(الصفحة 259)
مسألة 2 ـ الجائفة وهي التي تصل إلى الجوف من أي جهة سواء كانت بطناً أو صدراً أو ظهراً أو جنباً فيها الثلث على الأحوط وقيل تختص الجائفة بالرأس فهي من الشجاج والأظهر خلافه، ولو أجافه واحد وأدخل آخر سكينه مثلا في الجرح ولم يزد شيئاً فعلى الثاني التعزير حسب وإن وسعها باطناً أو ظاهراً ففيه الحكومة، وإن وسعها فيهما بحيث يحدث جائفة فعليه الثلث دية الجائفة، ولو طعنه من جانب وأخرج من جانب آخر كما طعن في صدره فخرج من ظهره فالأحوط التعدد ولا فرق في الجائفة بين الآلات حتى نحو الابرة الطويلة فضلا عن البندقة1 .
1 - يقع الكلام في هذه المسألة في مقامين:
المقام الأول في موضوع الجائفة وهي كما يظهر من إشتقاقها ومن تعبير الجوف عند العرف هي التي تصل إلى الجوف من أية جهة من الجهات بطناً أو صدراً أو ظهراً أو جنباً وكذا بأية آلة ولو بابرة طويلة عليه فهي من الجراح لا الشجاج المنحصر بالرأس أو الوجه ولو فرض حصولها في الرأس يكون دامغة نعم في رواية أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال وفي الجائفة ثلث الدية وهي التي قد بلغت جوف الدماغ(1) وأيضاً حكي عن الكليني أنه قال: والمأمومة وهي التي تبلغ اُم الدماغ ثم الجائفة وهي التي تصير في جوف الدماغ، وكذلك حكي عن مقنع الصدوق ولكن الظاهر إن المراد من الجوف ليس ما يشمل جوف الدماغ ونحوه مما له جوف في الجملة حقيقة بل المنطبق عليها عناوين اُخر.
المقام الثاني في حكم الجائفة فنقول إنه قد ورد في روايات متعددة إن فيها ثلث
- (1) الوسائل: أبواب ديات الشجاج والجراح، الباب الثاني، ح9.
(الصفحة 260)
الدية كالتعبير الواقع في جمع من الكتب لكن في صحيحة الحلبي عن الصادق (عليه السلام)في الجائفة ثلاث وثلاثون الحديث(1).
وفي خبر آخر لأبي بصير عن الصادق (عليه السلام) وفي الجائفة ثلث الدية ثلاثة وثلاثون من الابل الحديث(2).
وهذا يبعد ما ذكرناه سابقاً من إن المراد هو الثلث التقريبي وإن كان ثلاثة وثلاثون ليس بثلث حقيقة لكن الراوي عن أبي بصير فيها هو علي بن أبي حمزة الظاهر كونه البطائني الكذاب المعروف ولكن مقتضى الاحتياط رعاية الثلث الواقعي كما في المتن.
فروع مذكورة في المتن
الأول لو أجافه واحد وأدخل آخر سكينه مثلا في الجرح ولم يزد شيئاً على الادخال فقط فعلى الأول دية الجائفة وعلى الثاني التعزير لأنه لا يصدق على عمله شيء من العناوين الموجبة للدية من الشجاج والتعزير إنما هو باعتبار الايذاء الواقع منه وهو محرم.
الثاني لو فرض أن الآخر الذي أدخل سكينه مثلا وسّع الجرح ظاهراً فقط أو باطناً كذلك فالظاهر أن فيه الحكومة لعدم التقدير له شرعاً بعد أن لم تكن جائفة ولا غيرها نعم لو وسّعه فيهما بحيث صار موجباً لحدوث جائفة اُخرى فالظاهر ثبوت
- (1) الوسائل: أبواب ديات الشجاج والجراح، الباب الثاني، ح4.
- (2) الوسائل: أبواب ديات الشجاج والجراح، الباب الثاني، ح10.
(الصفحة 261)
مسألة 3 ـ لو نفذت نافذة في شيء من أطراف الرجل كرجله أو يده ففيها مائة دينار، ويختص الحكم ظاهراً بما كانت ديته أكثر من مائة دينار، وأمّا المرأة فالظاهر إن في النافذة في أطرافها الحكومة1 .
ديتها على الثاني نعم لو إتسع الظاهر من جانب والباطن من جانب آخر فالحكومة أيضاً بل حكي عن قواعد الفاضل: وكذا لو زاد في غوره وعن كاشف اللثام في شرح القواعد أي في غور الجراح أو العضو المجروح فالحكومة لأنه ليس من الجائفة فإنها الجرح من الظاهر بحيث يبلغ الجوف.
الثالث لو طعنه من جانب وأخرج من جانب آخر كما لو طعن في صدره فخرج من ظهره ففي محكي المبسوط هي جائفة واحدة عرفاً وفي محكي الخلاف إثنتان وذكر المحقق في الشرائع هو أشبه وإحتاط المتن بالتعدد والوجه في كونه أشبه إنهما عضوان متبائنان تحقق في كل منهما جائفة وهي الجرح النافذ من الظاهر إلى الباطن وإنه لو إنفرد كل منهما لأوجب حكماً فعند الاجتماع لا يزول ما كان ثابتاً حال الانفراد والفارق إتحاد الضربة وتعددها هذا ولكن لا يبعد أن يقال بأن المعيار هو العرف وهو قائل بالوحدة كما عرفت ولكن مع ذلك الاحتياط لا ينبغي أن يترك فتدبر.
1 - ذكر في الشرائع قيل إذا نفذت نافذة في شيء من أطراف الرجل ففيها مائة دينار. والقائل الشيخ وأتباعه كما في محكي المسالك أو جماعة كما عن غيرها ونسبته إلى القول مشعرة بتمريضه أو التوقف فيه والدليل على هذا القول كتاب ظريف الذي قد مرّت صحته ببعض طرقه; قال فيه «وفي النافذة إذا نفذت من رمح أو خنجر
(الصفحة 262)
في شيء من البدن فى أطرافه فديتها عشر دية الرجل مائة دينار»(1) ولكن في رواية مسمع قال قضي أمير المؤمنين (عليه السلام) في النافذة (الناقلة كافي) تكون في العضو ثلث دية ذلك العضو(2) ولكنه مضافاً إلى عدم صحة سند الرواية ووجود الضعف فيه عرفت إن المنقول في الكافي الذي اُخذ عنه الوسائل هي الناقلة مكان النافذة فتقصر عن معارضة ما عرفت.
نعم ربما يشكل ما ذكر بما لو كانت دية الطرف تقصر عن المائة كالأنملة فإنه يلزم زيادة النافذة فيها على ديتها ولعله أشار إلى الجواب عن هذا الاشكال في المتن بقوله ويختص الحكم ظاهراً بما كانت ديته أكثر من مائة دينار. كما إحتمله بعض الأجلة ولا بأس به مع رعاية تناسب الحكم والموضوع وخصوصيات الجناية الواقعة.
كما أن الظاهر بملاحظة تقييد الحكم في النص والفتوى وثبوت الاختلاف بين الرجل والمرأة إختصاص الحكم المزبور وهي مائة دينار في النافذة بالرجل وأمّا المرأة فالظاهر أن في النافذة في أطرافها الحكومة لعدم التقدير الشرعي بالاضافة إليها كما لا يخفى.
- (1) الوسائل: أبواب ديات الشجاج والجراح، الباب الثاني، ح3.
- (2) الوسائل: أبواب ديات الشجاج والجراح، الباب الثاني، ح7.
(الصفحة 263)
مسألة 4 ـ في الجناية بلطم ونحوه إذا إسود الوجه بها من غير جرح ولا كسر أرشها ستة دنانير، وإن إخضر ولم يسود ثلاثة دنانير وإن إحمر دينار ونصف، وفي البدن النصف ففي إسوداده ثلاثة دنانير وفي إخضراره دينار ونصف، وفي إحمراره ثلاثة أرباع الدينار، ولا فرق في ذلك بين الرجل والاُنثى والصغير والكبير، ولا بين أجزاء البدن كانت لها دية مقررة أو لا، ولا في إستيعاب اللون تمام الوجه وعدمه، ولا في بقاء الأثر مدة وعدمه، نعم إذا كان اللطم في الرأس فالظاهر الحكومة، وإن أحدث الجناية تورماً من غير تغيير لون فالحكومة، ولو أحدثهما فالظاهر التقدير والحكومة1 .
1 - يقع الكلام في هذه المسألة في فروض ثلاثة:
الفرض الأول فيما إذا وقعت الجناية بلطم ونحوه في خصوص الوجه من دون جرح ولا كسر وقد وقع فيها التفصيل بين ما إذا كانت موجبة للاسوداد فستة دنانير أو الاخضرار فثلاثة دنانير أو الاحمرار فدينار ونصف ولكن عند قوم منهم السيدان في الاسوداد ثلاثة دنانير والدليل على الأول موثقة إسحاق بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في اللطمة يسودّ أثرها في الوجه إنّ إرشها ستة دنانير، فإن لم تسود وإخضرت فإن إرثها ثلاثة دنانير، فإن إحمارّت ولم تخضارّ فإن أرشها دينار ونصف، وزاد في الرواية الصدوق: وفي البدن نصف ذلك(1). والشهرة أيضاً موافقة معها فلا مجال للدليل الذي إستند إليه السيدان فيما حكي من إدّعاء الاجماع مضافاً إلى الأصل.
- (1) الوسائل: أبواب ديات الشجاج والجراح، الباب الرابع، ح1.