(الصفحة 95)
مسألة 13 ـ يجب حفظ دابته الصائلة كالبعير المغتلم والفرس العضوض والكلب العقور لو اقتناه فلو أهمل حفظها ضمن جنايتها ولو جهل حالها أو علم ولم يقدر على حفظها ولم يفرط فلا ضمان ولو صالت على شخص فدفعها بمقدار يقتضي الدفاع ذلك فماتت أو وردت عليها جناية لم يضمن بل لو دفعها عن نفس محترمة أو مال كذلك لم يضمن فلو أفرط في الدفاع فجنى عليها مع إمكان دفعها بغير ذلك أو جنى عليها لغير الدفاع ضمن، والظاهر جريان الحكم في الطيور الضاربة والهرة كذلك حتى في الضمان مع التعدي عن مقدار الدفاع1.
1 - يجب على صاحب الدابة حفظها سيّما الصائلة منها كالبعير المغتلم والكلب العقور ومثلهما ولا خلاف ولا إشكال بين الأصحاب في ذلك وقد وردت في هذا المجال عدّة روايات:
منها صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سئل عن بختي إغتلم فخرج من الدار فقتل رجلا فجاء أخو الرجل فضرب الفحل بالسيف. فقال: صاحب البختي ضامن للدية ويقتص ثمن بختيه...(1).
ومنها صحيحة علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: سألته عن بختي مغتلم قتل رجلا فقام أخو المقتول فعقر البختي وقتله ما حاله، قال: على صاحب البختي دية المقتول ولصاحب البختي ثمنه على الذي عقر بختيه(2).
ومنها غير ذلك.
- (1) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب الرابع عشر، ح1.
- (2) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب الرابع عشر، ح4.
(الصفحة 96)
ثم إنه غير خفي إنه لا إختصاص للحكم بمورد أكثر هذه الروايات وهو البختي ولذا لم ينسب إلى أحد حتى إحتمال التخصيص كما إن مورده صورة العلم بالاغتلام ونحوه وإهمال الدابة المغتلمة من جهة حفظها فلو لم يقدر على حفظها ولم يتحقق هناك تفريط فالظاهر عدم الضمان كما إن ضمان ثمن الدابة وقيمتها إنما هو باعتبار وقوع عقرها وقتلها بعد وقوع قتل أخي الرجل فلا يكون هناك دفاع وإلاّ فلو فرض إنه صالت الدابة على شخص فدفعها الشخص بمقدار يقتضي الدفاع ذلك، فماتت الدابة أو وردت عليها جناية لا يكون ذلك الشخص ضامناً لاقتضاء الدفاع ذلك مضافاً إلى عدم دلالة الروايات الضمان في هذا الفرض بل لو كان الدفاع عن شخص آخر بل عن مال محترم كذلك لا يكون هناك ضمان وإن ماتت أو وردت عليها جناية.
نعم لو وقع التفريط في الدفاع بأن كان زائداً على مقدار يقتضي الدفاع ذلك أو لا يكون هناك دفاع بل إيراد جناية على الدابة يضمن بمقدار الجناية.
ثم إنه وقع في بعض الروايات التفصيل بين الليل والنهار في أصل المسألة مثل
رواية زيد بن علي عن آبائه عن علي (عليه السلام) إنه كان يضمن صاحب الكلب إذا عقر نهاراً ولا يضمنه إذا عقر بالليل، وإذا دخلت دار قوم بإذنهم فعقرك كلبهم فهم ضامنون، وإذا دخلت بغير إذن فلا ضمان عليهم(1).
ورواية السكوني عن جعفر عن أبيه قال كان علي (عليه السلام) لا يضمن ما أفسدت البهائم نهاراً ويقول على صاحب الزرع حفظ زرعه وكان يضمن ما أفسدت البهائم
- (1) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب السابع عشر، ح3.
(الصفحة 97)
مسألة 14 ـ لو هجمت دابة على اُخرى فجنت الداخلة فإن كان بتفريط المالك في الاحتفاظ ضمن وإن جنت المدخول عليها كان هدراً1 .
ليلا(1). والظاهر إن التفصيل بين الليل والنهار ليس بلحاظ مدخليتهما في ذلك بل إنما هو بلحاظ كون التفريط واقعاً من المالك في الليل وغير واقع منه في النهار كالتفصيل بين المرة الاُولى والثانية في رواية مسمع بن عبدالملك عن أبي عبدالله (عليه السلام)إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان إذا صال الفحل أول مرة لم يضمن صاحبه فإذا ثنى ضمّن صاحبه(2) وإلاّ فمن المعلوم إنّ الضمان لا تفصيل فيه بين المرة الاُولى والثانية وتؤيد أصل المسألة مرسلة عبيدالله الحلبي عن رجل عن أبي جعفر (عليه السلام) قال بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) إلى اليمن فأفلت فرس لرجل من أهل اليمن ومرّ يعدو فمرّ برجل فنفحه برجله فقتله فجاء أولياء المقتول إلى الرجل فأخذوه فرفعوه إلى علي (عليه السلام)فأقام صاحب الفرس البينة عند علي (عليه السلام) إن فرسه أفلت من داره ونفح الرجل فأبطل علي (عليه السلام) دم صاحبهم فجاء أولياء المقتول من اليمن إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)فقالوا يارسول الله (صلى الله عليه وآله) إن علياً ظلمنا وأبطل دم صاحبنا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن علياً ليس بظلام ولم يخلق للظلم إن الولاية لعلي من بعدي والحكم حكمه والقول قوله لا يردّ حكمه وقوله وولايته إلاّ كافر الحديث. ثم ان الظاهر جريان الحكم فى الطير الضاربة والـهرة كذلك فيما اذا كان لهما مالك او من يختص به كما لايخفى(3).
1 - أمّا إذا كانت الدابة الداخلة هي الجانية وكان هناك تفريط من مالك الداخلة
- (1) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب الأربعون، ح1.
- (2) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب الرابع عشر، ح2.
- (3) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب العشرون، ح1.
(الصفحة 98)
مسألة 15 ـ من دخل دار قوم فعقره كلبهم ضمنوا إن دخل بإذنهم وإلاّ فلا ضمان من غير فرق بين كون الكلب حاضراً في الدار أو دخل بعد دخوله ومن غير فرق بين علم صاحب الدار بكونه يعقره وعدمه1 .
فقد عرفت وجه الضمان فيه في المسألة السابقة وأمّا إذا كانت الجانية هي المدخول بها دون الداخلة فلعدم تحقق التفريط بالاضافة إليها بوجه وحينئذ فدم الداخلة يكون هدراً وليس لصاحبها القيمة.
1 - أمّا الضمان في الصورة الاُولى فيدل عليه وعلى عدم الضمان في الصورة الثانية مضافاً إلى ما تقدم من ذيل رواية زيد بن علي خبر السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام)قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل دخل دار قوم بغير إذنهم فعقره كلبهم فقال: لا ضمان عليهم فإن دخل بإذنهم ضمنوا(1). ومرسلة عن أبي عبدالله (عليه السلام)قلت له جعلت فداك رجل دخل دار رجل فوثب كلب في الدار فعقره، فقال: إن كان دعي فعلى أهل الدار إرش الخدش وإن لم يدع فدخل فلا شيء عليهم(2). وإطلاق النص والفتوى يقتضي عدم الفرق بين حضور الكلب في الدار أو دخوله بعد دخوله كما إنه يقتضي عدم الفرق بين علمهم بكونه يعقر الداخل وعدمه فالملاك في عدم الضمان وثبوته هو الاذن وعدمه والظاهر منه كما يدل عليه قوله (عليه السلام) دعي هو الاذن الخاص دون العام فتدبر.
- (1) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب السابع عشر، ح2.
- (2) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب السابع عشر، ح1.
(الصفحة 99)
مسألة 16 ـ راكب الدابة يضمن ما تجنيه بيديها وإن لم يكن عن تفريط لا برجليها، ولا يبعد ضمان ما تجنيه برأسها أو بمقاديم بدنها، ولو ركبها على عكس المتعارف ففي ضمان ما تجنيه برجلها دون يديها وجه لا يخلو من إشكال، وإن كان كلتا رجليه إلى ناحية واحدة لا يبعد ضمان جناية يديها وفي ضمان جناية رجليها تردد، وهل يعتبر في الضمان التفريط فيه وجه لا يخلو من إشكال نعم لو سلبت الدابة إختياره مع عدم علمه بالواقعة وعدم كون الدابة شموساً فالوجه عدم الضمان لا برجلها ولا بيدها ومقاديم بدنها، وكذا الكلام في القائد في التفصيل المتقدم أي ضمان ما تجنيه بيدها ومقاديمها دون رجلها، ولو وقف بها ضمن ما تجنيه بيدها ومقاديمها دون رجلها وإن لم يكن عن تفريط، والظاهر عدم الفرق بين الطريق الضيق والواسع، وكذا السائق يضمن ما تجنيه مطلقاً، ولو ضربها فجنت لأجله ضمن مطلقاً وكذالو ضربهاغيره فجنت لأجله ضمن ذلك الغير إلاّ أن يكون الضرب دفاعاً عن نفسه فإنه لا يضمن حينئذ الصاحب ولا غيره1 .
1 - أمّا ثبوت الضمان بالاضافة إلى ما تجنيه بيديها مطلقاً وإن لم يكن عن تفريط فقد نفى وجدان الخلاف فيه في الجواهر بل حكى عن جملة من الكتب الاجماع عليه ويدل عليه روايات معتبرة مستفيضة:
منها رواية العلا بن الفضيل وفي طريقها محمد بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) إنه سئل عن رجل يسير على طريق من طرق المسلمين على دابته فتصيب برجلها قال