جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 25)

رأي اُمّ سلمة :

لابدّ لنا قبل عرض رأي هذه المرأة الصالحة في هذه القضية الحسّاسة من نقل بعض صفاتها وخصائصها دفعاً لأيّ وهم قد
يخدش بموضوعيتها في تبنّي رأيها من الآيات ومن هذه القضية ، ولا  يحمل الرغبة التي أبدتها في قصّة حديث الكساء محمل الهوى
ورغبات النساء .
بعد اُمّ المؤمنين خديجة الكبرى(عليها السلام) تأتي أمّ سلمة رضوان الله عليها على رأس قائمة النساء اللآتي كنّ يلقن زوجات للنبي(صلى الله عليه وآله) ،
لقد كانت أكثرهنّ أمانة حتّى إنّها استُودعت أمانات وودائع الإمامة ، وقد روي عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «أفضلهنَّ ـ نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)  ـ خديجة بنت خويلد ، ثمّ اُمّ سلمة بنت الحارث»(1) ، لقد كانت الوحيدة من بين نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) التي ما توانت عن نصرة
أمير المؤمنين(عليه السلام)والدفاع عنه ، ولم تدّخر وسعاً في كشف الحقائق
وإعلانها .
وكان أهل البيت(عليهم السلام) يرونها أهلاً لاطّلاعها وائتمانها على أسرارهم، وهي نفسها التي نقلت عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أحاديث زاخرة بفضائل أمير المؤمنين(عليه السلام) ، ولم يكن تعصّب هذا وذاك ليمنعها عن الصدع بالحقّ .
ولعلّ نزول هذه الآية «آية التطهير» في بيتها ـ باتّفاق الفريقين ـ
  • (1) الخصال 2: 419 ح13 ، بحار الأنوار: 22 / 194 ح7 .

(الصفحة 26)

خير شاهد على فضلها ومنزلتها ، وكما سيأتي في البحث حول المراد من البيت في «أهل البيت» هو بيت أمّ سلمة رضوان الله تعالى عليها ، وهو أحد بيوت نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وقد ذكر في الآيات محلّ البحث في موردين بصيغة الجمع ، وكيف كان فقد عدّ هذا البيت المبارك منبعاً وأساساً لإطلاق هذا العنوان «أهل البيت» ، الذي تحوّل بعد ذلك إلى مصطلح خاصّ(1) ، بحيث اُضيفت الثلّة الخاصّة من أسرة النبيّ(صلى الله عليه وآله)المشمولة بآية التطهير إلى ذلك البيت ، وهذا بحدّ ذاته أفضل شاهد على مكانة ومنزلة أمّ سلمة .
ويكفي لإثبات تمتّعها بروح مطمئنّة ونفس مذعنة لرسول الله(صلى الله عليه وآله)أنّها كانت تصرّح بقول النبيّ(صلى الله عليه وآله) لها أنّ هذه الآية لا تشملها ، وأنّها ليست من أهل البيت الذين أرادتهم الآية الشريفة .
ويسعنا القول: إنّها كانت من الوثاقة والعدالة والمنزلة بحيث كانت أحاديثها مستنداً لكثير من أعلام الشيعة ورجالاتها فيما اتخذوه من مواقف تجاه أمير المؤمنين(عليه السلام) ، وعلى سبيل المثال نذكر زيد بن صوحان ، الذي استشهد في حرب الجمل ، وقد حضر أمير المؤمنين مصرعه فلقّاه مضرّجاً بدمه وهو في حال النزع يجود بنفسه ، فقال له: رحمك الله يا زيد قد كنت خفيف المؤونة عظيم المعونة ، فرفع زيد رأسه وأخذ يقول بصوت خافت: «وأنت فجزاك خيراً يا أمير المؤمنين ، فوالله ما علمتك إلاّ بالله عليماً وفي اُمّ الكتاب عليّاً حكيماً ، وأنّ الله في
  • (1) بحيث انصرف المدلول المكاني للكلمة «البيت» إلى معنى علمي ومقصود معنوي ونوري خاص . . . وسيأتي البحث في ذلك لاحقاً .

(الصفحة 27)

صدرك لعظيم ، والله ما قاتلت معك على جهالة ، ولكنّي سمعت أمّ سلمة زوج النبيّ(صلى الله عليه وآله) تقول: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: «مَنْ كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله» فكرهت والله أن أخذلك فيخذلني الله»(1) .
وتُعدّ الرسالة التي كتبتها إلى عائشة في واقعة الجمل أفضل شاهد على علمها وفضلها ومعرفتها بالقرآن ، إلى جانب بلاغتها وفصاحتها ، وأنّها امرأة عالمة عارفة بالقرآن ، مطيعة لرسول الله(صلى الله عليه وآله) ، آمرة بالمعروف ، ناهية عن المنكر ، معلنة للحق وساعية له ، لا مغرضة ولا طامعة ، تكنّ لأمير المؤمنين (عليه السلام) خالص الولاء والوفاء ، متحرّقة لنصرة الإسلام وإنقاذ الأمّة من الفتنة ، كتبت لعائشة تقول:
«إنّك جُنّة بين رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبين اُمّته ، وإنّ الحجاب دونك لمضروب على حرمته ، وقد جَمَعَ القرآن ذيلك فلا تَنْدَحيه ، وسكّن عُقَيراك فلا تُصحريها ، لو أذكرتك قولةً من رسول الله(صلى الله عليه وآله) تعرفينها لنُهشت بها نَهْشَ الرقشاء المطرقة ، ما كنت قائلةً لرسول الله(صلى الله عليه وآله) لو لقيك ناصّة قَلُوص قعودك من منهل إلى منهل قد تركت عُهَيْداه وهتكت ستره ، إنّ عمود الدين لا يقوم بالنساء ، وصَدْعه لا يُرأبُ بهنّ ، حُمادَيات النساء خفض الأصوات وخَفرُ الأعراض ، اجعلي قاعدة البيت قبرك حتّى تلقينه وأنت على ذلك»(2) .

  • (1) اختيار معرفة الرجال ، المعروف برجال الكشي: 66 ـ 67 الرقم 119 . قاموس الرجال 4: 557 ـ 558 ، بحار الأنوار 32: 187 ح138 .
  • (2) شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد 6 : 219 ـ 220 .

(الصفحة 28)

رأي زيد بن صوحان :

عندما وصلت عائشة مع صحبها إلى البصرة لإثارة الفتنة وإشعال الحرب ، كتبت إلى زيد بن صوحان تؤلّبه على أمير المؤمنين(عليه السلام) ، (وقد أثبت ابن الأثير هذه الرسالة وجوابها في الكامل في التاريخ) وقد أدرجها صاحب قاموس الرجال أيضاً في ترجمة زيد(1) ، وهكذا سائر كتب التراجم مع اختلاف يسير ، ونحن هنا ننقل نص «الكامل»:
«من عائشة اُمّ المؤمنين حبيبة رسول الله(!) إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان: أمّا بعد ، فإذا أتاك كتابي هذا فأقدم فانصرنا ، فإن لم تفعل فخذّل الناس عن عليّ» .
أمّا زيد ، وهو أخو صعصعة ومن كبار التابعين ، وهو كاُويس القرني ، الذي لم يحظ بصحبة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ولكن الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله)بشّره بالجنّة(2) ، وقد أبلى بلاءً حسناً في الدفاع عن أمير المؤمنين(عليه السلام)في جهاده الناكثين في حرب الجمل ، فقد كتب في جوابها:
«أمّا بعد ، فأنا ابنك الخالص ، لئن اعتزلت ورجعت إلى بيتك وإلاّ فأنا أوّل من نابذك»(3) .
وهذا الجواب يكشف بوضوح إحاطة عموم المسلمين بوظيفة

  • (1) قاموس الرجال 4: 558 .
  • (2) قال فيه رسول الله(صلى الله عليه وآله) : يسبقه عضو منه إلى الجنّة ، فقطعت يده يوم مؤتة ، وقتل مع عليّ(عليه السلام) يوم الجمل (ج1 من الأحاديث الغيبية / مؤسسة المعارف الإسلامية ، وقد ذَكر له عشرين مصدراً) .
  • (3) الكامل في التاريخ 3 : 216 .

(الصفحة 29)

وبواجب كلّ فئة منهم ، ففي رؤية زيد كان يمكن لعائشة أن تكون اُمّاً للمؤمنين وتتمتّع بمميّزات هذا اللقب ، إذا ما قرّت في بيتها وانشغلت بدور ربة البيت ، وإن لم تفعل فليست للمؤمنين باُمّ ولا يمكن لزيد أن يكون ابناً لها .
لقد أشار زيد إلى ما رسمه القرآن الكريم في آيات النساء وخطّه كمنهج وبرنامج عملي لنساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) وذكّر عائشة به ، فطالبها بالرجوع إلى بيتها ، وأن تترك أمر الرجال للرجال ، ودون ذلك فلا حرمة لها ولا حقّ لها بالافتخار بلقب «اُمّ المؤمنين» ، بل إنّ زيداً أشار إلى وظيفة اُخرى تترتّب على عموم المسلمين في مثل هذه الحالات ، وهي الأخذ على يد الناكث ، وسل السيف في وجه عائشة ومنابذتها حتّى يردّها إلى بيتها ويجتثّ الفتنة . ويذكر الطبري أنّ زيداً كان يقول عقب هذه الرسالة:
«رحم الله اُمّ المؤمنين ، اُمرت أن تلزم بيتها واُمرنا أن نقاتل ، فتركت ما اُمرت به وأمرتنا به ، وصنعت ما اُمرنا به ونهتنا عنه»(1) .
ونرى هنا أنّ زيداً يعلم بأنّ الآية الكريمة
{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ }تأبى لعائشة ما تكلّفته من دور ، وتحظر عليها ما تصدّت له من مهمّة ادّعت أنّ الوظيفة والواجب الشرعي يمليه عليها ، فركبت جملها وخرجت تدّعي الطلب بدم عثمان! وهو يعلم كذلك أنّ آية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ . . .} أوكلت أمر زعامة الاُمّة وإمامتها لأمير المؤمنين الذي هو من «أهل البيت(عليهم السلام) » ، وأنّ عليه نصرة هذا الإمام والدفاع
  • (1) تاريخ الاُمم والملوك للطبري 4: 477 .