(الصفحة 35)
مسألة 19 ـ دية الخطاء المحض مخفّفة عن العمد وشبيهه في سنّ الابل وصفتها لو اعتبرنا الحمل في شبهه وفي الاستيفاء فانها تستأدى في ثلاث سنين في كل سنة ثلثها، وفي غير الابل من الأصناف الاُخر المتقدمة لا فرق بينها وبين غيرها1 .
يحتمل التخيير بين الروايتين فالأحوط حينئذ التصالح لعدم معلومية جنس الدية بعد معلومية أصلها وضرورة عدم لزوم الجمع، فالأحوط التصالح كما لا يخفى.
1 - دية الخطاء المحض مخففة عن العمد وشبيهه في اُمور:
الأول في الابل من جهة السنّ وقد تقدم البحث في ذلك مفصّلا.
الثاني في صفة الابل باعتبار إحتمال إعتبار الحمل في شبه العمد وعدم جريان هذا الاحتمال في غيره ولم يتقدم منه هذا البحث بوجه أصلا ولم يدل دليل معتبر على إعتباره بوجه.
الثالث في الاستيفاء; فإنها تستأدى في ثلاث سنين في خصوص دية الخطأ وقد وقع التصريح بذلك في صحيحة أبي ولاد المتقدمة بل جعله هو الفارق بين دية الخطأ وغيره فلا إشكال في أصل ذلك; إنما الكلام في إنه هل يجب أن يؤدي في كل سنة ثلثها أم يجوز تأخير المجموع إلى آخر ثلاث سنين كما إنه يجوز تأخير الثلثين إليه ظاهر الرواية الثاني، فإن ظاهر قول علي (عليه السلام) إنه تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين ليس هو التقسيم على الثلاث بحيث يكون في كلّ سنة ثلثها وفي سنتين ثلثاهما بل الظاهر هو جواز التأخير ولو بالاضافة إلى المجموع إلى آخر ثلاث سنين وحينئذ
(الصفحة 36)
مسألة 20 ـ تستأدى الدية ـ في سنة أو سنتين أو ثلاث سنين ـ على إختلاف أقسام القتل سواء كانت الدية تامة كدية الحرّ المسلم أو ناقصة كدية المرأة والذمي والجنين أو دية الأطراف1 .
يجوز تأخير المجموع إلى آخرها ولا يجوز للولي المطالبة قبله وهذا من دون فرق بين الابل وغيرها كما إن الأمرين اللذين ذكرناهما من الاُمور الثلاثة إنما هما بالاضافة إلى الابل فقط ضرورة إن اعتبار السنّ قطعاً وكذا إعتبار الحمل إحتمالا إنما يكون بالاضافة إلى الابل التي هي أحد الاُمور الستّة الثابتة بعنوان الدية مطلقاً وأمّا غير الابل من الأصناف الاُخر فلا فرق بينها وبين غيرها أصلا كما لا يخفى.
1 - ظاهر إطلاق صحيحة أبي ولاد المتقدمة الدالة على إن دية الخطاء تستأدى في ثلاث سنين إنه لا فرق بين ما إذا كانت الدية تامة كما إذا كان المقتول حرّاً مسلماً أو ناقصة كما إذا كانت مرأة أو ذمّياً أو جنيناً كما إنه لا فرق بين ما إذا كانت الدية دية النفس أو دية الأطراف لأن كلها يطلق عليه عنوان دية الخطاء نعم في دية الطرف قول حكاه في المسألة الآتية ويقع التعرض له في شرحها إن شاء الله تعالى.
(الصفحة 37)
مسألة 21 ـ قيل إن كان دية الطرف قدر الثلث أُخذ في سنة واحدة في الخطأ وإن كان أكثر حلّ الثلث بانسلاخ الحول وحلّ الزائد عند إنسلاخ الثاني إن كان ثلثاً آخر فما دون وإن كان أكثر حل الثلث عند إنسلاخ الثاني والزائد عند إنسلاخ الثالث وفيه تأمل وإشكال بل الأقرب التوزيع إلى ثلاث سنين1 .
مسألة 22 ـ دية قتل الخطأ على العاقلة بتفصيل يأتي إن شاء الله تعالى ولا يضمن الجاني منها شيئاً ولا ترجع العاقلة على القاتل2 .
1 - القائل هو صاحب الجواهر (قدس سره) فإنه بعد أن منع ما حكي عن الفاضل من الخلاف في شمول حكم إستيداء الدية في ثلاث سنين لدية الأطراف إستظهر كون الأجل المزبور متمّماً لها فيلحقه التوزيع أيضاً بتوزيعها قال وحينئذ فالطرف إلى آخر ما حكاه في المتن وكلامه هذا متفرع على التثليث في دية النفس كما إدّعى أنه مفروغ عنه وعن المهذّب وغيره الاجماع عليه.
وقد عرفت المناقشة فيه وثبوت الاجماع غير محقق وعلى تقدير التثليث فاللازم التوزيع إلى ثلاث سنين كما إستقربه الماتن (قدس سره) لا إختصاص السنة الاُولى بالثلث وكذا السنة الثانية وإختصاص الثالثة بالزائد فالتحقيق ما ذكرنا من إنه لا دليل على التثليث حتى في دية النفس وجملة «وتستأدى دية الخطاء في ثلاث سنين» لا دلالة لها عليه بوجه وإن كان المنساق منها خصوص دية النفس بحيث لم تكن شاملة لدية الطرف أصلا فتأمل كيلا يختلط عليك.
2 - يختص قتل الخطا بأن ديته على العاقلة بتفصيل يأتي إن شاء الله تعالى
(الصفحة 38)
مسألة 23 ـ لو إرتكب القتل في أشهر الحرام رجب وذي القعدة وذي الحجة والمحرم فعليه الدية وثلث من أي الأجناس كان تغليظاً وكذا لو إرتكبه في حرم مكة المعظمة ولا يلحق بها حرم المدينة المنورة ولا سائر المشاهد المشرفة ولا تغليظ في الأطراف ولا في قتل الأقارب1 .
والجاني مع كونه هو الفاعل والقاتل والدية عوض عن الجناية وبدل لها، مع ذلك لا يضمن من الدية شيئاً كما إن العاقلة ليس له الرجوع إلى القاتل ومخالفة الأصمّ والخوارج في أصل الثبوت على العاقلة لا يعتد بها كما إن مخالفة المفيد وسلار حيث حكي عنهما جواز رجوع العاقلة إلى الجاني بلا دليل بل في محكي السرائر إجماع الاُمة على خلافهما; نعم مع فقد العاقلة أو فقرهم يكون على الجاني كما يأتي إن شاءالله تعالى.
1 - إذا إرتكب القتل في شيء من أشهر الحرام الأربعة التي بيّنها الماتن (قدس سره)فالثابت الدية وثلث من أي الأجناس ويدل عليه مضافاً إلى حكاية عدم الخلاف بل الاجماع رواية كليب الأسدي التي رواها المشايخ الثلاثة قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام)عن الرجل يقتل في الشهر الحرام ما ديته؟ قال دية وثلث(1). والسؤال مطلق يشمل قتل الخطأ كما أن الظاهر إن الثلث الزائد لا يختص بجنس خاص.
ثم إن صاحب الجواهر جعل رواية كليب في هذه المسألة روايتين مع إن الظاهر إتحادهما كما في الوسائل فلا يكون في المسألة إلاّ رواية واحدة أفتى على طبقها
- (1) الوسائل: أبواب جهاد النفس، الباب الثالث، ح1.
(الصفحة 39)
الأصحاب قال اللهم إلاّ أن يكون قرء ما تسمعه من النصوص الآتية في الحرم بلفظ الجمع على إرادة الأشهر الحرم، مع إنه مضافاً إلى بعده في نفسه يكون هنا أبعد لأن الجمع المحلّى باللام يفيد العموم ولا مجال لتحقق القتل في جميع الأشهر كما لا يخفى فلادلالة لتلك النصوص على حكم المقام.
نعم قال في كشف اللثام «الظاهر إختصاص ذلك بالعمد كما تشعر به عبارة النهاية وتعليل الأصحاب بالانتهاك ويدل عليه الأصل فيقتصر في خلافه على اليقين.» وصريح محكي الوسيلة أيضاً ذلك لكن المحكي عن صريح المبسوط والسرائر العموم بل ظاهرهما والغنية الاجماع عليه ويدل عليه مضافاً إلى أن عنوان القاتل متحقق في صورة الخطأ أيضاً ولذا يكون القتل على ثلاثة أنواع وأقسام ويكون قتل الخطاء منها وإلاّ لم تثبت الدية على عاقلة القاتل إن رواية زرارة في أحد نقليها يكون الخطأ مذكوراً فيها في السؤال فقال رجل قتل خطاءً رجلا في الحرم وكيف كان فالظاهر العموم كما هو ظاهر المتن.
وأمّا الارتكاب في حرم مكة المعظمة الذي عطفه بالارتكاب في أشهر الحرام في تغليظ الدية فقد قال به الشيخان على ما حكي عنهما في الشرائع وتردد بنفسه فيه على ما هو ظاهره وطالبهما في النكت بدليل ذلك مع إنه إختاره في النافع وتبعه جملة من الأكابر ويدل عليه صحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر (عليه السلام) رجل قتل رجلا في الحرم قال: عليه دية وثلث(1). ويظهر من الجواهر إن لزرارة خبر آخر في هذا الباب
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثالث، ح3.