جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 108)

إذهاب العطش بشرط شرب المخاطبين الماء لا الإذهاب مطلقاً . فمفاد التركيب في المثال تحقّق إذهاب العطش بعد شرب الماء ، وفيما نحن فيه إذهاب الرجس والتطهير بعد الانتهاء والائتمار; لأنّ المراد الإذهاب المذكور بشرطهما ، فهو متحقّق الوقوع بعد تحقّق الشرط وتحقّقه غير معلوم ، إذ هو أمر اختياري وليس متعلّق الإرادة»(1) .

جواب موجز :

1 ـ إنّ الاعتراف بكون «الإرادة» من القسم التكويني ، ثمّ تعليق ذلك على شرط الطاعة في الأوامر والنواهي هو تراجع وعدول عن هذا الإقرار والاعتراف ، وبعبارة اُخرى: فإنّ فرض تلازم بين الإرادة التكوينية والطاعة هو بمثابة تحايل على القول بالإرادة التكوينية ، ويُعدّ تقريراً وإمضاءً ضمنياً بأنّ الإرادة في الآية هي إرادة تشريعية ، إذ إنّ المعنى ـ بلحاظ ذلك الشرط ـ يغدو: إنّ الله كلّفكم بأوامر ونواه وتعلّقت إرادته في تطهيركم على عملكم بتلك التكاليف تماماً ، كما تتعلّق إرادة الله في سمو الإنسان وتكامله الروحي على أداء الصلاة ، فـ «الصلاة معراج المؤمن»(2) . إذن فالباري تعالى أراد «لأهل البيت»(عليهم السلام) الامتثال لأوامره ونواهيه حتّى يطهّرهم ، كما أراد للإنسان أن يصلّي حتّى يعرج إليه ، ولعمري هل تعني الإرادة التشريعيّة غير هذا؟! بناءً على ذلك فإنّ
  • (1) روح المعاني في تفسير القرآن 22 : 19  .
  • (2) بحار الأنوار 82 : 248 ح1 و ص 303 ح2  .

(الصفحة 109)

لازم تلك الملازمة عدول الآلوسي عن القول بأنّ «الإرادة» في آية التطهير تكوينيّة .
2 ـ تكرّر القول بأنّ آية التطهير جاءت بين الآيات على نحو الجملة الاعتراضية ، ومعنى ذلك أنّها أجنبية وغريبة عمّا سبقها ولحقها من الآيات ، وأثبتنا أنّ هذا من الصور البلاغية التي لها عدّة أمثلة في القرآن الكريم ، على هذا فإنّ الجملة الخارجية لا يمكنها أن تكون تعليلاً وشرطاً للآيات التي تكفّلت الأوامر والنواهي . وقد أجبنا بالتفصيل آنفاً على ما قد يثيره الآلوسي وأضرابه هنا من شُبهة مناسبة التدوين وإقحام آية التطهير في هذا الموضع ، ولا داعي لتكرار القول بأنّ الآيات قسّمت عائلة النبيّ(صلى الله عليه وآله) إلى فريقين ولم يكن أنسب من هذا الموضع لبيان الفرق واستثناء «أهل البيت»(عليهم السلام) من مظانّ الانحراف والعصيان ، وما اُثير من احتمالاته بحقّ زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) لقطع الطريق على المغرضين من خلال دفع هذا الوهم ، فأهل البيت(عليهم السلام) ليسوا كزوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، ولا تنبغي ولا تصحّ المقارنة بينهما ، ولم يكن أفضل من هذا الموضع لهذه الآية حتّى تؤدّي ذلك الدور .
3 ـ إذا افترضنا الملازمة وقلنا: إنّما تتحقّق إرادة الباري في تطهير «أهل البيت»(عليهم السلام) عند امتثالهم لأوامر الله ونواهيه ، فإنّ ذلك ينفي ويلغي أيّ امتياز وفضيلة تقرّرها الآية لهم (ومن المتّفق عليه بين الجميع أنّ الآية تشكّل فضيلة ومنقبة خاصّة «لأهل البيت»(عليهم السلام); لأنّ القاعدة سارية على جميع المسلمين ، فإذا ما أطاعوا الله فإنّ النتيجة ستشملهم . وهل من الممكن أن يلازم التقوى مسلم ويطيع رسول الله(صلى الله عليه وآله) ويتجنّب القبائح ثمّ لا يكون محلاًّ لعناية الله تعالى ، ولا يتطهّر ويبقى ملوّثاً
(الصفحة 110)

بالأرجاس؟! هل يصحّ حصر نتيجة تلك المقدّمة في «أهل البيت»(عليهم السلام)فقط بحيث لو كانوا كذلك لأصبحوا هكذا؟! ألا يشكِّل هذا حالة من التفرقة وعدم المساواة؟ ألا يخلّ بالموضوعية والعدالة التي تفترض انطلاق الجميع في طريق السلوك والرقي الروحي من نقطة بدء واحدة ، وتتاح لهم الفرصة على السواء بما يمكنهم نيل الأجر والرحمة واللطف الإلهي على قدر السعي والإخلاص؟ ألا يعني هذا أنّ الإسلام لا يفسح مجال التكامل وأسباب نيل السعادة وكسب الرضوان الإلهي أمام الجميع على السواء؟!
وإذا قال الآلوسي: إنّ الوجه الذي تميّز به «أهل البيت»(عليهم السلام)هو أنّ الله سبحانه اختصّهم بالمزيد من العناية والاهتمام في قبول أعمالهم ، وأنّ آية التطهير تزيدهم أملاً وتفاؤلاً في قبول صالح أعمالهم ، ممّا لا يخدش بالمساواة ولا يثير الإشكال السابق .
فنقول في الردّ عليه: ما هو الدليل على هذا المدّعى ومن أيّ مواضع الآية الشريفة انتُزع هذا المعنى؟ ولعمري هل علينا أن نختلق ونتعسّف إلى هذا الحدّ لنبرّر أوهام ومدّعيات ما أنزل الله بها من سلطان؟ فأين الأمل والمزيد من التفاؤل في قبول الأعمال من التطهير وإذهاب الرجس؟! هل الآلوسي بصدد تفسير الآية واستخراج مدلولها أم أنّه يريد تلفيق وتركيب معنى ينطبق على رأيه ويتوافق مع ما توهمته مخيّلته؟!
إنّ البحث العلمي ، وخصوصاً في تفسير الآية القرآنية يقتضي الموضوعية والحياد ، بحيث يدخل المفسِّر البحث وهو خالي الذهن من قرار مسبق وعقيدة مُتبنّاة ، فينظر في الآيات إلى ما يؤيّد رأيه ويحمّلها
(الصفحة 111)

المعنى الذي يريد ، وإذا ما اعترضته آية لا توافقه راح يحتال بكلّ حيلة ويتعسّف في تأويلها وتفنيد مدلولها حتّى يتحقّق مطلوبه! إنّ لهذه المسألة أهمّية كبيرة في فهم الأهداف القرآنية السامية ، وعلى المفسِّر أن ينصاع ويتوافق مع المقاصد القرآنية لا أن يتلاعب في المعاني ويقلبها حتّى يبلغ مراده هو .
وعلى كلّ حال وبالنظر لما سبق ، يظهر بما لا يقبل الشكّ أنّ الإرادة في آية التطهير ـ بناءً على الظهور النوعي ـ هي إرادة تكوينية ، وهي لطف إلهي خصّ به فريق «أهل البيت»(عليهم السلام) من عائلة النبيّ(صلى الله عليه وآله)بهدف إعداد هذه الثلّة لدور حفظ الدين وقيادة المسلمين ، وما يشكّل امتداد خطّ الهدى بعد وفاة النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وهذا المعنى والرأي موافق لظاهر الآية ولا يستلزم أيّ تأويل وتعسّف .

الإرادة التكوينية والجبر

ظنّ جماعة أنّ القول بالإرادة التكوينية يثير شبهة الجبر ولا يسمح بمعالجة مُقنعة لها ، فعندما تتعلّق إرادة الباري الأزلية بطهارة «أهل البيت»(عليهم السلام) ، فإنّ عصمتهم حتميّة ووقوع الذنب منهم محال عقلاً; لأنّ المراد لا يمكنه أن يتخلّف عن المريد (الله) ، إذن صدور المعاصي عن «أهل البيت»(عليهم السلام) غير ممكن بل ممتنع ، وهم مجبورون على الامتناع عن الذنب ، مسيّرون على الطاعة فلا فضل ولا فخر لهم!(1) .

  • (1) الإشكال لا يختصّ بهذا المورد (آية التطهير) فقط ، وإنّما يشمل جميع القضايا الأزليّة كاختيار الأنبياء ومنح الاستعدادات الأوّلية والكمالات الخلقية من جمال الهيئة وسلامة الحواس والفطنة والذكاء ، بل وصفاء الروح واعتدالها .

(الصفحة 112)

خروج من موضع الشبهة

لقد سلك العلماء وطوى المحقّقون طرقاً شتّى لمعالجة شبهة الجبر والتخلّص من هذا الإشكال العويص(1) ، ونحن يمكننا هنا اللجوء إلى اتجاه آخر في البحث هو إخراج الآية من مورد الشبهة أصلاً ، وهو ما يغنينا عن ولوج مسألة الجبر وتخريجاتها ، وبشيء من التدقيق في مفاد الآية الشريفة نرى أن لا وجود للشبهة حتّى نبحث عن مخرج لها!

  • (1) نشير باختصار إلى بعض الردود والحلول التي يطرحها علماؤنا لهذه الشبهة:
  • منها: أنّ الله اطّلع في علمه فرأى عبادتهم وخلوصهم وكمالهم ، ووقف بعلمه على ما سيبلغونه من مراتب القرب فخلع عليهم العصمة ، فهي إذن عن جدارة واستحقاق ، ولمقابل قاموا بأدائه (في علم الله) . ومنها: أنّ الأمر منوط الظرف والوعاء ، من حيث إنّ مبدأ الحقّ فيّاض والخير متدفّق منه غير منقطع ، وإنّما يغترف كلٌّ على قدر إنائه ووعائه ، وما يحصّلون عليه من عصمة وعلم وكرامة و . . . إنّما اغترفوه من بحر جود الباري عزّوجلّ ، واستحوذوا عليه لسموّهم وعلوّ هممهم ولم يكن الخالق ليبخل على أحد ، فقد وهب الله العصمة للجميع ولكن من تلقاها هم الأئمّة والأنبياء(عليهم السلام)فقط ، إذن هو نتيجة سعي ووفق أساس لا يخدش العدالة الإلهية ولا يناله الجبر . ومن الآراء في هذا الباب ، أنّهم صلوات الله عليهم كانوا قبل قانون العمل والمجازاة ، حيث كانوا ولم يكن شيء ، وقد تواترت الروايات في هذا المعنى (من قبيل ما جاء في الزيارة الرجبية والزيارة الجامعة الكبيرة) ، وما قام عليه الدليل الفلسفي من أنّهم العقل والفيض الأوّل حيث الفضل للمقام لا العمل ، فكمالات العصمة والعلم والولاية من مستلزمات ذلك المقام ومقتضياته ، فهم التجلّي التام لله ولابدّ للمرآة التي يتجلّى الله فيها أن تكون صفاءً تامّاً وطهراً كاملاً خالية من أيّ كدر للمعصية ، وإلاّ لفقدت صلاحيتها كمجال للتجلّي الإلهي ، وهناك وجوه ومعالجات اُخرى .