جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 244)

باعتبارهما; لانجباره بفتوى جلّ الأصحاب على طبق مضمونهما.

وكيف كان، فمرجع الخبرين الأوّلين إلى سقوط شرطيّة الاستقبال في صورة التحيّر، ومرجع الأخيرين إلى ثبوتها مطلقاً، فيتعارضان فيسقطان، فيرجع إلى الإطلاقات الدالّة على شرطيّة الاستقبال مطلقاً حتّى في صورة التحيّر، وقد تقدّم بعضها في أوّل المبحث.

ثمّ إنّ المراد بالظنّ الذي يجب العمل على طبقه هو الظنّ الحاصل بعد التحرّي والاجتهاد، لا الأعمّ منه ومن الظنّ الابتدائي; لظهور الأخبار في ذلك، كخبر سماعة المتقدّم وغيره.

ثمّ إنّه هل يكفي في مورد المظنّة أن يصلّي إلى الجوانب الأربعة الذي هو مقتضى الاحتياط، أم لا يجوز، بل يجب العمل على طبقها؟ وجهان مبنيّان على أنّه هل يكفي للمكلّف القادر على تحصيل الامتثال التفصيلي ولو ظنّاً أن يقتصر على الامتثال الإجمالي، أم لا، بل يجب عليه إتيان العمل على نحو الامتثال التفصيلي ولو ظنّاً؟ وقد ذكر في محلّه(1)، فراجع.

ثمّ إنّ ما ذكرنا من أنّه تجب الصلاة إلى أربعة جوانب على المتحيّر الذي لا يتمكّن من تحصيل العلم ولا الظنّ، إنّما هو في صورة تمكّنه من الصلاة إليها، كما إذا لم يكن الوقت مضيّقاً ولم يكن عرض به ما يمنعه عنها. وأمّا إذا لم يتمكّن من الصلاة إلى أربعة جوانب، إمّا لضيق الوقت، أو لشيء من الموانع والطوارئ، فإن لم يتمكّن إلاّ من الصلاة إلى جهة واحدة فقط، فيجب عليه صلاة واحدة إلى جهة واحدة مخيّراً في تعيينها، كما يدلّ على ذلك ما دلّ على أنّ المتحيّر

  • (1) فرائد الاُصول (تراث الشيخ الأعظم) 1: 71ـ76.
(الصفحة 245)

يصلّي إلى أيّ جهة شاء(1)، بعد حملها على صورة عدم تمكّنه من الصلاة إلى الجوانب الأربعة; لمعارضتها بما يدلّ على أنّه يجب على المتحيّر الصلاة إليها(2).

وهل يجب عليه بعد التمكّن وزوال المانع أن يصلّي إلى باقي الجهات، أو لا؟ وجهان مبنيّان على أنّه هل يستفاد من الروايات الدالّة على كفاية الصلاة إلى إحدى الجهات ـ بعد حملها على الصورة المذكورة ـ سقوط شرطيّة القبلة في تلك الصورة، وأنّ الصلاة الواحدة هو التكليف الواقعي لذلك الشخص ولو لم يصادف القبلة، أو أنّه لم يسقط شرطيّتها، وأنّ المكلّف به هي الصلاة إلى القبلة الواقعيّة؟ غاية الأمر أنّه يكتفي بالواحدة; لعدم تمكّنه من الصلاة إلى باقي الجهات، فإذا تمكّن وزال المانع في الوقت أو خارجه يجب عليه الصلاة إلى بقيّة الجهات; ولعلّ الظاهر من الرواية هو المعنى الأوّل، فتدبّر.

وأمّا إذا تمكّن من الصلاة إلى جهتين أو ثلاث جهات، ففي وجوب صلاة واحدة إلى جهة واحدة فقط، أو وجوب مقدار تمكّن منه خلاف، فالمحكيّ عن بعض هو الاكتفاء بالواحدة، وعدم وجوب الزائدة عليها(3)، واستدلّ له بأنّ وجوب الصلاة إلى الجوانب الأربعة إنّما هو مقدّمة للعلم بتحقّق الواجب الواقعيّ الذي هو الصلاة إلى القبلة الواقعيّة، ومن المعلوم أنّ المقدّمة العلميّة إنّما تجب مع تحقق العلم بعدها، وأمّا مع عدم إمكان تحقّقه فغير واجبة عند العقل، والمفروض

  • (1) وسائل الشيعة 4: 311، أبواب القبلة، ب8، ح3.
  • (2) وسائل الشيعة 4: 310ـ311، أبواب القبلة، ب8، ح1 و 4.
  • (3) الفقيه 1: 179; وحكاه عن العمّاني في مختلف الشيعة 2: 67; مجمع الفائدة والبرهان 2: 67ـ69; مدارك الأحكام 3: 136; الذخيرة المعاد: 218; مفاتيح الشرائع 1: 114; الحدائق الناضرة 6: 400.
(الصفحة 246)

في المقام أنّ المكلّف غير قادر على الإتيان بجميع المحتملات التي توجب العلم ويتحقّق بعدها.

وفيه: أنّ العلم بتحقّق الواجب الواقعي ليس واجباً مستقلاًّ في مقابل نفس الواجب الواقعي حتى تجب مقدّماته الوجوديّة، واستحقّ المكلّف بإتيانه المثوبة، وبمخالفته العقوبة، اللّتين يستحقّهما المكلّف بسبب إطاعة الواجب الواقعي ومخالفته، بل المكلّف لمّا توجّه إليه التكليف الصادر من المولى وعلم به، يحكم العقل عليه بأنّه يجب عليك امتثاله، فإذا كان المكلّف قادراً على الامتثال اليقيني يحكم عليه بوجوبه. وأمّا إذا لم يتمكّن منه، فالعقل يحكم عليه بوجوب السعي، وتحصيل الجهد في حصول مراد المولى ومقصوده، فإذا تمكّن من الامتثال الظنّي يحكم بوجوبه عليه، فإذا جهد وسعى غاية السعي ولم يصادف ما أتى به للواجب الواقعي فهو معذور عنده.

وفيما نحن فيه تكون غاية السعي إتيان مقدار يتمكّن منه من المحتملات; لأنّ بإتيان الواحدة يحتمل أنّه لم يدرك الصلاة إلى القبلة الواقعيّة مع احتمال إدراكها في باقي الصلوات; فإنّه وإن لم يتمكّن من الموافقة القطعيّة، وتشترك الصلاة الواحدة مع الأكثر في حصول الموافقة الاحتماليّة، إلاّ أنّ الموافقة الاحتماليّة إذا كانت من وجوه متعدّدة بعضها أقرب إلى الامتثال اليقيني من بعض آخر، يحكم العقل بوجوب إتيان ما هو الأقرب، نظير ما إذا علم بوجوب أحد الشيئين المتبائنين، ولم يتمكّن من الإتيان بهما معاً.

ولكن يرجّح في نظره وجوب أحدهما على الآخر; فإنّ العقل يستقلّ بترجيح الجانب المظنون، ويحكم بأنّه لو كان الواجب الواقعي هو الطرف الموهوم لم يستحقّ المكلّف عقاباً، بل هو معذور; بخلاف ما إذا رجّح الجانب الموهوم;

(الصفحة 247)

لأنّ في الصورة الاُولى قد بذل المكلّف جهده في تحصيل مراد المولى، بخلاف الثانية، فالأقوى فيما نحن فيه هو القول بوجوب مقدار يتمكّن منه.

فرع

إذا كان المكلّف المتحيّر متمكّناً من الصلاة إلى الجوانب الأربعة، ولم يأت بشيء منها حتى زال تمكّنه وبقي متمكّناً من الصلاة إلى أحدها، فلا ريب في وجوبها; وهل يجب عليه بعد الوقت أن يصلّي إلى باقي الجهات، أو لا؟ وجهان مبنيّان على سقوط شرطيّة القبلة في هذه الصورة، وعدمه.

والأقوى هو السقوط وعدم وجوب القضاء بعد الوقت; لأنّه لا يزاحم شرطيّة القبلة مع الوقت، كما يعلم بالاستقراء والتتبّع في موارد مزاحمة الوقت مع سائر الشروط، بل بعض الأجزاء، كما في صورة فقدان الماء التي تجب الصلاة مع التيمّم; فإنّه لولا أهمّية الوقت لوجب أن يصلّي المكلّف مع الطهارة المائية ولو بعد الوقت، وكذا لو تنجّس بدنه أو ثوبه; فإنّه في الأوّل يجب عليه أن يصلّي في الوقت مع نجاسة البدن; بمعنى أنّه تسقط شرطيّة الطهارة من الخبث، وفي الثاني يجب عليه أن يصلّي عارياً على قول، أو مع ثوبه المتنجّس على قول آخر، فعلى الأوّل: تسقط شرطيّة الستر، وعلى الثاني: تسقط شرطيّة الطهارة من الخبث، وكما في صورة سقوط السورة لضيق الوقت ونحوه، وتبدّل بعض أجزائها بشيء آخر كما في صلاة الخوف.

وغير ذلك من الموارد; فإنّه يعلم منها أنّ الشارع قد اهتمّ بالوقت، ولم يسقط شرطيّته في صورة المزاحمة مع الشروط الاُخر، ففي المقام إذا قيل بأنّ المكلّف مأمور بالصلاة إلى القبلة الواقعيّة، لزم أن تسقط شرطيّة الوقت; لأنّ الجمع بين

(الصفحة 248)

التكليف الأدائي، وحفظ شرطيّة القبلة أمر ممتنع، فبملاحظة رعاية الوقت يجب الحكم بسقوط شرطيّة القبلة، فالصلاة إلى الجهة الواحدة هي المأمور بها الواقعيّة لهذا المكلّف، ومقتضى الإتيان بها سقوط الأمر، فلا وجه لوجوب الصلاة إلى باقي الجهات بعد الوقت.

إن قيل: مقتضى ما ذكر عدم عصيان المكلّف لأجل تأخيره حتّى زال تمكّنه من الجوانب الأربعة; لأنّه على الفرض قد أتى بما هو المأمور به واقعاً، ولم يتحقّق منه مخالفة أصلا، وليس هنا أمر آخر حتّى يستحقّ المكلّف بمخالفته العقوبة; لأنّ الأمر الذي يتوهّم مخالفة المكلّف له هو الأمر بالصلاة إلى القبلة الواقعيّة، ولكن يدفعه أنّ الأمر قد تعلّق بطبيعة الصلاة، والتخيير بين أفرادها في أجزاء الوقت عقليّ.

ومن المعلوم أنّ الشرائط تختلف باختلاف حالات المكلّف في أجزاء الوقت، ففي حالة وجدان الماء تكون الصلاة مع الطهارة الواقعيّة مصداقاً لطبيعة الصلاة التي هي المأمور بها، وفي حالة فقدانها تكون الصلاة مع الطهارة الترابيّة مصداقاً لها، وفي حالة تمكّن المكلّف من الصلاة إلى القبلة الواقعيّة تكون الصلاة إليها مصداقاً لطبيعة الصلاة، وفي حالة عدم التمكّن تكون الصلاة مطلقاً ـ ولو مع عدم التوجّه إلى القبلة ـ مصداقاً لها.

فباختلاف حالات المكلّف من واجديّته للشرائط أو فاقديّته يختلف المأمور به الواقعي، ففيما نحن فيه تكون الصلاة إلى جهة واحدة هي المأمور بها الواقعيّة وقد امتثلها، فلا وجه للحكم بعصيان المكلّف في مفروض المسألة.

قلت: نعم، مقتضى ما ذكرنا هو ما قيل، ولكن أكثر الفقهاء