(الصفحة 74)
مسألة 17 ـ لو إصطدم حرّان فمات أحدهما وكان القتل شبيه عمد يضمن الحيّ نصف دية التالف وفي رواية يضمن الباقي تمام دية الميت وفيها ضعف، ولو تصادم حاملان فأسقطتا وماتتا سقط نصف دية كل واحدة منهما وثبت النصف وثبت في مالهما نصف دية الجنين مع كون القتل شبيه العمد ولو كان خطاء محضاً فعلى العاقلة1 .
مسوّغ للاركاب فلا محيص عن الدية لأن المفروض عدم قصد القتل ولا كون الآلة مؤثرة في القتل غالباً ومن ناحية اُخرى صحة الاستناد والاضافة فاللازم ضمان كلا الأمرين كما لا يخفى.
1 - لو تحقّق الاصطدام من حرّين بالغين عاقلين بصيرين فمات أحدهما دون الآخر فمقتضى القاعدة مع عدم قصد القتل وعدم كونه مما يقتل نوعاً أن يكون القتل شبيه عمد والحي فقط ضامنٌ لدية التالف أي النصف على العاقلة لكن هناك رواية على خلاف القاعدة تدل على أن الحيّ ضامن لتمام دية الميت وهي ما رواه الكليني عن أحمد بن محمد الكوفي عن إبراهيم بن الحسن عن محمد بن خلف عن موسى بن إبراهيم المروزي (البزوفري) عن أبي الحسن (عليه السلام) قال قضى أمير المؤمنين (عليه السلام)في فرسين إصطدما فمات أحدهما فضمن الباقي دية الميت(1). ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب وبإسناده عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) مثله إلاّ
- (1) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب الخامس والعشرون، ح1.
(الصفحة 75)
مسألة 18 ـ لو دعا غيره فأخرجه من منزله ليلا فهو له ضامن حتى يرجع إليه فإن فقد ولم يعلم حاله فهو ضامن لديته، وإن وجد مقتولا وإدعى على غيره وأقام بينة فقد برئ، وإن عدم البينة فعليه الدية ولا قود عليه على الأصح، وكذا لو لم يقر بقتله ولا إدّعاه على غيره، وإن وجد ميتاً فإن علم إنه مات حتف أنفه أو بلدغ حية أو عقرب ولم يحتمل قتله فلا ضمان، ومع إحتمال قتله فعليه الضمان على الأصح1 .
أنه قال في فارسين. وهما المراد من فرسين في الرواية الاُولى بقرينة الذيل ولكن في الرواية ضعف خصوصاً على طريق الكليني باعتبار أكثر رواتها فلا مناص من ردّ علمها إلى أهلها خصوصاً بعد كونها مخالفة للقاعدة من جهة تضمين الباقي مع أن الضامن هي عاقلته وتمام الدية مع إن المضمون هو نصفها.
ثم إنّه لو تصادمت حاملان فأسقطتا وماتتا سقط نصف دية كل واحدة منهما وثبت النصف ويسقطان بالتهاتر القهري وأمّا دية الجنين فالثابت في مالهما نصف دية الجنين مع كون القتل شبيه العمد ولو كان خطاءً محضاً فعلى العاقلة ففي الحقيقة يكون التالف في بعض الفروض أربعة ويمكن تصوير الموارد المشابهة كما إذا إصطدمت امرأتان أحدهما حامل والاُخرى غير حامل فماتتا فإنه حينئذ يكون بالاضافة إلى الجنين نصف ديته على كل واحدة منهما فيما إذا كانتا قاصدتين للاصطدام وعالمتين بالحمل وعلى عاقلتهما في بعض الصور.
1 - من دعى غيره فأخرجه من منزله ليلا فهو له ضامن حتى يرجع إليه ـ أي
(الصفحة 76)
إلى منزله ـ والحكم بهذه الصورة موافق للمشهور بل في محكي الغنية ونكت النهاية وغاية المراد الاجماع عليه وقال صاحب الجواهر ولعله كذلك فإني لم أجد فيه مخالفاً إلاّ ابن إدريس ففصّل بين المتهم عليه وغيره فأثبت القسامة في الأول مع دعوى الأولياء القتل عمداً أو خطاءً مقيماً للعداوة والاخراج بالليل فيه مقام اللوث بخلاف الثاني فإنه لا شيء عليه.
ويدل عليه بعض الروايات أيضاً:
منها رواية عبدالله بن ميمون عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال إذا دعا الرجل أخاه بليل فهو له ضامن حتى يرجع إلى بيته(1).
ومنها صحيحة عمرو بن أبي المقدام على طريقي الصدوق والشيخ ومرسلته على طريق الكليني ولكنه جعلها في الجواهر حسناً أو قويّاً قال كنت شاهداً عند البيت الحرام حيث إن رجلا قال لأبي جعفر المنصور وهو يطوف ياأمير المؤمنين إن هذين الرجلين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله فلم يرجع إليّ ووالله ما أدري ما صنعا به؟ فقال لهما ما صنعتما به؟ فقالا ياأمير المؤمنين كلمناه ثم رجع إلى منزله إلى أن قال فقال لأبي عبدالله جعفر بن محمد (عليهما السلام)إقض بينهم إلى أن قال فقال ياغلام اُكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل من طرق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو ضامن إلاّ أن يقيم عليه البينة إنه قد ردّه إلى منزله ياغلام نحّ هذا فاضرب عنقه للآخر فقال يابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) والله ما أنا قتلته ولكني أمسكته ثم جاء هذا فوجاه
- (1) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب السادس والثلاثون، ح1.
(الصفحة 77)
فقتله فقال أنا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ياغلام نحّ هذا فاضرب عنقه للآخر فقال يابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما عذبته ولكني قتلته بضربة واحدة فأمر أخاه فضرب عنقه ثم أمر بالآخر فضرب جنبيه وحبسه في السجن ووقع على رأسه يحبس عمره ويضرب في كل سنة خمسين جلدة(1) فلا ينبغي الاشكال في أصل الحكم وثبوت الضمان في الجملة ولا فرق في الداعي والمدعو بين الرجل والمرأة أصلا ثم إن أمر الامام (عليه السلام) الغلام بضرب عنق أحد الرجلين فهو قضية في واقعة ولا يبعد كون أمره هذا مقدمة لظهور الحال كما لاوجه لتصدّيه للاقتصاص فإنه حق للولي إلاّ أن يقال بمطالبته منه (عليه السلام) ثم إن للمسألة صوراً وفروضاً:
الفرض الأول صورة فقدان المدعو وعدم العلم بحاله من الموت والحياة وهذا الفرض هو المتيقن من أصل المسألة والمقصود منه مع إحتمال إستناد الموت إلى الداعي المخرج وإن كان لأمر غير ظاهر لأنه لو علم إنه مات حتف أنفه أو بسبب آخر لا يرتبط بالمخرج فلا ضمان عليه والرواية منصرفة عنه قطعاً.
الفرض الثاني ما لو وجد مقتولا ودار أمر القتل بين الداعي المخرج وغيره فإن إدعاه على غيره وأقام بينة على ذلك فقد برئ وإن عدم البينة فعليه الدية بمقتضى إطلاق الرواية ولا قود على الداعي لعدم إحراز إستناد القتل إليه بوجه وهكذا الحكم يعني في ثبوت الدية ما لو لم يقر بقتله ولا إدعاه على غيره فإنه حينئذ تكون الدية ثابتة عليه ولا قود للدليل المذكور.
- (1) الوسائل: أبواب قصاص النفس، الباب الثمانية عشر، ح1.
(الصفحة 78)
البحث الثاني في الأسباب
والمراد به هيهنا كل فعل يحصل التلف عنده بعلة غيره بحيث لولاه لما حصل التلف كحفر البئر ونصب السكين وإلقاء الحجر وإيجاد المعاثر ونحوها1 .
الفرض الثالث فمع العلم بعدم دخالة المخرج في قتله بل مات حتف أنفه أو بلدغ الحيّة أو العقرب من دون أن يكون هناك قتل في البين ولا إحتمال القتل فلا تكون الرواية شاملة له بل عرفت إنهما منصرفة عنه قطعاً نعم مع إحتمال القتل وإحتمال كون المخرج هو القاتل الظاهر الضمان نظراً إلى إطلاق الرواية ومع العلم بعدم دخالة المخرج بوجه في القتل لا يكون الضمان عليه فتدبر.
1 - وعليه فالسبب هنا غير السبب الاصطلاحي الذي هو بمعنى العلة المؤثرة ضرورة إن حفر البئر وإيجاد المعثر لا يكون موجباً للهلاك بل لابد من الوقوع والعثار ولذا ذكر المحقق في الشرائع إن ضابطها أي الأسباب ما لولاه لما حصل التلف بسبب العثار ومنه يعلم إن الضمان هنا لا يكون مستنداً إلى الضابطة الكلية التي أشرنا إليها مراراً لعدم تحقق الاستناد عرفاً بل الضمان شرعي يدل عليه الدليل الشرعي فاللازم حينئذ الاقتصار على ما في النصوص وما يلحق به ولو بمعونة الفتاوي وقد ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) إنه قلنا أي في كتاب الغصب إنه ليس في شيء من النصوص جعل لفظ السبب والعلة والشرط عنواناًللحكم فالاختلاف في تعريفها