جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 84)

كلّ هذا نزل بخصوصهنّ ، كان من الممكن أن يتوهّم البعض أنّ هذا يشمل جميع أقرباء النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وأنّهم جميعاً على هذه الشاكلة والنحو من الكفاءة والاستعداد والمنزلة والمقام . ولم يكن من سبيل لرفع هذا التوهّم ودفع هذا الاحتمال إلاّ بأن تُقحم جملة معترضة في وسط هذه الآيات على نحو الاستطراد ، لتبدو كأنّها عبارة مقتطعة وضعت بين قوسين لئلاّ يبقى أيّ هامش للاحتمال ، وهذا من شواهد البلاغة القرآنية التي تظهر في قدرته على نقل خطابه وتغيير مخاطبه بشكل مفاجئ وسريع ، ففي حين توجّه بالخطاب إلى فئة معيّنة (نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)) بالوعد والوعيد والتحذير من السقوط في المعصية والهوى ، ينتقل بتمام التأكيد وغاية الإتقان ليخاطب فئة اُخرى «أهل البيت»(عليهم السلام) ، وكأنّه يقول: كلاّ ، ليس الحال كذلك معكم أنتم ، ليست كلّ الأسرة من أصل واحد ، وليست نفوسهم من نسيج واحد ، لا ليس كذلك ، إنّما «أهل البيت»(عليهم السلام)مستثنون ، فقد طهّرهم الله من الدنس وعصمهم من الزلل .

حقائق كشفها البحث

1 ـ انتظام الآيات ، أي وجود ترابط بين آية التطهير وآيات نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)  .
2 ـ السرّ في وقوع آية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ . . .} في آخر الآيات وأنّ آية {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ} هي بمثابة ملحق بالبنود التي سجلتها الآيات السابقة لها .
3 ـ دلالة آية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ . . .} على انصباب العناية الإلهية الخاصة ، وتعلّق الرعاية الربانية على تنزيه وطهارة وعلوّ شأن ثلّة
(الصفحة 85)

خاصّة من أقرباء النبيّ(صلى الله عليه وآله) اُطلق عليهم «أهل البيت»(عليهم السلام) .
4 ـ وقوع الآية في نهاية تلك الآيات كان لدفع وهم قد يطرحه بعض من في قلوبهم مرض .

إشكال على الاستطراد :

إذا افترضنا أنّ آية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ  . . .} مثلها مثل بقيّة الآيات تخاطب جميع عائلة النبيّ(صلى الله عليه وآله) وأسرته من نساء وذريّة وصهر ، فلن يعكر سياق الكلام ووحدة الموضوع شيء وستجده منساباً على رؤية واحدة ، ولكن إذا قلنا: بأنّ المعنيين في آية التطهير هم فئة خاصّة من أسرة النبيّ(صلى الله عليه وآله) استُثنيت من عموم عائلته ، فهذا ممّا يلزمه الاستطراد (ويعني تخلّل عبارة خارجة عن كلام يحكي موضوعاً واحداً)(1) وحمل
  • (1) الاستطراد: هو أن يأخذ المتكلِّم في معنى ، وقبل أن يتمّه يأخذ في معنى آخر . ويسمّيه ابن المعتزّ «حُسن الخروج» ، وذلك كقول حسّان بن ثابت(1):
    إن كنت كاذبة الذي حدثتني فنجوت منجا الحارث بن هشام
    ترك الأحبّة أن يقاتل دونهم ونجا برأس طمرّة ولجام

    فقبل أن يأتي بجواب الشرط استطرد ، فأخذ يحكي ما فعله الحارث بن هشام ، وبعبارة أخرى: خرج من الغزل إلى هجاء الحارث بن هشام .
    والاستطراد أيضاً نوع من تجميل الكلام يتلخّص في إدخال مادّة لا تتصل بالموضوع إلاّ اتّصالاً غير مباشر ، وقد تكون وظيفتها الاستعطاف أو إثارة الغضب أو تفنيد حجج المعارضة . والاستطراد قد ينطوي على الاتهام أو النقد أو السخرية أو المدح أو إثارة الكبرياء أو أي موضوع آخر يستطيع أن يزيد اهتمام المستمعين أو يخفّف من قلقهم(2) .
(الصفحة 86)

عبارة ما على الاستطراد هو خلاف الظاهر ، إذ الظاهر أن يبدأ المتكلّم بالحديث حتّى ينهيه بانتهاء موضوعه دون أن يتخلّله كلام خارج الموضوع الذي شرع فيه ، وإلاّ لخدش ذلك بفصاحته وبلاغته . من هنا (يزعم أرباب الإشكال) فإنّ عدم اعتبار آية التطهير مخاطبة لعامّة أسرة النبيّ(صلى الله عليه وآله) يجعلها عبارة وجملة غريبة تخلّ بوحدة الموضوع وتناسق النصّ وانسجامه ، ولما كان القرآن الكريم في غاية البلاغة وقمّة الفصاحة فإنّه لا يمكن الجزم بأنّ آية التطهير لا تشمل جميع أفراد اُسرة النبيّ(صلى الله عليه وآله) لما يشكله فرض الاستطراد من مسّ وخدش بالكمال الأدبي والتمام البلاغي للنص ، وهو مبنى إشكال غالبية محقّقي العامّة وعلمائهم في دلالة الآية وزعمهم شمولها النساء .

ردّ الإشكال :

فضلاً عمّا ذكرناه سابقاً وأثبته التحقيق من أنّ الخطاب في هذه الآية خاصّ ، ولا يصحّ ولا يعقل إلاّ أن يكون موجّهاً لنفر معدود معيّن ، وما اعتبرناه من كونها استطراداً جاء في محلّه ومناسبته لرفع الاحتمال ودفع الوهم ، نقول: إنّ دخول الجملة الاعتراضية في الكلام لا يخدش ببلاغته ، وإذا ما تسالمنا وأذعنا أنّ القرآن الكريم غاية في البلاغة والفصاحة ، فها هي بعض الشواهد التي تُقرّ هذا الاستعمال الأدبي وتحسّنه ولا تراه مخلاًّ وخادشاً بتمام البلاغة والفصاحة:

  • (1) ديوان حسّان بن ثابت: 215 .
    (2) معجم المصطلحات في اللغة والأدب/ مجدي وهبة ـ كامل المهندس ص18 .

(الصفحة 87)

1 ـ {فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُر قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ* يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنْ الْخَاطِئِينَ}(1) في هذا النصّ القرآني نجد أنّ الحديث يبدأ حول مكر النساء وينتهي بذكر ذنب زليخا وخطيئتها ، وقد تخلّلته جملة اعتراضية هي {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} .
2 ـ {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ* وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّة فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ }(2) ونلاحظ هنا أنّ بداية الكلام ونهايته لبلقيس ، وبين تسلسل حديثها جاء كلام الله على نحو الجملة المعترضة {كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} .
3 ـ {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِىَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الاَْنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَمَا اللهُ بِغَافِل عَمَّا تَعْمَلُونَ* أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ* وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْض قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}(3) بدأ الكلام في هذه الآيات الشريفة ببيان نفسيّة اليهود وروحيتهم وعنادهم وقسوتهم ،
  • (1) يوسف : 28 ـ 29  .
  • (2) النمل: 34 ـ 35  .
  • (3) البقرة: 73 ـ 75  .

(الصفحة 88)

وختم ببيان زيفهم وحالة الملامة والتوبيخ المتبادلة بين أفرادهم ، ولكن بين مثل هذه البداية والخاتمة نرى عبارة (كأنّها بين قوسين) جاءت كتذكرة للمسلمين: أن لا تأملوا أبداً في إيمان هؤلاء واقطعوا الرجاء في ذلك . إذن فالقرآن الذي ينصب جزء من إعجازه على البُعد البلاغي فيه عمد إلى الاستطراد في كثير من المواضع بأن بدأ حديثاً وختمه في موضوع واحد في حين تخلّلته عبارات وجمل خارج الموضع وغريبة عنه ، ويكفينا ذكر هذه الشواهد الثلاثة ، ولننتقل للبحث في علل الاستطراد وأسبابه .

حول الاستطراد :

يُعدّ الاستطراد من الأساليب البلاغية المتداولة في الكتابة ، المعمول بها في الخطابة والتحدّث ، وهو إدراج عبارة أو إقحام جملة في موضوع غريب عنها أو لا يندمج فيها كلّ الاندماج ، ويهدف إلى التأكيد على تلك الجملة وإلفات النظر إليها ، بحيث ما كان لها هذا البريق والوقع على القارئ أو المستمع لو لم تكن نافرة عن سياق غريب عنها ، وهكذا قد يُراد بالاستطراد تأكيد المعنى فيؤتى بالجملة المقتطعة في وسط الحديث الغريب عنها ترسيخاً له وإمعاناً في بيانه . وممّا لا شكّ فيه أنّ آية التطهير الشريفة {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ . . .} هي من هذا القبيل ، الذي يلجأ إليه المتحدِّث بهدف إلفات النظر إليه وتركيزه في الأذهان وبقائه في الذاكرة لأهمّيته وخصوصيّته . ففي سياق يلفّه الوعد والوعيد لزوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، ويحفّه إثارة إمكان انحرافهنّ وسقوطهنّ في المعصية والتمرّد على الرسول(صلى الله عليه وآله) ، كانت ذهنية المستمع ستخلط ـ على الأكثر ـ وتحتمل