(الصفحة 254)
كثيراً لكن في محكي القواعد: تسمى بالدامعة بإهمال العين لأنها تخرج منها نقطة من الدم كما يخرج الدمع. وفي محكي كشف اللثام المعروف المغايرة بينهما بسيلان الدم وعدمه هذا ولكن المنساق المناسب لترتبها على الحارصة المتقدمة أنها التي يخرج منها الدم مطلقاً وإن كان الغالب حصول السيلان وفي رواية منصور المتقدمة إن فيها أي في الدامية بعيرين وقد عرفت إنجبار ضعفها على تقديره بالشهرة لكن في رواية السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قضى في الدامية بعيراً(1).
وكذا في رواية مسمع بن عبدالملك عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)إلى أن قال: وفي الدامية بعيراً الحديث(2).
والترجيح مع رواية منصور لموافقتها للشهرة الفتوائية التي هي أول المرجحات على ما يستفاد من مقبولة ابن حنظلة والتحقيق في محلّه.
والثالث المتلاحمة وهي التي تدخل في اللحم كثيراً ولكن لا تبلغ السمحاقة وتتلاحم أي تلتئم سريعاً وقد عبر عنها في رواية منصور المتقدمة بالباضعة وذكر المحقق في الشرائع أن من قال الدامية غير الحارصة فالباضعة والمتلاحمة واحدة ومن قال الدامية والحارصة واحدة فالباضعة غير المتلاحمة. وإن ناقش فيه صاحب الجواهر بإمكان القول بالأول ومغايرة الباضعة للمتلاحمة بأن يقال الحارصة التي لا تدمى والدامية التي تدمى من غير دخول في اللحم والباضعة التي مع ذلك تدخل في اللحم قليلا والمتلاحمة التي تدخل في اللحم كثيراً كما إنه يمكن القول باتحاد الأولين مع إتحاد الباضعة المتلاحمة.
- (1) الوسائل: أبواب ديات الشجاج والجراح، الباب الثاني، ح8.
- (2) الوسائل: أبواب ديات الشجاج والجراح، الباب الثاني، ح6.
(الصفحة 255)
وكيف كان ففي جملة من الروايات إن في الباضعة ثلاثاً من الابل لكن في رواية السكوني المتقدمة إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قضى في الباضعة بعيرين وفي المتلاحمة ثلاثة أبعرة الحديث. وكذا في رواية مسمع المتقدمة الدالة على قضاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك أي في الباضعة بعيرين والمتلاحمة ثلاثة أبعرة ولعل الجمع يقتضي أن يقال بأن الباضعة فردان أحدهما يساوي الدامية والآخر يساوي المتلاحمة وربما كان في رواية المنصور إشارة إلى ذلك فتدبر.
والرابع السمحاق وهي التي تبلغ المسحاقة وهي جلدة مغشية للعظم وما عن الكليني من أنها التي تبلغ العظم فيه مسامحة واضحة لنصّه على أن السمحاق جلدة رقيقة على العظم والنصوص الكثيرة تدل على أن في السمحاق أربع من الابل ولكن فيما أرسله أبو علي عن أمير المؤمنين (عليه السلام)إن فيها حقة وجذعة وإبنة مخاض، ومن الواضح عدم صلاحيتها مع الارسال ومخالفة الشهرة للروايات المتقدمة كما أن التعبير بأن فيها خمس عشر الدية كما في جمع من الكتب الفقهية لا ينافي ما ذكرنا لأن المراد به خمس عشر دية الرجل وهي أربعة نعم حكي عن الصدوق في المقنع أنه قال: خمسمائة درهم ولعل الوجه فيه أنه قيمة الأربعة هذا مطابق لما في الجواهر.
قلت ورد التعبير الثاني في مرسلة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال في السمحاق وهي التي دون الموضحة خمسمائة درهم الحديث(1). ومن المستبعد جدّاً حمله على قيمة الأربعة خصوصاً مع ملاحظة أن تقويم القيمي بقيمة واحدة مع زيادتها ونقصانها في الأزمنة المتعددة بعيد جدّاً والتعبير الأول يناسب مع خمس
- (1) الوسائل: أبواب ديات الشجاج والجراح، الباب الثاني، ح9.
(الصفحة 256)
عشر الدية لا الخمس كما لا يخفى فالتحقيق أن يقال إن هذه الرواية أيضاً مع إرسالها ومخالفتها للشهرة لا تقاوم الروايات المتقدمة بوجه فالحق مع المتن.
والخامس الموضحة وهي التي تكشف عن وجه العظم ولا خلاف في تفسيره وفيها خمسة أبعرة والنصوص به مستفيضة منها رواية منصور المتقدمة.
والسادس الهاشمة وهي التي تهشم العظم وتكسره وإن لم يكن جرح ومنه قيل للنبات المنكسر هشيماً وعن الغنية نفي وجدان الخلاف في إن ديتها عشر من الابل ويدل عليه رواية السكوني المنجبرة قال إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قضى في الهاشمة بعشر من الابل(1). وقال المحقق في الشرائع أرباعاً إن كان خطاءً وأثلاثاً إن كان شبيه العمد. على ما دلّت عليه صحيحة ابن سنان المتقدمة الواردة في دية النفس من دون أن يكون هنا نص بالخصوص فالأحوط ما ذكر.
والسابع المنقّلة بصيغة إسم الفاعل مع تشديد القاف وهي على تفسير جمع كثير التي تحوج إلى نقل العظم من موضعه إلى غيره باعتبار حصول الهشم فيه وعن التهذيب والفقيه عن الأصمعي هي التي يخرج منها فراش العظام وهو قشرة تكون على العظم دون اللحم ونحوه عن تهذيب الأزهري عن أبي عبيد عن الأصمعي وذكر صاحب الجواهر (قدس سره) إنه لم يوافقه أحد من أهل اللغة على ذلك بل ظاهرهم كالفقهاء خلافه الذي هو المنساق أيضاً.
وكيف كان فديتها خمسة عشر بعيراً ويدل عليه المعتبرة المستفيضة التي منها رواية أبي حمزة التي رواه عنه ظريف في الموضحة خمس من الابل وفي السمحاق
- (1) الوسائل: أبواب ديات الشجاج والجراح، الباب الثاني، ح15.
(الصفحة 257)
دون الموضحة أربع من الابل وفي المنقلة خمس عشرة من الابل عشر ونصف عشر الخ(1).
والثامن المأمومة وهي التي تبلغ اُمّ الرأس وهي الخريطة التي تجمع الدماغ وديتها على ما في روايات متعددة عن الصادق (عليه السلام) ثلث الدية وهو بحساب الدينار ثلاثمائة وثلاثون ديناراً وثلث دينار كما في ظريف وبحساب مائة من الابل في دية النفس ثلاثة وثلاثون بعير وثلث بعير كما عن صريح المبسوط ولكن ذكر المحقق في الشرائع فيها ثلث الدية ثلاثة وثلاثون بعيراً ويشهد له صحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام)المشتمل على قوله (عليه السلام) والمأمومة ثلاث وثلاثون من الابل(2) ومثل هذه الرواية شاهد على إن المراد من الروايات التي وقع فيها التعبير بالثلث يكون المراد منه الثلث التقريبي لا الدقي العقلي ولا مجال لأن يقال بالعكس كما لا يخفى فالأقوى في المأمومة كفاية ثلث وثلاثين من الابل وإن كان الأحوط رعاية الثلث الحقيقي خصوصاً مع إن الاختلاف غير يسير و التفاوت في القيمة كثير ومما ذكرنا ظهر وجه ما هو المذكور في المتن.
- (1) الوسائل: أبواب ديات الشجاج والجراح، الباب الثاني، ح18.
- (2) الوسائل: أبواب ديات الشجاج والجراح، الباب الثاني، ح4.
(الصفحة 258)
هنا مسائل
مسألة 1 ـ الدامغة وهي التي تفتق الخريطة التي تجمع الدماغ وتصل إلى الدماغ فالسلامة معها بعيدة وعلى تقديرها تزيد على المأمومة بالحكومة1 .
1 - الدامغة التي يستفاد من مبدء إشتقاقها هي التي تفتق الخريطة وتصل إلى الدماغ فهي حينئذ بعد المأمومة التي عرفت معناها والظاهر إن السلامة معها بعيدة بل تنجّر إلى الموت وحينئذ يتحقق موضوع القصاص أو دية النفس عليها أو على العاقلة وعلى تقدير بقاء السلامة وعدم الانجرار إلى الموت فالظاهر أن الثابت فيها دية المأمومة والحكومة أمّا الاُولى فواضحة لتحقق موضوعها الذي هو البلوغ إلى اُم الرأس وأما الثانية فلعدم التقدير لها شرعاً ولا قصاص فيها لتعذر الاستيفاء والتعزير.
فــرع
لو اراد المجنى عليه بالدامغة أو بالمأمومة أو بالمنقلة أو بالهاشمة أن يقتص في الموضحة مع فرض تحققها وأخذ الزائد جاز والزيادة حينئذ بعد إسقاط خمسة الموضحة ثمانية وعشرون بعيراً مضافاً إلى الحكومة الثابتة في خصوص الدامغة وقد مرّ أن الثابت في المأمومة نظراً إلى الصحيحة الواردة فيها هو ثلاث وثلاثون بعيراً وقلنا أنّه شاهد على أن المراد بالثلث الوارد في الروايات الكثيرة المتعددة هو الثلث التقريبي لا التحقيقي المنطبق على ثلاثة وثلاثين وثلث بعير كما في كلام المبسوط فراجع وتأمل وقد قلنا أنه لا مجال لاحتمال العكس نظراً إلى صراحة الصحيحة المتقدمة في ذلك.