(الصفحة 31)
مسألة 16 ـ الأحوط للجاني أن لايؤخّر هذه الدية عن سنتين والأحوط للولي أن يمهله إلى سنتين وإن لا يبعد أن يقال تستأدي في سنتين1 .
فرض عدم المقدرة يجري إحتمال الثبوت على بيت مال المسلمين لأن الشارع لم يرد هدر الدم المحترم والمفروض عدم ثبوت القصاص لخروجه عن قتل العمد على ما هو المفروض فتثبت الدية على بيت المال.
1 - قد إختلفت الأقوال في هذه المسألة جدّاً:
الأول ما هو المشهور بين الأصحاب بل عن الشيخ في المبسوط إدّعاء الاجماع عليه من إنّها تستأدى في سنتين.
الثاني التفصيل المنقول عن ابن حمزة بين المؤسر في سنة واحدة والمعسر ففي سنتين.
الثالث حكم دية الخطاء وإنها تستأدى في ثلاث سنين أيضاً.
أمّا القول الأول فبعد عدم تمامية الاجماع الذي إدّعى ربما يقال في وجهه إنّ فيه وسطاً بين دية العمد التي تستأدى في سنة ودية الخطاء التي تؤدى في ثلاث سنين لأنه ليس بعمد محض ولا بخطاء محض فالنتيجة ما ذكر ولكنه اُجيب عنه بأنه إستحسان محض ولا نقول به بعد عدم دليل آخر عليه أصلا.
وأما القول الثاني المحكي عن ابن حمزة فلا دليل عليه أيضاً فيبقى القول الثالث وهو مقتضى الدليل وهي صحيحة أبي ولاد المتقدمة فإن عدم التعرض فيها لدية شبه العمد دليل على إن المراد منها من دية الخطاء التي حكم فيها بالاستيفاء ثلاث سنين ليس هو الخطاء المحض بل أعم منه ومن شبيه العمد وإلاّ يلزم السكوت عنها
(الصفحة 32)
مسألة 17 ـ لو قلنا بلزوم إعطاء الحوامل لو اختلف الولي ومن عليه الدية في الحمل فالمرجع أهل الخبرة ولا يعتبر فيه العدالة وتكفي الوثاقة وإعتبار التعدد أحوط وأولى، ولو تبين الخطأ لزم الاستدراك، ولو سقط الحمل أو وضع الحامل أو تعيب ما يجب أدائه فان كان قبل الاقباض يجب الابدال وإلاّ فلا1 .
مضافاً إلى أنه لو إحتمل الخلاف يجري إحتمال كونه ملحقاً بالعمد المحض في الاستيداء سنة واحدة وهو خلاف المشهور والقائل به شاذ فأمّا أن يقال بملاحظة ما ذكرنا بظهور الرواية في ذلك وأمّا أن يقال بأنه على تقدير العدم يرجع إلى الأصل وهو ينفي لزوم الأداء قبل المدة المذكورة ومما ذكرنا ظهر الوجه في كلام الماتن (قدس سره)حيث ذكر أن مقتضى الاحتياط أي الاستحبابي للجاني أن لا يؤخر هذه الدية عن سنتين وكذا مقتضى الاحتياط الكذائي أن يمهله الولي إليهما ولا يعجل قبلهما أخذ الدية عن الجاني وإن كان لا يبعد أن يقال بأن تستأدى في سنتين لأنه الوسط بين سنة واحدة الثابت في دية العمد وبين ثلاث سنين الثابت في دية الخطاء بمقتضى الرواية المتقدمة على ما يأتي فتدبر.
1 - الأولى البحث عن هذه المسألة فيما بعد لأنا لم نقل إلى الآن بلزوم إعطاء الحوامل أصلا نعم لو قلنا بلزوم إعطائها ووقع الاختلاف بين الولي والجاني في ثبوت الحمل وعدمه فلا يرجع إلى قاعدة المدعي والمنكر بأي معنى اُريد منهما وإن كان مدعي الحمل مدعياً ومنكره منكراً بحسب الظاهر إلاّ إن مثل هذه المسألة
(الصفحة 33)
كمسألة إختلاف البايع والمشتري في وزن المبيع الذي إشترى مع وزن مخصوص لا يرجع فيه إلى تلك القواعد والضوابط بل يرجع في تلك إلى التوزين وفي مثل المقام إلى أهل الخبرة العالم بذلك بمقتضى شغله أو غيره نعم ذكر إنه لا يعتبر فيه العدالة وإن إعتبار التعدد أحوط وأولى مع إن إعتبار العدالة أيضاً كذلك لأدلة حجية البينة التي يعتبر فيها التعدد والعدالة في الموضوعات وقد ذكرنا في محله في البحث عن حجية قول العادل الواحد في الموضوعات إن لازم ذلك عدم إعتبار التعدد بوجه وَلغوية حجية البينة كذلك وقد حققنا ذلك في الموارد المختلفة التي منها البحث عن القواعد الفقهية الشاملة للبحث عن حجية البينة فراجع.
ثم إنه بناء على لزوم إعطاء الحوامل لو تبين الخطأ لزم الاستدراك لأنه إنكشف عدم كونها حوامل وحجية البينة أو أهل الخبرة بناءً على كفاية الوثاقة أو عدم إعتبار التعدد إنما هي ما لم ينكشف الخلاف كما في سائر الموارد.
نعم لو سقط الحمل قبل الاقباض أو وضع الحامل قبله أو تعيب قبل ادائه يجب الابدال ولو تحقق أحد هذه الاُمور بعد الاقباض لا يجب الابدال لأن المفروض قبضه حاملا غير معيوب كما لا يخفى مع إن الحامل يضع حمله بالآخرة بعد الاقباض ولا معنى لدوام الحمل فتدبر.
(الصفحة 34)
مسألة 18 ـ في دية الخطاء روايتان أولاهما ثلاثون حقة وثلاثون بنت لبون وعشرون بنت مخاض ـ وهي الداخلة في السنة الثانية وعشرون ابن لبون والاُخرى خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقّة وخمس وعشرون جذعة ولا يبعد ترجيح الأول ويحتمل التخيير والأحوط التصالح1 .
1 - أمّا الرواية الاُولى فهي ذيل صحيحة عبدالله بن سنان المتقدمة قال والخطأ يكون فيه ثلاثون حقّة وثلاثون ابنة لبون وعشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون ذكر الحديث(1).
والرواية الثانية فهي صدر رواية مرسلة عبدالرحمن المتقدمة أيضاً المروية في تفسير العياشي عنه عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: كان علي (عليه السلام) يقول في الخطاء خمسة وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة...(2) ومثلها رواية العلاء بن الفضيل عن أبي عبدالله (عليه السلام)في حديث قال والخطأ مائة من الابل أو ألف من الغنم أو عشرة آلاف درهم أو ألف دينار وإن كانت الابل فخمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة ...(3) والرواية قد عرفت إن في سندها محمد ابن سنان وهو لم يثبت توثيقه ولا مدحه.
والظاهر إن الترجيح مع الأول لكونها رواية صحيحة معتبرة لا ريب فيها ولكنه
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثاني، ح1.
- (2) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثاني، ح10.
- (3) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الأول، ح13.
(الصفحة 35)
مسألة 19 ـ دية الخطاء المحض مخفّفة عن العمد وشبيهه في سنّ الابل وصفتها لو اعتبرنا الحمل في شبهه وفي الاستيفاء فانها تستأدى في ثلاث سنين في كل سنة ثلثها، وفي غير الابل من الأصناف الاُخر المتقدمة لا فرق بينها وبين غيرها1 .
يحتمل التخيير بين الروايتين فالأحوط حينئذ التصالح لعدم معلومية جنس الدية بعد معلومية أصلها وضرورة عدم لزوم الجمع، فالأحوط التصالح كما لا يخفى.
1 - دية الخطاء المحض مخففة عن العمد وشبيهه في اُمور:
الأول في الابل من جهة السنّ وقد تقدم البحث في ذلك مفصّلا.
الثاني في صفة الابل باعتبار إحتمال إعتبار الحمل في شبه العمد وعدم جريان هذا الاحتمال في غيره ولم يتقدم منه هذا البحث بوجه أصلا ولم يدل دليل معتبر على إعتباره بوجه.
الثالث في الاستيفاء; فإنها تستأدى في ثلاث سنين في خصوص دية الخطأ وقد وقع التصريح بذلك في صحيحة أبي ولاد المتقدمة بل جعله هو الفارق بين دية الخطأ وغيره فلا إشكال في أصل ذلك; إنما الكلام في إنه هل يجب أن يؤدي في كل سنة ثلثها أم يجوز تأخير المجموع إلى آخر ثلاث سنين كما إنه يجوز تأخير الثلثين إليه ظاهر الرواية الثاني، فإن ظاهر قول علي (عليه السلام) إنه تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين ليس هو التقسيم على الثلاث بحيث يكون في كلّ سنة ثلثها وفي سنتين ثلثاهما بل الظاهر هو جواز التأخير ولو بالاضافة إلى المجموع إلى آخر ثلاث سنين وحينئذ