(الصفحة 29)
ولكنه ضعفت هذه الرواية اى الاُولى بأن في سندها علي بن أبي حمزة البطائني كما إنه ضعفت الثانية بأن في سندها محمد بن سنان وهو لم يثبت توثيقه ولا مدحه فلا يمكن الاستدلال بهما على حكم وعليه فيصبح قول الشرائع بلا دليل.
نعم ربما يستدل عليه بما في صحيحة محمد بن مسلم وزرارة وغيرهما عن أحدهما (عليهما السلام) في الدية قال: هي مائة من الابل وليس فيها دنانير ولا دراهم ولا غير ذلك قال ابن أبي عمير فقلت لجميل ـ أي جميل بن دراج الراوي عن محمد بن مسلم وزرارة وغيرهما ـ هل للابل أسنان معروفة فقال نعم ثلاث وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة إلى بازل عامها قال: وروى ذلك بعض أصحابنا عنهما وزاد علي بن حديد في حديثه إن ذلك في الخطاء قال: قيل لجميل فإن قبل أصحاب العمد الدية كم لهم قال مائة من الابل إلاّ أن يصطلحوا على مال أو ما شاؤوا غير ذلك(1).
وأورد عليها أيضاً بأنه مضافاً إلى أن ذلك لم يرد في دية الشبيه بالعمد وإنما ورد في الدية مطلقاً بأن هذا التحديد من جميل ولم ينسبه إلى معصوم فلا حجية فيه.
ثم إنه حكي عن النهاية والقواعد واللمعة والنافع والروضة وبعض الكتب الاُخر بل عن الخلاف دعوى إجماع الفرقة وأخبارها عليه وفي النافع إنه أشهر الروايتين وعن المفاتيح إنه المشهور وبه روايتان «إنّ الدية ثلاث وثلاثون بنت لبون وثلاث وثلاثون حقة وأربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل»(2). مع إنه لم يرد ذلك في شيء من
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثاني، ح7.
- (2) قال صاحب الجواهر: لم نقف على شى من ذلك.
(الصفحة 30)
مسألة 15 ـ هذه الدية أيضاً من مال الجاني لا العاقلة فلو لم يكن له مال استسعى أو اُمهل إلى الميسرة كما في سائر الديون ولو لم يقدر عليها ففي كونها على بيت المال إحتمال1 .
الروايات كما إنه ربما يقال بأن صحيحة المعلّى أبي عثمان وكذا رواية عبدالرحمن لم يوجد من الأصحاب العمل بهما مضافاً إلى أنّ الثانية مرسلة.
وقد ظهر مما ذكرنا أن الرواية التي تكون معتبرة في نفسها ولم يعرض عنها الأصحاب هي صحيحة عبدالله بن سنان المتقدمة الظاهرة في تعين الابل في دية شبيه العمد مع إن الابل غير متعين فيها كغيرها فاللازم على القاعدة الأخذ بها فقط مع الحمل على عدم التعين وإنه إن أراد أن يؤدي الدية من الابل فحكمه ما هو مفاده وإلاّ فالابل لا يكون متعيناً في هذا الباب بوجه أصلا وأمّا الروايات الاُخر فبين ما هو غير معتبر في نفسها وبين ما إنه لم يوجد من الأصحاب من يعمل بها ومع ذلك فالأحوط التصالح لوجود الروايات المختلفة الواردة في هذا المجال وإن كانت نفس الاختلاف دليلا على عدم التعيّن كما لا يخفى.
1 - قد عرفت إن ظاهر الأدلة إنما هو ثبوت الدية على الجاني وبعبارة اُخرى الدية عوض الجناية وهي صادرة من الجاني ولو كان من غير عمد محض فهي كالاتلاف الموجب للضمان ولو كان المتلف غير قاصد له أصلا كما إذا تحقق في حال النوم مثلا وعليه فحكمها حكم سائر الديون فإذا لم يكن للمديون ما يفي به الدين فاللازم الاستسعاء أو الإمهال إلى الميسرة على ما تقدم في كتاب الدين نعم في
(الصفحة 31)
مسألة 16 ـ الأحوط للجاني أن لايؤخّر هذه الدية عن سنتين والأحوط للولي أن يمهله إلى سنتين وإن لا يبعد أن يقال تستأدي في سنتين1 .
فرض عدم المقدرة يجري إحتمال الثبوت على بيت مال المسلمين لأن الشارع لم يرد هدر الدم المحترم والمفروض عدم ثبوت القصاص لخروجه عن قتل العمد على ما هو المفروض فتثبت الدية على بيت المال.
1 - قد إختلفت الأقوال في هذه المسألة جدّاً:
الأول ما هو المشهور بين الأصحاب بل عن الشيخ في المبسوط إدّعاء الاجماع عليه من إنّها تستأدى في سنتين.
الثاني التفصيل المنقول عن ابن حمزة بين المؤسر في سنة واحدة والمعسر ففي سنتين.
الثالث حكم دية الخطاء وإنها تستأدى في ثلاث سنين أيضاً.
أمّا القول الأول فبعد عدم تمامية الاجماع الذي إدّعى ربما يقال في وجهه إنّ فيه وسطاً بين دية العمد التي تستأدى في سنة ودية الخطاء التي تؤدى في ثلاث سنين لأنه ليس بعمد محض ولا بخطاء محض فالنتيجة ما ذكر ولكنه اُجيب عنه بأنه إستحسان محض ولا نقول به بعد عدم دليل آخر عليه أصلا.
وأما القول الثاني المحكي عن ابن حمزة فلا دليل عليه أيضاً فيبقى القول الثالث وهو مقتضى الدليل وهي صحيحة أبي ولاد المتقدمة فإن عدم التعرض فيها لدية شبه العمد دليل على إن المراد منها من دية الخطاء التي حكم فيها بالاستيفاء ثلاث سنين ليس هو الخطاء المحض بل أعم منه ومن شبيه العمد وإلاّ يلزم السكوت عنها
(الصفحة 32)
مسألة 17 ـ لو قلنا بلزوم إعطاء الحوامل لو اختلف الولي ومن عليه الدية في الحمل فالمرجع أهل الخبرة ولا يعتبر فيه العدالة وتكفي الوثاقة وإعتبار التعدد أحوط وأولى، ولو تبين الخطأ لزم الاستدراك، ولو سقط الحمل أو وضع الحامل أو تعيب ما يجب أدائه فان كان قبل الاقباض يجب الابدال وإلاّ فلا1 .
مضافاً إلى أنه لو إحتمل الخلاف يجري إحتمال كونه ملحقاً بالعمد المحض في الاستيداء سنة واحدة وهو خلاف المشهور والقائل به شاذ فأمّا أن يقال بملاحظة ما ذكرنا بظهور الرواية في ذلك وأمّا أن يقال بأنه على تقدير العدم يرجع إلى الأصل وهو ينفي لزوم الأداء قبل المدة المذكورة ومما ذكرنا ظهر الوجه في كلام الماتن (قدس سره)حيث ذكر أن مقتضى الاحتياط أي الاستحبابي للجاني أن لا يؤخر هذه الدية عن سنتين وكذا مقتضى الاحتياط الكذائي أن يمهله الولي إليهما ولا يعجل قبلهما أخذ الدية عن الجاني وإن كان لا يبعد أن يقال بأن تستأدى في سنتين لأنه الوسط بين سنة واحدة الثابت في دية العمد وبين ثلاث سنين الثابت في دية الخطاء بمقتضى الرواية المتقدمة على ما يأتي فتدبر.
1 - الأولى البحث عن هذه المسألة فيما بعد لأنا لم نقل إلى الآن بلزوم إعطاء الحوامل أصلا نعم لو قلنا بلزوم إعطائها ووقع الاختلاف بين الولي والجاني في ثبوت الحمل وعدمه فلا يرجع إلى قاعدة المدعي والمنكر بأي معنى اُريد منهما وإن كان مدعي الحمل مدعياً ومنكره منكراً بحسب الظاهر إلاّ إن مثل هذه المسألة
(الصفحة 33)
كمسألة إختلاف البايع والمشتري في وزن المبيع الذي إشترى مع وزن مخصوص لا يرجع فيه إلى تلك القواعد والضوابط بل يرجع في تلك إلى التوزين وفي مثل المقام إلى أهل الخبرة العالم بذلك بمقتضى شغله أو غيره نعم ذكر إنه لا يعتبر فيه العدالة وإن إعتبار التعدد أحوط وأولى مع إن إعتبار العدالة أيضاً كذلك لأدلة حجية البينة التي يعتبر فيها التعدد والعدالة في الموضوعات وقد ذكرنا في محله في البحث عن حجية قول العادل الواحد في الموضوعات إن لازم ذلك عدم إعتبار التعدد بوجه وَلغوية حجية البينة كذلك وقد حققنا ذلك في الموارد المختلفة التي منها البحث عن القواعد الفقهية الشاملة للبحث عن حجية البينة فراجع.
ثم إنه بناء على لزوم إعطاء الحوامل لو تبين الخطأ لزم الاستدراك لأنه إنكشف عدم كونها حوامل وحجية البينة أو أهل الخبرة بناءً على كفاية الوثاقة أو عدم إعتبار التعدد إنما هي ما لم ينكشف الخلاف كما في سائر الموارد.
نعم لو سقط الحمل قبل الاقباض أو وضع الحامل قبله أو تعيب قبل ادائه يجب الابدال ولو تحقق أحد هذه الاُمور بعد الاقباض لا يجب الابدال لأن المفروض قبضه حاملا غير معيوب كما لا يخفى مع إن الحامل يضع حمله بالآخرة بعد الاقباض ولا معنى لدوام الحمل فتدبر.