جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 102)

ليست سوى تشريع هذا القانون ، إذن الإرادة هنا تشريعية .
3 ـ وردت كلمة «إرادة» واستُعملت في الآيات التي خاطبت زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) في موضعين آخرين أيضاً: {إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}(1) ، {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ}(2) ، والمسلّم أنّ الإرادة في هذين الموضعين تكوينيّة (بشرية) ، وهذه قرينة اُخرى خاصّة تؤكّد مسألة ظهور المعنى في التكوينية ، وكونه الأصل في آية التطهير التي تلي هذه الآيات ، فالإرادة هي من النوع نفسه في جميع هذه الآيات (تكوينية) وتدور حول هذا المحور ، بفارق أنّ المريد في الآيتين السابقتين هو نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وفي آية التطهير هو الله سبحانه وتعالى .
4 ـ من المسلّم لدى الجميع (عند من قال: بأنّ الإرادة في آية التطهير تشريعيّة ومن قال: بأنّها تكوينيّة) أنّ هذه الآية الشريفة تشكِّل امتيازاً وخصوصيّة وتُعتبر تشريفاً ونوعاً من التفوّق والفضل لأهل البيت(عليهم السلام) . فإذا قلنا: إنّ «الإرادة» في آية التطهير تشريعية فعلينا أن نحدّد موقع التشريع فيها ، وبعبارة اُخرى: ما هي القوانين التي وضعها الشارع المقدّس في هذه الآية؟ هل تراها شيئاً آخر غير الحثّ على طاعة الرسول(صلى الله عليه وآله) والتوجّه للآخرة والاهتمام بها ، والإعراض عن الدنيا وعدم ارتكاب الفواحش والمعاصي؟ وهل هذه التكاليف تشكّل برنامجاً لأهل البيت(عليهم السلام) ونساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)خاصّة أم أنّها أحكام وتشريعات تشمل جميع المسلمين والمسلمات ، فأين التكريم والتشريف
  • (1) الأحزاب : 28  .
  • (2) الأحزاب : 29  .

(الصفحة 103)

إذن؟ وأين التفوّق والفضل؟! فمن يقول: بأنّ الإرادة هنا في هذه الآية تشريعية لابدّ له من مخالفة إجماع المفسِّرين ، واتّفاق العلماء على أنّ في الآية خصوصيّة وفضيلة ما لأهل البيت(عليهم السلام)! إذ إنّ حمل الإرادة على التشريعية يلغي أيّة مزيّة وخصوصيّة لأهل البيت(عليهم السلام) ، إذ يعود شأنهم كشأن غيرهم من التكليف بالأحكام السابقة التي ثبت وجوبها على الجميع(1) . من هنا لا محيص ـ لمجاراة المفاد المتّفق عليه من وجود
  • (1) قد تكون في بعض التشريعات خصوصيّة وامتياز وما ينتزع منه الفضيلة والتفوّق للمكلّفين بها ، من قبيل وجوب قيام الليل على النبيّ(صلى الله عليه وآله) وإباحة زواج أكثر من أربعة نساء له ، وزيادة التكبيرات في صلاة الميّت على بعض الشهداء كحمزة بن عبد المطّلب(عليه السلام) ، وحرمة الصدقة على ذريّة رسول الله(صلى الله عليه وآله) .
  • ولكن الملاحظ في الآيات محلّ البحث أنّ التشريعات التي جاءت بها لا تشكّل أيّة مزيّة وفضيلة للمخاطبين بها ، ومجرّد الخطاب لا يعني أكثر من شأن النزول ، وهي سيرة القرآن في بيان أكثر الأحكام والتشريعات السماوية ، فإذا ما شُرع على سبيل المثال وجوب التوجّه إلى القبلة في جميع الصلوات وحيثما كان الإنسان إثر حادثة معيّنة (روى جابر قال: بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله)سرية كنت فيها ، فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة ، فقالت طائفة منّا: قد عرفنا القبلة هي هاهنا قبل الشمال وخطوا خطوطاً ، فلمّا أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة ، فلمّا قفلنا من سفرنا سألنا النبيّ(صلى الله عليه وآله) عن ذلك فسكت فأنزل الله تعالى: (وَللهِِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ)(1 ،2) فهل يعني أن لهؤلاء النفر فضيلة أو مزيّة اكتسبوها بكونهم سبباً لبيان الحكم وشأناً لنزول الآية؟ كلاّ بطبيعة الحال .
  • نعم ، قد يقال: إنّ مضاعفة الأجر عند الإحسان ومضاعفة العقاب عند الإساءة ممّا ورد في الآيات يمكن عدّه نوعاً من التميّز لنساء النبيّ ، ولكن لا يخفى أنّ هذا التميّز خارج عن نطاق التشريع ولا يمس الوضع القانوني ، وأنّه يتعلّق ببعد آخر هو نتيجة العمل ، لا العمل (التكليف المتعلّق بالتشريع) نفسه ممّا لا يُعالج الثغرة والإشكال على القائلين بالإرادة التشريعية هنا .
  • 1 ـ سورة البقرة 2 : 115  .
  • 2 ـ مجمع البيان 1 : 320 ، بحار الأنوار 84 : 31 .

(الصفحة 104)

خصوصيّة وفضيلة في الآية ـ من الإذعان بأنّ الإرادة في آية التطهير ليست تشريعية بل تكوينية .
5 ـ ذكرنا آنفاً أنّ الآيات قسّمت عائلة النبيّ(صلى الله عليه وآله) إلى فريقين:
الأوّل: مجموعة زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وقد فرض عليهنّ برنامج تربوي معيّن ، وبيّنت الآيات أنّ العمل بهذا البرنامج هو السبيل لبقاء انتسابهنّ لرسول الله(صلى الله عليه وآله) وارتباطهنّ به ، وإلاّ فمصيرهنّ الطرد والانفصال عنه .
الثاني: هو أهل البيت(عليهم السلام) الذين تُعدّ العدّة لهم ليتبوّؤا زعامة المسلمين وقيادة خط الهدى والدين ، وأنّ الله سبحانه هو الذي يتولّى هذا الإعداد وينهض باصطفائهم وهو يطهّرهم عن الرجس وينزّههم عن المعصية ، وعلى هذا فإنّ آية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ . . .} جملة اعتراضية ـ كما أسلفنا ـ جاءت في وسط آيات النساء انصبت رسالتها ، ودار محورها على تسجيل ظاهرة معنويّة وحقيقيّة هي إرادة إذهاب الرجس عن هذا الفريق وتنزيهه .
إذن فالإرادة هنا لا علاقة لها بأيّ نحو بالأحكام التي سبق تشريعها في سائر الآيات ، ولا يمكن للآيات التي خاطبت زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) أن تكون قرينة على الإرادة التشريعيّة في آية التطهير ، بل هي باقية على معناها التكويني ، وتُحمل على أصلها وظاهرها الذي كانت عليه .

(الصفحة 105)

نعم ، قد يسأل سائل: كيف صنّفتم هذا التصنيف وعلى أيّ أساس جعلتم «أهل البيت» فريقاً خاصّاً منحصراً بالسادة الخمسة صلوات الله عليهم؟  . . . وفضلاً عمّا سبق بيانه ، فإنّ جواب هذا السؤال سيأتيك مفصّلاً .

حديث مع الآلوسي

مع أنّ شهاب الدين محمود الآلوسي ـ مفتي بغداد المتوفّى سنة 1270 ـ ذهب إلى أنّ «الإرادة» في آية التطهير إرادة تكوينية ، لكنّه في الوقت نفسه طرح إشكالاً على ذلك وتعاجز عن ردّه مكتفياً بالإثارة! إذ يقول:
« . . . وقد يُستدلّ على كون الإرادة هاهنا بالمعنى المذكور (التشريعية) لا المشهور (التكوينية) ، الذي يتحقّق عنده الفعل بأنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم قال حين أدخل عليّاً وفاطمة والحسنين رضي الله تعالى عنهم تحت الكساء: «اللّهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» فإنّه أيّ حاجة للدعاء لو كان ذلك مراداً بالإرادة بالمعنى المشهور (التكوينية) ، وهل هو إلاّ دعاء بحصول واجب الحصول؟»(1) .
وحتّى لا نكون مثل الآلوسي الذي ترك سؤاله معلّقاً دون إجابة! نقول:
سبق أن أثبتنا أنّ سياق الحديث وتركيب الكلام يُظهر أنّ عبارة
  • (1) روح المعاني في تفسير القرآن 22 : 18  .

(الصفحة 106)

«اللّهم هؤلاء . . .» في دعاء الرسول(صلى الله عليه وآله) جاءت لتحديد وبيان من هم المقصودون من «أهل البيت»(عليهم السلام) ، فهو(صلى الله عليه وآله) يخاطب ربّه ويحدّد في خطابه أنّ «هؤلاء هم أهل بيتي» حتّى يعرف الناس من هم أهل البيت ، ومن هم الذين أراد الله تطهيرهم وإذهاب الرجس عنهم(1)؟ وإلاّ فإنّ الإشكال (سؤال الآلوسي) نفسه ، بل ما هو أكبر منه سيرد على الدعاء إذا ما افترضنا أنّ الإرادة الإلهية في الآية تشريعيّة وليست تكوينيّة! فما معنى أن يقول النبيّ(صلى الله عليه وآله) ويدعو (ويكون معنى دعائه على فرض الإرادة التشريعيّة): «اللّهم اجعل أهل بيتي مشمولين بأمرك ونهيك ، وأبعدهم عن الآثار السلبية للنواهي بتشريع النهي وفرضه عليهم!؟» أوليست الآيات متوجّهة بالأصل بالخطاب والتكليف إليهم؟ حتّى يأتي النبيّ(صلى الله عليه وآله)ويتوجّه بالدعاء لله سبحانه أن: إلهي أشمل أهل البيت بهذه التكاليف! أليس هذا هو الفرض (على القول بالإرادة التشريعيّة)؟

حديث آخر مع الآلوسي

مع ما يُلاحظ على صاحب تفسير «روح المعاني» من مستوى
  • (1) هذا هو غرض النبيّ(صلى الله عليه وآله) من هذا الدعاء ، وإلاّ فنتيجته وثمرته من حيث التحقّق تحصيل حاصل (وقد اُوفيَ المطلب حقّه في مواضع اُخرى من البحث ، فراجع الصفحات السابقة) ، وقد يكون هناك وجه آخر لمثل هذه الأدعية (المضمونة النتيجة) هو الإقرار بالفقر والحاجة لاستمرار الفيض ومواصلته ودوام العطاء الإلهي ، فالداعي يعلم أنّ الله خلع عليه الوجود وأفاض عليه الجوارح ووهبه النعم تكويناً ، ولكنّه يسأل الله ويدعوه استمرارها ومواصلة الإنعام بها وعدم زوالها ، وقد يُنزّل الدعاء في مثل هذه المواضع منزلة الشكر والحمد على النعمة .