(الصفحة 292)
إن المراد من الارش هوحساب النسبة المذكورلاالارش الاصطلاحي في باب الديات.
ثانيهما روى مسمع كردين قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل كسر عظم ميت فقال حرمته ميتاً أعظم من حرمته وهو حي(1). وقد عرفت أن الأعظمية والأشدية لا دلالة لها على أكثرية الدية ومثلها كما لا يخفى.
ثم إن مقتضى الاطلاق إنه لا فرق بين الرجل والمرأة وإن كان بينهما الاختلاف في حال الحياة وكذا بين الصغير والكبير.
الثاني إنّ هذه الدية لا تكون لورثة الميت بل تكون لنفس الميت والمحكي عن علم الهدى والحلي إنها تكون لبيت المال لأنها عقوبة جناية ولا قاطع بوجوب الصرف في وجوه الخير ولأن إسحاق بن عمار قال للصادق (عليه السلام) من يأخذ ديته قال الامام هذا لله أقول بعد دلالة الروايات المتقدمة على إنها للميت لا محالة يكون المراد من هذه الرواية ومثلها ما أشار إليه المفيد قال يقبضها إمام المسلمين أو من نصبه للحكم في الرعية ويتصدق عن الميت بها أقول فاللام في قوله هذا لله لا تكون بمعنى الملكية أو تكون بمعناها الأعم القابل للصرف في وجوه الخير خصوصاً الحج عنه وكذا التصدق.
الثالث بعد كون هذه الدية للميت لا ينتقل عنه إلى ورثته بل يصرف عنه في وجوه الخير والظاهر جواز قضاء دينه عنها لأنه مضافاً إلى كونه من أعظم وجوه الخير يكون الحكم الوضعي بالاضافة إلى دينه محفوظاً وإن كان بالموت يسقط الحكم التكليفي كما لا يخفى.
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الخامس والعشرون، ح5.
(الصفحة 293)
الثاني من اللواحق في العاقلة
والكلام فيها في أمرين:
الأول تعيين المحل وهو العصبة ثم المعتق ثم ضامن الجريرة ثم الامام (عليه السلام)وضابط العصبة من تقرب بالأبوين أو الأب كالاخوة وأولادهم وإن نزلوا والعمومة وأولادهم كذلك1 .
مسألة 1 ـ في دخول الآباء وإن علوا والأبناء وإن نزلوا في العصبة خلاف والأقوى دخولهما فيها2 .
[1]
2 - سميت العاقلة بذلك لعقلها الابل التي هي الدية بفناء ولي المقتول،و لعقله أي منعها القاتل من القتل، أو لعقلهم عنه أي تحملهم العقل وهي الدية عنه.
وكيف كان فهي عبارة عن العصبة على المشهور والمعتق وضامن الجريرة والامام مترتبتين كما في الارث وليعلم إن مورد الرجوع إلى العاقلة إنما هو قتل الخطاء الذي ديته على العاقلة كما عرفت وأمّا في القتل الموجب للقصاص فإن الانتقال إلى الدية في صورة وجود القاتل وحضوره إنما هو مع إختيار ولي الدم ذلك ورضاية ولي المقتول أو شخص المجروح بذلك وإلاّ فلا تصل النوبة إلى الدية نعم ظاهر رواية أبي بصير في صورة هرب القاتل ذلك قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام)عن رجل قتل رجلا متعمداً ثم هرب القاتل فلم يقدر عليه قال إن كان له مال اُخذت الدية من ماله وإلاّ فمن الأقرب فالأقرب وإن لم يكن له قرابة أداه الامام فإنه لا يبطل دم امرئ مسلم(1). وكذا رواية ابن أبي نصر عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجل قتل رجلا عمداً ثم فرّ فلم يقدر عليه حتى مات قال إن كان له مال أخذ منه وإلاّ أخذ
- (1) الوسائل: أبواب العاقلة، الباب الرابع، ح1.
(الصفحة 294)
من الأقرب فالأقرب(1). وقد تقدم في كتاب القصاص إن مثل هاتين الروايتين على خلاف القاعدة ويقتصر على مورده فراجع هذا كله في الدية في العمد وأما شبه العمد فالدية من ماله عندنا نعم عن الحلبي هنا وعن العامة قول بأنها على العاقلة ولكن النص والفتوى على خلافه كما في الجواهر فمورد الرجوع إلى العاقلة ينحصر في الخطاء المحض.
وأمّا المحلّ ففي الدرجة الاُولى العصبة فقد دل على ذلك روايات:
منها صحيحة محمد بن قيس عن جعفر (عليه السلام) إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قضى في امرأة اعتقت رجلا واشترطت ولائه ولها ابن فالحق ولائه بعصبتها الذين يعقلون عنها دون ولدها(2).
ومنها صحيحة اُخرى لمحمد بن قيس عن جعفر (عليه السلام) أيضاً إنه (عليه السلام) قضى في رجل حرّر رجلا فاشترط ولائه، فتوفي الذي اعتق وليس له ولد إلاّ النساء، ثم توفي المولى وترك مالا وله عصبته، فاحتق فى ميراثه بنات مولاء والعصبة، فقضى بميراثه للعصبة الذين يعقلون عنه إذا أحدث حدثاً يكون فيه عقل(3). والظاهر إتحاد الروايتين وعدم تعددهما وإن جعلهما في الوسائل كذلك وأوردهما في بابين مختلفين.
ومنها المرسلة إن امرأة رمت اُخرى حاملا فاسقطت ثم ماتت الرامية قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله)عليها بالغرّة وقضى بان ميراثها لبنيها وزوجها والعقل على عصبتها(4).
- (1) الوسائل: أبواب العاقلة، الباب الرابع، ح3.
- (2) الوسائل: كتاب العتق، الباب التاسع والثلاثون، ح1.
- (3) الوسائل: كتاب العتق، الباب الأربعون، ح1.
- (4) كشف اللثام ح2 ص346.
(الصفحة 295)
في ضابط العصبة
فقد ذكر المحقق في الشرائع إن ضابط العصبة من يتقرب بالأب كالاُخوة وأولادهم والعمومة وأولادهم ولا يشترط كونه من أهل الارث في الحال، والظاهر إن المراد من التقرب بالأب ليس هو إخراج التقرب بالاُم بل المراد إخراج المتقرب بالاُم فقط في مقابل الأبوين والأب فينطبق المذكور في المتن عليه وعن مختصر النهاية الاثيرية: العصبة الأقارب من جهة الأب وعن الصحاح عصبة الرجل بنوه وقرابته لأبيه وإنما سمّوا عصبته لأنهم عصبوا به أي أحاطوا فالأب طرف والابن طرف والعم جانب والأخ جانب. وعن مجمع البحرين إن عصبة الرجل بنوه وقرابته لأبيه.
وقيل كما عن جماعة هم الذين يرثون دية القاتل لو قتل وأورد عليه المحقق في الشرائع بقوله وفي هذا الاطلاق وهم، فإن الدية يرثها الذكور والاناث والزوج والزوجة ومن يتقرب بالاُم على أحد القولين ويختص بها الأقرب فالأقرب كما تورث الأموال وليس كذلك العقل فإنه يختص به الذكور من العصبة دون من يتقرب بالاُم ودون الزوج والزوجة ومن الأصحاب من خصّ به الأقرب ممن يرث بالتسمية ومع عدمه يشترك في العقل بين من يتقرب بالاُم مع من يتقرب بالأب أثلاثاً. وإستدل لهذا القول الأخير مضافاً إلى خبري أبي بصير والبزنطي السابقين مع كونهما في الهرب بعد القتل العمدي بمرسلة يونس عن أحدهما (عليهما السلام) إنه قال في الرجل إذا قتل رجلا خطأً فمات قبل أن يخرج إلى أولياء المقتول من الدية إن الدية
(الصفحة 296)
على ورثته فإن لم يكن له عاقلة فعلى الوالي من بيت المال(1). وأورد عليه صاحب الجواهر (قدس سره) بأن مقتضى الاطلاق المزبور الشركة أثلاثاً وإن كان المتقرب بالاُم واحداً كالأخ الذي له السدس إلى أن قال ولا نعرف هذا القول لأحد وإن نسب إلى أبي علي لكن عبارته المحكية عنه لا توافق القول المزبور بل هو قول مستقل برأسه وإستدل له في متن الشرائع برواية سلمة بن كهيل عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: وفي سلمة ضعف.
أقول أمّا رواية سلمة بن كهيل فهي ما رواه عنه مالك بن عطية (عن أبيه) قال أُتي أمير المؤمنين برجل قد قتل رجلا خطأً فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) من عشيرتك وقرابتك فقال ما لي بهذا البلد عشيرة ولا قرابة قال: فقال فمن أي البلدان أنت؟ قال أنا رجل من أهل الموصل ولدت بها ولي بها قرابة وأهل بيت. قال: فسأل عنه أمير المؤمنين (عليه السلام) فلم يجد له بالكوفة قرابة ولا عشيرة، قال: فكتب إلى عامله على الموصل أمّا بعد فإن فلان بن فلان وحليته كذا وكذا قتل رجلا من المسلمين خطأً فذكر إنه رجل من أهل الموصل وإن له بها قرابة وأهل بيت وقد بعثت به إليك مع رسولي فلان وحليته كذا وكذا فإذا ورد عليك إن شاء الله وقرأت كتابي فافحص عن أمره وسل عن قرابته من المسلمين فإن كان من أهل الموصل ممّن ولد بها وأصبت له قرابة من المسلمين فأجمعهم إليك ثم اُنظر فإن كان رجل منهم يرثه له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته فالزمه الدية وخذه بها نجوماً في ثلاث سنين فإن لم يكن له من قرابته أحد له سهم في الكتاب وكانوا قرابته سواء في
- (1) الوسائل: أبواب العاقلة، الباب السادس، ح6.