جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 126)

ومنزلتهم وفقاً لمفادها ـ كما سبق إثباته ـ ، فصار ذلك الجمع يُعرف بـ  «أهل البيت» ، وعلى هذا الفرض فإنّ «أهل البيت» إشارة إلى الخمسة المجتمعين في بيت اُمّ سلمة .
وفي بداية الأمر حين نزول الآية لم تكن هذه العبارة تحمل إلاّ معنى الإشارة ، ولكن بمرور الزمن صار لها معنى علمي حتّى غدت عنواناً خاصّاً للخمسة المجتمعين في ذلك البيت ، ويمكن القول: إنّ هذا الفرض هو الأرجح والأكثر تطابقاً مع الواقع من بين جميع الاحتمالات التي افترضها المفسِّرون ، وها نحن نعرض مزيداً من التوضيح .

المدّعى

تحديداً لنطاق البحث نقول: إنّ المدّعى هو: أنّ «أهل البيت» هم الخمسة أصحاب الكساء الذين كانوا مجتمعين في بيت اُمّ سلمة . والحدث وإطلاق المصطلح هو نظير «يوم الدار» الذي يشير إلى اليوم الذي جمع فيه رسول الله(صلى الله عليه وآله) عشيرته في دار أبي طالب(عليه السلام)(1) ليعلن نبوّته ودعوته ، وأصبحت كلمة «يوم الدار» عنواناً خاصّاً لتلك الواقعة وذلك اليوم ، وكلمة الدار تشير إلى دار أبي طالب(عليه السلام) . هكذا أصبحت عبارة «أهل البيت» تحمل وتتضمّن معنى علمياً للخمسة الذين دخلوا تحت الكساء في دار اُمّ سلمة .

  • (1) عندما نزلت (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) (الشعراء: 214)  .

(الصفحة 127)

أدلّة وإثباتات المدّعى

1 ـ إنّ الآيات التي ذُكر فيها لفظ «البيت» التي سبقت آية التطهير أو لحقتها جاءت على صيغة الجمع المحلّى بنون النسوة «بيوتكنّ» ، وهذا ممّا يعني أنّ «البيت» إشارة إلى بيت معيّن من تلك البيوت (بيوت الزوجات) أو حجرة من تلك الحجرات ، وحيث إنّ المراد من «بيوتكنّ» هو بيوت زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) فلابدّ من أن يكون «البيت» من ذلك النسيج أيضاً ، وبدخول «ال» التعريف على أحد تلك البيوت تعيّن أنّ المراد هو بيت اُمّ سلمة ، وممّا تظافرت واتّفقت عليه وشهدت به الروايات من الفريقين أنّ الآية نزلت في ذلك المكان التاريخي . وبملاحظة ما سلف بيانه وإثباته في قضية ترتيب الآيات وانتظام النصوص القرآنية ، وأنّ ذلك من الوحي وممّا أمر به النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله)وأمضاه ، فإنّ هذا الدليل سيحتلّ موقعه وستتجلّى حجّته .
2 ـ إنّ مبادرة واندفاع اُمّ سلمة رضوان الله عليها وحرصها الشديد على الاستفهام من النبيّ(صلى الله عليه وآله) وسؤاله عن مدلول الآية فور نزولها وهل هي مشمولة بها أم لا؟ والجواب السلبي التي تلقّته عن سؤالها يدلّ على أنّها كانت تعيش وهماً ، وأنّ شبهة اعترتها وجعلتها تستفهم ، وما لذلك الوهم وتلك الشبهة من مدخل وعلّة إلاّ كونها انتزعت من عبارة «أهل البيت» التي جاءت في الآية مفهوم «الساكنين في بيتها» ، فحيث كان المراد من «أهل البيت» المجتمعين في بيتها فقد ظنّت أنّ الخطاب شملها أيضاً . وإن قيل: إنّ منشأ سؤال اُمّ سلمة هو انتزاعها معنى زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) من عبارة «أهل البيت» وإنّ استفهامها كان من هذا المنطلق ، فإنّه مدفوع بكون احتمال شمول الآية لعموم الزوجات كان
(الصفحة 128)

منتفياً لدى اُمّ سلمة إذ استفهمت عن حالها فقط ، ولم تفرض بأيّ وجه أن تكون بقيّة الزوجات مشمولات أيضاً .
3 ـ إنّ آية التطهير ـ وفقاً للروايات المعتبرة والمشهورة ، وممّا تسالم عليه الجميع ـ تشمل شخص النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله) أيضاً ، وحيث إنّ معنى عبارة «أهل البيت» وفقاً لجميع الوجوه الاُخرى غير قابل للانطباق على رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فلا مناص من الإذعان بالمعنى القائل: إنّها تقصد المجتمعين في ذلك البيت المعيّن «بيت اُمّ سلمة» .
4 ـ لقد ذكرت عبارة «أهل البيت» في موضع آخر من القرآن الكريم ، وقد استُعملت في ذلك الموضع أيضاً بمعنى المجتمعين في أحد بيوت النبيّ إبراهيم(عليه السلام) ، إذ كان إبراهيم(عليه السلام) مختلياً بزوجته سارة في الحجرة ، فهبطت الملائكة المرسلة إلى لوط النبيّ في مهمّة ما وجعلت طريقها على دار إبراهيم ، هبطت على إبراهيم الذي كان واقفاً في داره بينما كانت زوجته سارة جالسة لتبشّرهما بحمل سارة وبمولود عزيز هو إسحاق وبحفيد عزيز يأتيهم من إسحاق! فتذهل سارة من هذه البشارة وكيفيّة تحقّقها في زوجين بلغا سن اليأس! فتجيب الملائكة عن سؤال سارة وعجبها {قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ}(1) .(2)

  • (1) هود : 73  .
  • (2) إشارة إلى الآيات الكريمة (فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُم لاَ تَصِلُ إِلَيهِ . . . إِنَّ هَذا لَشَيءٌ عَجِيبٌ)(هود: 70 ـ 72) التي ذكرت القصّة ، وتفصيلها في التفاسير ، وتعميماً للفائدة نلخّص ما جاء في إحداها ، ذكر صاحب الميزان أعلى الله مقامه أنّ الرسل هم الملائكة ، وظاهر السياق أنّ البشرى التي جاءت بها الرسل إبراهيم أنّها البشارة بإسحاق ، فتسالموا هم وإبراهيم ، ثمّ قدّم إليهم عجلاً مشويّاً فلم يأكلوا منه ، وذلك أمارة الشرّ ، فقالوا: (لاَ تَخَفْ إِنَّا اُرْسِلنَا إِلى قَوْمِ لُوط) فعلم أنّهم من الملائكة الكرام المنزّهين عن الأكل والشرب ، وبينما كان يكلِّمهم ويكلِّمونه في أمر الطعام وامرأته قائمة هناك تنظر إلى ما يجري بين إبراهيم وضيفيه وما كان يخطر ببالها شيء دون ذلك ، ففاجأها الحيض فبشّرتها الملائكة أنّها ستلد إسحاق ، وإسحاق سيولد له يعقوب ولد بعد ولد ، فعجبت واستنكرت ذلك فقالوا لها: (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ)  . . . (الميزان في تفسير القرآن 10 : 332 ـ 337) .

(الصفحة 129)

فهل يصحّ أن نصرف المقصود من «أهل البيت» في هذه الآية إلى أهل القبلة أو زوجات إبراهيم(عليه السلام) أو أقربائه؟ من المقطوع به أنّ الجواب منفيّ . إنّ فصول القصة وتوالي أحداثها لممّا يقتضي هذا التعبير ويفرض استعمال مثل هذا الإطلاق ، فدخول الرسولين على شكل ضيفين وامتناعهما عن الأكل ، والخوف الذي انبعث في قلوب أهل البيت وأصحاب الدار من هذا الموقف ثم انكشاف العلّة في ذلك وكونهما من الملائكة جعل من هذا التعبير أفضل اسلوب وألطف وأبلغ عبارة لنقل بشارة البارئ تعالى لإبراهيم وسارة من خلال نسبته للدار والبيت الذي يأويان إليه لاستراحتهما .
5 ـ هناك شواهد من الأحاديث الشريفة تثبت المدّعى:
أ ) في رواية أحمد بن حنبل أنّ اُمّ سلمة قالت: كان النبيّ(صلى الله عليه وآله)في بيتي وكنت اُصلّي في مخدعي إذ نزلت آية التطهير ، فأدخلتُ رأسي في البيت فقلتُ: وأنا معكم يارسول الله؟(1) ويتّضح من هذا المقطع من الرواية أنّ البيت كان فيه مخدع ، وأنّ اُمّ سلمة كانت منشغلة فيه بالعبادة
  • (1) المسند لأحمد بن حنبل 10: 177 ح26570 ، تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3: 492 .

(الصفحة 130)

حين نزول الآية ، فأطلّت برأسها من المخدع وسألت انضمامها وشمولها بالعناية الإلهية . وهذا يعني أنّ أمّ سلمة انتزعت من عبارة «أهل البيت» في الآية أنّ المجتمعين تحت ذلك السقف حظوا بالمكرمة ، فأرادت غيضاً من فيض ، فأطلّت برأسها وسألت النبيّ(صلى الله عليه وآله) : وأنا معكم؟ فإن لم تكن آية التطهير تشمل كلّ من كان في ذلك البيت ، وتحت ذلك السقف ما كانت أمّ سلمة لتطمع وتطمح في أن تشملها الآية هي أيضاً . إذن كلمة «البيت» في الرواية تُعدّ قرينة على أنّ المراد من «أهل البيت» في الآية هو عنوان أهل البيت المجتمعين في دار اُمّ سلمة والمتواجدين تحت ذلك السقف(1) .
ب ) جاء في رواية ابن جرير أنّ اُمّ سلمة قالت: «وأنا جالسة على باب البيت فقلت أنا: يارسول الله ألست من أهل البيت؟» (2) ترى لِمَ كان سؤال اُمّ سلمة هذا؟ هل كانت في شكّ من كونها إحدى زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله)؟! كلاّ بطبيعة الحال ، ولكن وجه الاستفهام في سؤال اُمّ سلمة يفهم من كلامها ـ رضي الله عنها ـ حيث قالت: وأنا جالسة على باب البيت فقلت: يارسول الله أَلست من أهل البيت؟» تعني الساكنين والمجتمعين في تلك الدار وتحت سقف واحد .
وعلى هذا الأساس فهمت اُمّ سلمة ـ رضي الله عنها ـ من كلمة «أهل البيت» هذه المجموعة المتواجدة تحت غطاء واحد . وبما أنّها كانت قريبة
  • (1) راجع المراد من مصطلح «العنوان المشير» الذي جاء توضيحه في الصفحة 15 هامش 1 ، وسيأتي لاحقاً تفصيله .
  • (2) جامع البيان في تفسير القرآن لابن جرير الطبري 22: 7 ، تفسير ابن كثير 3: 493 .