(الصفحة 50)
مسألة 31 ـ لا دية لغير أهل الذمة من الكفار سواء كانوا ذوي عهد أم لا وسواء بلغتهم الدعوة أم لا بل الظاهر أن لا دية للذمي لو خرج عن الذمة، وكذا لا دية لو إرتد عن دينه إلى غير أهل الذمة، ولو خرج ذمي من دينه إلى دين ذمي آخر ففي ثبوتها إشكال وإن لا يبعد ذلك1 .
الشهرة في الفتوى الموافقة لتلك الروايات وأمّا الحمل على التقية فهو متأخر عن الشهرة الفتوائية على ماقرّر في محله من علم الاُصول.
هذا كلّه بالاضافة إلى القتل وأمّا دية الأعضاء والجراحات فهي كدية أعضاء المسلم وجراحاته من ديته من النصف وغيره والظاهر إن دية الرجل منهم والمرأة في الأعضاء تتساوى ما لم تبلغ الثلث أو تتجاوز عنه فتدخل دية المرأة منهم في هذه المسألة المتقدمة التي فصلنا القول فيها سابقاً وفي الختام نفي البعد في المتن عن التغليظ عليهم بما يغلظ به على المسلم والوجه فيه ثبوت التكليف بالاضافة إليهم وغيرهم على حدّ سواء فإذا تحقق القتل في أشهر الحرم الأربعة أو في حرم مكة المعظمة أو غيرهما من موارد التغليظ لا دليل على خروجهم عن هذه الجهة أصلا كما لا يخفى.
1 - قال المحقق في الشرائع ولا دية لغير أهل الذمة من الكفار ذوي عهد كانوا أو أهل حرب بلغتهم الدعوة أو لم تبلغ. وحكي عن الخلاف من قتل من لم تبلغه الدعوة لم يجب عليه القود بلا خلاف وعندنا أيضاً لا يجب عليه الدية.
ويدل على عدم وجوب الدية موثقة إسماعيل بن الفضل قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام)عن دماء المجوس واليهود والنصارى هل عليهم وعلى من قتلهم شيء إذا غشوا
(الصفحة 51)
المسلمين وأظهروا العداوة لهم والغش قال لا إلاّ أن يكون متعوداً لقتلهم(1).
ومثل هذه الرّواية شاهدة على إن المراد من الطوائف الثلاثة المتقدمة هو خصوص الذمي منهم بل ربما كان في بعض نصوص دية أهل الذمة إشعار بالاختصاص. نعم يبقى الكلام بعد ظهور أنه لا دية للذمي لو خرج عن الذمة أو إرتد عن دينه إلى غير أهل الذمة فيما لو خرج ذمي عن دينه إلى دين ذمي آخر كما لو صار يهودي نصرانياً مع عدم الخروج عن الذمة ولا يبعد فيه الثبوت بعد إتصافه حال القتل بكونه ذمّياً فتدبر.
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب السادس عشر، ح1.
(الصفحة 52)
(الصفحة 53)
القول في موجبات الضمان
وفيه مباحث
المبحث الأول في المباشر
مسألة 1 ـ المراد بالمباشرة أعم من أن يصدر الفعل منه بلا آلة كخنقه بيده أو ضربه بها أو برجله فقتل به أو بآلة كرميه بسهم ونحوه أو ذبحه بمدية أو كان القتل منسوباً إليه بلا تأوّل عرفاً كالقائه في النار أو غرقه في البحر أو إلقائه من شاهق إلى غير ذلك من الوسائط التي معها تصدق نسبة القتل إليه1 .
1 - غير خفي إن البحث في ثبوت القصاص في قتل العمد والدية في شبه العمد والخطأ المحض إنما هو فيما إذا كان إسناده إلى القاتل محرزاً وبعبارة اُخرى كانت نسبة الفعل النحوي إلى فاعله مسّلماً وهي فيما إذا كانت مباشرة في البين قد تتحقق من الفاعل المباشر وإن لم يكن هناك آلة كما إذا خنقه بيده أو ضربه بها أو برجله وقد تكون آلة في البين كما إذا رماه بسهم أو حجر أو مثلهما أو ذبحه بمدية وقد تكون هناك واسطة غير مانعة إسناد الفعل إليه عرفاً من دون مسامحة وتأول كالالقاء في
(الصفحة 54)
مسألة 2 ـ لو وقع القتل عمداً يثبت فيه القصاص والكلام هيهنا فيمـا لايقع عمداً نحو أن يرمي غرضاً فأصاب إنساناً أو ضربه تأديباً فاتفق الموت وأشباه ذلك مما مر الكلام فيها في شبيه العمد والخطاء المحض1 .
مسألة 3 ـ لو ضرب تأديباً فاتفق القتل فهو ضامن زوجاً كان الضارب أو وليّاً للطفل أو وصيّاً للولي أو معلّماً للصبيان والضمان في ذلك في ماله2 .
النار أو من الشاهق فإنه وإن كان على فرض عدم النار أو عدم كون الالقاء من الشاهق لا يتحقق الموت بوجه إلاّ إن هذه الواسطة لا تكاد تمنع من صدق نسبة القتل إليه فالمباشرة محققة في هذه الفروض كما لا يخفى.
1 - قد مر الكلام في القتل العمدي الموجب للقصاص وإن المراد بالعمد ماذا لكن الكلام بالفعل فيما لا يقع عمداً نحو المثالين المذكورين في المتن كما إنه مرّ الكلام في شبه العمد والخطاء المحض وإن الفارق بينهما ماذا فتكون الدية في الأول ثابتاً على القاتل وفي الثاني على العاقلة بتفصيل يأتي إن شاء الله تعالى.
2 - الدليل الوحيد في هذا الباب قاعدة الاتلاف المعروفة الجارية في النفس والمال بعد وضوح استناد القتل إلى الضارب والزوج والولي والوصي والمعلم وبعد وضوح إنه لا يعتبر في جريانها شيء من إرادة الاتلاف وقصده وكذا آلة مخصوصة بل تجري ولو مع عدم إرادة الاتلاف كما في مال الغير الذي أتلفه النائم وكذا مع أية آلة أو بدون آلة أصلا كما إذا أتلف بيده أو برجله مثلا وقد مثل المحقق في الشرائع بعد