(الصفحة 282)
مسألة 3 ـ الأقوى إنه ليس بين كل مرتبة مما تقدم ذكره والمرتبة التي بعدها شيء فما قيل بينهما شيء بحساب ذلك غير مرضيّ1 .
1 - القائل هو الشيخ في محكي النهاية وعبارته: «الجنين أول ما يكون نطفة وفيه عشرون ديناراً ثم يصير علقة وفيه أربعون ديناراً وفيما بينهما بحساب ذلك ثم يصير مضغة وفيها ستون ديناراً وفيما بين ذلك بحسابه ثم يصير عظماً وفيه ثمانون ديناراً وفيما بين ذلك بحسابه ثم يصير مكسّواً عليه خلقاً سوياً شق له العين والاُذن والأنف قبل أن تلجه الروح وفيه مائة دينار وفيما بين ذلك بحسابه ثم تلجه الروح وفيه الدية كاملة» وفسّره ابن إدريس بما حاصله إن النطفة تمكث عشرين يوماً ثم تصير علقة وكذا ما بين العلقة والمضغة فيكون لكل يوم دينار وأورد عليه المحقق في الشرائع بقوله: ونحن نطالبه بصحة ما إدعاه الأول ثم بالدلالة على إن تفسيره مراد على إن المروي في المكث بين النطفة والعلقة أربعون يوماً وكذا بين العلقة والمضغة وروى ذلك سعيد بن المسيب عن علي بن الحسين (عليهما السلام) ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام)وأبو جرير القمي عن موسى (عليه السلام) وأمّا العشرون فلم نقف لها على رواية، ولو سلّمنا المكث الذي ذكره فمن أين إن التفاوت في الدية مقسوم على الأيام غايته الاحتمال وليس كل محتمل واقعاً مع إنه يحتمل أن تكون الاشارة بذلك إلى ما رواه يونس الشيباني عن الصادق (عليه السلام) إن لكل قطرة تظهر في النطفة دينارين وكذا كل ما صار في العلقة شبه العروق من اللحم يزاد دينارين وهذه الأخبار قد يتوقف فيها لاضطراب النقل أو لضعف الناقل وكذا يتوقف عن التفسير الذي مرّ بخيال ذلك القائل.
أقول أمّا رواية سعيد بن المسيب فقال سألت علي بن الحسين (عليهما السلام) عن رجل
(الصفحة 283)
ضرب امرأة حاملا برجله فطرحت ما في بطنها ميتاً، فقال: إن كان نطفة فان عليه عشرين ديناراً، قلت: فما حدّ النطفة؟ فقال: هي التي (إذا) وقعت في الرحم فاستقرت فيه أربعين يوماً، وإن طرحته وهو علقة فإن عليه أربعين ديناراً قلت فما حدّ العلقة؟ قال هي التي إذا وقعت في الرحم فاستقرت فيه ثمانين يوماً قال وإن طرحته وهو مضغة فإنّ عليه ستين ديناراً قلت فما حدّ المضغة؟ فقال هي التي إذا وقعت في الرحم فاستقرت فيه مائة وعشرين يوماً، قال: وإن طرحته وهو نسمة مخلّقة له عظم ولحم (مرتب) مزيل الجوارح قد نفخت فيه روح العقل فإنّ عليه دية كاملة(1) إلى هنا ما هو المنقول في الوسائل ولكن حكي عن الكافي والتهذيب إضافة قوله قلت له أرأيت تحوله في بطنها من حال إلى حال أبروح كان ذلك أم بغير روح قال بروح غذاء الحياة القديمة المنقولة في أصلاب الرجال وأرحام النساء ولولا إنه كان فيه روح غذاء الحياة ما تحولّ من حال بعد حال في الرحم وما كان اذن على قتله دية وهو في تلك الحال.
وأمّا صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) ورواية أبي جرير القمي عن موسى (عليه السلام) فقد تقدم نقلهما كما إن رواية يونس الشيباني التي نقل قطعة منها في ذيل كلامه هي عبارة عن رواية مفصلة لأبي شبل المتقدمة أيضاً ثم إنه يؤيد ما أفاده الماتن (قدس سره) دون الشيخ على تفسير ابن إدريس المتقدم ذكر الدية في كثير من الروايات مع كون المراد منها ظاهراً هي الدية بالاضافة إلى جميع الحالات، عدم التعرض لغير العناوين المذكورة مع إن الابتلاء كثيرة وهذا يشعر بل يدل على عدم
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب التاسع عشر، ح8.
(الصفحة 284)
مسألة 4 ـ لو قتلت المرأة فمات ما في جوفها فدية المرأة كاملة ودية اُخرى لموت ولدها فإن علم إنه ذكر فديته أو الاُنثى فديتها ولو إشتبه فنصف الديتين1 .
ثبوت دية اُخرى أصلا وأمّا التفسير الذي ذكره ابن إدريس فالظاهر إنه وإن لم يدل على صحته دليل إلاّ إنه أوفق بعبارة الشيخ كما لا يخفى.
1 - هذا هو المشهور بين الأصحاب بل لا يوجد فيه خلاف إلاّ من الحلي الذي أشار إلى قوله في الشرائع وقيل مع الجهالة ـ أي عدم معلومية كون الولد ذكراً أو اُنثى يستخرج بالقرعة لأنه مشكل وأشار إلى جوابه فيها بقوله ولا إشكال مع وجود ما يصار إليه من النقل المشهور ومراده من النقل المشهور ما في كتاب ظريف من قول أمير المؤمنين (عليه السلام) وإن قتلت امرأة وهي حبلى تتم فلم يسقط ولدها ولم يعلم أذكر هو أو اُنثى ولم يعلم أبعدها مات أم قبلها فديته نصفين نصف دية الذكر ونصف دية الاُنثى ودية المرأة كاملة بعد ذلك الحديث(1).
ويدل عليه أيضاً رواية ابن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال دية الجنين خمسة أجزاء خمس للنطفة عشرون ديناراً وللعلقة خمسان أربعون ديناراً وللمضغة ثلاثة أخماس ستون ديناراً وللعظم أربعة أخماس ثمانون ديناراً وإذا تم الجنين كانت له مائة دينار فإذا اُنشئ فيه الروح فديته ألف دينار أو عشرة آلاف درهم إن كان ذكراً وإن كان اُنثى فخمسمائة دينار وإن قتلت المرأة وهي حبلى فلم يدر أذكراً كان ولدها أم اُنثى فدية الولد نصف دية الذكر ونصف دية الاُنثى وديتها كاملة(2).
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب التاسع عشر، ح1.
- (2) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الواحد والعشرون، ح1.
(الصفحة 285)
مسألة 5 ـ لو ألقت المرأة حملها فعليها دية ما ألقته ولا نصيب لها من هذه الدية1 .
مسألة 6 ـ لو تعدد الولد تعددت الدية فلو كان ذكراً واُنثى فدية ذكر واُنثى وهكذا وفي المراتب المتقدمة كل مورد أحرز التعدد دية المترتبة متعددة2 .
والضعف منجبر بالشهرة القطعية ومخالفة ابن إدريس لا تقدح على مبناه من عدم حجية خبر الواحد أصلا وإن أورد عليه صاحب الجواهر (قدس سره) بناء على مبناه أيضاً بأنه يمكن إخراج المقام باعتبار الاجماع المعتضد بالنصوص والتتبع وغير ذلك فيكون الخبر حينئذ من المحفوف بالقرائن التي تعمل بمثلها فتدبر.
1 - لا إشكال بل لا خلاف في ثبوت الدية عليها لو ألقت حملها مباشرة أو تسبيباً كما هو المتداول تقريباً في هذه الأزمنة حيث إن بعضهن تسقط جنينها بعمل الجراحية من بعض الأطباء والظاهر إنه لا نصيب للاُم من هذه الدية لأن القتل من موانع الارث نعم في قتل الخطاء كلام في محله وفي صحيحة أبي عبيدة عن أبي عبدالله (عليه السلام)الواردة في امرأة شربت دواء وهي حامل لتطرح ولدها فألقت ولدها الى ان قال: قلت: فهي لا ترث من ولدها من ديته؟ قال: لا لأنها قتلته(1).
2 - لا إشكال في إنه مع تعدد الولد الذي ولج فيه الروح تتعدد الدية في صورة الاسقاط أي إسقاط كلهم والدية على حسب ذكورته واُنوثته فلو كان ذكراً واُنثى
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب العشرون، ح1.
(الصفحة 286)
مسألة 7 ـ دية أعضاء الجنين وجراحاته بنسبة ديته أي من حساب المائة ففي يده خمسون ديناراً وفي يديه مائة وفي الجراحات والشجاج على النسبة هذا فيمـا لم تلجه الروح وإلاّ فكغيره من الأحياء1 .
فدية ذكر واُنثى وهكذا لصدق القتل الموجب للدية بالاضافة إلى جميعهم ومع التعدد في المورد الذي لم يتحقق فيه ولوج الروح من المراتب المتقدمة التي ذكرنا دياتها تفصيلا وقد عرفتها إذا أحرز التعدد من أي طريق عقلي أو شرعي تثبت الدية أي دية المرتّبة متعددة بمقدار تعدد الولد وقد عرفت إنه لا فرق في هذه المراتب بين الذكر والاُنثى وإن كان بينهما فرق بعد تحقق الحياة وولوج الروح فراجع.
1 - الظاهر إنه لا يوجد في ذلك خلاف فيما إذا كان الجنين قبل ولوج الروح تام الخلقة وله أعضاء متمايزة ويدل عليه كتاب ظريف المشتمل على قضاء أمير المؤمنين (عليه السلام) وفيه إنه قضى في دية جراح الجنين من حساب المائة على ما يكون من جراح الذكر والاُنثى والرجل والمرأة كاملة وجعل له في قصاص جراحته ومعقلته على قدر ديته وهي مائة دينار(1) هذا فيما إذا كان تام الخلقة وأما إذا كان قبل تمامها فجنى عليه الجاني فنقص منه شيء حتى إذا تمت خلقته كان ناقصاً عضواً مع فرض العلم بتسبب الجناية لذلك ففي محكي كشف اللثام قد يقال باعتبار النسبة إلى ديته أيضاً ففي يده إذا كان له عظم أربعون ديناراً وإن كان فرض العلم بذلك متعذراً أو متعسراً مع إن الأصل البرائة خصوصاً بعد أن لم نجد فيه نصّاً ولا فتوى فيمكن أن يكون نحو ما يشبه الجرح فيه من إنه لا حكم فيه أو إن فيه الحكومة.
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب التاسع عشر، ح1.