115.
  • (4) مجمع البيان 1: 385; وعنه وسائل الشيعة 4: 332، أبواب القبلة، ب15، ح18.
  • (5) النهاية: 64; وعنه وسائل الشيعة 4: 332، أبواب القبلة، ب15، ح19.