جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 154)

التي صدّرنا بها البحث ، فقلنا: إنّها ناظرة إلى دور نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)والمنهج الذي عليهنّ اتّباعه من لزوم الخدر والحجاب ، والبقاء في البيت بعيداً عن القضايا السياسية والاجتماعية ، وهكذا عرضنا لخصوصيّتهن بلحاظ الأجر المضاعف الذي ينتظر المحسنة منهنّ ، والعذاب والعقوبة المضاعفة التي اُعدّت للمسيئة منهنّ ممّا صرّحت به الآية: {لَسْتُنَّ كَأَحَد مِنَ النِّسَاءِ}(1) .
من هنا فإنّ البحث تعلّق بزوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) دون غيرهنّ من النساء ، أمّا بخصوص دور المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية الإسلامية فهذا ما لم نتعرّض له ، وهو بحث مستقلّ خارج عن نطاق الكتاب ولا تتحمّله هذه العجالة .

ماذا عن الزهراء(عليها السلام) ، ودورها وموقعها ؟

وهنا نختم البحث بسؤال يطرح نفسه: إنّ آية التطهير تحدّثت عن خمسة أشخاص من أولياء الله ، اتّخذهم الله وأعدّهم وهيّأهم بالعلم والعصمة والتطهير ورشّحهم لمقام قيادة المسلمين وإمامتهم ، وإنّ موضوع بحث الآية هم «أهل البيت»(عليهم السلام) ، وهم خمسة أشخاص ، والسيّدة الزهراء صلوات الله عليها وحيدة أبيها وعزيزته هي من هؤلاء الخمسة ، فهل كان لها أن تشارك في أعمال الدولة الإسلامية وشؤون إمامة المسلمين وأن تتولّى زعامتهم؟

  • (1) الأحزاب : 32  .

(الصفحة 155)

الجواب :

يبدو أنّ السؤال ما كان ليُثار لو أنّ التدقيق التامّ كان قد اُعمل في البحوث السابقة ، إنّ الدراسة لم تطرح ولم تدّع وجود دلالة مطابقية(1) بين آية التطهير ولزوم القيادة والزعامة لهذه الثلّة المباركة(عليهم السلام) ، بل أنّنا فهمنا من معاني تعابير: الإرادة ، الرجس ، التطهير ، التي وردت في الآية ، أنّ هناك مشيئة ربّانية في انبعاث وظهور نماذج بشرية خاصّة تتمتّع بمواصفات وخصائص متميّزة ، كالعصمة والطهارة وسعة الصدر والعلم ، فصّل الله بينهم وبين الأرجاس والرذائل ، ثم حلّلنا القضيّة على أنّ إرادة البارئ لا تتعلّق بمثل هذا الأمر جزافاً ، فلابدّ من حكمة ومصلحة عُليا ، ورأينا أنّ ذلك لحفظ الإسلام من التحريف والتزييف وصَون تعاليمه وأحكامه عن التشويه واللبس ، وأنّ ذلك لا يكون إلاّ عن طريق اُناس يتمتّعون بصفات ومواهب خاصّة ، يجب أن يكون لهم مقام الصدارة وتُسلّم إليهم مقاليد الزعامة لتأدية هذا الدور .
ولم نقل على أيّ نحو: إنّ آية التطهير من أدلّة إمامة «أهل البيت»(عليهم السلام) بالمفهوم المطابقي حتّى يكون كلّ فرد ممّن ذُكر في الآية مُرشحاً للإمامة ومندوباً للزعامة في مستقبل الإسلام ، بل كانت الدعوى أنّ مفاد الآية الكريمة يتناسب ومنصب الزعامة والإمامة ، من
  • (1) الدلالة المطابقية أو التطابقية: أن يدلّ اللفظ أو العنوان على تمام معناه الموضوع له ويطابقه، كدلالة لفظ الكتاب على تمام معناه، فيدخل فيه جميع أوراقه وما فيه من نقوش وغلاف. وليس الفرض في البحث أنّ آية التطهير لها دلالة على نحو المطابقة مع موضوع الإمامة... .

(الصفحة 156)

باب أنّ تحلّي تلك الثلّة بكلّ هذه الكمالات لا يصحّ أن يخلو من حكمة وعلّة ترتبط بالإسلام ومسيرته ومستقبله ، ودون أن تنعكس هذه الهبات والعطايا الإلهية الجزيلة لـ «أهل البيت»(عليهم السلام) على عموم المسلمين وعلى المجتمع الإسلامي ككلّ ، فكان ممّا استفدناه أنّ مسألة الإمامة والقيادة أحد معطيات هذه الآية الكريمة .
ولكن هل يفترض في عائلة كاملة طهّرت ومُلئت علماً وفضيلةً في سبيل خدمة الدين وحفظ الإسلام ، أن يكون جميع أفراد هذه الاُسرة زعماء وقادة ، أم أنّ الفرض الصحيح في هكذا حالة أن تكون الاُسرة ككلّ مشتركة في حفظ الدين ومصير الإسلام ، مع انفراد كلّ عضو بواجب مستقلّ يتناسب ويُلائم وضعه وحاله؟
إذن علينا أن نتبيّن الدور والمسؤولية الملقاة على عاتق كلّ من هؤلاء الخمسة(عليهم السلام)  .
إذا كان البارئ تعالى يريد لكلّ فرد من هذه الاُسرة العظيمة المكوّنة من زوجين وابنين ـ أمّا النبيّ(صلى الله عليه وآله) فقد كان يقضي الأيّام الأخيرة لعهده وزعامته ، إذ نزلت آية التطهير في أواخر حياته الشريفة(صلى الله عليه وآله) ـ دوراً معيّناً وألقى على عاتقهم مسؤولية خاصّة لحفظ الدين ، ووهبهم تلك الصفات والخصائص في سبيل تنفيذها وتمكينهم من حسن أدائها ، فإنّ دور الأب والابنين تحدّد واتّضح: القيادة والإمامة ، كلّ في عصره وزمانه ، وقد ذكروا هذا الأمر وأشاروا إليه بأنفسهم في أحاديثهم استدلالاً بالآية الشريفة ، وبقيت مهمّة هذه المرأة العظيمة والدور الملقى على عاتقها .
إنّ دور الزهراء(عليها السلام) قد أفرزته وصنّفته الآية الكريمة أيضاً ، فتوزيع
(الصفحة 157)

الأدوار وتقسيم المسؤوليات الذي يجعل من الزوج والأبناء أئمّة وقادة للدين يفرض على الزوجة والاُمّ دوراً متناسباً مع هذا الوضع ، فالأسرة التي يجب أن يكون ربّها زعيماً والأولاد كذلك كلّ في عهده ، يجب أن تتّحدّد مسؤولية سيّدة تلك الاُسرة وربّة ذلك البيت ـ التي تتمتّع بنفس الفضائل والكمالات ـ بإعداد أبنائها للدور المنتظر ، والوقوف خلف الزوج والتعاون معه وتوفير الأجواء الروحية والنفسية التي يتطلّبها النهوض بذلك الدور .
فاطمة هي اُمّ أئمّة الهدى الذين هم الآيات الربانية العظمى التي تتحلّى بأعلى الكمالات البشرية وتتمتّع بقمّة المعنويات الإلهية ، والمفترض أن يحافظوا على هذه المراتب إلى الأبد ، فلابدّ من درع واقية تحافظ عليهم وتشكّل الحماية الطبيعية لهم ، فكانت اُمّهم الزهراء صلوات الله عليها .
فاطمة(عليها السلام) هي زوج عليّ(عليه السلام) ، زعيم الإسلام وإمام المسلمين الأوّل ، ولابدّ من سنخيّة وتقارب في الرتبة المعنوية والروحية بين الزوجين; لتكون الاسرة ناجحة وتتمكّن من العيش السليم وأداء الدور الربّاني والمسؤولية الرسالية على أكمل وجه ، من هنا كانت الطهارة والعصمة وما خلع الله على الزهراء(عليها السلام) من كمال ، ضرورة طبيعية لنصرة الدين وتحقيق أهداف الخلافة الإلهية الممتدّة في ذراريها(1) .

  • (1) من الواضح أن الكاتب ليس في معرض بيان مقامات أهل البيت(عليهم السلام) والبحث في مراتبهم ، وأنّه يتناول الأمر على طريقة الاُصوليين في القول بحجّية أقوال المعصومين(عليهم السلام) ، وقد دخله مدخل الكلاميين في ضرورة العصمة للحجّة ، وعموماً ،

(الصفحة 158)


فهو يسعى لطرح يوفر معالجة عقلية للقضية ، أمّا ما يتعلّق بمقامات هذه الأنوار وحقيقة مراتبهم فتجدها في روايات «أهل البيت»(عليهم السلام) التي تخلو من إشارة للتعليل المذكور هنا ، أو تعليق حصول الزهراء(عليها السلام) ، وهكذا بقيّة الأئمّة(عليهم السلام)على المقامات المعنوية لرسالة سينهضون بها ، أو دور سيُناط بهم ، بل هي من متعلّقات ذواتهم وضرورات وجودهم .
وللتبرّك بكلامهم وللمزيد من النورانية في معرفتهم نذكر بعض الأحاديث الشريفة ، من ذلك ما روي مرفوعاً إلى سلمان الفارسي ، قال: كنت جالساً عند النبيّ(صلى الله عليه وآله)في المسجد ، إذ دخل العبّاس بن عبد المطّلب فسلّم فردّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)السلام ورحّب به ، فقال: يارسول الله بِمَ فضّل الله علينا عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)والمعادن واحدة؟
فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): إذن اُخبرك ياعمّ: إنّ الله خلقني وخلق عليّاً ولا سماء ولا أرض ، ولا جنّة ولا نار ، ولا لوح ولا قلم ، فلمّا أراد الله عزّوجلّ بدو خلقنا تكلّم بكلمة فكانت نوراً ، ثمّ تكلّم بكلمة ثانية فكانت روحاً ، فمزج فيما بينهما واعتدلا فخلقني وعليّاً منهما ، ثم فتق من نوري نورَ العرش ، فأنا أجلّ من العرش ، ثم فتق من نور علي(عليه السلام) نورَ السماوات ، فعليّ أجلّ من السماوات ، ثم فتق من نور الحسن(عليه السلام) نورَ الشمس ومن نور الحسين(عليه السلام)نورَ القمر ، فهما أجلّ من الشمس والقمر ، وكانت الملائكة تسبِّح الله تعالى وتقدّسه وتقول في تسبيحها: سبّوحٌ قدّوس من أنوار ما أكرمها على الله تعالى .
فلمّا أراد الله أن يبلو الملائكة أرسل عليهم سحاباً من ظلمة ، وكانت الملائكة لا تنظر أوّلها من آخرها ولا آخرها من أوّلها ، فقالت الملائكة: إلهنا وسيّدنا منذ خلقتنا ما رأينا مثل ما نحن فيه ، فنسألك بحقّ هذه الأنوار إلاّ ما كشفت عنّا .
فقال الله عزّوجلّ: وعزّتي وجلالي لأفعلنّ ، فخلق نور فاطمة(عليها السلام) يومئذ كالقنديل ، وعلّقه في قرط العرش ، فزهرت السماوات السبع والأرضون السبع ، من أجل ذلك سُمّيت فاطمة الزهراء . وكانت الملائكة تسبِّح الله وتقدّسه ، فقال الله عزّوجلّ: وعزّتي وجلالي لأجعلنّ ثواب تسبيحكم وتقديسكم إلى يوم القيامة لمحبّي هذه المرأة وأبيها وبعلها وبنيها .