جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 132)

عنهم(عليهم السلام)على الأخبار الدالّة على أنّ الاعتبار إنّما هو بالحمرة، يحصل القطع بأنّ هذا المعنى قد اُلقي إليهم من ناحية أئـمّتهم(عليهم السلام).

وحينئذ فيجب العمل بها خصوصاً مع كثرتها، وطرح الأخبار المخالفة; لأجل صدورها تقيّة، كما يشهد بذلك لسان بعضها.

ومن المعلوم أنّ بناءهم على مراعاة التقيّة، خصوصاً في مثل هذه المسألة التي كانت ضروريّة عند سائر الفرق، وكان اعتقادهم أنّ ذلك مأثوراً من النبيّ(صلى الله عليه وآله)، وأنّ عمله(صلى الله عليه وآله) أيضاً كذلك.

ودعوى أنّه لو كان عمل النبيّ(صلى الله عليه وآله) على وفق ما يقول به الإماميّة ـ كما هو معتقدنا ـ فكيف يمكن أن يختفي على جميع المسلمين إلى زمان صدور أخبار الحمرة.

مدفوعة بأنّ المسلمين في الصدر الأوّل لم يكونوا متوجّهين إلى خصوصيّات أفعاله(صلى الله عليه وآله)، ولا مهتمّين بضبطها حتّى لا يشتبه الأمر على من بعدهم; لكونهم حديثي العهد بالإسلام، مضافاً إلى أنّهم كانوا قليلين، والاختلاف بين المسلمين في الأحكام إنّما حدث بعد وفاة النبيّ(صلى الله عليه وآله)، فحينئذ توجّه أصحاب النبيّ(صلى الله عليه وآله) إلى أنّه فات منهم ما فات، وأنّهم لم يستفيدوا من صحبته(صلى الله عليه وآله) إلاّ قليلا.

وبالجملة: فلا منافاة بين كون عمل النبيّ(صلى الله عليه وآله) على طبق ما يقول به الإماميّة، وبين اختفاء ذلك على المسلمين; لعدم اهتمامهم بضبط خصوصيّات أفعاله(صلى الله عليه وآله)، فلا ينبغي الارتياب بملاحظة ما ذكرنا في أنّ الترجيح إنّما هو مع أخبار الحمرة.

فقد انقدح ممّا ذكرنا عدم المنافاة بين الطائفتين من الأخبار أوّلا، ولزوم الأخذ بأخبار الحمرة ثانياً.

(الصفحة 133)

واعلم أنّه بعد استتار القرص عن الأنظار تكون الحمرة المشرقيّة متّصلة بالاُفق حسّاً، وترتفع تدريجاً من الاُفق ويسوّد الاُفق، وإذا انتهى ارتفاعها يصير لونها ضعيفاً، ويبلغ إلى حدّ لا ترى العين حمرة أصلا، وحينئذ توجد مقارنة لزوالها حمرة ضعيفة في جانب المغرب فوق الاُفق، وتنخفض تدريجاً مع الاشتداد إلى أن تغيب عن النظر بالكلّية.

وأمّا حركة الحمرة بالتدريج من المشرق إلى أن تبلغ قمّة الرأس، وتميل إلى جانب المغرب كذلك، فليس ممّا يصدّقه الحسّ والوجدان، وحينئذ فيشكل الأخذ بمرسلة ابن أبي عمير المتقدّمة، الظاهرة في حركتها من المشرق إلى المغرب تدريجاً، ويمكن حملها على ما ذكرنا من كون المراد زوال الحمرة في ناحية المشرق، وحدوثها في ناحية المغرب، وحينئذ فلا يستفاد منها أمر وراء سائر الروايات.

نعم، هنا كلام يجري في جميع الروايات، وهو: أنّ المراد بغيبوبة الحمرة، أو زوالها، أو تغيّرها، أو ذهابها على اختلاف التعبيرات الواقعة في الروايات، هل هو ارتفاعها عن الحدّ المتّصل بالاُفق وانفصالها عنه، فتكون العبرة بمجرّد انفصالها، أو أنّ المراد زوالها من ناحية المشرق بالكلّية، بحيث لو نظر الناظر إلى تلك الناحية لم ير فيها حمرة أصلا؟ وجهان، الظاهر هو الوجه الثاني; لأنّ المتبادر من تلك التعبيرات، والمنسبق إلى أذهان العرف إنّما هو هذا الوجه، كما لا يخفى.

ثمّ إنّه ربما يجمع بين الطائفتين من الأخبار المتقدّمة بوجه آخر، وهو: أنّ المراد بزوال الحمرة هو الوجه الأوّل من هذين الوجهين; وهو انفصالها عن الاُفق ولو بقدر أصابع، وإن لم يصل إلى قمّة الرأس فضلا عن التجاوز عنها،

(الصفحة 134)

ومن المعلوم أنّ زوال الحمرة بهذا المعنى مقارن لاستتار القرص عن النظر.

ويرد عليه ـ مضافاً إلى ما ذكرنا من أنّ المراد بزوال الحمرة هو زوالها بالكلّية، بحيث لا يرى الناظر في ناحية المشرق حمرة أصلا، كما يشهد بذلك التعبير عنه في مرسلة ابن أبي عمير المتقدّمة، بتجاوزها قمّة الرأس ـ : أنّه لو كان المراد من أخبار الحمرة هو ما يدلّ عليه أخبار الاستتار ـ وبعبارة اُخرى: كان فتوى الأئـمّة(عليهم السلام) موافقاً لفتاوى سائر الفرق، ولم يكن بينهما مخالفة في هذه الجهة أصلا ـ لما كان وجه لإلقاء هذه الكلمة الموهمة للخلاف بين شيعتهم، خصوصاً مع كون غرضهم مراعاة الاتّحاد، وعدم الاختلاف مهما أمكن، كما هو واضح، فهذا الجمع ممّا لا سبيل إليه أصلا.

وقد يجمع أيضاً بين الأخبار كما عن بعض الأعاظم(1) بحمل أخبار الحمرة على الاستحباب والفضيلة، ولكن يرد عليه: أنّ هذا تصرّف في ظواهر تلك الأخبار من غير أن يدلّ عليه دليل.

والإنصاف أنّه لا سبيل إلى الجمع بغير ما ذكرناه، ومقتضاه أنّ الاعتبار بذهاب الحمرة، وعلى تقدير عدم إمكان الجمع لا مجال للارتياب في ترجيح أخبار الحمرة، ويؤيّده الشهرة المحقّقة بين الفقهاء على ذلك.

ثمّ إنّه حكي عن المحقّق الوحيد البهبهاني(قدس سره)(2) أنّه استدلّ على عدم اشتراط ذهاب الحمرة ـ وأنّ الاعتبار إنّما هو بالاستتار ـ بأنّه لو اعتبرت الحمرة المشرقيّة من حيث دلالتها على تحقّق الغروب، لاعتبرت الحمرة المغربيّة أيضاً من حيث دلالتها على الطلوع بالنسبة إلى صلاة الصبح، وحينئذ يلزم أن يكون الإتيان

  • (1) كتاب الصلاة للمحقّق الحائري(رحمه الله): 11ـ14.
  • (2) الحاشية على مدارك الأحكام 2: 305.
(الصفحة 135)

بصلاة الصبح بعد ظهور الحمرة في ناحية المغرب، وقبل ظهور القرص من ناحية المشرق إتياناً بها في غير وقتها، مع أنّ المعلوم خلاف ذلك، للاتّفاق على وقوعها في وقتها لو أتى بها في ذلك الوقت.

وأجاب عنه في الجواهر بوجوه أربعة:

الأوّل: أنّه قد التزم بذلك بالنسبة إلى الطلوع بعض الأصحاب، كالشهيد الثاني في المقاصد العليّة، وصاحب كشف اللثام(1)، ويدلّ عليه رواية دعائم الإسلام عن الصادق(عليه السلام): أنّ آخر وقتها(2) أن يحمرَّ اُفق المغرب(3)، وكذلك عبارة فقه الرضا(عليه السلام)، حيث قال: آخر وقت الفجر أن تبدو الحمرة في اُفق المغرب(4).

الثاني: إمكان الفرق بين الحمرتين، خصوصاً بعد قوله(عليه السلام) في بعض الروايات: لأنّ المشرق مطلّ على المغرب(5); أي مشرف عليه; فإنّ ظاهره إشراف المشرق وارتفاعه بالنسبة إليه. وحينئذ فظهور الحمرة في جانب المغرب لا يدلّ على طلوع الشمس، بخلاف زوالها في ناحية المشرق; فإنّه يدلّ على الغروب.

الثالث: أنّ هذا اجتهاد في مقابل النصّ، فلعلّ الشارع اعتبر ذلك في الغروب دون الطلوع، ويؤيّده عدم تعرّض الأصحاب له، وهو ظاهر بل صريح في عدم اعتباره فيه.

  • (1) المقاصد العلية: 178ـ179; كشف اللثام 3: 51.
  • (2) أي آخر وقت صلاة الصبح.
  • (3) دعائم الإسلام 1: 139; وعنه بحار الأنوار 83: 74، ح4.
  • (4) فقه الرضا(عليه السلام): 74; وعنه بحار الأنوار 83: 72، ح2.
  • (5) تقدّمت في ص127ـ128.
(الصفحة 136)

الرابع: أنّ هذا قياس مع الفارق; إذ وقت المغرب مسبوق بوقت صلاة العصر، واستصحاب بقاء اليوم ما لم يتيقّن بدخول وقت المغرب يقضي بقاءه ما لم تزل الحمرة، وهذا بخلاف صلاة الفجر; فإنّ استصحاب بقاء وقته يقتضي عدم انقطاعه إلاّ بيقين على الخلاف، وهو لا يحصل إلاّ بظهور قرص الشمس.

وبعبارة اُخرى: ذهاب الحمرة المشرقيّة علامة على تيقّن الغروب الذي هو المعيار في صحّة صلاة المغرب، وانقطاع استصحاب عدمه، بخلاف الحمرة المغربيّة; فإنّ أقصاها حصول الشك بذلك، وهو لا ينقض اليقين بالوقت.

واستشكل على الوجه الأخير بأنّ هذا الجواب جيّد لولا ظهور النصوص والفتاوى على خلافه; فإنّ ظاهرها كون زوال الحمرة علامة للغروب نفسه لا لتيقّنه(1).

هذا، ولكن ذلك مناقشة لفظيّة، ولا يوجب قدحاً في الجواب; لوضوح أنّ المراد ليس جعل ذلك علامة لليقين، بل المراد جعله علامة لنفس الغروب، والتعبير باليقين كما في الرياض(2) من جهة أنّ تحقّق العلامة يوجب حصول اليقين.

ويمكن تقريب هذا الوجه وتوضيحه بأن يقال: إنّ الاعتبار في وقت صلاة المغرب وإن كان بالغروب، وفي آخر وقت صلاة الصبح بالطلوع، ولكنّه لـمّا كان العلم بتحقّقهما غالباً غير ميسّر، مضافاً إلى كون عدمها مورداً للاستصحاب، فلامحالة حكم الشارع في ناحية صلاة المغرب بلزوم تأخيرها إلى أن تزول الحمرة المشرقيّة، تحفّظاً لها عن الوقوع في غير الوقت من دون دليل وحجّة

  • (1) جواهر الكلام 7: 199ـ201.
  • (2) رياض المسائل 3: 68ـ69.