(الصفحة 82)
مسألة 2 ـ لو حفر بئراً مثلا في ملكه ثم دعا من لم يطلع كالأعمى أو كان الطريق مظلماً فالظاهر ضمانه ولو دخل بلا إذنه أو إذنه السابق قبل حفر البئر ولم يطلع لآذن فلا يضمن1 .
مسألة 3 ـ لو جاء السيل بحجر فلا ضمان على أحد وإن تمكن من إزالته ولو رفع الحجر ووضعه في محل آخر نحو المحل الأول أو أضر منه فلا إشكال في الضمان، وأما لو دفعه عن وسط الطريق إلى جانبه لمصلحة المارة فالظاهر عدم الضمان2 .
1 - أمّا الضمان في الفرض الأول فعن جماعة التصريح به لانصراف أدلة عدم الضمان عن مثله وربما يؤيده الأمر بالتغطية في بعضها ويؤيده العرف أيضاً فإنه بعد ما كان المدعو أعمى وهو غير عالم بحفر البئر في ملكه حتى يفتح له باب السؤال عن محلّه أو كان الطريق مظلماً لا يرى محلّ البئر بوجه فاسناد التلف إليه يصير قريباً وهذا بخلاف العكس الذي يكون الداخل غير مأذون أو مأذوناً بالاذن السابق قبل حفر البئر ولم يطلع الآذن على دخوله فإنه حينئذ لا وجه لضمانه بعد كون البئر قد حفره في ملكه لم يكن قد اذن في دخول أحد أو اذن سابقاً غير مطّلع فعلا كما لا يخفى وقد عرفت إن الضمان في باب الأسباب المعنى الذي ذكرنا إنما هو على خلاف القاعدة واللازم فيه الاقتصار على الموارد الظاهرة من الدليل فتدبر.
2 - لو جاء السيل بحجر فلا ضمان على أحد مع فرض عدم رفعه من محلّه إلى آخر سواء تمكن من إزالته أم لم يتمكن منها نعم في صورة الازالة والوضع في محل
(الصفحة 83)
مسألة 4 ـ لو حفر بئراً في ملك غيره عدواناً فدخل ثالث فيه عدواناً ووقع في البئر ضمن الحافر1 .
آخر فإن كان نحو المحل الأول أو أضر منه فلا إشكال في الضمان لجريان أدلته فيه بل مقتضى الاطلاق إنه لا فرق بين أن يكون الموضوع مما جاء به السيل أم لا ومنه يظهر أنه لو دفعه عن وسط الطريق إلى جانبه لمصلحة المارة لا يكون هناك ضمان لانصراف أدلته عن صورة رعاية مصلحة المارة والظاهر إنه لا فرق بين صورتي التشخيص والاطلاع وعدمه كما لا يخفى.
فــرع
ذكر في القواعد إنه لو حفر بئراً إلى جانب هذا الحجر الذي جاء به السيل فعثر إنسان بذلك الحجر وسقط في البئر فالضمان جميعه على الحافر لتعديه بالحفر قرب الحجر المذكور مع تركه له فكأنه هو الواضع له حينئذ وذكر في الجواهر وإن قلنا بضمان الواضع دون الحافر فيما لو حفر أحدهما ووضع الآخر عدواناً كما عن المبسوط والمهذب والتحرير وغيرها لأنه حينئذ كالدافع والأسبق في الجناية وإن تأخر وضعه عن الحفر ضرورة الفرق بينهما لتحقق العدوان فيهما بخلاف المقام الذي لا عدوان فيه إلاّ للحافر نحو الحجر المزبور فدليل الضمان مختص به.
2 - مقتضى ما ذكرنا إنه لو حفر بئراً في ملك غيره بلا إذن منه بل عدواناً يكون الحافر ضامناً إنه لا فرق بين أن يكون الواقع في البئر هو المالك للأرض وبين أن
(الصفحة 84)
مسألة 5 ـ من الاضرار بطريق المسلمين إيقاف الدواب فيه وإلقاء الأشياء للبيع وكذا إيقاف السيارات إلاّ لصلاح المارة بمقدار يتوقف عليه ركوبهم ونقلهم1 .
يكون الواقع فيه هو الثالث الداخل في الأرض عدواناً فإن عصيانه بسبب عدم الاستيذان وترتب إستحقاق العقوبة عليه لا مدخل له في ضمانه الذي هو مرتبط بالحافر على ما تدل عليه أدلة الضمان مما عرفت وبعبارة اُخرى لا قصور لشمول الأدلة لمثل ذلك أصلا كما لا يخفى.
1 - قد عرفت إن مقتضى جمع من الروايات إن الاضرار بطريق المسلمين موجب للضمان فاعلم إن من مصاديق الاضرار الاُمور المذكورة في المتن فإن إيقاف الدواب مع إنها لا تكون ملكاً إلاّ لأشخاص معدودين إضرار بطريقهم وكذا إلقاء الأشياء للبيع سواء كان زائداً على الدكاكين كما هو المتعارف في مثل زماننا حيث انّهم يضعون بعض أجناسهم خارجاً عن الدكان ومتصلا به أم لم يكن زائداً وربما يقال بعدم الضمان نظراً إلى السيرة الجارية بين المسلمين على ذلك ولأجلها لا يكون الشخص بفعله هذا متعدّياً والظاهر إن صدق الاضرار لا يدور مدار التعدي فإن عدم التعدي يسوغ العمل ويجوزه وأدلة الضمان بالاضرار تدل على ثبوت الحكم الوضعي الذي هو الضمان بالاضرار وسيأتي وكذلك الحكم في إيقاف السيارات المتداول في زماننا في أكثر البلاد سيما في المناطق التي يكثر فيها الاجتماع والذهاب والاياب فإن الظاهر فيها الضمان إلاّ لصلاح المارة بمقدار يتوقف عليه ركوبهم ونقلهم وعليه فالضمان متحقق في السيارات الشخصية إلاّ في المقدار المذكور.
(الصفحة 85)
مسألة 6 ـ ومن الاضرار إخراج الميازيب بنحو يضر بالطريق فإنّ الظاهر فيه الضمان، ومع عدم الاضرار لو إتفق إيقاعها على الغير فأهلكه فالظاهر عدم الضمان، وكذا الكلام في إخراج الرواشن والأجنحة ولعلّ الضابط في الضمان وعدمه إذن الشارع وعدمه فكلّ ما هو مأذون فيه شرعاً ليس فيه ضمان ما تلف لأجله كإخراج الرواشن غير المضرة ونصب الميازيب كذلك وكل ما هو غير مأذون فيه ففيه الضمان كالاضرار بطريق المسلمين بأي نحو كان فلو تلف بسببه فالضمان ثابت وإن لا تخلو الكلية في الموضعين من كلام وإشكال1 .
1 - ذكر الماتن (قدس سره) إن من مصاديق الاضرار إخراج الميازيب بنحو يضر بالطريق فإن الظاهر فيه الضمان ومع عدم الاضرار لو إتفق إيقاعها على الغير فأهلكه فالظاهر فيه عدم الضمان وكذا الكلام في إخراج الرواشن والأجنحة ثم أفاد إنه لعل الضابط في الضمان وعدمه إذن الشارع وعدمه وإن ذكر في ذيل كلامه وان لا تخلو الكلية في الموضعين من كلام وإشكال ولعل السرّ فيه عدم الملازمة بين الحكمين الوضعي والتكليفي في مواضع كثيرة فترى جواز أخذ الطعام من مالكه لحفظ النفس المحترمة مع ثبوت الضمان فيه بالاضافة إلى المالك ولا ملازمة بين الاذن الشرعي وعدم الضمان فيه وقد عرفت وجوب نجاة الغريق وعدم ثبوت الضمان بالمساهلة فيها وإن تحقق الاثم إلاّ أن يقال في المقام بأن الأدلة المتقدمة الدالة على إن الاضرار بطريق المسلمين موجب للضمان كما إنه تدل بالمطابقة على ثبوت الحكم الوضعي وهو الضمان كذلك المتفاهم العرفي منها ثبوت الحكم التكليفي وهو عدم الجواز شرعاً
(الصفحة 86)
وبلحاظه يتم ما أفاده الماتن (قدس سره) من الكلية في الموضعين. لكن الشأن في ثبوت هذا التفاهم العرفي أو يقال بأن الاضرار بطريق المسلمين الموضوع في هذه الأدلة هو الاضرار غير الجائز وغير المأذون فيه ولا يبعد هذا القول بناء على تفسير لا ضرر ولا ضرار في الاسلام بالنهي عنه في شريعة الاسلام كقوله تعالى ولا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج الدال على النهي عن هذه الاُمور في الحج وإختار هذا التفسير بعض الأجلة ممن عاصرناه وله تبحر في أدبية العرب وإن كان مخالفاً لما هو المعروف في قاعدة لا ضرر.
وكيف كان فكلما يصدق عليه الاضرار بطريق المسلمين فظاهر الأدلة المتقدمة ثبوت الضمان فيه كما عرفت ثم إن هنا رواية للسكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أخرج ميزاباً أو كنيفاً أو أوتد وتداً أو أوثق دابة أو حفر شيئاً في طريق المسلمين فأصاب شيئاً فعطب فهو له ضامن(1). والظاهر إن موردها غير ما هو محل الكلام فإنه فيما إذا سقط الميزاب فأضرّ بإنسان أو حيوان فأهلكه ـ مثلا ـ وأمّا مورد الرواية فبقرينة قوله (عليه السلام) فأصاب شيئاً هو الاضرار به في حال كونه مثبتاً في الحائط ـ مثلا بأن كان منصوباً في مكان سافل ليس له حق النصب بهذا النحو فالمورد مختلف وإن كان الحكم بالضمان واحداً.
- (1) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب الحادي عشر، ح1.