جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 111)

المعنى الذي يريد ، وإذا ما اعترضته آية لا توافقه راح يحتال بكلّ حيلة ويتعسّف في تأويلها وتفنيد مدلولها حتّى يتحقّق مطلوبه! إنّ لهذه المسألة أهمّية كبيرة في فهم الأهداف القرآنية السامية ، وعلى المفسِّر أن ينصاع ويتوافق مع المقاصد القرآنية لا أن يتلاعب في المعاني ويقلبها حتّى يبلغ مراده هو .
وعلى كلّ حال وبالنظر لما سبق ، يظهر بما لا يقبل الشكّ أنّ الإرادة في آية التطهير ـ بناءً على الظهور النوعي ـ هي إرادة تكوينية ، وهي لطف إلهي خصّ به فريق «أهل البيت»(عليهم السلام) من عائلة النبيّ(صلى الله عليه وآله)بهدف إعداد هذه الثلّة لدور حفظ الدين وقيادة المسلمين ، وما يشكّل امتداد خطّ الهدى بعد وفاة النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وهذا المعنى والرأي موافق لظاهر الآية ولا يستلزم أيّ تأويل وتعسّف .

الإرادة التكوينية والجبر

ظنّ جماعة أنّ القول بالإرادة التكوينية يثير شبهة الجبر ولا يسمح بمعالجة مُقنعة لها ، فعندما تتعلّق إرادة الباري الأزلية بطهارة «أهل البيت»(عليهم السلام) ، فإنّ عصمتهم حتميّة ووقوع الذنب منهم محال عقلاً; لأنّ المراد لا يمكنه أن يتخلّف عن المريد (الله) ، إذن صدور المعاصي عن «أهل البيت»(عليهم السلام) غير ممكن بل ممتنع ، وهم مجبورون على الامتناع عن الذنب ، مسيّرون على الطاعة فلا فضل ولا فخر لهم!(1) .

  • (1) الإشكال لا يختصّ بهذا المورد (آية التطهير) فقط ، وإنّما يشمل جميع القضايا الأزليّة كاختيار الأنبياء ومنح الاستعدادات الأوّلية والكمالات الخلقية من جمال الهيئة وسلامة الحواس والفطنة والذكاء ، بل وصفاء الروح واعتدالها .

(الصفحة 112)

خروج من موضع الشبهة

لقد سلك العلماء وطوى المحقّقون طرقاً شتّى لمعالجة شبهة الجبر والتخلّص من هذا الإشكال العويص(1) ، ونحن يمكننا هنا اللجوء إلى اتجاه آخر في البحث هو إخراج الآية من مورد الشبهة أصلاً ، وهو ما يغنينا عن ولوج مسألة الجبر وتخريجاتها ، وبشيء من التدقيق في مفاد الآية الشريفة نرى أن لا وجود للشبهة حتّى نبحث عن مخرج لها!

  • (1) نشير باختصار إلى بعض الردود والحلول التي يطرحها علماؤنا لهذه الشبهة:
  • منها: أنّ الله اطّلع في علمه فرأى عبادتهم وخلوصهم وكمالهم ، ووقف بعلمه على ما سيبلغونه من مراتب القرب فخلع عليهم العصمة ، فهي إذن عن جدارة واستحقاق ، ولمقابل قاموا بأدائه (في علم الله) . ومنها: أنّ الأمر منوط الظرف والوعاء ، من حيث إنّ مبدأ الحقّ فيّاض والخير متدفّق منه غير منقطع ، وإنّما يغترف كلٌّ على قدر إنائه ووعائه ، وما يحصّلون عليه من عصمة وعلم وكرامة و . . . إنّما اغترفوه من بحر جود الباري عزّوجلّ ، واستحوذوا عليه لسموّهم وعلوّ هممهم ولم يكن الخالق ليبخل على أحد ، فقد وهب الله العصمة للجميع ولكن من تلقاها هم الأئمّة والأنبياء(عليهم السلام)فقط ، إذن هو نتيجة سعي ووفق أساس لا يخدش العدالة الإلهية ولا يناله الجبر . ومن الآراء في هذا الباب ، أنّهم صلوات الله عليهم كانوا قبل قانون العمل والمجازاة ، حيث كانوا ولم يكن شيء ، وقد تواترت الروايات في هذا المعنى (من قبيل ما جاء في الزيارة الرجبية والزيارة الجامعة الكبيرة) ، وما قام عليه الدليل الفلسفي من أنّهم العقل والفيض الأوّل حيث الفضل للمقام لا العمل ، فكمالات العصمة والعلم والولاية من مستلزمات ذلك المقام ومقتضياته ، فهم التجلّي التام لله ولابدّ للمرآة التي يتجلّى الله فيها أن تكون صفاءً تامّاً وطهراً كاملاً خالية من أيّ كدر للمعصية ، وإلاّ لفقدت صلاحيتها كمجال للتجلّي الإلهي ، وهناك وجوه ومعالجات اُخرى .

(الصفحة 113)

بماذا تتعلّق إرادة الحقّ تعالى في الآية الكريمة؟ إذا كان متعلّق الإرادة هو «إبعاد» الرجس والذنب عن «أهل البيت»(عليهم السلام) لا منعهم عن ارتكابه والوقوع فيه هل يبقى لشبهة الجبر محلّ؟ إذا كان مفاد الآية هو أنّ الباري أراد إضفاء الحصانة من الذنوب على «أهل البيت»(عليهم السلام)وأنّه تعالى متولّي هذا الأمر والقائم على تحقيقه لكان للشبهة محلّ ، ولكن بشيء من التأمّل في الآية نرى أنّ القرآن الكريم يقول: {يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ} .
إنّ إعراب كلمة «ليُذهب» هو مفعول به ، وهي ذاتها التي جاءت في آيات اُخرى تارةً محلاّة بـ «اللام» وتارةً بـ «أنْ» ، على سبيل المثال ، فقد جاءت في سورة التوبة: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}(1) ، وفي السورة نفسها: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا}(2) ، وبملاحظة الآيتين يتبيّن أنّ «اللام» في الآية الاُولى ليست للغاية بل هي بمعنى «أنْ» ، التي جاءت في الآية الثانية ، ولا ترديد في أنّ {أنْ يُعذّبهم} في الآية الثانية هي مفعول به للفعل «يريد» (على التأويل بالمصدر ، أي: يريد عذابهم) .
وهكذا في مواضع اُخرى من القرآن الكريم: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}(3) ، ومن هذا القبيل الآية: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}(4) ، ونستنبط من هذا التفاوت في التعبير اتحاد المعنى بين
  • (1) التوبة : 55  .
  • (2) التوبة : 85  .
  • (3) الصف : 8  .
  • (4) التوبة : 32  .

(الصفحة 114)

«اللام» و«أن» في مثل هذه الموارد ، وبالنتيجة هو مفعول به للفعل «يريد الله» .
وبهذا البيان اتّضح أنّ متعلّق الإرادة في آية التطهير هو الإذهاب المراد به الإبعاد ، أي أنّ الله أراد إبعاد الرجس عن «أهل البيت»(عليهم السلام) ، بمعنى إيجاد فاصل بينهم وبين المعاصي والأرجاس ، إذن التدخّل الإلهي كان من هذه الزاوية فقط ، تدخّل يوجد مسافة تفصل بين المعاصي و«أهل البيت»(عليهم السلام) ، فلا تدنو منهم المعاصي ولا تقربهم الأرجاس . على هذا فإنّ إرادة الباري لم تنعقد على عدم فعلهم الذنوب بل على إيجاد المسافة الفاصلة التي تنزّههم وتبعِّدهم عن الذنوب .
والوضع المقابل لهذه الحالة هو وجود قرب بين بعض الأشخاص وبين المعاصي والذنوب ، هناك اُناس يقفون دائماً على أعتاب المعاصي والأرجاس ، وهذا الموقف وهذه الحالة هي مدخل التعاسة ومبعث الشقاء ، من هنا فإنّ القرآن ينهى عن الاقتراب من الذنوب حيث لا يعود ثمّة فاصل بين الاقتراب من الذنب واقترافه! وذلك في قوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}(1) .
إذن فمفاد آية التطهير هو إبعاد الرجس عن «أهل البيت»(عليهم السلام)(وسيأتي معنى الرجس) ، ولا يخلو ـ بطبيعة الحال ـ هذا «الإبعاد» من عناية ولطف إلهي اختصّ به هؤلاء صلوات الله عليهم ، ولكنّه لا يعني بأيّ حال من الأحوال سلبهم الإرادة والاختيار وعدم صدور المعصية عنهم جبراً ، إنّ الفصل بين الإنسان والذنب ليس جبراً بل هو توفيق ،
  • (1) الأنعام : 151  .

(الصفحة 115)

ولم يشمل الباري تعالى الجميع بخاصّة عنايته ومخصوص لطفه ، إنّه توفيق وفضل إلهي لا يؤتيه الله إلاّ من يشاء ولا يلقّاه إلاّ ذو حظّ عظيم .
لقد مضت البُنية والحركة الاجتماعية لبعض الأفراد على نحو جعل حياتهم أقرب ما تكون لأجواء المعصية وفي معرض الفساد ومتناوله ، فيعيشون إلى جوار الخمارات وفي أوساط تعجّ بدور اللهو والرذيلة ، حقّاً إنّه لسوء توفيق وتعاسة تلازم عالم ومجتمعات اليوم حيث يعيش الناس في بيئة فاسدة ومحيط يغطّ بالفسق والفجور ، ولكنّنا نجد أنّ في وسط هذا العالم المضطرب العاصف بالفساد مَنْ منَّ الله عليه ولطف به ففصل بينه وبين هذا الخضم المتلاطم ونجّاه من الوقوع في المعاصي ، لاشكّ في أنّ هؤلاء مشمولون بلطف وعناية إلهية خاصّة ، وهكذا «أهل البيت»(عليهم السلام) الذين شملتهم بلطف الرحمن ـ جلّ وعلا ـ أعظم عناية بظهور فاصل أبدي بينهم وبين مطلق الرجس ، فانصرفوا عن توافه الأمور وأصبح بينهم وبين المعاصي بون شاسع لا تطويه ملايين الفراسخ ، فلا يتلوّثون بالذنوب ولا تنالهم المعاصي ، ولكن هذه الطهارة عن الذنب ليست أمراً قهرياً اُجبر عليه «أهل البيت»(عليهم السلام) ، بل لما كانت أرواحهم السامية تسبح في بحر الفضيلة والطاعة بعيداً عن المعاصي والذنوب ، فإنّ المعاصي والذنوب ـ المُبعدة والمنفية ـ لا تجد سبيلاً ولا تعثر على منفذ وملمز يمكنها من اختراق الحُجب الفاصلة بينها وبين تلك الأرواح الطاهرة ، فلا يعتري ضمائرهم شيء من شوائب الأرجاس وكدر المعاصي!
على هذا فإنّ دور الإرادة الإلهية كان مجرّد إيجاد الفاصل بين