جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 261)

إلى القبلة الواقعيّة. وبعبارة اُخرى: إنّ ما بين المشرق والمغرب يكون قبلة لا مطلقاً، بل في الجملة، وفي بعض الأحوال تنزيلا، فمراد الإمام(عليه السلام)في الصحيحة الاُولى هو تقرير السائل على ما ذكره مع حكمه بأوسعيّة دائرة القبلة في صورة الغفلة والنسيان وخطإ الاجتهاد، على ما يقتضيه إطلاقها، فهما حاكمتان على تلك الأخبار، كما لا يخفى.

وأمّا الروايتان الأخيرتان، فهما مخصّصتان لتلك الأخبار، فيختصّ موردها بما إذا كان الانحراف أزيد ممّا بين المشرق والمغرب، ولا يمكن العكس; لأنّه لو كانت تلك الأخبار مخصّصة لهما، واختصّ موردهما بما إذا علم بالانحراف في خارج الوقت، يلزم أن تكون الخصوصيّة المذكورة فيهما ـ وهو كونه بين المشرق والمغرب ـ لغواً، مع أنّهما صريحتان في مدخليّتها في الحكم بعدم وجوب الإعادة.

وممّا ذكرنا ظهر ضعف ما اختاره صاحب الحدائق(1)، تبعاً للقدماء من الأصحاب; من وجوب الإعادة عليه في الوقت مطلقاً، مستدلاًّ بأنّه كما يمكن تقييد النصوص الدالّة على وجوب الإعادة في الوقت دون خارجه، بما إذا لم يكن الانحراف إلى ما بين المشرق والمغرب، كذلك يمكن تقييد هذه الأدلّة بإرادة عدم الإعادة في خارج الوقت فقط; فإنّ بينهما تعارض العموم والخصوص من وجه، ولا ترجيح للأوّل على الثاني، بل الأمر بالعكس; لأنّ القدماء من الأصحاب حكموا بوجوب الإعادة في الوقت مطلقاً، وقيّدوا الروايات الدالّة على الحكم الأوّل.

  • (1) الحدائق الناضرة 6: 437.
(الصفحة 262)

وذلك; لأنّ القدماء من الأصحاب لم يتعرّضوا لحكم ما إذا كان الانحراف يسيراً، وعدم تعرّضهم له يحتمل أن يكون لأجل طرحهم للروايات الدالّة على ذلك، وهو بعيد مع صحّتها.

ويحتمل أن يكون لمّا فهموا منها من كون مدلولها إنّما هو تعيين حدّ القبلة، خصوصاً على ما بيّناه في معنى تلك الروايات; من أنّ المراد بما بين المشرق والمغرب هو المقدار الذي لا يصدق على شيء منه أنّه مشرق للشمس أو مغرب لها، وهو مساو لربع الدورة تقريباً; فهذه الروايات لم تكن متعرّضة لحكم الانحراف عن القبلة.

هذا كلّه فيما إذا كان منحرفاً عن القبلة انحرافاً يسيراً. وأمّا إذا كان الانحراف أزيد ممّا بين المشرق والمغرب، فالأقوى فيه وجوب الإعادة في الوقت دون خارجه; لقاعدة الإجزاء بالنسبة إلى ما بعد الوقت، وللنصوص الدالّة عليه:

كرواية عبدالرحمن بن أبي عبدالله، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: إذا صلّيت وأنت على غير القبلة واستبان لك أنّك صلّيت وأنت على غير القبلة وأنت في وقت فأعد، وإن فاتك الوقت فلا تعد(1).

ورواية يعقوب بن يقطين قال: سألت عبداً صالحاً عن رجل صلّى في يوم سحاب على غير القبلة ثمّ طلعت الشمس وهو في وقت، أيعيد الصلاة إذا كان قد صلّى على غير القبلة؟ وإن كان قد تحرّى القبلة بجهده أتجزئه صلاته؟

  • (1) الكافي 3: 284، ح3; تهذيب الأحكام 2: 47 و 142، ح151 و 554; الاستبصار 1: 269، ح1090; وعنها وسائل الشيعة 4: 315، أبواب القبلة، ب11، ح1.
(الصفحة 263)

فقال(عليه السلام): يعيد ما كان في وقت، فإذا ذهب الوقت فلا إعادة عليه(1).

ومكاتبة محمد بن الحصين قال: كتبت إلى عبد صالح: الرجل يصلّي في يوم غيم في فلاة من الأرض ولا يعرف القبلة، فيصلّي حتّى إذا فرغ من صلاته بدت له الشمس، فإذاً هو قد صلّى لغير القبلة، أيعتدّ بصلاته أم يعيدها؟ فكتب(عليه السلام): يعيدها ما لم يفته الوقت، أو لم يعلم أنّ الله يقول وقوله الحقّ: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ
وَجْهُ اللَّهِ
)؟!(2)،(3).

ورواية سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيم فيصلّي لغير القبلة، ثمّ يصحي فيعلم أنّه صلّى لغير القبلة كيف يصنع؟ قال(عليه السلام): إن كان في وقت فليعد صلاته، وإن كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده(4).

پوالمستفاد من هذه الأخبار عدم الفرق في عدم وجوب الإعادة في خارج الوقت بين ما كان مستدبراً للقبلة، وبين ما كان مستقبلا للمشرق أو المغرب، أو ما بينهما إلى جهة الشمال. ولكنّ الشيخ(قدس سره) قال في محكيّ النهاية: وقد رويت رواية أنّه إذا كان صلّى إلى استدبار القبلة، ثمّ علم بعد خروج الوقت، وجب عليه إعادة الصلاة، وهذا هو الأحوط، وعليه العمل(5). انتهى.

  • (1) تهذيب الأحكام 2: 48 و 141، ح155 و 552; الاستبصار 1: 296، ح1093; وعنهما وسائل الشيعة 4: 316، أبواب القبلة، ب11، ح2.
  • (2) سورة البقرة 2: 115.
  • (3) تهذيب الأحكام 2: 49، ح160; الاستبصار 1: 297، ح1097; وعنهما وسائل الشيعة 4: 316، أبواب القبلة، ب11، ح4.
  • (4) الكافي 3: 285، ح9; تهذيب الأحكام 2: 47 و 142، ح152، 153 و 553; الاستبصار 1: 296، ح1091; وعنها وسائل الشيعة 4: 317، أبواب القبلة، ب11، ح6.
  • (5) النهاية: 64.
(الصفحة 264)

ونظيره حكى السيّد في الناصريّات وابن إدريس في السرائر(1)، إلاّ أنّهما لم يعتمدا عليه، ولا يخفى أنّ هذه الرواية وإن لم تكن مذكورة مسندة في الجوامع التي بأيدينا، بل حكاها الشيخ(قدس سره) في محكيّ النهاية بنحو الإرسال، إلاّ أنّه باعتبار إحاطة الشيخ بالأخبار المرويّة عن النبيّ والأئـمّة الأطهار(عليهم السلام)نعلم بوجودها في الجوامع الأوّليّة.

ولا يمكن أن يكون مراد الشيخ بهذه الرواية هي رواية عمّار الساباطي المتقدّمة; لأنّها ظاهرة في حكم ما لو كان مستدبراً للقبلة، ثمّ علم بعد الفراغ قبل خروج الوقت، فالمورد فيهما مختلف.

وأيضاً لا يكون المقصود بها رواية عمرو بن يحيى قال: سألت أبا عبدالله(عليه السلام)عن رجل صلّى على غير القبلة، ثمّ تبيّنت القبلة وقد دخل وقت صلاة اُخرى؟ قال(عليه السلام): يعيدها قبل أن يصلّي هذه التي قد دخل وقتها، الحديث(2); لأنّها ظاهرة في تعيين وقت قضاء الصلاة التي وقعت على غير القبلة بعد الفراغ عن أصل وجوب الإعادة، فهي غير مرتبطة بما تدلّ على أصل وجوب الإعادة أو القضاء، وعلى تقديره فهي لا تتعرّض لحكم الاستدبار بالخصوص، بل تدلّ على حكم الصلاة التي وقعت على غير القبلة أعمّ ممّا كان مستدبراً.

فظهر أنّ الروايات الواردة في حكم المسألة التي نحن فيها لا تنحصر بالطائفتين المذكورتين، بل فيها ما يدلّ على التفصيل بين الاستدبار وغيره; وهو مارواه الشيخ في النهاية مرسلا، وقد استشكل فيها:

  • (1) مسائل الناصريّات: 202، المسألة الثمانون; السرائر 1: 205.
  • (2) تهذيب الأحكام 2: 46، ح149; ا لاستبصار 1: 297، ح1098; وعنهما وسائل الشيعة 4: 313، أبواب القبلة، ب9، ح5.
(الصفحة 265)

أوّلا: بأنّها غير معلومة الحجّية، إذ لو كانت مذكورة مسندة ونعلم برواتها لاطّلعنا على قدح في رواتها وإن لم يطّلع عليه الشيخ.

وثانياً: بأنّها على فرض حجّيتها معارضة مع الأخبار المتقدمة الدالّة على عدم وجوب الإعادة في خارج الوقت مطلقاً ولو كان مستدبراً.

وثالثاً: بفتوى جماعة من قدماء الأصحاب على خلافها، كالسيّد المرتضى وابن إدريس وابن الجنيد(1).

ولكن لا يخفى أنّ ضعفها على تقديره منجبر بفتوى كثير من الأصحاب على طبق مضمونها، كالمفيد في المقنعة والشيخ في جميع كتبه، وسلاّر وغيرهم(2)، وليست معارضة مع الأخبار المتقدّمة; لأنّها أخصّ منها; إذ التعارض بينهما إنّما هو في خصوص ما بعد الوقت، فتلك الأخبار تدلّ على عدم وجوب الإعادة مطلقاً، وهذه تدلّ على وجوبها لو كان مستدبراً، فيجب أن يخصّص بها.

وفتوى من ذكر من الأصحاب على خلافها لا يوجب قدحاً فيها; لأنّ بعضهم لا يعمل بالخبر الواحد أصلا ولو كان مسنداً، كالسيد المرتضى، وابن إدريس، والبعض الآخر لا يعلم من حاله أنّه محيط بالأخبار المرويّة عن النبيّ(صلى الله عليه وآله)والأئـمّة(عليهم السلام)، فلعلّه لم يطّلع على هذه الرواية، فأفتى على طبق تلك الروايات المتقدّمة، فالحكم بوجوب الإعادة لو كان مستدبراً مطلقاً في الوقت وفي خارجه غير بعيد; فما ذكره المحقّق في الشرائع من أنّ الأظهر هو القول بعدم وجوب الإعادة في خارج الوقت مطلقاً(3) غير ظاهر، فضلا عن أن يكون أظهر.

  • (1) مسائل الناصريّات: 202، المسألة الثمانون; السرائر 1: 205; وحكاه عن ابن الجنيد في مختلف الشيعة 2: 69.
  • (2) المقنعة: 97; الخلاف 1: 303، مسألة 51; المبسوط 1: 80; النهاية: 64; المراسم: 61; الكافي في الفقه: 138ـ139; المهذّب 1: 87; غنية النزوع: 69.
  • (3) شرائع الإسلام 1: 68.