جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 485)

الأخذ بها أيضاً.

والحكم بوجوب الصلاة عارياً، وكيفيّة صلاة العاري من حيث القيام أو القعود، ومن حيث الإيماء أو الركوع والسجود ما عرفت سابقاً، فراجع.

مسألة: لو كان له ثوبان يعلم بنجاسة أحدهما لا على التعيين، ولم يتمكّن من غسل أحدهما، فمقتضى القاعدة وجوب الصلاة في كليهما; لأنّه يتمكّن من مراعاة الستر والطهارة المعتبرة في الثوب، بالصلاة في كلّ منهما مرّة.

غاية الأمر أنّه لا يتمكّن من الامتثال العلمي التفصيلي فيسقط، ولا يجب عليه حينئذ أزيد من الامتثال العلمي الاجمالي، كما هو الشأن في جميع موارد العلم الاجمالي، ويدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى أنّه مقتضى القاعدة ـ كما عرفت ما رواه الصدوق في الصحيح عن صفوان بن يحيى أنّه كتب إلى أبي الحسن(عليه السلام)يسأله عن الرجل معه ثوبان، فأصاب أحدهما بول ولم يدر أيّهما هو، وحضرت الصلاة وخاف فوتها وليس عنده ماء، كيف يصنع؟ قال: يصلّي فيهما جميعاً(1).

هذا، وصرّح الحلّي في محكيّ السرائر بوجوب الصلاة عارياً على طريقة صلاة العاري، وزعم أنّه مقتضى الاحتياط، وسيجيء نقل عبارته، ويظهر من الشيخ في الخلاف وجود القائل بهذا القول في عصره وقبله(2); كما أنّه يظهر من مبسوطه وجود رواية على هذا المضمون، ولكنّه(قدس سره) أفتى فيهما بوجوب الصلاة فيهما جميعاً(3).

  • (1) الفقيه 1: 161، ح757; تهذيب الأحكام 2: 225، ح887; وعنهما وسائل الشيعة 3: 505، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، ب64، ح1.
  • (2) الخلاف 1: 481.
  • (3) المبسوط 1: 91.
(الصفحة 486)

قال الحلّي في السرائر: وإذا حصل معه ثوبان: أحدهما نجس، والآخر طاهر، ولم يتميّز له الطاهر، ولا يتمكّن من غسل أحدهما، قال بعض أصحابنا: يصلّي في كلّ واحد منهما على الانفراد وجوباً، وقال بعض منهم: ينزعهما ويصلّي عرياناً، وهذا الذي يقوى في نفسي وبه اُفتي; لأنّ المسألة بين أصحابنا فيها خلاف، ودليل الإجماع منفيّ، فإذا كان كذلك فالاحتياط يوجب ما قلناه.

فإن قال قائل: بل الاحتياط يوجب الصلاة فيهما على الانفراد; لأنّه إذا صلّى فيهما جميعاً، تبيّن وتيقّن بعد فراغه من الصلاتين معاً أنّه قد صلّى في ثوب طاهر.

قلنا: المؤثّرات في وجوه الأفعال تجب أن تكون مقارنة لها لا متأخّرة عنها، والواجب عليه عند افتتاح كلّ فريضة أن يقطع على ثوبه بالطهارة، وهذا يجوّز عند افتتاح كلّ صلاة من الصلاتين أنّه نجس، ولا يعلم أنّه طاهر عند افتتاح كلّ صلاة، فلا يجوز أن يدخل في الصلاة إلاّ بعد العلم بطهارة ثوبه وبدنه; لأنّه لا يجوز أن يستفتح الصلاة، وهو شاكّ في طهارة ثوبه، ولا يجز أن تكون صلاته موقوفة على أمر يظهر فيما بعد، وأيضاً كون الصلاة واجبة على وجه تقع عليه الصلاة، فكيف يؤثّر في هذا الوجه ما يأتي بعده، ومن شأن المؤثّر في وجوه الأفعال أن يكون مقارناً لها لا يتأخّر عنها على ما بيّناه(1)، انتهى موضع الحاجة من نقل كلامه(قدس سره).

ولا يخفى ما فيه. أمّا أولا: فلأنّ الظاهر من قوله: ودليل الاجماع منفيّ، أنّ الدليل المتصوّر منحصر بالإجماع، وهو غير موجود في المسألة، مع أنّ الواضح عدم اختصاص الدليل بالإجماع المفقود فيها; لما عرفت من دلالة الرواية

  • (1) السرائر 1: 184ـ185.
(الصفحة 487)

الصحيحة المتقدّمة على حكم المسألة.

وأمّا ثانياً: فلأنّه لو سلّمنا انحصار الدليل بالإجماع المفقود; لعدم حجّية خبر الواحد كما هو مرامه(قدس سره)، فلا نسلّم أنّه بعد فقد الإجماع يجب الرجوع إلى الاحتياط، فمن المحتمل أن يكون الواجب هو الرجوع إلى أصالة البراءة.

وأمّا ثالثاً: فلأنّه لو سلّمنا أنّ الواجب بعد فقد الإجماع هو الرجوع إلى أصالة الاحتياط، لكن لا نسلّم أنّ مقتضاها وجوب الصلاة عارياً، بل الظاهر أنّ الاحتياط يقتضي وجوب الصلاة فيهما جميعاً; لأنّ ما أجاب به عن قول القائل بأنّ الاحتياط يوجب الصلاة فيهما على الانفراد; من أنّ المؤثّرات في وجوه الأفعال إلخ، لا يخلو من الإشكال; لأنّه إن أراد بذلك أنّ المؤثّر في صيرورة الصلاة ذا مصلحة موجبة لتعلّق الأمر بها، هي طهارة المصلّي بما يلابسه، فهو وإن كان مسلّماً، إلاّ أنّ من الواضح عدم كونها متأخّرة عنها، بل مقارنة لها، غاية الأمر أنّ العلم بوقوعها مع الطهارة متأخّر عنها، كما لا يخفى.

وإن أراد بذلك أنّ المؤثّر في ذلك هو العلم بوقوع الصلاة مع الطهارة المعتبرة فيها، كما يدلّ عليه قوله: «والواجب عليه عند افتتاح كلّ فريضة أن يقطع على ثوبه بالطهارة»، فهو وإن كان تحقّقه موقوفاً على الصلاة في كليهما، فيتأخّر تحقّقه عنها، إلاّ أنّ الظاهر عدم الدليل على اعتبار العلم بالطهارة، بل المعتبر نفسها، وبعبارة اُخرى: هي شرط واقعيّ لا علميّ.

وإن أراد بذلك أنّ المؤثّر هو قصد امتثال الأمر المتعلّق بالصلاة مع الطهارة; لأنّها من الاُمور العباديّة التي يشترط في صحّتها قصد الأمر المتعلّق بها، وبدونه تكون بلا حسن ومصلحة، وحينئذ فمع الشك في طهارة الثوب عند الشروع

(الصفحة 488)

لا يتمشّى منه قصد الامتثال; لعدم العلم بتعلّق الأمر بالصلاة في هذا الثوب.

ففيه: أنّ الواضح أنّ الداعي له إلى الإتيان بهما جميعاً ليس إلاّ الأمر المتعلّق بالصلاة مع الطهارة; إذ المفروض عدم كونه مرائياً في فعلهما، غاية الأمر أنّه لا يعلم بأنّ الامتثال هل تحقّق بالصلاة التي فعلها أوّلا، أو أنّ المحصّل له هو ما أتى به ثانياً، ولا دليل على اعتبار هذا العلم في تحقّقه، بل الظاهر أنّه لا فرق في تحقّق الإطاعة بين الامتثال العلمي التفصيلي، وبين الامتثال العلمي الإجمالي فيما إذا كان متمكّناً من الأوّل أيضاً، لولا أنّ العبادات محتاجة في كيفيّتها إلى ثبوت الإذن من الشارع، ولم يرد في صورة التمكّن من الامتثال العلمي التفصيلي الإذن، والتخيير بينه وبين الآخر.

وبالجملة: فقصد الأمر المعتبر في صحّة العبادة لا ينحصر تحقّقه بماإذا علم بالمأمور به تفصيلا، كما عرفت.

هذا كلّه فيما إذا تمكّن المكلّف من الصلاة في الثوبين جميعاً، وقد عرفت أنّ الأقوى وجوبها فيهما.

وأمّا إذا لم يتمكّن إلاّ من الصلاة في أحدهما لضيق الوقت، فالظاهر أنّ المسألة مبتنية على المسألة السابقة; وهي ما لو انحصر ثوبه في النجس، فإن قلنا بأنّ الواجب في تلك المسألة هي الصلاة في الثوب النجس، كما اختاره كاشف اللّثام(1)، وتبعه جمع من مقاربي عصرنا، منهم: السيّد(قدس سره) في العروة(2)، فيجب عليه هنا الصلاة في أحد الثوبين ـ الذي لا يعلم بنجاسته ـ بطريق أولى، كما لا يخفى.

  • (1) تقدّم في ص477.
  • (2) تقدّم في ص484.
(الصفحة 489)

وإن قلنا بأنّه يجب عليه في تلك المسألة الصلاة عارياً، كما قوّيناه(1)تبعاً للشيخ أبي جعفر الطوسي(رحمه الله)، فالظاهر أنّ الواجب عليه في مسألتنا هذه أيضاً ذلك.

وتوهّم ثبوت الفرق بين المقامين; بأنّ الأمر هناك دائر بين الصلاة فاقداً للستر وللمانع، وبين الصلاة واجداً لهما معاً قطعاً; للعلم بنجاسة الثوب المنحصر، وهنا دائر بين الصلاة فاقداً للشرط قطعاً، وبينها واجداً للمانع احتمالا.

وبعبارة اُخرى: الأمر في المسألة السابقة كان دائراً بين المخالفة القطعيّة للأمر المنجّز المعلوم بترك ما هو شرط للمأمور به يقيناً، وبين المخالفة القطعيّة له بإتيانه واجداً للمانع كذلك، وهنا دائر بين المخالفة القطعيّة له بترك ما هو شرط له، وبين المخالفة الاحتماليّة بإيقاع الصلاة في الثوب الذي شكّ في طهارته، ولا ريب أنّ الترجيح مع الثاني، كما يحكم به العقل قطعاً.

مدفوع بأنّ الكلام إنّما هو في مقام تعلّق الأمر، وأنّه هل تعلّق أمر المولى فيما إذا لم يمكن مراعاة الشرط والمانع معاً بالصلاة مع رعاية الشرط، أو بها مع خلوّها عن المانع وإن كانت فاقدة للشرط؟ وقد دلّت الأخبار المتقدّمة في المسألة السابقة على ترجيح مانعيّة النجاسة; لقوّتها على شرطيّة الستر.

وحينئذ فلو قلنا بوجوب الصلاة في الثوب فيما نحن فيه، فمرجعه إلى اكتفاء المولى بمحتمل الصلاتيّة; إذ على تقدير نجاسة الثوب واقعاً لا تتحقّق الصلاة أصلا، فاللازم أن يقال بكفاية الشك في تحقّق الامتثال، مع عدم وجود ما يحرزه كما هو المفروض، وهو ممّا يحكم ببداهة خلافه العقل; إذ مرجعه إلى عدم كون

  • (1) في ص484.