جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 230)

الحرج في المقام لو أوجبنا خروج ذلك الخطّ من وسط الوجه، وهو منفيّ شرعاً.

ويؤيّد ما ذكرنا صحيحة زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: لا صلاة إلاّ إلى القبلة قال: قلت: أين حدّ القبلة؟ قال: بين المشرق والمغرب قبلة كلّه، الحديث(1).

وصحيحة معاوية بن عمّار أنّه سأل الصادق(عليه السلام) عن الرجل يقوم في الصلاة ثمّ ينظر بعدما فرغ، فيرى أنّه قد انحرف عن القبلة يميناً أو شمالا؟ فقال له: قد مضت صلاته، وما بين المشرق والمغرب قبلة(2).

توضيحه: أنّه ليس المراد من المشرق والمغرب المذكورين في هاتين الروايتين منتهى الخطّ الذي يخرج من طرف اليمين واليسار بالنسبة إلى الشخص الذي وقع في مركز الدائرة متوجّهاً إلى جانب القبلة، بل المراد منهما كلّ ما يصدق عليه أنّه مشرق للشمس أو مغرب لها، ومن المعلوم أنّ لها مشارق ومغارب مختلفة تطلع كلّ يوم من أحدها وتغرب في أحدها، مثلا تطلع أوّل الشتاء من نقطة قريبة إلى الجنوب، وأوّل الصيف من نقطة قريبة إلى الشمال، فالنقاط الفاصلة بين هاتين النقطتين كلّها مشرق للشمس.

وحينئذ فالقبلة التي هي ما بين المشرق والمغرب هو المقدار الذي لا يصدق على جزء منه أنّه مشرق للشمس أو مغرب لها ولو في يوم، وهذا المقدار مساو لربع الكرة تقريباً، فالقبلة بمقتضى الروايتين هو ربع الكرة، وهذاالمقدار يساوي ماذكرنا; لأنّ الخطوط الخارجة من أجزاء الوجه على نحو غير التوازي لا يكون انتهاء البعد بينها أزيد من ذلك المقدار، فلا محالة تقع إحدى الخطوط الخارجة

  • (1) الفقيه 1: 180، ح855; وعنه وسائل الشيعة 4: 314، أبواب القبلة، ب10، ح2.
  • (2) الفقيه 1: 179، ح846; تهذيب الأحكام 2: 48، ح157; الاستبصار 1: 297، ح1095; وعنها وسائل الشيعة 4: 314، أبواب القبلة، ب10، ح1.
(الصفحة 231)

على الكعبة.

ويؤيّده أيضاً ما دلّ من الأخبار على وجوب الصلاة إلى أربع جهات مع الاشتباه وتعذّر الترجيح(1); فإنّ ظاهرها أنّ مع الإتيان بالصلوات الأربع يكون المصلّي مدركاً للصلاة إلى القبلة واقعاً، وهذا يتم بناءً على ما ذكرنا، وإلاّ فبناءً على اعتبار خروج الخطّ من وسط الوجه يلزم أن يصلّي أكثر من ذلك المقدار; والحاصل أنّه لو خرج من جزء من أجزاء وجه البعيد خطّ مستقيم ووقع على الكعبة يصدق عليه أنّه متوجّه شطرها، فتنطبق عليه الآية الشريفة(2).

ثمّ إنّ الشيخ(رحمه الله)(3) القائل بأنّ قبلة البعيد هي عين الحرم، استند لذلك بأخبار تدلّ على أنّ الكعبة قبلة لمن كان في المسجد، والمسجد قبلة لمن كان في الحرم، والحرم قبلة لأهل الدنيا; وقد تقدّم أكثرها(4)، ورجّحها على الأخبار الدالّة على أنّ الكعبة قبلة لجميع المسلمين بوجه عقليّ، وهو: أنّه لو كان قبلة البعيد هي عين الكعبة يلزم بطلان صلاة بعض الصفّ الذي كان طوله أزيد من طول الكعبة، وبطلان التالي معلوم بالضرورة.

وقد يقال بأنّ هذا الإشكال وارد عليه أيضاً، ولكن يمكن أن يناقش فيه بأنّ الشيخ(قدس سره) يتمسّك في بطلان التالي بالسيرة المستمرّة من زمان النبيّ(صلى الله عليه وآله)إلى يومنا هذا، وهي غير متحقّقة في ما اُشكل عليه، كما لا يخفى.

والحقّ في الجواب عنه أن يقال: إنّه يمكن الالتزام بأنّ القبلة هي عين الكعبة

  • (1) وسائل الشيعة 4: 310ـ312، أبواب القبلة، ب8.
  • (2) سورة البقرة 2: 144 و 150.
  • (3) المبسوط 1: 77; الخلاف 1: 295، مسألة 41; النهاية: 63.
  • (4) في ص222ـ223.
(الصفحة 232)

مع عدم لزوم البطلان في الصورة المفروضة; لأنّ الصفّ المذكور إذا راعوا كلّهم رعاية صحيحة وتوجّهوا نحو الكعبة على طبق الأمارات التي عيّنت لهم شرعاً كان لصفّهم لا محالة انحناء غير محسوس، والخطوط الخارجة من كلّ واحد منهم إلى الكعبة غير متوازية.

والسرّ في عدم إحساس الانحناء هو: أنّ المصلّين إلى القبلة يقعون في الحقيقة في محيط دائرة أحاطت بالكعبة ووقعت في مركزها، ومن المعلوم أنّه كلّما كان طول شعاع الدائرة أزيد مقداراً كانت القسيّ المنقطعة عن سائر أجزاء محيطها أشبه بالخطّ المستقيم، بحيث قد يبلغ إلى درجة لا يحسّ الانحناء أصلا.

ثمّ إنّه ذهب إلى القول الأوّل جماعة من محقّقي المتأخّرين، كصاحب الجواهر(قدس سره); فإنّه بعد أن حكى عن الأصحاب أقوالا مختلفة ـ في أنّ قبلة البعيد هل هي عين الكعبة أو جهتها؟ ـ قال ما ملخّصه:

إنّ قبلة البعيد هي بعينها قبلة القريب، فكما أنّ القريب المشاهد يجب أن يستقبل عين الكعبة، فكذلك البعيد يجب أن يتوجّه نحوها، وهذا المعنى ـ أي التوجّه نحو العين ـ ليس أمراً ممتنعاً; لأنّه كما يصدق الاستقبال في المشاهد، كذلك يصدق في البعيد; لأنّه لا يعتبر في صدقه وقوع خطّ المستقبِل ـ بالكسر ـ حال استقباله على المستقبل ـ بالفتح ـ ; لأنّ الاستقبال الذي أمر به أمر عرفيّ، وهو يصدق عرفاً بدون ذلك; ضرورة تحقّقه عرفاً في الأجرام المشاهدة من بعد، وإن نقطع بعدم اتّصال جميع الخطوط الخارجة بها.

والحاصل: أنّه وإن كان يتوقّف صدق الاستقبال الحقيقي على ذلك; أي على وقوع خطّ المستقبِل على المستقبَل، إلاّ أنّه لا يعتبر في تحقّق الاستقبال العرفي

(الصفحة 233)

لما عرفت، وإلى ذلك يرجع ما هو المشهور(1) بين الأعلام من أنّ الجرم الصغير كلّما ازداد بُعداً إزداد محاذاةً; لأنّهم لا يريدون أنّ في صورة ازدياد البعد يكون صدق المحاذي الذي يقع خطّه على المحاذى، أوسع من صورة القرب; لأنّ وقوع خطّ المحاذي على المحاذى وعدمه لا فرق فيه بين محاذاة القريب والبعيد، بل مرادهم أنّ في صورة كثرة البعد يكون صدق المحاذي على الأشخاص الذين وقعوا في مقابل الجسم في نظر العرف أكثر وأوسع من صورة القرب.

فعلى هذا لا إشكال في صحّة الصلاة في الصورة المفروضة في كلام الشيخ(قدس سره); لأنّه يصدق عرفاً على كلّ واحد منهم أنّه مستقبل الكعبة ومتوجّه نحوها، وإن كان بعض الخطوط الخارجة لا يقع عليها، انتهى(2).

وفيه: أنّ استقبال الشيء لا يصدق بدون اتّصال الخطّ المذكور إلى ذلك الشيء، وصحّة الصلاة في الصورة المذكورة قد عرفت وجهها في مقام الجواب عن الشيخ(رحمه الله).

ثمّ لو قلنا بأنّ قبلة البعيد هي عين الكعبة، يقع الكلام في وجه صحّة صلاة من كان في بلاد مختلفة، التي يكون البعد بينها أزيد من طول الكعبة، أو في بلد كذلك مع توجّهم في الصلاة إلى جهة واحدة، فهل الوجه في صحّتها أنّه لا يعتبر في تحقّق الاستقبال عرفاً وقوع خطّ المستقبِل على المستقبَل وإن كان يتوقّف تحقّق المحاذاة على ذلك، أو أنّه لا فرق بين الاستقبال والمحاذاة، فكما أنّه لا يعتبر

  • (1) لم نعثر على من ادّعى الشهرة، ولم يدّعه في الجواهر أيضاً. نعم، قال به في نهاية الإحكام في معرفة الأحكام 1: 393; وذكرى الشيعة 3: 160; ومسالك الأفهام 1: 152.
  • (2) جواهر الكلام 7: 531ـ533 و 517ـ523.
(الصفحة 234)

في الأوّل، فكذلك لا يتوقّف صدق الثاني عليه وإن كان يعتبر في محاذاة القريب للقريب ذلك.

والأوّل قد عرفت ما فيه، والثاني وإن كان قد استشهد عليه بالوجدان، وقيل في توضيحه: إنّك لو كنت في موقف قريب من الصفّ المركّب من أفراد كثيرة، ووقعت في محاذاتهم، لتجد نفسك محاذياً لواحد منهم، وإذا بعدت عنهم على نحو لو خرج من موقفك الأوّل خطّ مستقيم لوقع على موقفك الثاني لتجد نفسك محاذياً لجميعهم وإن كان الخطّ الخارج من وجهك لا يقع إلاّ على وجه واحد منهم، وهو الذي عبّر عنه الأعلام في كلماتهم بأنّ الجرم الصغير كلّما ازداد بعداً إزداد محاذاةً(1).

والحاصل: أنّ المحاذاة أمر واحد متفاوت الصدق بالنسبة إلى القريب والبعيد، ولكن فيه ـ مع أنّ هذا المثال عكس ما نحن فيه ـ : أنّ ازدياد البعد عن ذلك الصفّ يوجب أن يكون الصفّ كالشيء الواحد في نظر المحاذي، ومن المعلوم أنّ الشيء الواحد لو وقع الخطّ الخارج من المستقبِل على بعض أجزائه لا يخرج عن صدق المحاذاة، فالخطّ الخارج في المثال من المحاذي وإن كان يقع على بعض أفراد ذلك الصفّ، إلاّ أنّه لمّا كان بمنزلة شيء واحد، ويكفي في محاذاته وقوع الخطّ على بعض أجزائه، فلذا تصدق المحاذاة لذلك الصفّ.

ويمكن أن يكون الوجه في ازدياد سعة المحاذاة بالنسبة إلى البعيد أنّ الشخص لو كان قريباً من ذلك الصفّ ليقع جميع الخطوط الخارجة من أجزاء وجهه على بعض أفراد ذلك الصفّ. وأمّا لو كان بعيداً عنهم ليقع الخطوط

  • (1) تقدّم تخريجاتهم في الصفحة السابقة.