جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 19)

مدينة قم المقدّسة، فكان في استقباله جمع كبير من علمائها وفضلائها، ولم يكتف الشيخ عبد الكريم الحائري بأن يكون على رأس المستقبلين، بل طلب من السيّد البقاء في قم، فما كان من السيّد إلاّ أن يلبّي هذه الدعوة، فبقي فيها خمسة أشهر، وكان هذا في سنة 1347هـ .

يقول السيّد الجلالي: فأقام السيّد هناك، وبدأ بالتدريس والبحث مدّة خمسة أشهر، كان نجمه فيها يتألّق، لكنّ الحكومة لم يرُق لها ذلك، فكانت تُدِبَّرُ المؤامرات وتحيكها; لانتقال السيّد إلى بروجرد، تاركاً قم أمله ومأمنه(1).

وفي عام 1364هـ وبعد سبعة عشر عاماً من عودته إلى مدينته من قم المقدّسة، عاد إلى هذه المدينة المقدّسة مرجعاً كبيراً وعَلماً من أعلام الطائفة، تلبيةً لطلب أكثر الأعلام ـ وفي طليعتهم السيّد الإمام الخميني(قدس سره) ـ واستجابةً لرغبة فضلائها بعد التشتّت والاختلاف الذي دبّ بين صفوفها على أثر وفاة مؤسّسها الشيخ الحائري.

يقول الشيخ آغا بزرگ:... فسافر إلى طهران في (1364) للعلاج، وبقي في (مستشفى الفيروزآبادي) سبعين يوماً حتى تحسّنت حاله وبرئ، فطلب منه جمع من طلاّب قم وبعض علمائها أن يحلّ بينهم، فينظم الحوزة العلميّة هناك، فأجابهم ووردها في (14 محرّم 1364)، أو في (26 صفر 1364 على قول، وقيل في 24 محرّم) وعزم على سكناها; لايجاد روح العلم وتشجيع الطلاّب، حيث تبدّد نظام الهيئة العلميّة بعد وفاة المؤسّس الشيخ عبد الكريم اليزدي الحائري(رحمه الله)، وتمهّدت له الاُمور، واتفق أن فجع العالَم الإسلامي بوفاة السيّد أبي الحسن الأصفهاني في (1365)، ومضت برهة يسيرة، وإذا بأنظار المسلمين في شتّى البلاد والأصقاع

  • (1) المنهج الرجالي للسيد البروجردي(قدس سره): 24.
(الصفحة 20)

متجّهةً إليه، شاخصةً نحوه... وهو اليوم ـ في عهد الشيخ آغا بزرگ ـ أكبر زعماء الدين وأشهر مراجع تقليد الإماميّة في سائر البلاد; سواء في ذلك الإسلاميّة أو غيرها، كما أنّ بيده زمام الهيئة العلميّة وهو مديرها ومدبّرها...(1).

من هنا بدأت المرحلة الأخيرة، مرحلة المرجعيّة والزعامة الدينيّة التي ماسعى إليها قطّ كما سعت إليه، حيث كان يقول: إنّي لم أقم بخطوة في طلب هذا المقام، لكنّني أحسست فجأةً أنّ المرجعيّة تطاردني، وشعرت في نفسي أنّه لابدّ من تقبّلها، وله أيضاً: كلّ من يطلب العلم بغرض الوصول إلى المقام الذي أنا فيه، إنّه لسفيه سفيه(2).

وكانت أقواله هذه مرآةً صادقةً تعكس أفعاله، فقد عرف نفسه، وعرف دوره، وعرف ما حوله، وأدرك مسؤوليّته، فكان أن تولد موقفه منها ومسؤوليّته في تحمّل أمانتها، وهي ـ بلا شك ـ أمانة عظيمة ومسؤوليّة خطيرة. وهذا ما حدث فعلاً، كانت مرجعيّته حافلةً بالأحداث، فقد جاءت عقيب وفاة زعيم الحوزة العلميّة في قم، وقد انبرى لها عدد غير قليل، فتشتّتت المواقف واختلفت الآراء، واضطربت الاُمور.

كما جاءت تلو وفاة السيّد أبو الحسن الاصفهاني الذي جمعت المرجعيّة فيه، ودانت له جميع الحوزات العلميّة وانقادت لتقليده; وهي مرجعيّة واسعة موحّدة في شخصه.

يقول الشيخ آغا بزرگ: فإنّ المرجعيّة التقليديّة انقسمت ـ بعد أن كانت مجموعة في السيّد الاصفهاني ـ إلى عدّة أشخاص تقرب العشرة أكثرهم

  • (1) نقباء البشر 2: 606ـ607.
  • (2) المنهج الرجالي للسيد البروجردي(قدس سره): 47.
(الصفحة 21)

في النجف الأشرف.(1)

وجاءت مرجعيّة السيّد البروجردي في وقت كانت رحى الحرب العالميّة الثانية قائمة، وما رافقها من اضطراب وقلق عمّ جميع البلدان، ومنها بلادنا الإسلاميّة وشعوبها.

ومع كلّ هذا يقول السيّد الجلالي عن مرجعيّة سيّدنا البروجردي:

وقد كانت المرجعيّة في عصره من أبرز أمثلة المرجعيّات الصالحة الرشيدة المؤديّة لما يُتوقّع منها على مستويات الاُمّة والوطن، والتقدّم العلمي. فكانت مرجعيّة مليئة بالمفاخر والمآثر في مجالات دين الناس ودنياهم وتراث الاُمّة، وقد مضى وخلّف آثاراً وذكريات عجز المتأخّرون عن اللحوق بشأوِهِ في مثلها(2).

فمن جملة مواقفه السياسيّة أنّه لمّا أرسل ملك سعود عاهل المملكة العربيّة السعوديّة يومئذ ـ عندما جاء لزيارة طهران وحكّامه ـ بعض الهدايا، التي منها المصاحف الشريفة وستار الكعبة بيد السفير السعودي في ايران، فتقبّل السيّد المصاحف وشيء من الستار وأرجع الباقي. ثمّ كتب رسالة إلى الملك ضمّنها رواية شريفة للإمام الصادق(عليه السلام) تحتوي على أحكام الحج، فانعكست بعد ذلك في جرائد المملكة العربيّة السعوديّة بشكل واسع(3).

ومنها: ما احتاله النظام الحاكم على ايران في عصر زعامته، حيث سعى لمحو رسم الخطّ الفارسي وإبداله بالخط اللاتيني، لكنّه جُوبه بالردّ العنيف مِن قِبَل السيّد الزعيم، حيث كان له موقف مشهود في المقام الذي أدّى إلى امتناع

  • (1) نقباء البشر 2: 607.
  • (2) المنهج الرجالي للسيد البروجردي(قدس سره): 26.
  • (3) مجلّة الحوزة، العدد 43ـ44: 82ـ83.
(الصفحة 22)

السلطات من إجراء مقاصدهم الخبيثة(1).

نعم، إنّ المؤهلات التي كان يتمتّع بها السيّد البروجردي، ومنها قوّة الشخصيّة التي كان يتّصف بها، وقدراته العلميّة التي فاقت أقرانه ومعاصريه، هيّأته لأن يكون زعيماً للطائفة، كما يكون قائدها المدبّر وعالمها الفذّ. فراح يسدّد الحركة العلميّة التي كانت همّه الأوّل، ويقيم أعمدتها على اُسس متينة واُصول ثابتة، فنظم شؤونها ووحَّد كلمتها ودفع عنها السوء.

فكان لوجوده المبارك، ونشاطه الحثيث، وعمله الدؤوب الذي ما عرف التوقّف أو التردّد، وأيضاً التفاف أهل العلم والفضل حوله الذين وجدوه عالماً، وشخصاً صادقاً... أعظم الأثر لا في تطوّر حوزة قم العلميّة فحسب، بل تطوّر الحوزات العلميّة الاُخرى في مختلف البلاد الإسلامية. فكان فكره الثاقب، ويده المباركة، ونظراته البعيدة ترقب الأحداث في تلك الحوزات وإن بعدت، فتحظى باهتمامه ورعايته الأبوية.

وكيف لا يكون كلّ هذا وغيره من شأنه، وهو المعروف بأنّه صاحب الأفكار الخلاّقة التي منها فكرة التقريب بين المذاهب، ودارها في القاهرة، والمبادرات العلميّة وصاحب المشاريع الكبيرة الرائدة العملاقة التي تتّصف بالإبداع والتجديد؟! وما خلّفه من آثار ومؤلّفات ومساجد ومدارس ومؤسّسات دينيّة هنا وهناك في ايران والنجف الأشرف، وفي بلدان اُخرى إسلاميّة وغير إسلاميّة، منها: المسجد الذي اُسّس بأمره في هامبورغ آلمانيا، كما أنّ المسجد الأعظم في قم عاصمة التشيّع اليوم، يعدّ من أروع مآثره التاريخيّة. وأنّ إرساله المبلِّغين

  • (1) مجلّة الحوزة، العدد 43ـ44: 153ـ154.
(الصفحة 23)

من الأعلام لنشر مذهب أهل البيت(عليهم السلام)في شتّى أقطار العالم ولا سيّما أروبا لخير دليل على وعيه واُفقه الواسع وخبرته وتجاربه.

فكان بحقّ من العمالقة القلّة، الذين عرفتهم الحوزات العلميّة في بروجرد، وفي اصفهان، وفي النجف، وفي مشهد، وفي قم. وشهد له بذلك الكثيرون من أعلامها ورجالها. وقد ارتبط بها ارتباطاً وثيقاً طيلة عمره المديد.

ولَكَم وجدنا ونحن نطالع حياته هنا وهناك الشبه الكبير بينه وبين غيره من علمائنا الأفذاذ وإن اختلف في رؤاه وفي منهجه العلمي والتربوي والاجتماعي. وهذا أمر طبيعيّ، فلكلّ شيخ طريقة. فقد اختطّ لنفسه هذه المنهجيّة منذ أوّل خطوة خطاها في سُلَّم العلم والمعرفة، وفي تدريسه وتعليمه وتأليفه، وحتى في حياته الشخصيّة، كما نلاحظ ذلك في معالم حياته، حتى غدت كلّها مدرسةً متكاملةً، سعيدٌ من نال حظّاً وفيراً منها.

أعماله في بروجرد

في أطول فترة علميّة قضاها ـ قرابة الخمسين سنة باستثناء طفولته ـ في حوزتها التي كان مغرماً بعلومها وشغوفاً بدروسها، ومستوعباً لبحوثها، وكانت حقّاً منهلاً سلسبيلاً، لم يذق شربه أنقع لغليله منها. وراحت هذه المرحلة من عمره الشريف تدقّ في شخصه الكريم أعمدة العلم، وتجذّرها في مداركه، وتفتح له من كلّ باب يرده أبواباً اُخر، ومن كلّ نشاط يخطو نحوه خطواته الرصينة أنشطة اُخر أكثر نفعاً وأعظم استيعاباً لعلوم أهل البيت(عليهم السلام); التي نذر نفسه منذ صغره لخوض غمارها، تدريساً وبحثاً، ومعالم حياته المباركة الفكريّة منها والقياديّة كانت