(الصفحة 26)
مسألة 12 ـ هذه الدية على الجاني لا على العاقلة ولا على بيت المال سواء تصالحا على الدية وتراضيا بها أو وجبت إبتداءً كما في قتل الوالد ولده ونحوه مما تعينت الدية1 .
مسألة 13 ـ دية شبيه العمد هي الأصناف المتقدمة وكذا دية الخطأ ويختص العمد بالتغليظ في السن في الابل والاستيفاء كما تقدم2 .
1 - دية الجاني هذه إنما هي عليه لا على العاقلة كما في دية الخطاء على ما سيأتي ولا على بيت المال كما في الدية في موارد عدم وجدانها وهذا من دون فرق بين ثبوت الدية ووجوبها ابتداءً كما في قتل الوالد ولده ونحوه من الموارد التي تعينت الدية وبين ما إذا وقع التصالح والتراضي عليها كما في موارد ثبوت القود والقصاص إبتداءً والانتقال إلى الدية بالتصالح والوجه في الثبوت على الجاني مضافاً إلى حكم العقلاء بذلك دلالة كثير من الروايات المتقدمة عليه بل ثبوتها على غيره تحتاج إلى دليل موجود في قتل الخطاء مفقود في غيره فالذي يحتاج إلى الدليل إنما هو الثبوت على غيره وأمّا الثبوت على الجاني فلا حاجة فيه إلى الدليل فتدبر.
2 - فإن الديّة لا يختلف مقدارها في أنواع القتل وأقسامه وإنما تختص دية العمد المغلظة بالسنّ في الابل والاستيفاء سنة واحدة كما تقدم.
(الصفحة 27)
مسألة 14 ـ إختلفت الأخبار والآراء في دية شبيه العمد ففي رواية أربعون خلفة أي الحامل وثنيّة وهي الداخلة في السنة السادسة وثلاثون حقّة وهي الداخلة في السنة الرابعة وثلاثون بنت لبون وهي الداخلة في السنة الثالثة، وفي اُخرى ثلاث وثلاثون حقّة وثلاث وثلاثون جذعة وهي الداخلة في السنة الخامسة وأربع وثلاثون ثنيّة كلها طروقة أي البالغة ضراب الفحل أو ما طرقها الفحل فحملت وفي ثالثة بدل كلها طروقة كلها خلفة وفي رابعة جمع بينهما فقال كلها خلفة من طروقة الفحل إلى غير ذلك فالقول بالتخيير للجاني بينها غير بعيد لكن لا يخلو عن إشكال فالأحوط التصالح و للجاني الأخذ بأحوطها1 .
1 - أما الرواية الاُولى فهي صحيحة عبدالله بن سنان قال سمعت أبا عبدالله (عليه السلام)يقول: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في الخطأ شبه العمد أن يقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر ان دية ذلك تغلظ وهي مائة من الابل منها أربعون خلفة من بين ثنيّة إلى بازل عامها وثلاثون حقّة وثلاثون بنت لبون...(1) وتفسير شبه العمد يشعر باختصاصه بما لا تكون الآلة قتالة بوجه وإن كان يريد القتل ويقصده.
وأمّا الرواية الثانية التي إختارها جماعة منهم المحقق في الشرائع فهي رواية أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال دية الخطاء اذا لم يرد الرجل القتل مائة من الابل أو عشرة آلاف من الورق أو ألف من الشاة وقال دية المغلظة التي تشبه العمد وليست بعمد أفضل من دية الخطاء بأسنان الابل ثلاثة وثلاثون حقّة وثلاثة وثلاثون
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثاني، ح1.
(الصفحة 28)
جذعة وأربع وثلاثون ثنية كلها طروقة الفحل(1).
وأمّا الرواية الثالثة فهي ما رواه العياشي في تفسيره عن عبدالرحمن عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: كان علي (عليه السلام) يقول في الخطاء خمسة وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون حقّة وخمس وعشرون جذعة وقال في شبه العمد ثلاثة وثلاثون جذعة وثلاث وثلاثون ثنيّة إلى بازل عامها كلّها خلفة وأربع وثلاثون ثنيّة(2).
وأمّا الرواية الرابعة فهي رواية معلّى أبي عثمان عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال: في شبيه العمد المغلظة ثلاثة وثلاثون حقّة وأربعة وثلاثون جذعة وثلاثة وثلاثون ثنية خلفة طروقة الفحل ومن الشاة في المغلظة ألف كبش إذا لم يكن إبل(3).
أقول وتؤيد الرواية الثانية رواية العلاء بن الفضيل عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال: والخطاء مائة من الابل أو ألف من الغنم إلى أن قال: والدية المغلظة في الخطأ الذي يشبه العمد الذي يضرب بالحجر والعصا والضربة والاثنتين فلا يريد قتله فهي ثلاث
وثلاثون حقة وثلاث
وثلاثون جذعة
وأربع وثلاثون
ثنيّة
كلّها خلفة من
طروقة
الفحل
وإن
كانت
من الغنم
فألف
كبش
والعمد هوالقود أورضى ولي المقتول(4).
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثاني، ح4.
- (2) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثاني، ح10.
- (3) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثاني، ح9.
- (4) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الأول، ح13.
(الصفحة 29)
ولكنه ضعفت هذه الرواية اى الاُولى بأن في سندها علي بن أبي حمزة البطائني كما إنه ضعفت الثانية بأن في سندها محمد بن سنان وهو لم يثبت توثيقه ولا مدحه فلا يمكن الاستدلال بهما على حكم وعليه فيصبح قول الشرائع بلا دليل.
نعم ربما يستدل عليه بما في صحيحة محمد بن مسلم وزرارة وغيرهما عن أحدهما (عليهما السلام) في الدية قال: هي مائة من الابل وليس فيها دنانير ولا دراهم ولا غير ذلك قال ابن أبي عمير فقلت لجميل ـ أي جميل بن دراج الراوي عن محمد بن مسلم وزرارة وغيرهما ـ هل للابل أسنان معروفة فقال نعم ثلاث وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة إلى بازل عامها قال: وروى ذلك بعض أصحابنا عنهما وزاد علي بن حديد في حديثه إن ذلك في الخطاء قال: قيل لجميل فإن قبل أصحاب العمد الدية كم لهم قال مائة من الابل إلاّ أن يصطلحوا على مال أو ما شاؤوا غير ذلك(1).
وأورد عليها أيضاً بأنه مضافاً إلى أن ذلك لم يرد في دية الشبيه بالعمد وإنما ورد في الدية مطلقاً بأن هذا التحديد من جميل ولم ينسبه إلى معصوم فلا حجية فيه.
ثم إنه حكي عن النهاية والقواعد واللمعة والنافع والروضة وبعض الكتب الاُخر بل عن الخلاف دعوى إجماع الفرقة وأخبارها عليه وفي النافع إنه أشهر الروايتين وعن المفاتيح إنه المشهور وبه روايتان «إنّ الدية ثلاث وثلاثون بنت لبون وثلاث وثلاثون حقة وأربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل»(2). مع إنه لم يرد ذلك في شيء من
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثاني، ح7.
- (2) قال صاحب الجواهر: لم نقف على شى من ذلك.
(الصفحة 30)
مسألة 15 ـ هذه الدية أيضاً من مال الجاني لا العاقلة فلو لم يكن له مال استسعى أو اُمهل إلى الميسرة كما في سائر الديون ولو لم يقدر عليها ففي كونها على بيت المال إحتمال1 .
الروايات كما إنه ربما يقال بأن صحيحة المعلّى أبي عثمان وكذا رواية عبدالرحمن لم يوجد من الأصحاب العمل بهما مضافاً إلى أنّ الثانية مرسلة.
وقد ظهر مما ذكرنا أن الرواية التي تكون معتبرة في نفسها ولم يعرض عنها الأصحاب هي صحيحة عبدالله بن سنان المتقدمة الظاهرة في تعين الابل في دية شبيه العمد مع إن الابل غير متعين فيها كغيرها فاللازم على القاعدة الأخذ بها فقط مع الحمل على عدم التعين وإنه إن أراد أن يؤدي الدية من الابل فحكمه ما هو مفاده وإلاّ فالابل لا يكون متعيناً في هذا الباب بوجه أصلا وأمّا الروايات الاُخر فبين ما هو غير معتبر في نفسها وبين ما إنه لم يوجد من الأصحاب من يعمل بها ومع ذلك فالأحوط التصالح لوجود الروايات المختلفة الواردة في هذا المجال وإن كانت نفس الاختلاف دليلا على عدم التعيّن كما لا يخفى.
1 - قد عرفت إن ظاهر الأدلة إنما هو ثبوت الدية على الجاني وبعبارة اُخرى الدية عوض الجناية وهي صادرة من الجاني ولو كان من غير عمد محض فهي كالاتلاف الموجب للضمان ولو كان المتلف غير قاصد له أصلا كما إذا تحقق في حال النوم مثلا وعليه فحكمها حكم سائر الديون فإذا لم يكن للمديون ما يفي به الدين فاللازم الاستسعاء أو الإمهال إلى الميسرة على ما تقدم في كتاب الدين نعم في