(الصفحة 302)
مسألة 5 ـ تضمن العاقلة دية الخطاء وقد مرّ إنها تستأدى في ثلاث سنين كل سنة عند إنسلاخها ثلثاً من غير فرق بين دية الرجل والمرأة، والأقرب إن حكم التوزيع إلى ثلاث سنين جاء في مطلق الخطاء من النفوس وجنايات اُخر1 .
قال ما دون السمحاق أجر الطبيب(1) من دون التعرض للموضحة وما زاد وان كان يبعد كونها رواية اُخرى فتدبر.
1 - أمّا إختصاص ضمان العاقلة بدية الخطاء فقد مرّ في أول بحث العاقلة وفي السابق أيضاً فلا يفيد.
وأمّا إنها تستأدى في ثلاث سنين كل سنة عند إنسلاخها ثلثاً فقد مرّ أيضاً الكلام فيه وينبغي البحث هنا في أمرين:
أحدهما إنه لا فرق بين دية الرجل الحر المسلم التي تكون ديته كاملة وبين غيره كدية المرأة ودية الذمي الذين تكون ديتهما ناقصة وعن الشافعي في أحد وجهيه إعتبار الناقصة بالكاملة فما كان منها ثلثها كدية اليهودي والنصراني عنده أو نقصت عنه كدية المجوسي تحلّ في السنة الاُولى وما زاد كدية المرأة تحلّ في سنتين في الاُولى بقدر الثلث والباقية في الثانية ولكن الظاهر إنه لا فرق بمقتضى إطلاق الأدلة في الحلول في ثلاث سنين كما أفاده الماتن (قدس سره).
ثانيهما جريان حكم الدية في الارش وعدمه فقد قال في المبسوط يستأدى في سنة واحدة عند إنسلاخها إذا كان ثلث الدية فما دون لأن العاقلة لا تعقل حالاًّ
- (1) الوسائل: أبواب العاقلة، الباب الخامس، ح2.
(الصفحة 303)
مسألة 6 ـ لا رجوع للعاقلة بما يؤديه على الجاني كما مر والقول بالرجوع ضعيف1 .
مسألة 8 ـ لا يعقل العاقلة العمد وشبهه كما مرّ ولا ما صولح به في العمد وشبهه ولا سائر الجنايات كالهاشمة و المأمومة إذا وقعت عن عمد وشبهه2 .
وإستشكل عليه المحقق في الشرائع بأن منشأه إحتمال تخصيص التأجيل بالدية لا بالارش.
أقول لابد من ملاحظة الرواية الواردة في هذا المجال وهي صحيحة أبي ولاد عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال كان علي (عليه السلام) يقول: تستأدى دية الخطاء في ثلاث سنين تستأدى دية العمد في سنة(1). رواها المشايخ الثلاثة بأسانيدهم والظاهر إختصاص الصحيحة خصوصاً بملاحظة إستعمال كلمة «الدية» بدية القتل وبقاء الارش على إصالة الحلول قل أو كثر.
1 - على المشهور كما تقدم ظاهراً خلافاً للمفيد وبعض آخر ولم يعرف له وجه ولا موافق فالقول بالرجوع في غاية الضعف.
2 - فإنّ الأصل عدم ضمان أحد جناية غيره لقوله تعالى: ولا تزر وازرة وزر اُخرى وغيره خرج منه دية الخطأ المحض وقد دلّت جملة من الروايات المتقدمة على إن العاقلة لا تضمن عمداً ولا إقراراً ولا صلحاً فما صولح به من الدية في العمد
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الرابع، ح1.
(الصفحة 304)
مسألة 9 ـ لو جنى شخص على نفسه خطأً قتلا أو ما دونه كان هدراً ولا تضمنه العاقلة1 .
مسألة 10 ـ ليس بين أهل الذمة معاقلة فيما يجنون من قتل أو جراحة، وإنما يؤخذ ذلك من أموالهم فإن لم يكن لهم مال رجعت الجناية على إمام المسلمين إذا أدّوا الجزية2 .
وشبهه لا تضمنه العاقلة بوجه ومنه يظهر إنه لا تعقل العاقلة الدية في مثل الهاشمة والمأمومة إذا وقعت عن عمد وشبهه.
1 - قد نفى وجدان الخلاف فيه بل ظاهر بعض الاجماع عليه ولعلّه من عدم وجود قتل العمد وشبهه أو ما دونه بوجه لأن المفروض كونه خطأً ومن عدم الوجه لضمان العاقلة حينئذ لأن الثابت إنما هو خروج قتل الغير خطاءً ومثله نعم حكي عن الأوزاعي وأحمد وإسحاق ضمانها في النفس لورثته وفي الطرف له ولا إشكال في فساده لأنه مضافاً إلى ما ذكرنا يرد عليه إنه مناف للاعتبار أيضاً لأن الدية عوض الجناية على المجنى عليه لا الجناية على نفسه نفساً أو طرفاً كما هو واضح.
2 - والدليل الوحيد لذلك صحيحة أبي ولاد عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال ليس فيما بين أهل الذمة معاقلة فيما يجنون من قتل أو جراحة إنما يؤخذ ذلك من أموالهم فإن لم يكن لهم مال رجعت الجناية على إمام المسلمين لأنهم يؤدّون إليه الجزية كما يؤدي العبد الضريبة إلى سيده قال: وهم مماليك للامام فمن أسلم منهم فهو حرّ(1).
- (1) الوسائل: أبواب العاقلة، الباب الأول، ح1.
(الصفحة 305)
مسألة 11 ـ لا يعقل إلاّ من علم كيفية إنتسابه إلى القاتل وثبت كونه من العصبة فلا يكفي كونه من قبيلة فلان حتى يعلم إنّه عصبة ولو ثبت كونه عصبة بالبينة الشرعية لا يسمع انكار الطرف1 .
وليس المراد من الذيل كونهم مماليك حقيقة بل بلحاظ لزوم أداء الجزية إليه وأدائها كأنهم مماليك مثل العبد الذي يؤدي الضريبة إلى سيده وإلاّ فالجزية تغاير الضريبة والامام يغاير السيد والمولى ومنه يظهر إن الملاك في الجاني كونه من غير أهل الذمة ومسلماً سواء كانت العاقلة من أهل الذمة أو مسلمين وأما لو فرض العكس بأن كانت العاقلة غير مسلمين ومن أهل الذمة والجاني الذي هو قريبهم مسلماً فالظاهر ثبوت دية الخطاء عليهم ولزوم أخذها منهم وإن كانوا غير معتقدين بذلك نعم في رواية سلمة بن كهيل المتقدمة التقييد بالقريب المسلم وقد عرفت ضعفها بسلمة ومقتضى كلام مثل المحقق في الشرائع ملاحظة حال الجاني لا العاقلة حيث قال: وجناية الذمي في ماله وإن كانت خطأً دون عاقلته ومع عجزه عن الدية فعاقلته الامام لأنه يؤدي إليه ضريبته.
وكيف كان فما عن العامة من تضمين العاقلة وهم عصبة الذميون واضح الفساد بعد ما عرفت.
1 - هذا العنوان أي عنوان العاقلة الذين عرفت إنهم في المرتبة الاُولى العصبة وقد مر الضابط في العصبة أيضاً كسائر العناوين التي ترتبط بها الأحكام الشرعية يعتبر في تحققها الاحراز الذي لا يتحقق إلاّ بالعلم أو البينة ولو لم تفد الظن أصلا فإنها حجة شرعية وقد وقع البحث عنها في محلّها الذي هي القواعد الفقهية التي
(الصفحة 306)
مسألة 12 ـ لو قتل الأب ولده عمداً أو شبه عمد فالدية عليه ولا نصيب له منها ولو لم يكن له وارث غيره فالدية للامام ولو قتله خطاءً فالدية على العاقلة يرثها الوارث، وفي توريث الأب هنا قولان أقربهما عدمه فلو لم يكن له وارث غيره يرث الامام (عليه السلام)1 .
تكلمنا في ثلاثين منها في صورة مستقلة فإنه مع قيام البينة الشرعية على كونه عصبة لا يسمع إنكار الطرف ولو كان مقتضى الأصل البرائة وعدم الضمان نعم مجرد كونه من قبيلة فلان لا يكفي في ذلك مع عدم الاحراز بما ذكر فتدبر وإلاّ فالناس كلهم منتسبون إلى آدم (عليه السلام).
1 - وقد عرفت إنه إذا قتل الأب ولده عمداً أو شبهة يكون ذلك موجباً للدية ولا قصاص فاعلم إن الدية في هذه الصورة تكون لغير الأب لأن القاتل لا يرث المقتول وعليه فلو لم يكن وارث غيره فالدية للامام (عليه السلام) وأمّا لو كان القتل الصادر من الأب خطاءً فلا إشكال في إن الدية على العاقلة ويرثها الوارث لكن في توريث الأب هنا قولان ناشئان من كونه القاتل والقاتل لا يرث ومن أن القتل الصادر إنما يكون خطاءً وصادراً من غير إرادة وقصد بوجه بالاضافة إلى المقتول وقد حكي عن المسالك أنه يظهر منها وجود قائل بإستحقاقه الارث من خصوص الدية وإن قلنا بمنعه عن غيرها لكن القائل غير معروف و دليله غير تام وحينئذ فلو لم يكن للمقتول وارثاً غير الأب العاقل يكون الوارث هو الامام (عليه السلام).