(الصفحة 10)
مسألة 4 ـ لو ضربه بعصاء لم يقلع عنه حتى مات فهو عمد وإن لم يقصد به القتل ، وكذا لو منعه من الطعام أو الشراب في مدة لا يحتمل فيها البقاء، ولو رماه فقتله فهو عمد وإن لم يقصده 1 .
مسألة 5 ـ شبيه العمد ما يكون قاصداً للفعل الذي لا يقتل به غالباً غير قاصد للقتل، كما لو ضربه تأديباً بسوط ونحوه فاتفق القتل، ومنه علاج الطبيب إذا اتفق منه القتل مع مباشرته العلاج. ومنه الختان إذا تجاوز الحدّ ، ومنه الضرب عدواناً بما لا يقتل به غالباً من دون قصد القتل2 .
ولم يكن مقروناً بقصد القتل أيضاً، كما لو ضربه بالعصا مع عدم ترتب القتل عليه نوعاً وعدم كونه مريداً للقتل وقاصده كما لو ضربه بعصاً كذائي بقصد التأديب والتزكية لكن صار مؤثراً في حصول القتل فالظاهر عدم كونه قتل العمد الموجب للقصاص أو شبه عمد موضوعاً لترتب الدّية فيه على نفسه بل قتل خطائي مؤثر في ثبوت الدّية على العاقلة، وعليه فيكون موضوعاً للبحث عنه في كتاب الديات ـ كما لايخفى ـ .
1 - فإنّ عدم القلع عنه حتى مات، والمنع من الطعام أو الشراب في المدة المذكورة، وكذا الرّمي مما يتحقق به القتل فهو مقصود وإن لم يقصد القتل.
2 - عدم كونه عمداً انما هو لأجل إنه لم يكن قاصداً للقتل ولم يكن سبباً له نوعاً وكذا في مسألة علاج الطبيب والختان والضرب المذكورين.
(الصفحة 11)
مسألة 6 ـ يلحق بشبيه العمد لو قتل شخصاً باعتقاد كونه مهدور الدم أو باعتقاد القصاص فبان الخلاف أو بظنّ أنه صيد فبان إنساناً1 .
مسألة 7 ـ الخطأ المحض المعبر عنه بالخطأ الذي لا شبهة فيه هو ان لا يقصد الفعل ولا القتل كمن رمي صيداً أو القى حجراً فاصاب انساناً فقتله، ومنه لو رمى إنساناً مهدور الدم فاصاب إنساناً آخر فقتله 2 .
مسألة 8 ـ يلحق بالخطاء محضاً فعل الصبي والمجنون شرعاً 3 .
مسألة 9 ـ تجري الأقسام الثلاثة في الجناية على الاطراف أيضاً فمنها عمد ومنها شبه عمد ، ومنها خطأ محض4 .
1 - الوجه في عدم كونه عمداً انما هو لاعتبار اعتقاد المعصومية وعدم استحقاق القتل في مورده والمفروض خلافه.
2 - لعدم كونه قاصداً لقتل هذا الشخص ومع ذلك يكون القتل مستنداً إليه لا إلى شيء آخر ولا إلى شخص آخر .
3 - لأنهما مرفوع عنهما القلم حتى يفيق المجنون ويحتلم الصبي وفي بعض الروايات عمد الصبي وخطأه واحد تحمله العاقلة .
4 - لوضوح ان الجناية على الاطراف إنما هي كالجناية على النفس في التنويع إلى الأنواع الثلاثة.
(الصفحة 12)
(الصفحة 13)
القول في مقادير الديّات
مسألة 1 ـ في قتل العمد حيث تتعين الدية أو يصالح عليها مطلقاً مائة إبل أو مائتا بقرة أو ألف شاة أو مائتا حلّة أو ألف دينار أو عشرة آلاف درهم1 .
1 - قال المحقق في الشرائع: ودية العمد مائة بعير من مسانّ الابل أو مائتا بقرة أو مائتا حلّة كل حلّة ثوبان من برود اليمن أو ألف دينار أو ألف شاة أو عشرة آلاف درهم وقال صاحب الجواهر (قدس سره): بلا خلاف أجده في شيء من الستّة المزبورة كما عن بعض الاعتراف به بل عن الغنية الاجماع عليه أيضاً وعلى التخيير بينها بل يمكن إستفادتها من النصوص.
أقول لابد من البحث في كلّ واحد واحد منها.
أمّا الأوّل فقد عرفت إن المحقق (قدس سره) قيّده بمسانّ الابل والمراد بالمسانّ كما في محكي القاموس الكبار، وعن الأزهري والزمخشري: إذا اثنّت فقد أسنّت قالا أول الأسنان الاثناء وهو أن ثنيت ثنتاها وأقصاه في الابل النزول وفي البقر والغنم الصلُّوغ) وعن المهذب البارع «المسانّ جمع مسنّة وهي من الابل ما دخل
(الصفحة 14)
في السادسة و تسمى الثنية أيضاً فإن دخلت في السابعة فهي الرباع والرباعية فإن دخلت في الثامنة فهي السديس بكسر الدال فإن دخلت في التاسعة فهي بازل أي طلع نابه فإن دخلت في العاشرة فهي بازل عام ثم بازل عامين».
أقول قد ورد التقييد بالمسان في بعض الروايات الصحيحة أو الموثقة مثل صحيحة معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن دية العمد فقال مائة من فحولة الابل المسانّ فإن لم يكن إبل فمكان كل جمل عشرون من فحولة الغنم(1).
وموثقة أبي بصير قال سألته عن دية العمد الذي يقتل الرجل عمداً قال فقال مائة من فحولة الابل المسان فإن لم يكن إبل فمكان كل جمل عشرون من فحولة الغنم(2). فلابد من الالتزام بذلك وأن لا يكون عامل بهما من جهة اُخرى نشير إليها إن شاء الله تعالى كما إن ظاهرهما إنه لابد أن يكون الابل فحلا فإن الابل وكذا البعير وإن كان إسم جنس كالانسان يطلق على المذكر والمؤنث بخلاف الجمل والناقة إلاّ إن التقييد بالفحولة ظاهر الروايتين وكذا بعض الكلمات ولا محيص عن الالتزام به وإن كان ظاهر الأكثر كما في محكي الرياض الاطلاق بل قال صاحب الجواهر (قدس سره) لم أجد من حكى عنه إعتبار الفحولة غيره ـ يعني صاحب الرياض ـ وقال بعد حمل الروايتين على التقية كما فعله الشيخ (قدس سره) ولكن مع ذلك فالاحتياط لا ينبغي تركه.
أقول: مسألة حمل الإطلاق على التقييد توجب خروج المتعارضين عن كونهما
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثاني، ح2.
- (2) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثاني، ح3.