(الصفحة 326)
بين المثبتين تعارض وقد حقق في محلّه إن الجملة الشرطية فضلا عن الوصفية وغيرها لا يكون لها مفهوم أصلا وحينئذ فلا تصلح رواية ابن صبيح لتقييد الروايات الكثيرة المطلقة ولذا إستظهر الماتن (قدس سره) إنه لا فرق بين السلوقي وغيره ولا فرق بين المعلّم وغيره مع إنه لم يقع التفصيل بين المعلّم وغيره في شيء من الروايات التي أشرنا إليها ومجرد كونه أي الكلب السلوقي معلّماً على الأكثر لا يوجب الانطباق في صورة عدم الانصراف وفي هذه الصورة ينصرف إلى الكلب السلوقي المعلم لا مطلق المعلم.
النوع الثاني كلب الغنم ففي مرسلة ابن فضال المتقدمة عشرون درهماً وفي رواية أبي بصير المتقدمة أيضاً كبش وفي رواية السكوني المتقدمة أيضاً القيمة والمشهور على ما حكي عن كشف اللثام هو الأول ولكن المحقق في الشرائع جعل القول بالكبش أصحّ طريقاً مع إنه لا صحة في المسألة لا بالاضافة إلى المرسلة ولا بالنسبة إلى رواية أبي بصير الذي يكون الراوي عنه هو علي بن أبي حمزة البطائني الكذاب المعروف بل يمكن دعوى الانجبار بالنسبة إلى المرسلة وجعل الماتن (قدس سره) مقتضى الاحتياط اللزومي الأخذ بأكثر الأمرين من عشرين درهماً والكبش ولم يقع فيه الاشارة إلى رواية السكوني الدالة على القيمة التي هي مطابقة للقاعدة أيضاً.
النوع الثالث كلب الحائط أي البستان والمشهور شهرة عظيمة بل ربما إحتمل بلوغها الاجماع كما أن ذكره في النهاية ونحوها يقتضي وجود النص فيه إنّ فيه عشرين درهماً وقد وقع التصريح في رواية السكوني المتقدمة بأن فيه القيمة وإطلاق المرسلة يقتضي خلافه وقد جعل الماتن (قدس سره)مقتضى الاحتياط اللزومي هو عشرون
(الصفحة 327)
درهماً مع إن مقتضاه أكثر الأمرين فتدبر.
النوع الرابع كلب الزرع والمشهور كما إعترف به غير واحد بل في محكي التنقيح لم أعرف قائلا بغيره إن فيه قفيزاً من برّ ذكره المحقق في الشرائع من غير إشارة إلى الخلاف ولا يعرف له مستند وفي المسالك نسبة عدم وجوب شيء به إلى جماعة.
نعم في رواية أبي بصير المتقدمة ودية كلب الزرع جريب من برّ لكنها ضعيفة في كمال الضعف كما عرفت وحيث إنّ الجريب أربعة أقفزة كما عن الأزهري ذكر الماتن (قدس سره) إنه أحوط ولا بأس به وإن كان لزومه محل إشكال خصوصاً مع دلالة مثل المرسلة على خلافه.
الأمر الثاني عدم تحقق الضمان بالاضافة إلى غير الأنواع الأربعة من الكلاب التي عرفت حكمها والوجه في عدم الضمان بالنسبة إلى المسلم عدم ثبوت الملكية له ولا يتوجه هنا ضرر بعد عدم ثبوت الملكية ويؤيده مضافاً إلى أصالة عدم الضمان المرسلة المتقدمة نظراً إلى إن الزنبيل من التراب كناية عن عدم شيء فيه قال المحقق في الشرائع ولا قيمة لما عدا ذلك ـ أي الأنواع الأربعة ـ من الكلاب وغيرها ولا يضمن قاتلها شيئاً وذكر في محكي المسالك في الشرح ويدخل في ذلك كلب الدار والجرو القابل للتعليم أقول وإن كان سلوقياً وربما يظهر من بعض الاعتبار للظهور في كونه صيوداً بالفعل واو كان الصائد صائداً بالقوة القريبة من الفعل ومجرد الاكتفاء بكون الكلب من ذلك الصنف وإن كان جرواً لا يصيد إلاّ بالقوة لصدق كلب الصيد عليه عرفاً واضح الضعف كما لا يخفى فإطلاق عدم الضمان بالاضافة إلى غير الأنواع الأربعة في محلّه.
(الصفحة 328)
مسألة 6 ـ كل ما لا يملكه المسلم كالخمر والخنزير لا ضمان فيه لو أتلفه، وما لم يدل دليل على عدم قابليته للملك يتملك لو كان له منفعة عقلائية وفي إتلافه ضمان الاتلاف كما في سائر الأموال1 .
مسألة 7 ـ ما يملكه الذمي كالخنزير مضمون بقيمته عند مستحليه، وفي الجناية على أطرافه الارش2 .
1 - لا شبهة في إنه لا ضمان فيما قام الدليل على إن المسلم لا يملكه إذا وقع الاتلاف من مسلم أو غيره لعدم تحقق الملكية الموجبة للضمان بالاضافة إلى المسلم كالخمر والخنزير لو أتلف شيئاً منهما على المسلم الذي يكون في يده.
ولو لم يدل دليل على عدم قابليته لأن يملكه المسلم كالدم ـ مثلا ـ فالظاهر إنه إذا كان له منفعة عقلائية كالمثال المذكور يملكه المسلم وتصح معاوضاته ومعاملاته بالاضافة إليه كما نشاهد بيع الدم في زماننا هذا بل له قيمة غالية وحينئذ إذا وقع إتلافه يتحقق ضمان الاتلاف لاطلاق دليله الذي جعل الموضوع فيه إتلاف مال الغير فتدبر.
2 - نفى صاحب الجواهر (قدس سره) وجدان الخلاف في أن ما يملكه الذمي يكون مضموناً بقيمته عند مستحليه إذا استجمع شروط الذمة التي يحقن بها ماله ودمه نعم في قواعد الفاضل إعتبار التستر بذلك قال في محكيها وإن لم يكن متستراً به فلا شيء وهو كذلك مع فرض إعتبار التستر في شروط الذمة وبدونه لا دليل عليه خصوصاً مع إطلاق الروايات الواردة التي:
منها رواية مسمع عن أبي عبدالله (عليه السلام) إن أمير المؤمنين (عليه السلام) رفع إليه رجل قتل
(الصفحة 329)
خنزيراً فضمنه ورفع إليه رجل كسر بربطاً فأبطله(1).
ومنها رواية غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه في حديث إنّ علياً (عليه السلام) ضمن رجلا أصاب خنزيراً لنصراني(2).
قال في الجواهر ولعل الوجه في إطلاق ضمان خنزير النصراني إن بنائه على عدم التستر به فلم يكن ذلك من شرائط الذمة عليه بخلاف غيره من الخمر ونحوه.
- (1) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، باب السته و عشرين، ح1.
- (2) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، باب السته و عشرين، ح2.
(الصفحة 330)
فـروع
الأول
لو أتلف على الذمي خمراً أو آلة من اللهو ونحوه مما يملكه الذمي في مذهبه ضمنها المتلف ولو كان مسلماً ولكن يشترط في الضمان قيام الذمي بشرائط الذمة ومنه الاستتار في نحوها فلو أظهرها ونقض شرائط الذمة فلا إحترام لها ولو كان شيء من ذلك لمسلم لا يضمنه الجاني متجاهراً كان أو مستتراً1 .
مسألة 1 ـ الخمر التي تتخذ للخل محترمة لا يجوز إهراقها ويضمن لو أتلفها وكذا مواد آلات اللهو والقمار محترمة وإنما هيئتها غير محترمة ولا مضمونة إلاّ أن يكون إبطال الهيئة ملازماً لاتلاف المادة فلا ضمان حينئذ2 .
1 - قد مرّ في ذيل البحث السابق إن ضمان الخمر أو آلة من اللهو ونحوهما مما يملكه الذمي في مذهبه إنما يكون موجباً لضمان المسلم بالاضافة إلى الذمي إذا كان قائماً بشرائط الذمة المذكورة في محلها وهو ذيل كتاب الحدود ومن جملة الشروط الاستتار فلو نقض الذمي واحداً منها فلا إحترام مع الاتلاف ولا فرق في ذلك بين الخمر والخنزير بوجه من أن الخمر يمكن عادة التستر به دون الخنزير ولعل هذا هو الوجه في الفرق بين الخنزير والبربط في الرواية السابقة وأمّا إذا كان مربوطاً بالمسلم فلا ضمان مطلقاً.
2 - في كشف اللثام: وإن إقتنى الخمر للتخليل وإن كان فيه بحث خصوصاً بناءً