(الصفحة 46)
إختار إن ديته ثمانمائة درهم وقواه في محكي مفتاح الكرامة وتوقف في المسألة المحقق الأردبيلي والشهيد في غاية المرام وإستظهره بعض الأعلام (قدس سرهم)نظراً إلى موثقة إبراهيم بن عبدالحميد عن جعفر (عليه السلام) قال قال دية ولد الزنا دية الذمي ثمانمائة درهم(1). وقال في محكي مفتاح الكرامة الحديث إمّا حسن أو موثق أو قوي، والاشكال إنما هو بلحاظ وقوع عبدالرحمن بن حماد في سندها مع أنه واقع في اسناد كتاب كامل الزيارات فله توثيق عام وليس في مقابله قدح خاص.
وتؤيد الرواية مرسلة عبدالرحمن بن عبدالحميد عن بعض مواليه قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام)دية ولد الزنا دية اليهودي ثلاثمائة درهم(2).
وكذا تؤيدها مرسلة جعفر بن بشير عن بعض رجاله قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام)عن دية ولد الزنا قال ثمانمائة درهم مثل دية اليهودي والنصراني والمجوسي(3).
وهنا رواية اُخرى صحيحة لعبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال سألته عن دية ولد الزنا قال يعطي الذي أنفق عليه ما أنفق عليه(4). قال صاحب الوسائل لعلّه (عليه السلام) ذكر حكم النفقة وترك الجواب عن حكم الدية لمصلحة اُخرى ويمكن الحمل على عدم إظهاره الاسلام. والسؤال بنفسه يشعر بأن في ذهن السائل كان المرتكز مغايرة دية ولد الزنا لدية الحر المسلم غير ولد الزنا ولابد من رد علم الجواب إلى أهله.
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الخامس عشر، ح3.
- (2) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الخامس عشر، ح1.
- (3) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الخامس عشر، ح2.
- (4) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الخامس عشر، ح4.
(الصفحة 47)
مسألة 30 ـ دية الذمي الحرّ ثمانمائة درهم يهودياً كان أو نصرانياً أو مجوسيّاً، ودية المرأة الحرة منهم نصف دية الرجل بل الظاهر إن دية أعضائهما وجراحاتهما من ديتهما كدية أعضاء المسلم وجراحاته من ديته كما إن الظاهر إن دية الرجل والمرأة منهم تتساوى حتى تبلغ الثلث مثل المسلم بل لا يبعد الحكم بالتغليظ عليهم بما يغلظ به على المسلم1 .
وكيف كان فلابد في المسألة أوّلا من مراعاة إن ولد الزنا بعد إظهاره الاسلام سيّما بعد البلوغ يكون مسلماً وثانياً مراعاة إطلاق الأدلة الواردة في دية الحر المسلم الشامل لولد الزنا أيضاً وثالثاً مراعاة الروايات الواردة في ولد الزنا سيّما وقد عرفت إن بعضها معتبر يصحّ الاحتجاج بها فاللازم الأخذ بالأخيرة لأنها بمنزلة المقيدة للاطلاق فتدبر.
ولا شبهة في إنه إذا كان الاظهار بعد البلوغ الشرعي يجري عليه ما ذكر وأمّا إذا كان الاظهار بعد بلوغه حدّ التميز وقبل البلوغ الشرعي ففي المتن حكمه أيضاً دية سائر المسلمين والوجه فيه إنه مع وجود التميز والفرض إظهار الاسلام هو مسلم يجري عليه أحكامه ولم يدل دليل على الخلاف والتبعية القهرية مضافاً إلى أنها لم يدل دليل عليها مع إنه لا يكون المفروض كفر الوالد ومجرد كونه ولد الزنا لا يقتضي ذلك نعم في الدية قبل ذلك تردد ينشأ من عدم التميز فلا فائدة لاظهار إسلامه ومن إن كل مولود يولد على الفطرة فلا يكون غير مسلم.
1 - أمّا إن دية الذمي الحرّ سواء كان يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً ثمانمائة درهم
(الصفحة 48)
فيدل عليه مضافاً إلى عدم وجدان خلاف معتد به بل في محكي الخلاف والانتصار والغنية وكنز العرفان الاجماع عليه، الروايات المستفيضة.
مثل صحيحة ليث المرادي قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن دية النصراني واليهودي والمجوسي فقال ديتهم جميعاً سواء ثمانمائة درهم ثمانمائة درهم(1).
وموثقة سماعة بن مهران عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال بعث النبي (صلى الله عليه وآله) خالد بن الوليد إلى البحرين فأصاب بها دماء قوم من اليهود والنصارى والمجوس فكتب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) إني أصبت دماء قوم من اليهود والنصارى فوديتهم ثمانمائة درهم ثمانمائة وأصبت دماء قوم من المجوس ولم تكن عهدت إليّ فيهم عهداً فكتب إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن ديتهم مثل دية اليهود والنصارى وقال إنهم أهل الكتاب(2).
ومنها الروايات المتقدمة الدالة على إن دية ولد الزنا مثل دية اليهودي والنصراني والمجوسي ثمانمائة درهم.
ومنها غير ذلك من الروايات الدالة على هذه الجهة.
هذا وذكر المحقق في الشرائع بعد الحكم بما ذكر وفي بعض الروايات إن دية اليهودي والنصراني والمجوسي دية المسلم وفي بعضها دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم وأشار بالطائفة الاُولى إلى رواية أبان بن تغلب عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال دية اليهودي والنصراني والمجوسي دية المسلم(3).
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثالث عشر، ح5.
- (2) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثالث عشر، ح7.
- (3) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الرابع عشر، ح2.
(الصفحة 49)
ورواية زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال من أعطاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذمّة فديته كاملة قال زرارة فهؤلاء قال أبو عبدالله (عليه السلام) وهؤلاء من أعطاهم ذمة(1).
أشار بالطائفة الثانية إلى رواية أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم ودية المجوسي ثمانمائة درهم وقال أيضاً إن للمجوس كتاباً يقال له جاماس(2).
ثم إنه ذكر المحقق عقيب العبارة المتقدمة والشيخ (رحمه الله) نزّلهما ـ أي الطائفتين الأخيرتين ـ على من يعتاد قتلهم فيغلظ الامام الدية بما يراه من ذلك حسماً للجرأة.
ثم إن العامة بعد مخالفتهم بأجمعم في اليهود والنصراني إختلفوا على أربعة أقوال فمن قائل بأن ديته ثلث دية المسلم وقائل نصفها وقائل تمامها وقائل كذلك إن كان عمداً وإن كان خطاءً نصفها نعم عن الشافعي ومالك موافقتنا في المجوس بل عن الشيخ في الخلاف إن الصحابة مجمعون على إن دية المجوسي ثمانمائة درهم، وعن المبسوط وكنز العرفان نفي الخلاف في ذلك.
ثم إن صاحب الجواهر (قدس سره) نفى البأس عن حمل الطائفتين على التقية لأن الاُولى موافقة لبعض أقوال العامة والثانية أيضاً كذلك بناء على إن الدية إثنا عشر ألف من جهة إختلاف الوزن فتكون حينئذ الأربعة ثلث الدية هذا ولكن الظاهر لزوم الأخذ بالروايات المطابقة للاجماع المدعى أو لفتوى المشهور على الأقل لما ذكرناه غير مرة من أن أوّل المرجحات على ما يقتضيه التحقيق في مفاد مقبولة ابن حنظلة هي
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الرابع عشر، ح3.
- (2) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الرابع عشر، ح4.
(الصفحة 50)
مسألة 31 ـ لا دية لغير أهل الذمة من الكفار سواء كانوا ذوي عهد أم لا وسواء بلغتهم الدعوة أم لا بل الظاهر أن لا دية للذمي لو خرج عن الذمة، وكذا لا دية لو إرتد عن دينه إلى غير أهل الذمة، ولو خرج ذمي من دينه إلى دين ذمي آخر ففي ثبوتها إشكال وإن لا يبعد ذلك1 .
الشهرة في الفتوى الموافقة لتلك الروايات وأمّا الحمل على التقية فهو متأخر عن الشهرة الفتوائية على ماقرّر في محله من علم الاُصول.
هذا كلّه بالاضافة إلى القتل وأمّا دية الأعضاء والجراحات فهي كدية أعضاء المسلم وجراحاته من ديته من النصف وغيره والظاهر إن دية الرجل منهم والمرأة في الأعضاء تتساوى ما لم تبلغ الثلث أو تتجاوز عنه فتدخل دية المرأة منهم في هذه المسألة المتقدمة التي فصلنا القول فيها سابقاً وفي الختام نفي البعد في المتن عن التغليظ عليهم بما يغلظ به على المسلم والوجه فيه ثبوت التكليف بالاضافة إليهم وغيرهم على حدّ سواء فإذا تحقق القتل في أشهر الحرم الأربعة أو في حرم مكة المعظمة أو غيرهما من موارد التغليظ لا دليل على خروجهم عن هذه الجهة أصلا كما لا يخفى.
1 - قال المحقق في الشرائع ولا دية لغير أهل الذمة من الكفار ذوي عهد كانوا أو أهل حرب بلغتهم الدعوة أو لم تبلغ. وحكي عن الخلاف من قتل من لم تبلغه الدعوة لم يجب عليه القود بلا خلاف وعندنا أيضاً لا يجب عليه الدية.
ويدل على عدم وجوب الدية موثقة إسماعيل بن الفضل قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام)عن دماء المجوس واليهود والنصارى هل عليهم وعلى من قتلهم شيء إذا غشوا